غازي سليمان في إفادات صريحة لـ (الوطن) (2 ـ 2) : يجب منح أهل دارفور ما يريدون حتى لو كان الانفصال عن السودان
* لكن تقييد الترشيح للانتخابات القادمة بالعمل على تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والاعتراف بها إلا يعتبر عملاً غير ديمقراطي، وتقييد لحقوق الآخرين؟
– أولاً هذا النص أنا لم آتي به من فراع وهو موجود في الاتفاقية والدستور، ديمقراطية نيفاشا ليست مثل صينية الغداء نأكل منها ما نشاء ونترك ما نشاء وهي ليست بدون شروط.. هي وجبة عسكرية تأخذها جميعها أو تتركها جميعها، وهذا النص لم آتي به من (جبل أم علي) بل هو نص موجود في اتفاقية السلام الشامل الفقرة (1/8/6) صفحة (19) من النسخة العربية، الشيء الآخر المادة (218) من دستور السودان الانتقالي لعام 2005 م تقابل هذا النص في الاتفاقية، احترام الاتفاقية شرط اساسي للترشيح للانتخابات بمعنى أننا لا نريد أن يأتي برلمان قادم يلغي اتفاقية السلام او يقول انها ثنائية البرلمان القادم يجب ان يكون من شخصيات تلتزم وتحترم ومستعدة لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل دون شرط او قيد، هذه ديمقراطية نيفاشا ويجب الالتزام بها حسب نصوص الدستور واتفاقية السلام الشامل.
* الا يمكن ان يعيد هذا الشرط انتاج الأزمة لأن التقييد قد يضر بمصلحة آخرين وبأهدافهم؟
– يا أخي اتفاقية السلام الشامل لم تأت من فراغ جاءت بعد اطول حرب في افريقيا وبعد ملايين من التضحيات اين كان هذا الذي يحمل برامج أخرى ولماذا لم يظهر برنامجه إلا بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل والتي وقعت عليها حكومة السودان بوصفها الحكومة الفعلية للسودان، والتي اعترف بها كل العالم والأسرة الدولية وقعت كشاهد عليها وأنا في تقديري أنّ هذا أعظم وأفضل قانون للانتخابات في السودان والعالم لأنّه قانون ديمقراطي بحق وحقيقة لكن أنا في رأيي لا يكفي أن تكون هذه الانتخابات مراقبة دولياً كما تمّ النص عليها في قانون الانتخابات. وأوكامبو شخصياً اذا أراد أن يراقب هذه الانتخابات لا مانع لدينا وستكون انتخابات حرة ونزيهة. أريد أن الفت نظر أهل السودان إلى أن الانتخابات الحرة لا تعتمد على القانون فقط هل أحزابنا ديمقراطية نفسها هل المرشح والناخب ديمقراطيان، نحن نعلم أنّ الناخب لا يفرض مرشحه بل يتم تعيين المرشح من الحزب والقضية ليست قانوناً.. بريطانيا ليس بها قانون انتخابات لكن هنالك انتخابات حرة ونزيهة لأن الناخب البريطاني ديمقراطي والمرشح ديمقراطي وهي عملية تغيير في المجتمع وتحول فيه، ونحن مثلنا مثل دول العالم تحتاج إلى عشرات السنين حتى تكون لدينا مجتمعات ديمقراطية، الديمقراطية مرتبطة بتكوين المجتمعات ونحن حتى الآن تتحكم فينا القبيلة والدين والأسرة التقليدية، والمسألة ليست قانوناً رغم اهميته لكيفية فتح باب الطعون وميعاد الانتخابات ومراكز الانتخابات لكن كون الانتخابات تكون حرة ونزيهة وتأتي بنواب ديمقراطيين هذه ترتبط بالتحول في المجتمع، واعتقد أننا نحن مثل الدول الأخرى فالمجتمع السوداني لم يتحول إلى مجتمع ديمقراطي حتى الآن.
