منى سلمان

غنم ابليس

[ALIGN=CENTER]غنم ابليس ..!![/ALIGN] شغل بالي تدحرج صغيري نحو حافة السرير وهو نائم أثناء أدائي لصلاة المغرب، فنازعتني نفسي بين أن أقطع الصلاة وأدركه قبل سقوطه أم أشير بيدي لأنبه أخوته إليه لتعديل رقدته، آثرت أن أطرقع بأصابعي للفت نظرهم لما أريد، وبين ضجيجهم في تفسير معنى إشارتي (وشفقتي) من كل حركة منه قد تؤدي لسقوطه عن السرير أكملت صلاتي بربع بال وسدس قلب.
هذا المشهد الصغير قد يتكرر ملايين المرات مع الكثير من الأمهات الشفقانات والمتنازعات مابين الخشوع في الصلاة وبين متابعة مشاغبات الأطفال التي لا تحلو لهم إلا أثناء أداء الأمهات للصلاة، ففي صغرنا كانت هناك سيدة من غرب أفريقيا تقوم بغسل الملابس لأهل الحي وهي تصطحب معها أطفالها الصغار، كنا نجتمع لمراقبتها أثناء أدائها للصلاة فقد كانت تحمل صغيرها الرضيع على كتفها، وتضع الآخر على الأرض أمامها، بينما يلعب الأثنين الأكبر سنا بالقرب منها، وما أن تقيم الصلاة حتى يحمى وطيس الشجار بين أطفالها وتعلو صرخات الرضيع فتزيح عن صدرها الجلباب ليرضع وهو على كتفها، وعندما تنحني للركوع تحمل (الشبشب) الى فمها وتشير به لاخوته المتشاجرين إشارات تحمل معنى (الليلة استنوني)، ثم تزيح الجالس أمامها قليلا لتضع بجواره الرضيع قبل أن تسجد.
– كانت حاجة (سكينة) قائمة تصلي في خشوع وتدبر، حينما تبدد تركيزها نتيجة نشوء جدال بين ابنتيها الشابتين اثر اختلافهن على ما يلبسن عند ذهابهن في زيارة لإحدى الصديقات، قالت إحداهن للأخرى : أنا بلبس التوب اللبني وإنتي ألبسي توب أمي البني.
أثار كلام الإبنة غضب حاجة (سكينة) فعبرت عن غضبها ورفضها للفكرة بهزة من رأسها أعقبتها بزمجرة قوية من حنجرتها: ها هأأ !!
ثم واصلت في صلاتها (زي الماحصل شي)، عرفت البنت مرام أمها فغيرت رأيها وقالت: خلاص إنتي ألبسي التوب اللبني وأنا بلبس توب أمي الأخضر .
هزت الحاجة رأسها هزة أشد من الأولى وزمجرت: هاهأأ!!
ثم ركعت في خشوع .. اغتاظت الإبنة من رفض الأم لإقتراحاتها ومقاطعتها لها بالزمجرة فقالت في محاولة لإيجاد حل ثالث:
طيب ألبسي إنتي توب أمي الأخضر وأنا حا ألبس توب أمي الجديد البنفسجي
لم تتمالك الحاجة نفسها فصاحت بشدة:
بكُتِلِك!!
ثم واصلت فى صلاتها وسط ضحكات ابنتيها.
– أما (الرتينة) شبة الوزّينة فقد كانت منهمكة في صلاتها عندما نشب شجار بين إبنها وأخته، بعد أن تنازعا على ثمرة مانجو فقام الولد باختطاف (المنقة) من يد شقيقته واندفع جاريا .. انفجرت البنت في البكاء فأصابت الرتينة (اللخمة) والتفتت للإبن وانتهرته بصرامة:
أدّها منقتا يا ولد!!
ثم واصلت في الصلاة عاآآدي.
– قد يكون عذرالنساء في انشغال البال أثناء الصلاة بسبب لخمة العيال، ولكن بالمقابل نجد أن أكبرمشتتات الذهن عند الرجال هي مشقة السعي لكسب العيش والشيكات الطايرة والحسابات الفارقة بين المدخول والمنصرف، وربما كان السبب اتخاذ بعضهم فسحة الصلاة للسرحان خلف (غنم ابليس)، فعندما جلس المصلون في زاوية الحلة الجلسة الاخيرة من صلاة العشاء، سرح الشيخ الأعمى حاج (مختار) خلف غنم ابليس وتاه فكره بعيدا وراء هموم الدنيا أم قدود فنسى الزمان والمكان، وفجأة انتبه على صوت الامام وهو يختم الصلاة بصوت جهوري (السلام عليكم ورحمة الله)، فحسب حاج (مختار) ان الامام يقف ببابه طالبا الاذن بالدخول فرحب به بصوت عالي قائلا:
وعليكم الســـــــلام والرحمة يا حاج مضوي .. تعال خش لي جاي !!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫5 تعليقات

