الاستثمار يا ناس !!
لدى مخاطبته الجلسة الختامية لمجلس شورى المؤتمر الوطني، تحدث السيد رئيس الجمهورية عمر البشير عن جملة من القضايا التي تهم الشعب السوداني و من ضمنها الاستثمار الذي تناوله سيادة الرئيس بشيء من الانفعال الواضح و قد حق له ذلك نظرا للجهود التي بذلتها الدولة لتشجيع الاستثمار في كافة المجلات المتاحة التي يتمتع بها السودان و لكن مع ذلك لم تفلح تلك الجهود في جذب رؤوس أموال كبيرة من شأنها أن تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد و ذلك بسبب المعوقات التي تعترض المستثمرين الأجانب الذين يودون استثمار أموالهم في السودان. و نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن إمكانيات السودان الاستثمارية بقدر ما أننا نحاول تسليط الضوء على بعض المشاكل التي قد تعوق تدفق رؤوس الأجنبية و من ثم الاستثمار في السودان. في واقع الأمر أصبحت مسألة معوقات الاستثمار من الأمور التي تشغل كبار المسئولين و لذلك ناقش مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت بمدينة الدمازين هذه المسألة و أسهب في نقاشها ليتوصل للنقاط التالية:
” اقر مجلس الوزراء بوجود الكثير من المعوقات التي تعترض حركة الاستثمار والمستثمرين بالبلاد وهي تتمثل في كثرة وتعدد الرسوم والجبايات وتعارض القوانين التي تحكم التصرف في الأراضي والاستثمار والضرائب وتناقض السلطات والصلاحيات بين المركز والولايات وتعقيد الإجراءات للمستثمرين وانعدام البنيات التحتية بالولايات من طاقة ومياه وطرق مما ترتب عليه تركيز المشاريع الاستثمارية بولاية الخرطوم دون الولايات الأخرى،إضافة إلى انعدام دراسات الجدوى للمشاريع الاستثمارية، وأكد المجلس على ضرورة وضع آلية لمعالجة المشاكل وإزالة تلك المعوقات.”
و من جانب آخر قام وفد من رجال الأعمال السعوديين الذين يريدون الاستثمار في السودان بزيارة للخرطوم لمناقشة ما يرونه من معوقات للاستثمار في السودان و قد خلص ذلك الوفد إلى جملة معوقات يمكن إيجازها فيما يلي:
“ضعف البنية التحتية خاصة في مجالات النقل وخدمات الميناء، ووجود إشكاليات متعددة في موضوع ملكية الأراضي، وتفشي العديد من الأمراض، وضعف البرامج الصحية، وارتفاع سعر وقود الديزل الضروري لعمل الآلات الزراعية، وعدم توافر دراسات بحثية عن السوق والتقنيات الحديثة للري والصرف في السودان، وعدم السماح باستقدام الأيدي العاملة وارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي مقارنة بالسعودية، ووجود ضبابية وعدم وضوح في النظام المصرفي.”
على أن أكثر العوامل التي تؤدي إلى عدم إقبال المستثمرين، بصفة خاصة الأجانب منهم، تعقيد الإجراءات الإدارية الخاصة بالحصول على الترخيص و تعدد الجهات المنوط بها تنفيذ العملية الاستثمارية و لذلك ظهرت فكرة الشباك الواحد إلا أنها لم تحقق النجاح المطلوب ذلك أن الوضع في الأقاليم أو الولايات مختلف تماما عما عليه الحال في العاصمة حيث توجد معظم الجهات الرسمية المختصة بهذا الغرض.
