منى سلمان

فك البيرق والرجالة الملحوقة


[ALIGN=CENTER]فك البيرق والرجالة الملحوقة .. !![/ALIGN] زمآآآن – ما عارفة هسي كيف كان للشكل بين الصبيان في صغرنا أصول وأدبيات، فعندما تندلع الشكلة بسبب الاختلاف اثناء اللعب في عد البلي وحساب الفورة، أو عندما (يخرخر) احدهم وبدلا عن التحلي بالروح الرياضية وقبول الغلب، يجنح لتخريب اللعبة و(يفسيها) على الباقيين، ينبري له واحدا من ذوي القلوب الحارة الما برضو الحقارة من المجموعة فيقف امامه متصديا لحقارته .. حينها يبدأ التحامر بين الخصمان كتحامر الديوك في صراع السيادة على الكر، فكل منهما يقف منفوشا منتفخ الاوداج وقد تقاربت الرؤوس وحومرت العيون، وغالبا ما تبدأ الشكلة بتدافع الايدي واللكز بالاكتاف والصدور مع اطلاق التحزيرات من الجانبين:
– هوي يا زول أخير ليييك .. بطّل الخرخرة!!
– ابييت ما بطّلا داير تعمل لي شنو؟
أو قد يأخذ سناريو الشكلة منحى آخر بحيث (يشخت) أحدهم للآخر شخيتا خارج حدود دارة اللعب بعد أن يأمره بالخروج من اللعبة، ثم يتحداه وهو يقف على حدود (الشخيت) بالقول:
أكان راجل .. تعال نط الشخيت ده!!
حينها تشتد الاثارة ونتنادى لنسرع بالتحلق حول المتخاصمين ثم نبدأ في الانقسام لفريقين كل يشجع وينحاز لاحد الطرفين .. طبعا لا يخلو الامر من بعض تحمية النيران بشيء من (المديدة حرقتني)، فما كان بيننا من طفل رشيد يخزي الشيطان ويهدي من ضلالة الشكل .. بل بالعكس كنا نشعر بالخيبة عندما ينفض الاشتباك قبل بدايته، أما بتدخل أحد الكبار ممن يصدف مروره بموقع الشكلة حيث يقوم بإنتهار الطرفين وتفريق الجمع، أو حين تنتهي الشكلة قبل بدايتها (منها وليها) بسبب نخة أحد الطرفين وهروبه من ساحة المعركة، فحينها قد يجد البقية بعض العزاء في مطاردة المنهزم والصياح خلفه:
جرى ود المرا !!
لا ادري ما السبب الذي يجعل ثقافتنا الشعبية الذكورية تربط بين الخوف والجبن والنساء، فابلغ اساءة يمكن ان يوجها أحد المتخاصمين من الصبيان للآخر هو أن ينعته بـ (ود المره) أو يلصق تهمة المرمره به مباشرة بأن يعايره بالقول ( تجري يا مره؟).
من المعلوم أن المنازل تنسب لاصاحبها فعندما نشير لبيت معين نقول:
ده بيت ناس عمي فلان.
ولا نقول بيت ناس خالتي فلانة .. إلا إذا كانت (خالتي فلانة) دي أرجل من راجلا القاعد زيو وزي ضل الحيطة .. لا بهش ولا بنش، وعلى العكس من ذلك نجد في تراثنا الغنائي الذي يمجد الشجاعة والاقدام، اننا نذم الخواف بأن نغني له:
الخواف لبدوهو .. لي بيت أمو وصلوهو .. لمن تمشو وتجوهو
شوف جنس التحيز ده يا أخواتي؟؟ مش كان ممكن يقولوا (لي بيت أبوه وصلوهو)، ولكنا نميل لوصم النساء بالجبن ونسب الجبان لامه، وحتى بيته ينسب لها فنقول (فلان اندسا في بيت أمو).
بالمقابل نجد ان الشجاع هو أخو البنات فنقول:
يا أخوان البنات .. الجري ده ما حقي .. حقي المشنقة والمدفع أب ثكلي وحالف باليمين أعز بنات أهلي.
ونقول:
أخوكي يا السمحة .. فرتاق للصفوف في أقل من لمحة.
وهنا لا يكون ذكر البنات من واقع الفخر والتباهي بهن، ولكن لانهن ضعيفات وأكيد (خوافات) ولذلك فهن في حوجة لنخوة اخيهن الشجاع لحمايتهن والمحافظة على شرفهن.
حتى اننا كثيرا ما نغذي في اطفالنا ذلك المفهوم الذي يربط بين النساء والضعف والجبن فنقول للصغير ( ما تبكي زي المره)، على سبيل المثال – يعني ضرب مثل ما أكتر يتم شحن عيالي بمفاهيم الرجالة وكثيرا ما اسمع منهم اثناء الكعّات والوقعات ( انا جعلي مُر ما بخاف) و( الجعلي ما ببكي زي المره) .. قبل بضعة أيام تأوهت بـ ( أحييي) بينما كنت أهم بالوقوف بعد جلوسي على الارض لبعض الوقت، فما كان من صغيري إلا أن زجرني في استنكار:
تقولي أحيي يا ماما!! ..انتي مره؟؟!!!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com


