منى سلمان
مالك يا الحنينة ما بتزوري الضرايح – 1
وبالمقابل كانت جنبات دارنا تضئ فرحا بعمّتي (زينب) والتي تولت رعاية والدي بعد وفاة جدتي وهو صغير، عندما تحضر من ود مدني لزيارتنا في الخرطوم، فحضورها كان يعني لنا أن ننعم بليالي جميلة كالأنسام لذيذة كالأحلام، فكل ما كانت تحكيه أو تفعله كان مصدر لأنسنا وينحت في أحجار ذاكرتنا، ولكن ما كان يبهجنا بصورة خاصة هو اصرارها على الذهاب ونحن في صحبتها، إلى (برّي الشريف) لزيارة ضريح (الشريف الهندي) تبركا وعرفانا، وهي لا تكل من تكرار رواية (شحدة أبوي) منه، لأن الموت كان يرعى في خِلِفة جدتي من الصبيان، وكيف أن أبي طوال سنين طفولته الأولى كان يدقُلش بين أقرانه برأسه المزيّن دلجة إلا من قنبور في منتصف رأسه، يرمز لـ (مشحوديته) من أبونا الشريف.
وقبل عهود الوعي الديني التي عمّت بنورها القرى والحضر، كانت ولاءات قلوبنا تحرك أعناقها تبعا لحركة شموس ولاءات أهلنا الصوفية .. فعندما نكون في الجزيرة تنهمر حولنا الدعوات ونديهة (تلحقنا وتنجدنا) إن تعثّر صغير أو تأزم كبير، وتلهج الألسنة بـ (الليلة يا يوسف) و(يا أب شرا يا راجل الضرا) و(يا سيد البنّية يا أبو العشرة وجد المية) ونغني مع بنات أهلنا:
يا أبوي يا السنّي .. دايراك تطمّني
أصلو الغرام قسمة ولا منّو ولا منّي
أما عندما نعود للخرطوم، فتعود قلوبنا (بحرّية) الهوى، وتهفو لـ قبّة (سيدي علي)، وتتحول مع ندايه (الليلة يا سيدي الحسن يا أب جلابية) ونطرب دون فهم وتطير قلوبنا من وقع ضربات النوبة وإنشاد الشباب في باحة الضريح:
شيء لله يا حسن .. يا سلطان الزمن
الذهاب لمدينة بحري كل يوم جمعة في صحبة أبي لزيارة (الضرايح)، كان طقسا إلزاميا فلا شغل ولا شاغل كان يحول بين أبي وزيارة (سيدي علي)، وصلاة الجمعة مع الخلفاء، أما نحن فغاية متعتنا الـ (علي غبانا) كانت تتمثل في الاستمتاع بالدردقة على بلاط درجات السلم المؤدي للضريح، ثم خلع نعالنا وركنها بحرص على جنبة – خوفا من حرامية الشباشب – قبل الدخول في خشوع وقد غمرتنا هيبة المكان ..
كنّا نفعل مثل ما يفعله الكبار فنقف أمام الضريح ونرفع أيادينا بالفاتحة والدعاء لصاحبه، ثم نبدأ في الطواف حول الضريح خلف الكبار، وغاية ما يشغلنا هو تحسس نعومة الكساء الحريري الموشى الذي يغطي مقام الضريح، ثم ننحني عندما يُطلب منّا ذلك لنجلب بركة الزوارة، وذلك بخمش حسوة من التراب، نتلمّسه من فتحة تشبه السبلوقة أسفل المقام، ثم نقوم بفرك الخمشة في أيادينا الصغيرة ونتمسّح منها ما شاء الله لنا المسوح ..
بعد انتهاء طقوس زيارة السيد علي كنّا نتوجه بباب جانبي لزيارة بقية الشيوخ والأولياء المدفونين في تلك المنطقة .. سيدي (المحجوب) ومجموعة القبور التي حوله ولا تسعفني الذاكرة بأسماء من يرقد فيها، وهنا يأتي دور افساح المجال لمتعة العطاء فقد كنّا نتخاصم عند أبوي حول من هو أولى بحمل (الريالات) ووضعها داخل صناديق الزيارة، ولكنه يرضينا جميعا لأنه كان يستعد لذلك الطقس فيملأ جيوبه بكمية من الريلات والأشلان – دي جمع شلن يا جماعة – يقوم بتوزيعها علينا، فنتسابق لرميها عبر فتحات الصناديق ونتنصت لرنين سقوطها ..