و حسب ما جاء في خطاب الرئيس المذكور آنفا يظل العنصر البشري و سلوكه أخطر معوقات الاستثمار في السودان فقد ذكر سيادة الرئيس قصة المستثمر الذي جاء بطائرة خاصة إلى الخرطوم و توجه برا إلى الدامر في ولاية النيل متوقعا إنهاء إجراءاته بشكل سريع و مبسط و لكن عند وصوله علم بوجود الموظف المختص في مكان أخر يتطلب عبور النيل بقارب مصنوع من مخلفات البراميل الخردة و الخشب المستعمل و كان ذلك في موسم فيضان النيل أو ” الدميرة” و قد جازف المستثمر المحترم و قطع المسافة على متن هذه الوسيلة البدائية جدا إلا أنه علم من الموظف أن الأمر يتطلب رجوعه إلى الخرطوم لإكمال بعض الإجراءات المطلوبة نظاما لهكذا استثمار فعاد ذلك المستثمر إلى بلده راضيا من الغنيمة بالإياب.
مستثمر آخر كان لديه موعد مع مسئول كبير في إحدى الإدارات الحكومية ذات الصلة بالاستثمار في السودان، فحضر الرجل في الموعد المحدد سلفا و لكنه فوجئ بأن ذلك المسئول خارج الخرطوم لأداء واجب العزاء في أحد أقرباءه و طلب السكرتير من المستثمر الانتظار قليلا في غرفة لا يوجد بها و لا حتى مروحة ناهيك عن مكيف هواء. جلس الرجل في ذلك المكان الضيق لمدة تزيد عن ساعة من الوقت، و بعدها رن الهاتف و إذا بالمسئول المحترم يطلب من مدير مكتبه إبلاغ المستثمر بالحضور غدا في نفس الموعد و لكن الرجل أعتذر بكل أدب و احترام بأنه لا يستطيع الحضور نظرا لأنه عائد إلى بلاده في مساء ذلك اليوم و بذلك خسر السودان فرصة نادرة كان من الممكن أن تدر عائدا مجزيا لخزينة الدولة و توفر فرص عمل لعدد من الناس.
مستثمر سوداني اكتسب خبرة واسعة و طويلة في مجال صناعة الألمنيوم و قرر فتح ورشة حديثة في العاصمة ليسهم في توفير بعض ما تحتاجه البلاد من ذلك الإنتاج و كان حريصا على توظيف و تدريب كوادر سودانية شابة في مثل تلك الأعمال و لكنه خسر كثيرا بسبب تدني الإنتاجية إلى أقل من النصف بسبب الغياب و التأخر عن العمل بأعذار واهية كالمواصلات والأمطار و بعض الظروف الطارئة الأخرى التي لا تبيح لأي شخص يحترم مهنته التغيب عن موقع العمل فما كان منه إلا أستقدم مجموعة من الفنيين من إحدى الدول الأسيوية ليرتفع معدل إنتاجه إلى أكثر من 90 %.
إن البطء في إنجاز و إنهاء معاملات المستثمر قد يفسد عليه السلعة أو المنتج خاصة عندما يتعلق الأمر بالتصدير و مثال على ذلك ما حدث لمستثمر سعودي كان يريد تصدير أسماك من بور تسودان و لكنه فوجئ بان عقد التصدير قد انتهى و يلزم تجديده فطلب من الموظف القيام بتجديد العقد إلا أنه أصيب بخيبة أمل كبيرة عندما علم أن ذلك يحتاج على الأقل ما بين ثلاثة أو أربعة أيام و ليس ساعات فقط فترك السمك و رجع بخفي حنين عاقدا العزم على عدم القيام بمثل تلك المغامرة غير المحسوبة.و لعل ذلك ما جعل والي البحر الأحمر يشتكي من ضعف الاستثمار في ولايته حسب هذا الخبر ” أوضح والي ولاية البحر الأحمر محمد طاهر أيلا إن ولايته من أكثر الولايات التي عانت من ضعف الاستثمار خلال الفترة الماضية مشيراً إلى خروج عدد من المشروعات الاقتصادية منها جراء انعدام الخدمات الأساسية و عدم وجود الكوادر المدربة مما افقدها حوالي عشرة آلاف وظيفة ، مؤكداً انه لا زالت هناك الكثير من المعوقات.”
