منى سلمان
لاقيني ولا تعالجني
رفع الكوب وارتشف قليلا من القهوة، ثم حمل مجموعة الصحف الموضوعة أمامه على المكتب وبدأ في تقليبها محاولا أن يتناسى تفاصيل الخلاف الكبير الذي نشب بينه وزوجته، وتبارى الاثنان فيه الاساءة لبعضهما .. عايرته بأنه (عامل فيها زول) ولولاها ولولا دعم والدها السخي، لما أستطاع أن يصل لنصف ما وصل إليه الآن، ولظل على (زحيحه) بين عنابر المستشفيات العامة ، وكان من الأولى أن يبدي عرفانه بالجميل بدلا عن العقوق وعض اليد التي أحسنت إليه، فلم يتردد من أن يقذف في وجهها قبل خروجه بتعليق مفاده أن توصي نفسها أولا بالعرفان .. فلولا تضحيته بزواجه منها لما وجدت من يسأل عن حنان مودتها !
هزّ رأسه بشدة وكأنه ينفض عنه ذكريات الكلام الجارح الذي تبادلاه، عقب أن ابلغته بنيتها على اقامة دعوة عشاء وحفل صغير على شرف شقيقها الاصغر العريس وعروسته بعد عودتهم من شهر العسل، فرفض الفكرة بشدة لأنه لا يحب هذه النوعية من الحفلات كما لا يشعر بالتناغم مع اسرتها، وبالتالي فأنه لا يرحب باستقبالهم في منزله، وعليها أن تجاملهم إذا رغبت – في بيت الاسرة الكبير .. لا يدري كيف تطور النقاش ولكنه انتهي بتلك الصورة القاسية
هزّ رأسه مرة أخرى ثم ضغط على زر الجرس طالبا من السكرتيرة أن تدخل عليه المريض الأول .. مرت لحظات قبل أن ينفرج الباب ويدخل منه (مريم) وهي سيدة متوسطة العمر تبدو عليها الطيبة والبساطة وخلفها زوجها (مجذوب) .. حياه الاثنان فرد عليهما، وهنا رنّ هاتفه الجوال وعندما نظر للشاشة وجد عليها أسم (أم شهد) يتصل بك .. أجاب على المكالمة وهو يشير بيده للسيدة والرجل ناحية مقعدين في مواجهته وطلب منهم الجلوس لحين انهائه من المكالمة ..
جلس الاثنان في صمت محايد سرعان ما تحول لحرج بالغ وهما يستمعان لصوت انثوي غاضب يتخطى السماعة ليصل لأسماعهم .. ظل دكتور (خليفة) يستمع بصبر
ويحاول مقاطعة زوجته بالقول:
كدي خلي الموضوع ده لي بعدين لمن ارجع
ولكن الجدال من الطرف الآخر استمر حتى قال دكتور (خليفة) بغضب قبل أن يقطع الاتصال:
يا شيخة أعملي البريّحك
وضع الهاتف والتفت للاثنين وقال:
خير ان شاء الله العيان فيكم منو ؟
أجابه محجوب:
والله زوجتي دي شاكية ليها كم يوم وتعبانة .. كدي خليها براها توصّف شكايتا ..
ثم أضاف في تباسط: المرة دي جننتني بكترة الشكية يا دكتور .. عليك الله الليلة أقطع ليها الوهم ده من راسا.
لم يعلق دكتور (خليفة) على الجزء الاخير من حديث الرجل بل التفت للمرأة ببرود وسألها عن ما تشتكي منه، فبدأت تحكي وقالت:
ما عارفة يا دكتور .. زي الحاسة لي بي ملاريا .. جسمي مكسّر وعندي طمام شديد وحمى ووجع راس ….
قبل أن تسترسل (مريم) في الحديث قاطعها الدكتور بفظاظة وزهج:
انتي مادام عارفة روحك عندك شنو وشخصتي حالتك .. جاية تعملي عندي شنو ؟!!
أحست (مريم) وكأن دشا باردا يخترق صمغة دماغها، بينما سحب الدكتور دفتر من أمامه وبدأ في الكتابة .. مدّ الورقة لـ (مريم) وهو يقول:
كدي أمشي أعملي لي الفحوصات دي في الأول وبعدين تعالي نتكلم
أمسكت (مريم) بالورقة ثم ضمتها لـ (الكرت) وبقية أوراق المقابلة، ثم شقتها إلى نصفين والقت بها إلى الأرض ثم قامت واقفة ..
وقف الدكتور في حرج وقال: ليه كده ؟ ووقف (محجوب) متنازعا في حيرة بين مناصرة زوجته والخروج معها، وبين أن يهدي الجو حرصا على (القروش المتلتلة) التي دفعها مقابل حق الكشف .. والتي يبدو أن (مريم) لا تهتم لها لأنو (ما ضاربا فوقا حجر دقش) .. وقبل أن يحسم أمره عفاه الدكتور من الحرج عندما اعتذر من زوجته قائلا:
معليش .. أنا آسف لو زعلتك .. كدي اقعدي يا مدام
فقالت (مريم) بحسم:
أنا الآسفة يا دكتور ما حا أقدر أقعد .. العلاج نفسيات عشان كده انت ما حا تقدر تعالجني !
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
الاستاذة منى لك التحية والاحترام حقيقة مريم لو ما عملت كدة ما بت رجال ومن خلال تلك الكلمات البسيطة بساطة الناس الغلابة اعطت الدكتور درس فى المعاملة والله حقيقة العلاج نفسيات لكن والله على ما أقول شهيد يوجد بعض الدكاترة كما يقولون (ملائكة رحمة ) انا بعرف دكتور فى منطقتنا بالشمالية وصل درجة يعمل شاى اللبن شاى المغرب بنفسه وهو عزابى ويوديهو (للمرافقين) المريض اتخيلى كيف يكون حالو مع المريض والامر الغريب والمناقض تماما لهذا الدكتور الانسانى الدكتور الكان سلفو(قبلو) دا كان المريض يجيبوهو المستشفى فى حالة يرثى لها الممرض بتاع الوردية يمشى ينادى الدكتور يلقاهو يلعب فى الكوتشينة يقوليهو ارجع قول ليهم مافى اها ياخوانا ده كلام فلذالك بالذات الطب مهنة انسانية قبل كل شىء والنمازج كثيرة ومتفاوتة من طبيب لاخر ومثل هذه المواقف لا توجد فى المجال الطبى وحده بل فى كل الامور الاجتماعية الاخرى حتى فى استقبال الضيوف فى مقولة مشهورة (بليلة مبشر ولا ضبيحة مكشر) ومن مواضيعك السابقة المغتربين الحسنة بعشرين مثلها ذات صلة بهذا الموضوع اعانك الله وسدد خطاك
والله يا استاذة لك منا التحية والتقدير
وانا واحد من اكثر القراء لكي اذا لم ابالغ واقاء لكي منذ اكثر من 8 اشهر
ولكن كل مقالاتك توحي بانك في كع وكف مع سيد الاسم وانا لي تجاربي الخاصة مع العرسان الجدد حتى بعد5 سنوات ولكن بعدها سيتصلح الوضع الى احسن