قير تور

لماذا يُحارب الشرفاء؟

[ALIGN=JUSTIFY]أمس وأنا في مباني المحكمة الشرعية بالأزهري، محلية جبل أولياء، جنوب الخرطوم، لفت نظري عدد من جنود الشرطة يحملون أدواتٍ حرفية تستخدم في الكهرباء وتركيب المواسير. وعرفت فيما بعد بأن تلك الحركة عبارة عن تخويف وإنذار أخير لأصحاب هذه المعدات. والمعروف طبعاً أن اصحاب المهن الحرفية (البناؤون النجارون فنيو الكهرباء… إلخ)، يعتمدون في معاشهم على أدوات عملهم التي إذا أُخذت منهم فهذا يعني تجريدهم من سلاح العمل ضد البطالة.
وسبب تصرف جنود الشرطة هكذا يأتي نتيجة لأن المبنى الذي يقف أمامه هؤلاء المهنيون البسطاء هو المبنى الجديد للمحاكم الشرعية.
جميل جداً أن تكون للهيئة القضائية هيبة ومكانة خاصة لكل الناس وكونها تفصل المحكمة الشرعية عن المجمع الكبير في العمارة الواقعة بالقرب من محطة البقالة بالسلمة، فهذا إنجاز يستحق الإشادة. إلا أن المقاصد الحقيقية للعدالة، دفع الضرر عن المجتمع وما المحاكم سوى وسيلة تحقق مقاصد الشريعة، ومقاصد الشريعة عند التطبيق لا يتغير الإنسان فجأة ليكون خالياً من أغراض أخرى تضر بآخرين سواء بقصد أو بدون قصد. إن المبنى الجديد للمحكمة الشرعية في السلمة محطة البقالة كانت كائنة قبل، لكنها لم تكن للمحاكم قبل تاريخ يوم الأحد الماضي الموافق 20 يوليو 2008 م، بينما واجهة نفس المكان هو المعروف عنه بتجمع أصحاب المهن الحرفية وكل شخص له غرض يخص البناء او الكهرباء او السباكة فهو يتوجه مباشرة إلى المكان المعروف. عليه فليس من الصحيح فجأة إرغام أصحاب المهن الحرفية على الرحيل بدون سابق إنذار بل العدالة تقتضي تعويضهم عن الضرر الناتج من الترحيل عن مكانهم. وعلى الجهاز القضائي عمل إعلان يوضح فيه المكان البديل الذي سيتم تجميع أصحاب المهن الحرفية حتى لا يفقدون زبائنهم بسبب وجود المحكمة في المبنى الذي كانوا يتكسبون من الوقوف أمام واجهته.
قد تكون المحلية قبضت الثمن ولم تقم بواجبها نحو الجميع وتركت أمر التنفيذ للشرطة التي صارت مثل المساري تحمل لوحدها دائماً في السودان وجه القباحة تجاه الناس، حتى أن بعض الناس عندما يصادفه رجل شرطة منذ الصباح الباكر فهو يتشاءم بذلك اليوم.
لا نريد ان يكون حال هؤلاء الموجودين بالأزهري مع المحكمة الشرعية مثل الذين راحوا ضحية لقفل شارع علي عبد اللطيف. فولاية الخرطوم التي هي المستفيد من إغلاق شارع عبداللطيف مادياً، جاءت وصنفت بعض المواطنين الذين قاموا بتغيير الغرض السكني إلى التجاري (غير القانوني).
ولأن القانون من أجل الإنسان وليس الإنسان من اجل القانون، عليه فالقوانين المحلية أخرجت من أجل الناس. وإذا ظن بعض المتنفذين بأن أصحاب الحرف المهنية لا يسندهم قانون فهذا وهم كبير لأنهم يكسبون رزق عيشهم من ممارستهم مهنهم الشريفة وبالتالي فهم يعولون أسراً كثيرة مما يسهم في حفظ المجتمع. وإذا حدث تشرد لهؤلاء ففقدهم أو تقليل مصادر الدخل ينتج عنه نتائج وخيمة.

لويل كودو – السوداني-العدد رقم 966- 2008-07-22[/ALIGN]