هذا و قد حدثني أحد الأخوة العاملين في مجال الزراعة و هو رجل له نشاط واسع و صلات مع عدد من المستثمرين في دول الخليج فقد ذكر الأخ أنه أتفق مع أحد الولاة على اصطحاب وفد استثماري كبير بقصد الاستثمار الزراعي في تلك الولاية و لكن بعد أن وصل الوفد و ذهب لمقابلة السيد الوالي فوجئوا بأنه _أي الوالي_ قد نسي اتفاقه معهم فحاول الأخ تذكيره بالمحادثة الهاتفية التي جرت بينهم فرد عليه قائلا ” يا شيخنا أنت لسع تصدق كلام التلفون”.
شيء مؤسف آخر حقا أن يعتقد بعض الموظفين أن لهم نصيبا مفروضا في أموال المستثمر الأجنبي حيث كثيرا ما نسمع عبارة ” دايرين حقنا يا ريس” سبحان الله من جعل لك حقا في أموال الناس حتى تطالب به بهذه الطريقة المنكرة يا رعاك الله. و هنا لابد أن نشير إلى ضعف التمويل المحلي للاستثمار و تعقيد إجراءات الحصول عليه حتى عندما تتوفر كافة الضمانات المطلوبة نظاما ، هذا إذا سلم الأمر من بعض الممارسات غير اللائقة حتى يحصل المستثمر على التمويل مهما كان مجال استثماره.
هذه مجرد محاولة لتسليط الضوء على بعض معوقات الاستثمار في بلد يوصف بأنه سلة غذاء العالم و يمتلك مقومات قل أن تتوفر لدولة واحدة من أرض شاسعة و مياه وفيرة و إنسان يحتاج لكسب عيشه ، بالإضافة إلى ما بذلته الدولة من مجهودات تتمثل في وضع خارطة للاستثمار و توفير شبكة الاتصالات و تحسين وسائل و طرق النقل و توفير الطاقة و الوقود و ووضع أنظمة وقوانين تهدف إلى تشجيع المستثمر في المجالات كافة إلا أن بعض العاملين في هيئات و أجهزة الاستثمار ما زالوا بحاجة إلى التدريب و التأهيل حتى يجيدوا فن التعامل مع المستثمر و لذلك يظل هذا الموضوع مجالا للبحث بصورة علمية أكثر يقوم بها ذوو الاختصاص و الجهات الرسمية المختصة في مجال الاستثمار.
بقلم /محمد التجاني عمر قش- الرياض
gush1981@hotmail.com
كل الدول تشجع الاستثمار المقنن الذي يخدم الوطن ويراعى مصلحة المستثمر وفق اسس وضوابط تضمن الشفافية والمصداقية 0
ماذكر اعلاه ان هنالك مستثمر يرغب في تصدير اسماك وعقد الصادر لم يتم تجديده وعاد من حيث اتى 0 هذا كلام غير صحيح وغير حقيقي فالوضع في بورتسودان اسوأ من ذلك بكثير هنالك سجلات تجارية يتم تأجيرها للاجانب ويتم بموجبها تصدير منتجاتنا السمكية شيء مؤلم وموجع ويحز في النفس
الشيء الاخر هنالك مستثمر ( لم يستثمر شيء ) سوى انه يتبع نفس الاسلوب لتصدير منتجاتنا ونحن نتفرج
اين جهاز الامن الاقتصادي ، اين دور وزارة الاستثمار ، اين دور المسئولين
اليس من المفترض ان يقوم هؤلاء المستثمرين بالاستثمار في السودان اولا وفق الشروط التي منحت لهم ثم يسمحوا لهم بالتصدير 0
ياناس خافوا الله في الوطن 0 وحافظوا على موارده ومكتسباته ولتكن الغيرة على الوطن هي دافعنا لبنائه 0
حفظ الله الوطن