الجيش التونسي يوقف مرتزقة أجانب ويشتبك مع ميليشيات مسلحة في العاصمة
في اليوم الثاني لحقبة ما بعد الثورة التونسية, وبعد انحسار الفوضى, وتراجع المسائل الأخرى الى الصف الثاني, تصدر المسرح التونسي صدى معارك بين قوات الأمن والجيش من جهة ومليشيات مسلحة قامت بأعمال سلب ونهب واطلاق نار عشوائي على المواطنين
الاشتباكات مع هذه الجماعات المسلحة أسفرت عن اعتقال عدد من المرتزقة الأجانب وتأتي بعد اعتقال مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي، الذي وجهت إليه النيابة تهم تهديد الأمن الوطني وتعريض حياة المواطنين للخطر.
سياسيا، استمرت عجلة تشكيل الحكومة بالدوران بعد مشاورات يقوم بها الوزير الأول محمد الغنوشي مع الأطياف السياسية. إذ أعلن الأخير، في حديث مع التلفزة التونسية ان المشاورات قطعت مرحلة متقدمة ومن المتوقع ان تعلن غدا. في المقابل أكدت الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي مي الجريبي ان الاعلان عن الحكومة سيتم الاثنين 17-1-2011.
بعدَ الهاجسِ الأمني، تصدَّر الهمُّ الغذائي والمعيشي الساحة التونسية, فحالُ الفوضى التي تشهدها البلاد أدت الى نقص كبير لليوم الثاني على التوالي في المواد والسلع الغذائية الأساسية، أضيف اليها ارتفاع حاد في اسعار بعض السلع عززها غياب تام للرقابة بسبب الفوضى السياسية والأمنية. اتحاد الشغل دعا في وقت سابق اليوم العمال الى التوجه لأعمالهم واستئنافها كالمعتاد.
محاربة الفوضى
وقد نشبت معارك عنيفة بين قوات الجيش التونسي ونحو ألف من عناصر أمن الرئاسة المتحصنين بالقرب من مقر قصر قرطاج الرئاسي بالعاصمة تونس. وتحدثت تقارير عن استخدام الجيش لمروحيات في الاشتباكات. وقامت عناصر من كوماندوس الجيش بتطويق ثكنات للأمن الرئاسي بالقرب من القصر. واستخدموا مكبرات الصوت في التعامل مع العناصر المتحصنة.
وقال رائد من الأمن الوطني لقناة “العربية”، يدعى سالم، “إنه ستتم السيطرة على تلك العناصر خلال ساعات رغم الأسلحة المتطورة التي يملكونها”. وأكد أن “عناصر الأمن الرئاسي تسرب بعضها للشارع التونسي في محاولة لبث الفوضى، فيما تحصن البعض الآخر داخل القصر والثكنات”. وألمح إلى أن “عناصر أمن الرئاسة تدافع عن وضعها النخبوي الذي تمتعت به في العهد السابق”
وقد اعتقل حوالي ثلاثة آلاف من عنصر أمن الرئاسة في أنحاء من العاصمة، وكان بعضهم يحملون أسلحة ويرتدي ملابس مدنية.
وقال التلفزيون التونسي إن الجيش قتل قناصين وسط العاصمة.
اعتقال ألمان بحوزتهم أسلحة
وفي تطورات أخرى، أعلن ضابط في الشرطة التونسية للتلفزيون الرسمي إنه تم الأحد اعتقال أربعة المان في حوزتهم أسلحة داخل ثلاث سيارات أجرة في تونس العاصمة مع أجانب آخرين لم تحدد جنسياتهم.
واعتقل الألمان الأربعة بعد الظهر في وسط العاصمة التونسية على بعد حوالى 300 متر من مقر الحزب الديمقراطي التقدمي حيث وقع تبادل لإطلاق النار.
كما ذكر التلفزيون التونسي أن قوات الأمن التونسية خاضت معركة مع مسلحين على سطح مبنى قرب مقر البنك المركزي في العاصمة. وقال مسؤول عسكري في مقابلة مع التلفزيون الحكومي إن اثنين من المسلحين قتلا رميا بالرصاص من طائرة هليكوبتر.
