البروفيسور المعز عمر بخيت : سافرت لمدن بعيدة يسكن الصقيع أهلها
هذه المرة كسرنا «الأبواب» والحواجز لنعبر خارج الحدود، لنفتح «نافذة» لمبدعي بلادي الذين أبعدتهم الغربة ومحطات السفر عن الوطن الجميل.. «أبواب» مدت خيوط التواصل والأمل الى مملكة البحرين عبر البريد الالكتروني «الإيميل» لتلتقي بأحد الوجوه المشرقة والمشرفة لبلادي في مجال الطب، وذلك باكتشافه العلمي غير المسبوق لمادة بروتينية تعمل حلقة وصل بين الجهاز العصبي وجهاز المناعة، الأستاذ البروفيسور المعز عمر بخيت رئيس قسم الطب الجزئي بكلية الطب بجامعة الخليج العربي، واستشاري أمراض المخ والجهاز العصبي بالمستشفى العسكري، ومدير مركز الأميرة الجوهرة للطب الجزئي وعلوم الجيانات والأمراض الوراثية بمملكة البحرين، وقبل ذلك شاعر مرهف ذاع صيته الأدبي خاصة وسط الشباب.
٭ البطاقة التعريفية:
ــ المعز عمر بخيت، تخرّجت في كلية الطب، جامعة الخرطوم عام 1985م، وتخصصت في أمراض المخ والجهاز العصبي بالسويد، نلت درجة الدكتوراة في الطب ودرجة بروفيسور مشارك من جامعة كارولينسكا باستوكهولم، ونلت درجة الأستاذية الكاملة من جامعة الخليج العربي بالبحرين، وعملت لعدة سنوات رئيسا للأبحاث، ومديرا لمعامل أبحاث المخ ومناعة الجهاز العصبي بمستشفى هودينقا الجامعي بجامعة كارولينسكا بالسويد.
٭ الحياة الاجتماعية:
ــ متزوج ولي من الأبناء محمد وأمنية ويدرسان الهندسة بالسويد، وسارة في الصف الحادي عشر، وعمر في الصف الخامس، وعلا في الصف للأول، ويارا عمرها أقل من ثلاثة أعوام بقليل.
٭ البدايات الشعرية؟
ــ تجربتي الشعرية بدأت بتجارب ذاتية منذ مراحل الدراسة الأولى، استطعت بالتدريج أن أحولها لإحساس عام يحس المتلقي فيه بأن تجربتي هي قضيته الخاصة، ونشرت فيها ديواني الأول «السراب والملتقى» ثم في بداية المرحلة الجامعية كان ديوان «البعد الثالث»، وبعد ذلك جاءت محطة أوراق سياسية، حيث كنا في الجامعة نقود حركات النضال عبر كتابة الشعر الذي يحرك الجماهير، فكانت تلك نقطة تحول قربتني للناس وللإنسان البسيط الذي يبحث عن معاني الصدق والحياة الكريمة بعيد عن القهر والاستبداد، ثم جاءت محطات السفر وتجارب الغربة التي أنتجت فيها تسعة دواوين شعرية.
٭ ما بين الطب والشعر؟
ــ يقيني أن هناك أكثر من رابط يجمع بين مهامي بوصفي طبيبا باحثا وبين الشعر عندي، فالطبيب الباحث يحتاج للخيال لرسم رؤى جديدة تولد فكرة جديدة يحققها بوسائل البحث العلمي المختلفة، لذلك إن لم يتمتع الباحث العلمي بخيال خصب لنضب معينه، والشعر أصلاً يعتمد على الخيال الذي يسافر لآفاق بعيدة لا يطالها الإنسان العادي، ويأتي بالرؤى الجميلة التي تلمس عصب الإحساس عند الآخرين، كما أن الإنسان دائماً ما يظل هو الهاجس للطبيب وللشاعر، فالطبيب يحقق العافية ويمنح بإنسانيته الشفاء، كما أن الشعر يخاطب الإنسان ويحقق عافيته عبر شفاء الروح، فهذه التقاطعات بين الشعر والطب والبحث العلمي تظل موجودة في فلك واحد، بالرغم من أن الطب مهنة والشعر موهبة يمكن أن تتحقق لكل صاحب مهنة أخرى.
٭ المرأة بعيون البروفيسور المعز عمر بخيت؟
ــ المرأة هي الحياة وهي الرمز وهي الأمل، وهي صورة للتواصل الإنساني المحبب وسبب البقاء واستمرار الحياة وتواليها، وهي من تخرج الأمم منذ النشء الأول، ومن لا يضع المرأة في مقامها العظيم تكون حياته بلا لون ولا طعم ولا رائحة، وتضيع قضيته وتندثر خاصة إذا كان شاعرا.