* قرارات محكمة الجنايات الدولية وطلب اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس؟؟
– هذا قرار معيب جملة وتفصيلاً وأنا أختلف مع الذين يصفون هذا القرار بأنه قضائي أو قانوني أو ادعاء لمحكمة الجنايات الدولية أنا أعتقد ان هذا القرار سياسي صادر من مجلس الأمن تتحكم فيه بعض الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن وهي لديها بالطبع حق النقض، وهو قرار سياسي لا علاقة له بالقانون بل تم في تقديري استغلال القانون لهدف سياسي بحت وهو تركيع السودان وتحويل السودان إلى دولة فاشلة بحق وحقيقة، واشاعة الفوضى في السودان لأن السودان لأول مرة في تاريخه الحديث يسير بخطى واضحة وصريحة نحو الاستقرار والتنمية ولحل كل المشاكل المعلقة فيه منذ الاستقلال، وكما قلت أن أهل السودان السودان خلال هذه المرحلة يكتبون انصع صفحات تاريخهم الحديث، هنالك تنمية وتحوّل حقيقي نحو الديمقراطية، أوقف أهل السودان اطول حرب في القارة واقتسموا السلطة والثروة، وأقاموا نظاماً لا مركزياً منحوا الولايات في الشمال والجنوب الحق في حكم نفسها والتحول الذي يشهده السودان حالياً غير مسبوق في المنطقة الإفريقية والعربية، وهناك تنمية حقيقية تقيم في الخزانات وتشق في الترع وتنشئ في الطرق بين الولايات، وهناك حلم أهل السودان منذ الستينيات «تعلية خزان الروصيرص» صار حقيقة الآن. في رأيي هنالك قوى شريرة تريد ان تحول منطقة غير مستقرة في افريقيا لتجزئتها أولاً وثانياً للانقضاض عليها والاستفادة من مواردها، وهناك من يعمل على اشاعة الفوضى بالداخل ويحاول تركيع حكومة الوحدة الوطنية وفي تقديري ان هذا القرار معيب وهو سياسي ولدي أدلة قانونية لأن احالة الملف تمت من مجلس الأمن الذراع الأمني للأمم المتحدة وبموجب الفقرة (13 ب) من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية وهو يسمى القواعد الاجرائية وقواعد الأسباب والاركان للجرائم الدولية في النظام الأساسي للمحكمة وهو تمت احالته بواسطة مجلس الأمن، ثانياً لأن السلطة الاستئنافية الأساسية لهذه المحكمة والتي لديها الحق في ان تتدخل في أعمال هذه المحكمة مجلس الأمن لأن المادة (16) من نظام هذه المحكمة تقول مجلس الأمن هو الجهة الوحيدة التي لديها الحق في وقف الاجراءات أو ارجاء التحقيق أو المقاضاة، هذا الحق مكفول فقط لمجلس الأمن، لهذا السبب أعتقد ان القرار سياسي وليس قانوني، ويجب ان نتعامل معه سياسياً وليس قانونياً ونحن فضحناه قانونياً لأنه في البداية يتنافض مع الفقرتين (34 و35) من اتفاقية فينا للمعاهدات الدولية سنة 1969م وهي تقول ان أي دولة لم توافق على أي معاهدة دولية غير ملتزمة بها، ونحن لم نوافق ولم نلتزم بنظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، هذه دعوة حق أريد بها باطل.
* هل ترقى دفوعات أوكامبو القانونية إلى مستوى اصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الجمهورية؟؟
– ابداً ليس هنالك دعوى والدفاع الوحيد في تقديري ان يلتف أهل السودان حول قيادتهم الشرعية في النظام الذي ارسته اتفاقية السلام الشامل في 9/7/2008م ويلتفوا حول القيادة الدستورية، وأنا أعتقد ان أي قيادة سياسية يلتف حولها شعبها ليس هناك خطر يواجهها، وهذا هو الرد على أوكامبو بمزيد من الالتفاف حول قيادة المشير عمر البشير والفريق سلفاكير ميارديت هذا هو الحل.
* هل تعتقد أن السودان يجب أن يواجه المحكمة قانونياً؟؟
– لا يمكننا أن نتقدم بدفوع أمام المحكمة إلا اذا انصعنا للقرار أولاً وأهل السودان سوف لا ينصاعون لهذا القرار لأنّه يمس إرادتهم الدستورية بنص المادة (58) م دستور السودان الانتقالي التي تشير إلى ان رئيس الجمهورية يمثل إرادة الشعب.
* الدول الغربية ومن ضمنها فرنسا تحدثت عن أنّ السودان يجب أن يسلم أحمد هارون وكوشيب تحاشياً لهذا القرار؟
– أهل السودان لن يسلموا أي مواطن سوداني لأنّهم لا يعترفون بهذه المحكمة وما هو الفرق بين كوشيب وأحمد هارون والمشير البشير جميعهم مواطنون سودانيون ونحن غير مستعدين ان نسلم أي شخص سواء كان رئيس الجمهورية أو مواطناً عادياً.. القضية هي قضية أن السودان غير مستعد لذلك، ونحن في هذا الشأن مثلنا مثل أمريكا فهي استثنت نفسها ونحن نستثني انفسنا بموجب عدم تصديقنا على هذه الاتفاقية.