ويقع البنك المركزي في وسط العاصمة تونس على مسافة بسيطة من مقر وزارة الداخلية.
وجرى تباد لإطلاق النار دار أمام مقر الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في تونس حيث تم توقيف العديد من الأشخاص. وشمل إطلاق النار أيضا مقر حزبين معارضين آخرين في تونس العاصمة.
كما صدرت مذكرة توقيف قضائية بحق الجنرال علي السرياطي المدير السابق لأمن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وعدد من مساعديه بتهمة “التآمر على الأمن الداخلي” في تونس، على ما أكد الأحد مصدر رسمي، نقلاً عن وكالة الصحافة الفرنسية. كما أكد شهود عيان توقيف قيس بن علي ابن أخ الرئيس المخلوع من قبل الجيش التونسي.
وتصدر الهم الغذائي والمعيشي الساحة التونسية، فحال الفوضى التي تشهدها البلاد دفعت بالمواطنين الى الطلب من الجيش التدخل لتشغيل المخابز والبقالات بعد النقص الذي تعانيه البلاد جراء الانتفاضة التي شلت معظم المرافق، ما أدى إلى نقصٍ في عددٍ كبير من المواد الغذائية لا سيما الخبز والسكر.
تخفيف حظر التجوال
ومن ناحية أخرى، أعلن مصدر رسمي في تونس تخفيف حظر التجوال بداية من الأحد “بسبب تحسن الأوضاع الأمنية”.
ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن مصدر مسؤول أنه “تقرر خفض مدة حظر التجوال حيث أصبحت من الساعة 18.00 (17.00 تغ) مساء إلى الساعة 05.00 (04.00 تغ) صباحا” مع “المحافظة على بقية الإجراءات”.
وأوضح المصدر أن ذلك يأتي “في نطاق تخفيف إجراءات حالة الطوارئ ونظرا لتحسن الأوضاع الأمنية”.
وأفادت تقارير من تونس الأحد أن الجهود الأمنية تركزت على لجم الفلتان الأمني الذي تعيشه البلاد بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي. فيما طالبت السلطات الفرنسية بعض أقارب الرئيس المخلوع بعدم البقاء ومغادرة أراضيها.
وكان التلفزيون التونسي أعلن عن تعرض خمسة أحياء داخل العاصمة لعمليات نهب، وبث نداءات استغاثة من مواطنين يتعرضون لأعمال نهب. كما تعرضت العديد من المراكز التجارية في عدة مدن لاعتداءات تراوحت بين السرقة وإشعال الحرائق.
وقال التلفزيون، الذي تحول اسمه إلى محطة التلفزة الوطنية، إن محطات الوقود تواجه نقصاً في الإمدادات نتيجة لعمليات السلب.
وسقط 42 قتيلاً في احتراق سجن في محافظة المنستير في تونس، وفرّ العشرات من السجناء. وتحدثت تقارير أخرى عن سقوط عشرات القتلى في اقتحام سجن المهدية بولاية المهدية في الوسط الشرقي للبلاد.
وقام الجيش بإطلاق سراح السجناء في معتقل القصرين بالجنوب الغربي للبلاد في محاولة لتوفير الحماية لهم عقب تلقي استغاثات من الأسر.
بن علي يصل السعودية
وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وصل إلى جدة غرب السعودية، حيث أشار بيان للديوان الملكي السعودي إلى تقدير الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي، وتمنى أن يسود الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز على الأمتين العربية والإسلامية.
وعبرت السعودية عن تأييدها لكل إجراء يعود بالخير للشعب التونسي الشقيق. ورحبت حكومة المملكة العربية السعودية بقدوم فخامة الرئيس زين العابدين بن علي وأسرته إلى المملكة.
وقالت السعودية في بيانها إنها تتمنى أن يتكاتف التونسيون لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ بلادهم، معلنة وقوفها التام إلى جانب الشعب التونسي.
العربية نت