مقالات متنوعة

بنطلون لبنى

[ALIGN=CENTER]بنطلون لبنى[/ALIGN] قال الجنرال الشهير الوزير النازي (غوبلز) “كلما ذُكرت كلمة صحفي تحسست مسدسي”، إذ كلما علا صوت الصحافة الحرة ومشاغباتها بدأت محاولات التخويف والتشويش بالضجيج الذي لا هدف وراءه سوى تكريس قمع الكلمة الحرة البعض ينسى أو يتداعى ذلك بأن , الصحافة “سلطة” رابعة بحسب تصنيف الفيلسوف الفرنسي (مونتسيكيو)، لكنها في معظم البلاد خاصة العربية لا ترتقي إلى سلطة عاشرة نتيجة تبعيتها المباشرة أو غير المباشرة للسلطة ،بنطلون لبنى أعاد للسلطة الرابعة شئ من كرامتها صحيح أن لبنى ربما تكون مرتدية ملابس مخلة بالآداب العامة تثير غضب المادة 152 من قانون العقوبات السوداني ،حسب الرواية الثانية خلافاُ للرواية الأولى التي تقول إن لبنى ترتدي بنطلون فضفاض بمقاييس ISO يعتبر زي إسلامي . و لا ندري حتى الآن إن كانت لبنى من الكاسيات العاريات أو غير ذلك أو أن قميصها قد من دبر . تسللت أخبار قضية لبنى و تفاصيلها إلى وسائل الإعلام الدولية رغم أن العالم مشغول بالأزمة الاقتصادية وتداعياتها، و التغييرات المناخية وأميركا وروسيا بترتيب أجنداتهما، وإيران بتضميد جراحات الانتخابات، والقضايا العربية المزمنة و الصراعات التي تمزق جسد القارة السمراء و الخلافات السياسية بين شريكي الحكم في السودان التي تنذر بمستقبل صعب قراءاته وسط كل هذه القضايا الكفيلة بتهديد الأمن الدولي تسلل بنطلون لبنى ليصبح القضية الأكثر جدلاً و لقطاً في الأوساط الإعلامية الدولية أصبح البنطلون مادة دسمة لشبكة BBC و سبق صحفي لقناة العربية و خبر هام في CNN و هو أحد انشغالات قصر الإليزيه في فرنسا و مصدر قلق لللسيده ماريا بفت ، سكرتيرة الحزب الشيوعي الفرنسي و اهتمامات البيت الأبيض و سيكون بلا شك أحد المواضيع الأكثر جدلاً في الدورة الثانية عشر لمجلس حقوق الإنسان في منتصف سبتمبر القادم بجنيف وتقرير معتبر يبدأ به الخبير المستقل معركته مع السودان.

مما يؤكد أن المعركة التي أديرت مع لبنى لم تكن في الوقت المناسب في بلد لديه مخزون من المشاكل تكفيه لعشرات السنين القادمة أشك في أن تكون لبنى قد كانت ترتدي الزي الذي ظهرت به في عدد من الفضائيات و لكنني أشك في حصافة شرطة النظام العام في التعامل مع مثل هذه القضايا في غاية الحساسية التي تؤثر سلباً على سمعة السودان .

بمنطق الحاسبات لقد كسبت لبنى 50% من المعركة و وأفرغت القضية من سياقها ا لقانوني إلى سياق آخر سياسي و تحولت القضية من قضية نظام عام إلى قضية رأي عام تتناولها الفضائيات و صالونات السياسة و تم توظيفها إعلامياً خصماً من أرصدت السودان و توصيف السودان دولياً على أنه بلد يضطهد المرأة ويؤد النساء داخل العباءات السوداء و سودان د. خالدة زاهر و فاطمة أحمد إبراهيم و سودان نفيسة كامل أول صحفية في إفريقيا والعالم العربي برئ من هذه الاتهامات سودان نالت فيه المرأة حقوقها كاملة في خمسينات القرن الماضي في عام 1952 تكونت أول لجنة تنفيذية للاتحاد النسائي بقيادة خالدة زاهر و ثريا الدرديري وكانت أول مشاركة علنية جماهيرية للمرأة السودانية في مظاهرة سياسية في بداية الستينيات.

هذا الدرب الصعب شقته المرأة السودانية في خمسينات و ستينيات القرن الماضي باقتدار جعلها في قاطرة التحديث الاجتماعي في السودان و ما جاوره من عرب و أفارقة في الوقت الذي كانت فيه المرأة العربية ضاربة في خدرها صوتها عورة و خروجها عورة و كل شئ عورة بالمناسبة، لاتزال المرأة الكويتية ممنوعة من إصدار أو تجديد جواز سفرها إلا بموافقة ولي أمرها و في سويسرا في بعض الولايات (الكانتونات) منحت المرأة حق التصويت في مطلع الثمانينات مثل كانتون الفالي. في حين أن فاطمة أحمد إبراهيم أول إمراءة برلمانية مثلت المراءاة في البرلمان السوداني في الستينيات.

