ختان الأطفال في العشر الأواخر يثير حالة الطوارئ بمستشفيات الجزائر
تعيش مستشفيات الجزائر منذ ليلة السابع والعشرين من رمضان حالة طوارئ حقيقية، بسبب الإقبال الكبير للعائلات على حملات الختان الجماعي للأطفال، حيث تعتبر هذه فرصة للفرح وإقامة الأعراس، لولا كارثة ارتكبها أطباء بمدينة الخروب بولاية قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة) في حق عدد من الأطفال، نتج عنها تشوهات جسدية وصحية.
وقبيل دخول العشر الأواخر، أصدرت وزارة الصحة الجزائرية بياناً تُعلم فيه الجمهور أن عملية الختان، سواء كانت فردية أو في إطار جماعي، لا بد أن تخضع للتدابير التنظيمية السارية المفعول، والتي تمنع إجراءها على وجه الخصوص في المدارس والمساجد.
وحددت الوزارة أن عملية الختان تجري في قاعات الجراحة بالمستشفيات، ويشرف عليها أطباء جراحون. ويأتي تحذير الوزارة للعام الخامس على التوالي خوفاً من تكرار ما اصطلح عليه “كارثة الخروب”.
واستقبلت مستشفيات البلد في الأيام الأخيرة آلاف الأطفال لختانهم، مما حدا بالسلطات إلى تجنيد 3500 طبيب لإنجاح العملية. وأصبح بناء على التعليمات الجديدة يمنع منعاً باتاً ختان الأطفال خارج قاعات الجراحة.
الكارثة، كما يسميها الجزائريون، وقعت عام 2005 عندما نظمت بلدية الخروب بولاية قسنطينة بمناسبة ليلة القدر في رمضان حفلاً لختان مجموعة من الأطفال بشكل جماعي بالتعاون مع مستشفى محمد بوضياف بالمدينة، وجرت العملية في مدرسة ابتدائية.
وعوض أن تكون المناسبة فرصة للفرحة، تحولت إلى كابوس مرعب، حيث تم العبث بذكورة 17 طفلاً، تسعة منهم كانوا في حالة خطيرة.
ووصلت القصة إلى وسائل الإعلام فتحولت إلى “قضية دولة” آنذاك، وتم إحالة الأطباء على العدالة، فيما تم نقل الأطفال المتضررين للعلاج إلى الخارج.
ملف لم يغلق
لكن الملف لم يغلق حتى بعد مرور 5 سنوات على الحادثة، لأن طفلين على الأقل فقدا رجولتهما بشكل نهائي، بينما يعاني الآخرون من عاهات مختلفة. وقبل أسبوع فقط منعت مصالح الأمن اعتصاماً أمام المحكمة العليا بالعاصمة لعائلات 4 أطفال هم من ضحايا الختان الجماعي بالخروب، بحسب ما نشرت صحيفة “النصر” التي تصدر في قسنطينة.
وتدخلت قوات مكافحة الشغب لتفريقهم، بينما كانت تجري عملية النظر في الطعن الذي قدمه طبيبان جراحان للنقض في حكم سنة حبساً نافذاً والصادر في حقهما عن مجلس قضاء قسنطينة منذ حوالي سنة.
وقد تنقل أولياء الأطفال الأربعة الأكثر تضرراً برفقة أولادهم للمطالبة بإيقاع أقصى العقوبة على الطبيبين، وكذلك بغية التكفل بالعلاجي اللازم. تجدر الإشارة إلى أنه وجه للطبيبين تهمة الإهمال، في حين استفاد ممرضان من البراءة.
طقوس احتفالية مميزة
وبعيداً عن الحزن الذي تركته هذه الحادثة في النفوس، لم يتوقف الجزائريون عن عادة ختان الأطفال في الأيام الأخيرة من شهر الصيام، خصوصاً في ليلة القدر. حيث تقام لها طقوس احتفالية مميزة، فيلبس الأطفال أحلى الثياب، وإن كان اللباس المشهور عبارة عن قميص وبرنوس وطاقية وحذاء زهري.
وفي ذلك اليوم، ومنذ الصباح الباكر، تستيقظ العائلات التي تستعد لختان أبنائها لتنظيم موكب “عرس حقيقي” باتجاه المستشفيات، أما في الليل فتجتمع العائلات في البيوت لتقديم الهدايا للطفل، وفي العادة تكون الهدايا عبارة عن مبالغ مالية.
ويكون المشهد أكثر إثارة في حفلات الختان الجماعي، عندما يصطف عشرات الأطفال بلباس معروف في شكل طابور، وما على دقيق الملاحظة إلا تسجيل تلك الصورة التي تمتزج فيها فرحة الأهل ببكاء الأطفال المختونين.
ونظراً لتأصل هذه العادة في الجزائريين، فقد أصبح الختان الجماعي “هدية” منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية للعائلات الفقيرة، في الوقت الذي تضمن الحكومة عملية الختان بشكل مجاني في المستشفيات.
العربية نت