* تأجيل التحقيق من مجلس الأمن لمدة عام ألا يعتبر اعترافاً بشرعية المحكمة؟
هذه سلطة مجلس الأمن ونحن لسنا أعضاء في المحكمة، له الحق في ان يمارسها وله نقيض ذلك، وهذا يقود للحديث عن سلامة القوات الدولية الموجودة في دارفور، وأنا أعتقد أن هذا الموضوع لا يخص السودان الآن فحماية القوات هذه كانت تخصنا قبل صدور قرارات محكمة الجنايات الدولية، لكن اذا كان هناك تمديد لهذه القوات في دارفور أو أي منطقة أخرى في السودان السبب المباشر في هذا هو قرار أوكامبو لأنه يمكن أن يخلق حالة من عدم الاستقرار والعداء لهذه القوات، وبالرغم من أن حكومة الوحدة الوطنية ستبذل جهدها لحماية هذه القوات لكن في النهاية يتحمّل مجلس الأمن مسؤولية ذلك ومجلس الأمن هو الجهة التي أرسلت هذه القوات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وعليه أن يتحمل مسؤولياته ونحن لا طاقة لنا بها، فهو الذي تسبب في هذه الحالة الراهنة وله أن يخرج نفسه من هذه الأزمة.
* هل تعني أنّ مجلس الأمن إذا أراد المحافظة على قواته عليه أن يوقف هذا الأمر؟
– نعم عليه أن يوقف مآلات ما قام به أوكامبو أنا في رأيي أنّ سلامة القوات الدولية هي تداعيات للقرار لأنه قبل صدوره لم يكن هناك حديث عن سلامة هذه القوات وكانت التزاماً من جانب حكومة الوحدة الوطنية لكن حالياً اختلط الحابل بالنابل.
* لكن الحكومة أكدت أنّها ستحمي هذه القوات حتى بعد صدور هذا القرار؟
– هذا حديث دبلوماسي لكن واقع الحال بالرغم من ان حكومة الوحدة الوطنية التزمت بحماية هذه القوات، لكن هنالك طرف ثالث تسبب في حالة يمكن وصفها بالسالبة في ما يختص بحماية هذه القوات وخلق جو غير مناسب لحماية هذه القوات.
* ما رأيك في الدور الغربي وفرنسا تحديداً في هذا القرار؟
– هي ليست فرنسا وحدها هذه دوائر متداخلة في بعضها، وأنا أعتقد أنّ فرنسا كانت شجاعة وصرح رئيسها بأن علينا نحن أهل السودان فهم رسالة محكمة الجنايات الدولية، وأعتقد أنّ أهل السودان لا يحتاجون لرسائل لوقف الحرب وحل قضية دارفور المذكورة في اتفاقية السلام الشامل، وحكومة الوحدة الوطنية قالت أكثر من مرة وصرح منسوبوها بأنّهم على استعداد لحل قضية دارفور بدون أي شروط مسبقة، ويريدون الجلوس مع كل الجهات التي يهمها الاستقرار في دارفور، وأنا شخصياً وليس الحركة اعتقد أنّ الباب مفتوح لأهالي دارفور ليطالبوا حتى بتقرير مصيرهم لأننا نعيش في قرن لا يمكن أن نفرض فيه الوحدة على أهل السودان بفوهة البندقية، ومن يريد أن يبقى في السودان فليبق ومن يريد أن يخرج فليخرج أنا أرى لو أنّ ملف دارفور منح لأي شخص لحلًّ المشكلة بطريقة بسيطة، وهي أقصر الطرق، وهي السؤال الذي يمكن توجيهه لحملة السلاح في دارفور (ما هي مطالبكم)، ويجب أن يمنحوا مطالبهم ولو كانت فصل دارفور، ولديّ شرط وأحد في ما يتعلق بالتعويضات إذا أردنا إعطاء أي شخص تعويض -أي فرد- يجب أن يتم استفتاء أهل السودان لأن الرئيس أو الوزراء أو أي مسؤول في الدولة ليس لديهم أموال خاصة ليدفعوا منها هذه التعويضات؛ بل ستدفع من مال شعب السودان؛ لذا يجب استفتاؤه في الأمر، لأنها ضرائب جديدة على الشعب، ونحن حينما رفعنا ضريبة القيمة المضافة قامت الدنيا ولم تعقد حتى الآن، وهناك مادة في الدستور تقول انه يجب استفتاء أهل السودان في المسائل القومية.
* إلا تعتقد أنّ منح كل الخيارات لأهل دارفور بما فيها الانفصال يمكن أن يسهم في تشظي السودان؟
– نحن نعيش على مشارف القرن الثاني والعشرين لا يمكن ان تحافظ على وحدة السودان بالعواطف والأماني وفوهة البندقية، يجب أن تكون وحدة طوعية مبنية على رأي الجميع.
* هناك اتهام لك بأنّك انضممت إلى الحركة الشعبية من أجل الصعود إلى السلطة وأنّك شخص انتهازي.. ما ردّك على ذلك؟!
– ما هي المكاسب الشخصية التي جنيتها؟.. فأنا أحمل فكر الحركة الشعبية لتحرير السودان قبل ان يتم الاعلان عنها بالداخل، وأنا دفعت الغالي والرخيص، وأنا أحمل فكر الحركة الشعبية عندما توليت المعارضة، ويشهد على ذلك نائب رئيس صحيفتكم الذي كان يشاركنا هذا الأمر.
الوطن[/ALIGN]