على الرغم من سطحية التوصيف و التجني على سودان نعمات حماد و فاطمة أحمد إبراهيم إلا أننى هنا سوف أقبل هذا التوصيف جدلاً وأطالب كما طالب غيري بحرية المرأة في اختيار زيها وملبسها كما أطالب ألا يسمح للذين يشوهون سمعة السودان بعدم فهمهم للقانون و اجتهاداتهم الشخصية التي تسئ و تضر بسمعة السودان ألا يسمح لهم باللعب في “الهامش القانوني الرمادي”

قَدْ يَنال مثل هذا الإجراء الذي قامت به شرطة النظام العام التصفيق حول طاولةِ اجتماع،و لكنه ليس الوصفة الناجعة بل هو رسالة خاطئة تضر بسمعة السودان حتى في وسط الدول التي تنتمي لمنظمة المؤتمر الإسلامي OIC.

طه يوسف حسن . جنيف
Taha Yousif Hassan
UN Accredited Journalist
Switzerland, Geneva
Tel.Mobile- 0041 79 3179 529
Office – 00 41 22 732 0009 الرسالة

‫7 تعليقات

  1. تسلم والله يا استاذ طه. ووالله مقال من اجمل المقالات الصحفية . مكتوب بصورة راقية وبيعبر عن واقع الحال بالحقائق ومن غير تجميل وتزيين.

  2. الاستاذ الكاتب
    ان من ذكرتهن لايمثلن باي حال من الاحوال نساء السودان هن نساء حزب سياسي صغير وصغير جدا اما اذا قلت ان السودانيين متسامحين اكثر مما يجب مع حالات الشذوذ الفكري والاخلاقي فيكون الامر في مكانه تماما

  3. الاخ الفاضل طه
    لقد ذكرت بأنك تطالب بحرية المراة في إختيار زيها فهل انت تقبل لأختك او بنتك او امك ان تلبس بنطال يجسدها ويصور جسدها أو يشف جسدها.
    اتق الله في ما تقول وتنشر ولا تكن سببا في نشر الفساد فهذا فساد وليس حرية

  4. يبدو لى ان بعض الرجال لا يختلفون فى تفكيرهم كثير عن النساء . اى لبنى واى بنطلون . هذا كلام فارغ فى زمن اغبر , اصبح كل من يجيد الكتابه او الحديث يدافع ان قضياء نشاز , واصبح ناس سفلة اى لبنى واى طالب وطالبة بجامعة الخرطوم كما يدافع عنهم زهير السراج من اجل مصالحهم فالتفسد الامه , هل يرضى كاتب المقال ان تلبس امه او زوجته او بنته ما تريد او كما نراه اليوم او ربما يراه اكثر فى جنيف

  5. الناس اتناولت الموضوع من عدة نوا حي سياسية اجتماعية دينية . لاكن افتكر نسوا القران والدين والسنة النبوية قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
    صنفان من اهل النار لم ارهما . قوم معهم سياط كاذناب البقر يضربون بها الناس
    ونسا كاسيات عاريات مميلات مائلات , رؤوسهن كاسمنه البخت المائلة،
    لايدخلن الجنه ولايجدن ريحها، وان ريحها لتوجد من مسيره كذا وكذا.

    مائلات = مائلات عن العفه والاستقامه
    مميلات= مميلات لقيرهن .اى يدعين الى الشر والفساد

  6. الأخ عز الدين وديدي
    يبدو أنك قرأت المقال بالأبيض و ألسود و لم تفهمه و حقيقة كتابات صحفي محترف مثل طه ليس لإمثالك عندما طالب الكاتب بأن تلبس المرأة ما تشاء أراد هنا أن يحتلرم عقل المرأة و رأيها فلو أنت ربيت أختك و بنتك على الدين الحنيف و طلبت منها أن تلبس ستلبس زي محتشم و هدا المقال ليس فيه دعوة للفجور و التعري لأن التعري موجود في شوارع الخرطوم ثم أن الموضوع يحمل أيضاُ معنى أخر هو أن بعض المرأة السودانية مرأة محافظة لو طلبت منها أن تخرج كاسية عارية سترفض إلا النشاز أرجو أن تقراء هدا المقال بعد الإفطار وبيس قبل الإفطار.

  7. الى ياسمين
    ارجو ان تكوني على مستوى التعليق فلا تسخري من الآخرين بعباراتك (أمثالك) فهل انتي تعرفي قدري وامثالي اللهم إني صائم فاذا انتي فهمتي وانت الفاهمة ونحن لا نفهم فسري هذه الفقرة من المقال ( وأطالب كما طالب غيري بحرية المرأة في اختيار زيها وملبسها كما أطالب ألا يسمح للذين يشوهون سمعة السودان بعدم فهمهم للقانون و اجتهاداتهم الشخصية التي تسئ و تضر بسمعة السودان ألا يسمح لهم باللعب في “الهامش القانوني الرمادي” ) فيا من تقرأيني بالألوان لا تسخري من الآخرين فانتي لا تدري من تخاطبي قد يكون الشخص في مقام والدك أو معلمك أو اكبر من ذلك فأنصحك بتوخي الأدب في المخاطبة وأسأل الله أن يسامحك