  1. الاخت منى سلام وتحية
    نعم ينشغل المصلي كثيرا بامور الدنيا في صلاته رجالا ونساء … ومع ازدياد هذه الضغوط تكثر الانشغالات !! لدرجة انني اعرف احداهن وقد قرأت في التشهد الاخير نشيد ياالهي يالهي يامجيب الدعوات .. وسلمت عااااادي !! وواحد اخر مشغول جدا وقبل الصلاة كمان فتح العربية بالريموت كنترول وركب في الباب الخلفي لسيارته ،ليتفاجأ بانه امام خلفية الكرسي الامامي ولا توجد عجلة قيادة امامه .. طبعا نزل براحة زي الماحاصل شيء !! مسألة الصلاة مسألة ترويض للنفس يبدأ الحضور فيها قبل الدخول بتكبيرة الاحرام اي من لحظة دخول الوقت بالذكر ومتابعة النداء ثم قضاء ما بين السبيلين في الحمام بالدخول بالرجل اليسرى .. والدعاء عند الدخول والخروج من الحمام بالقدم اليمنى .. ثم الاقتصاد في ماء الوضوء واستقبال القبلة والحضور في الوضوء بالمحاسبة لكل جارحة من ايدي واعين وانف وخلافه بالحمد ان فعلت خيرا والاستغفار ان فعلت شرا ثم الدعاء والحرص قدر الامكان على تدبر معاني القران اثناء الصلاة والمجاهدة في ذلك … الاستمرار على هذه المجاهدة يؤتي ثمرا نشعر به بنهاية الصلاة والخروج منها … راحة وسكينة وطمأنينة نفس تزيد كل حين بقدر التجويد والحضور … وبعضهم يقول ان هذا الرضا هو دليل القبول عند الله سبحانه وتعالي .. والله اعلم .

  2. التحية لكي أيتها الرائعة في سماء الصحافة السودانية والله بصراحة من المداومين عى كتاباتك واستفدت منها كثيرا والحمد لله . بس والله عمود غن أبليس قطع مصاريني من الضحك والمشكلة أنوا أنا في الدوام يعني خليها على الله ربنا يدك العافية ويمتعك بالصحة والعافية ويهدي سرك في الصلاة ويبعد عنك إبليس – أحكي قصة حصلت حقيقة في إحدى المساجد حيث أقيم في بلاد الغربة واحد صاحبنا سوداني الجنسية في صلاة الجمعة جاء مع نهاية الفاتحة في الركعة الأولى بجواره شخص من شرق آسيا وسط آسيا فإذا بالذي من وسط آسيا يدخل يده في جيبه ويطلع منها مبلغ من المال وبدا في الحساب ومن ثمن التفت للسوداني وطلب منه أن يفك له بعض من كان يحمله من المال فإذا بالسوداني يدخل يده جيبه ويقوم بفك المبلغ ويقطع الصلاة ويغادر في الإنتظار لحين إنتهاء الصلاة وصاحبنا واصل ف صلاتوا عادي جداً .

  3. التحية لك ولى اسلوبك الرائع دوما فانت قامة من قامات بلادى فى مجال الصحافة ربنا يحفظك وىديك كل مراد….. حقيقة انا استمتع جدا بمقالاتك واول ما افتح النت ابدا بى منى سلمان وبابكر سلك هذا الثنائى لاجد كلمات اشكرهم بها الا جزاكم الله خيرا

  4. السلام عليكم ورحمة الله

    عزيزتي واستازتي الرائعة دوما

    والله لقد قمت بقراءة مقالك الجميل كثائر مقالاتك البناءة ولكن ما اعجبني اكثر ذلك التعليق من الاخ وراق احمد

    كما اضحكني مقالك وبقية تعليقات القراءة جدا ممجعل ابني يتسأل ماهو ذلك الشئ الذي يضحكني هكذا حتي البكاء فعجزت عن شرح الموضوع واكتفبت بتقبيله نسبة لصغر سنه الذي لم يتجاوز الاربع سنوات وحسست بأني لقد سرحت شديد بخيالي لتصور كل المواقف التي ذكرت ………
    والله دة كلو نسبة لاسلوبك الراقي والممتع جدا لك التحية استازة مني .:cool::cool: 😎 😎 😎

  5. يابت سلمااااااان
    عارف نفسي متأخر بس اوع تقولي فاطي سطر

    والله بالنسبه لي غنم ابليس دي حقو تشوفي اغنام المغتربين ديل كمان شويه

    ياخي ديل مش عندهم غنم ديل عندهم مراحات تموج وتثور امامهم اثناء اداء صلواتهم

    داعين الله بالقبول

    😀 😀 😀