ماذا يجري داخل الحركة الشعبية؟
أثارت التصريحات المتضاربة الصادرة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان بشأن المشاركة في الانتخابات السودانية التي ستجرى اليوم التساؤل بشأن ما إذا كان ذلك تعبيرا عن انشقاق في صفوف الحركة أم لا، وهل هي تجل لخلاف صامت بين أنصار الوحدة وأنصار الانفصال داخل الحركة؟
القيادي البارز في الحركة ومرشحها لمنصب والي ولاية الخرطوم المنسحب إدوارد لينو نفى بشكل قاطع وجود أي انشقاق في صفوف الحركة.
واعتبر في مقابلة مع الجزيرة نت أن الأمر لا يعدو أن يكون “خلافا في وجهات النظر ستتمكن الحركة من تجاوزه في أسرع وقت”، مشيرا إلى اجتماعات مكثفة متواصلة الانعقاد للخروج بموقف موحد.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان قرار الانسحاب قابلا للمراجعة، قال لينو إن ذلك مستحيل.
أما رئيس تحرير صحيفة الأيام السودانية محجوب محمد صالح فأكد للجزيرة نت وجود تيارات متنافسة داخل الحركة، ويرجع ذلك إلى غياب مؤسس الحركة المفاجئ جون قرنق قبل خمس سنوات، ووجود مراكز استقطاب.
ويربط محللون اتجاه القطاع الشمالي داخل الحركة لمقاطعة الانتخابات البرلمانية في الشمال بامتعاضه من سحب مرشح الحركة للرئاسة الشمالي ياسر عرمان.
ويرى البعض أن قرار القطاع الشمالي هو من قبيل الانتقام، لكن الحركة تنفي ذلك، ويؤكد عرمان أنه دافع عن قرار المقاطعة وأنه مقتنع به.
أصل الخلاف
ويقول محجوب محمد صالح إن منشأ الخلاف هو أن اللجنة التي شكلها رئيس الحركة سلفاكير ميارديت وضمت الأمين العام للحركة باغان أموم وعرمان لأخذ رأي مرشحي الشمال في المشاركة أو المقاطعة لم تعد إليه، وإنما أعلنت عبر وسائل الإعلام رغبة أولئك المرشحين في الانسحاب، في حين يرى سلفاكير أنه كان على اللجنة أن تمده بآراء مرشحي الشمال قبل أي إعلان.
ويرى العديد من المحللين أن هذا الخلاف لا علاقة له البتة بموضوع الانفصال أو الوحدة، ولا يستبعدون وجود صفقة بين الرئيس عمر البشير وسلفاكير لحاجة كل منهما للآخر في مواجهة خصومه، ويستدلون على ذلك بعدم ترشيح البشير منافسا لسلفاكير في جنوب السودان.
ويرى الأكاديمي الدكتور حسن مكي أن رئيس الحركة الشعبية “يستمد دعمه من حزب المؤتمر الوطني” وأن بينهما “زواج مصالح”، غير أن إدوارد لينو ينفي بشدة وجود أي صفقة بين الجانبين.
ويعتقد مكي أن “هذا الخلاف تأخر كثيرا” وأنه لا علاقة له بموضوع الوحدة، وإنما هو خلاف داخلي “فالجنوب كذلك له بشيره وترابيه”.
ويتساءل “هل لخلاف هذين علاقة بالوحدة؟” غير أنه يضيف أن الخلاف كذلك له علاقة بأن “مجموعة أموم وعرمان تريد رأس النظام والعمل من خارج قوانين التحول الديمقراطي لجر البشير للجنائية الدولية وهو ما لا تراه مجموعة سلفاكير”.
بين الانفصال والوحدة
وبحسب محجوب صالح فإن ما يراه البعض بأن الخلاف الحالي هو بين دعاة الانفصال والوحدة منطق يرد عليه “أن أتيم قرنق نائب رئيس البرلمان الاتحادي اعتبر أن مقاطعة الانتخابات بقطاع الشمال يضعف الوحدويين في الحركة الشعبية”.
ويضيف صالح أنه من هذا المنطق “يبقي غير معقول أن يكون قطاع الشمال الراغب في الوحدة يفعل ما يضعفها ولذلك قضية الوحدة ليس عندها الدور الفاعل في هذا الخلاف”.
وبشأن ما ستسفر عنه الانتخابات الحالية من واقع جديد على مستوى مشاركة الحركة الشعبية، نبه صالح إلى أن الجنوب ضمن لنفسه 27% في البرلمان الاتحادي، والمشاركة في الحكومة القادمة وبدون حصوله على أي مقعد في الشمال، وهذا ما يجعله في وضع مريح.
الجزيرة نت