وبعد الشراب من ماء المزيرة الظليلة، والاستمتاع ببرودته التي تنزل بردا وسلاما على حلوقنا الناشفة من طول الجري والتنطيط كـ السخيلات المتشاكسة، كنّا نترتدي نعالنا مرغمين لنتوجه لمحطتنا الأخيرة – حسب رغبة أمي – لزيارة جدّها الشيخ خوجلي الفوقو البركة ..
قال نبيّ الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
(نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا تقولوا هجرا)، وورد بسند صحيح أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت تزور قبر عمها حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) كلّ جمعة، ولكن هل زيارة أهلنا البسطاء للأضرحة تدخل في سياق هذا التصريح ؟!! طبعا لا وأبدا لا ….
وإن شاء الله نواصل في سرد ذكرياتي عن زيارتي للكثير من الأضرحة في طفولتي وصباي.
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
الغاليه مني بالله عليك اتكلمي لينا في الموضوع ده كتير لانه والله موضوع خطير جدا جدا خصوصا ان هذا الامر متعلق بالعقيده .
هذه من المحرمات التى نهى عنها الدين الإسلامى ألا وهى الإعتقاد فى عباد الله والتبرك بهم .لايجوز ذلك وهو من الشركيات إذا إعتقد الإنسان أن صاحب هذا القبر يضر أو ينفع..أو طلب المنفعة بحثو تراب قبره والتمسح بها وإعتقاد البركة فيها..وليعلم المؤمن أنه لا تافع ولاضالر إلا الله ثم أن هذا الذى يتبركون به ويعتقدون فيه ميت..ولا يستطيع حتى أن ينفع نفسه..أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدينا إلى سبيل الرشاد….اميين.
😮 😮 😮
الاخت منى سلام وتحية
لك ان تكملي بقية القصيدة (شيء لله ياحسن) وهي لاحد كبار الختمية علي ما اعتقد واسمه بابكر … شيء لله ياحسن … ياسلطان الزمن … وتستمر الي ان يقول .. انت يااحمد انت يامفرد .. عين ما يشهد .. غيب ما قد بطن … شء لله ياحسن … ابحثي عنها كاملة وستعرفين عنها الكثير واسألي الختمية عنها وعن تفسيرها ان غم عليك شيئا وما اكثره …
نشأنا في بيت (صوفي) الهوى عبقت ردهاته بعبير بخور اللبان، وطالما رددت جنباته صدى ترانيم المادحين بـ (يا رب بهم وبآلهم عجل بالنصر وبالفرج) ..
أستغر الله العظيم وأتوب إليه……
هؤلاء موتى لا ينفعون ولا يضرون ولا يجوز التبرك والتوسل بهم وهم لايستطيعون حتى أن يحموا أنفسهم من عذاب الله…؟
اللهم أني أعوذ بك من أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم…؟
والحمد لله على نعمة التوحيد والعقيدة الصحيحة…!!!
وأعلمي يا أختاه أن الشرك أخفى من (( دبيب نملة سوداء في صخرة صماء في ليلة ظلماء…))
أضاء الله قلبك بنور التوحيد وغفر لك ولوالديك ولجميع المسلمين..
حقيقة ان الصوفية لهم فضل الدعوة ودخول الاسلام لهذا البلد ومعظمنا صوفيا بالفطرة وحبنا الشديد للصوفية جعلنا نغض الطرف عن اشياء كثيرة قد تودي للشرك بالله والعياذ بالله والحب الذائد جعل حتى مشايخنا لا ينصحون المريدين بصورة تجعلهم يتركون عاداتهم التي تسئ لعقيدتهم بل تخرجهم من ملة سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام والتبرك بالتراب مازال موجود لي يومنا هذا والطواف حول الاضرحة نرى بام اعيننا حسيسه وهمسه ودندنته ياشيخ الفلاني اديني الولد فلابد لتصحيح الاشياء والله لا ينفع ما بداخل الاضرحة وهم في امس الحوجة للدعاء وانصح كل من يقرأ تعليقي ان يتذكر قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لحبيبه معاذ بن جبل ان يقول عند دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
واذا استجاب الله الدعاء سلكت الطريق السليم بدون عصبية للصوفية واي جماعة اخرى اللهم اعنا اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك والله تعالى اعلم