تعليق واحد

  1. تذكرت وانا أقرأ مقالك عندما كنا صغار وياما شختنا في الارض خطوطا كتيرة صغيرها وكبيرها وانتفخت اوداجنا واضطربت ايدينا ونحن نعلنها حربا على الاخرين فينقسم الناس صفين وتتدخل القرابة والصداقة مين يقيف مع مين وتبدأ المشكلة والخبت يقع والارض جاك زول امك مات ، ويتدخل واحد من نفس المجموعة لما يشوف الكلام بجيب ليهو مصيبة ويفصل بين الطرفين وكل زول يهدد من جديد بكرة كان رجال تعالوا ، ويأتي اليوم التاني وكلنا نجي كأن لم يحدث شيء بالامس ويصيح احدنا مناديا الما بجي مرة ود مرة فينتفض الواحد من عشاه ليلبي النداء وليثبت انو راجل ود راجل ( دي ما تزعلك ) ، ان الانسان مجموع من المؤثرات تؤثر عليه البيت والمدرسة والبيئة ، ولذلك يأتي الموروث ليعبر عن الواقع ولكن لم يكن بالدور الذي ينفي دورها بل كانت المرة وقتها مكرمة معززة و لها كلمة قوية متل الرجل ارجعي للتاريخ وخليهو الغنا ، فانه برغم عدم تعلم المرة في وقتها لكنها كانت شيالة التقيلة وست البيت وكل شيء عندها تدبره والمالية بتاعت البيت في محفضتها ( المحفظة ) وهي الآمر الناهي ما زي نسوان الزمن دا اي حاجة بنادي ليكم ابوكم فضاع دورها فلما يغيب الاب يكون دور الام معدوما والابناء يسرحون ويمرحون ( غاب ابشنب ولعب اب ضنب ).. آخر الكلام هل تردين تكريما للمرة اكتر من ذلك ولك التحية

  2. والله ياستاذة مني انت عسل عدييييييييييييييييل كدة زي ما بقولو
    المراة نفسها هي التي تدخل حكاية الرجل هو اشجع من المراة فاذا بكي طلفها تقول ليهو ما تبكي زي النسوان او ما تتدلع زي البنات انت راجل هسة ابوك بعمل كدة او تحاول انا تجعل من صورة الاب انه مخيف او شرير او تقول ليهو ابوك لو عرفك عملت كدا بقتلك ولكن اذا انتظرنا الاب نجده طيب وحنون وقد لا يضربه بقدر الضرب الذي ضربته له امه
    لقد ذكرني مقالك بايام طفولتي فقد كان والدي مغتربا وكانت امي هي الرجل والمراة في البيت فقد كانت تقوم بما يفوق مقدورها واذا تعبت مننا شديد ونحنا بنتشاكل وما نسمع كلاما تقول لينا (الليلة غاب اب شنب ولعب اب ضنب)لو كان ابوكم في الليلة ما كان عملتو كدة فنخفف من الجوطة ولكن لما تقول لينا انا ماشة اكتب ليهو جواب عشان يخلي شغلو يجي يقعد عشان يربيكم كنا بنسكت ونتفرق في الحال
    ولكن في الحقيقة انو والدي كان طيب جدا ولامرة من المرات ضرب اي احد فينا ولكن فكرة الخوف منه انه هو رجل وتربتنا في المجتمع تعتمد علي الخوف من الرجل فقط لانه رجل