٭ شعراء أثروا في حياتك وشعرك؟
ــ بدر شاكر السيَّاب، مصطفى سند، محمد المكي ابراهيم وفاروق جويدة.
٭ حدثنا عن دواوينك الشعرية؟
ــ أصدرت اثني عشر ديواناً شعرياً جمعتها أخيراً في ثلاث مجموعات شعرية، وحوت المجموعة الشعرية الكاملة الأولى أربعة دواوين شعرية «السراب والملتقى، البعد الثالث، أوراق للحب والسياسة ومداخل للخروج»، أما المجموعة الثانية فقد احتوت أيضاً على أربعة دواوين شعرية «البحر مدخلي إليك، الشمس تشرق مرتين، مرافئ الظمأ وشذى وظلال»، والمجموعة الشعرية الكاملة الثالثة تحتوي على الدواوين «وطن بحجم التوبة، البحر رسول هواك، بيان أول لحلم قادم، بأي آلاء حسنها تكذبون»، وتحت الطبع ديوان «امرأة من رحيق الانتظار» وثلاثة دواوين للشعر الغنائي بالعامية وهي «مشتهيك، دسيني في مسامك ولون الشجن».
٭ تجربة الغربة وآمال الرجوع؟
ــ الغربة تعطي وتأخذ من الإنسان، والحصيف هو من يجعلها تعطيه القيم الرفيعة عبر التعلم من الآخرين وثقافاتهم وتجاربهم الإنسانية المفيدة ولغاتهم كذلك، وألا يجعلها تأخذ منه، وذلك بالتواصل والالتحام المستدام مع بيئته التي نشأ وترعرع فيها، وهو ما حدث لي، فذهبت للتخصص في أمراض المخ والجهاز العصبي ونيل شهادة الدكتوراة في الطب، وسافرت لمدن بعيدة يسكنها الصقيع حتى في نفوس الناس فيها، وتنقلت عبر القارات باختلاف بيئاتها وثقافاتها، مما أكسبني تجربة جديدة جعلتها لا تنفصل عن واقع بلادي وبيئتي بإقامة جسور التواصل والالتصاق بقضايا الناس فيها وهموم الشارع، أما عن العودة فأتمنى أن تكون قريباً إن شاء الله، وأعمل من أجل تلك العودة.
٭ أول وآخر جائزة حصلت عليها؟
ــ أول جائزة تحصلت عليها هي جائزة معهد الدراسات الاستراتيجية السويدية لأفضل باحث استراتيجي واعد، وآخر جائزة كانت جائزة مجلة الأطباء البحرينية.
٭ الأدباء وقضايا الوطن المصيرية؟
ــ بالتأكيد للشعراء والأدباء هم كبير بالقضايا الوطنية، وأنا مع الوحدة وأعتقد أن هذا رأي معظم الشعراء، ولكن هذا الدور كان يجب أن يلعب قبل سنوات طويلة من جانب الشعراء وغيرهم، فكان لا بد من نشر ثقافة الوطن الواحد، وإقامة التنمية الشاملة، ومد جسور التواصل الاجتماعي والثقافي والإنساني منذ وقت طويل، لأن جعل خيار الوحدة جاذباً لا يأتي بانفعلات سياسية مؤقتة ومرحلية، بل عبر رؤية استراتيجية لم يفطن لها ساستنا المشغولون بهموم السلطة والثروة.
٭ أمنية تحققت؟
ــ التوصل لأول مادة بروتينية تعمل حلقة وصل بين الجهاز العصبي وجهاز المناعة، واكتشاف الجين الخاص بها مما يساعد على فهم آلية عمل جهاز المناعة الطبيعي، ويفتح باب الأمل لإيجاد علاج لأمراض فقد المناعة وأمراض السرطان، وسيكشف الحالات التي يتسبب من خلالها جهاز المناعة في أمراض ناتجة عن زيادة نشاطه، مما يؤدي إلى تدمير الأنسجة.
٭ مدينة في الذاكرة؟
ــ استوكهولم بالتأكيد، أجمل مدن الكون.
٭ آخر قصيدة كتبها المعز عمر بخيت؟
آخر قصيدة كتبتها «امرأة من رحيق الانتظار»، وعبركم أهديها الى قراء «الصحافة»، ومطلعها يقول:
مدد هواك
على زهى الإحساس عندي
ثم لوِّن خاطري بالشوق
واحملني على كف اليقين
٭ كلمة أخيرة؟
ــ تحية لكل قراء صحيفة «الصحافة» الغراء والرائعين في وطني وأهلي وأحبابي، وأقول لهم دعواتكم الطيبة تعني لي الكثير، خاصة في جعل ما توصلنا إليه من اكتشاف مهم، يعود بالنفع على البشرية جمعاء.
صحيفة الصحافة
هيفاء الطيب