قير تور

حالة غش

[ALIGN=CENTER]حالة غش!!. [/ALIGN]ايام المدرسة المتوسطة ونحن بالصف الثاني ، حدثت واقعة لم تنمحِ من ذاكرتنا الى اليوم لأنها كانت مؤلمة ومفيدة جداً في الوقت لكل تلاميذ المدرسة رغم أن ضحايا الواقعة لم يتعد اربعة من زملائنا إثنان منهما في الصف الثاني والآخران من الصف الأول.لا أذكر تلميذي الصف الأول ،لكني أذكر ابني دفعتي وهما حالياً أحدهما طبيب متخرج من جامعة الخرطوم والآخر يحمل رتبة مقدم بالجيش الشعبي لتحرير السودان وهو خريج جامعة نيروبي وكلاهما اكملا شهادة الماجستير فالأول قابلته آخر مرة قبل تسعة اشهر والثاني قابلته قبل عام وهو قد شارف على إكمال شهادة الدكتوراة في العلاقات الدولية. لكن القصة تحكي بأن زميليّ قد تم معاقبتهما على حالة غش في إمتحان نهاية العام ، وكان كل منهما ساعد زميلاً ـ حسب الراي الرسمي بالمدرسة ـ فقد بذلا جهداً بطريقة ما ساعدا به تلميذين آخرين بالصف الأول فقد كان نظام الإمتحان أن يجلس تلميذ كل فصل مع تلميذ آخر من فصل مختلف عنه. المهم تم حرمان زميليّ ابني الدفعة من درجات المادة التي جلسا لها ذلك اليوم ، وكذلك تم حرمان تلميذي الفصل الادنى .وأما كيفية الاكتشاف فأحدهما تم ضبطه مباشرة في وقت الجلسة الرئيسة للإمتحان عند تيقن المراقب من عملية المساعدة التي قدمها إبن دفعتنا للآخر في مسألة رياضية غلبت السائل ، وأما الآخر فقد تم إكتشافه عن طريق الخط عندما قام استاذ اللغة الانجليزية بالتصحيح فوجد إجابات مذهلة لتلميذ يعرف مستواه جيداً داخل الفصل يختلف عما جاءت في الورقة وليس هذا فحسب فقد إختلف خط الكتابة عن جزء كبير مما بدئت به الاجوبة وكان ان تم رسم خريطة للفصل وتم تحديد الشخصين الجالسين حول هذا التلميذ وعند مقارنة الخطوط عرف التلميذ الذي قام بمساعدته وباستدعائه اعترف بما قام وعليه تم حرمان الاربعة تلاميذ من درجات المادتين.
على كل حال رغم منح درجة (صفر) لزميلينا فقد كان تدحرجهما مفيداً لآخرين ،فأحدهما جاء بالمركز الخامس والآخر جاء من ضمن العشرين وكلاهما كانا بفصل الصف الثاني ابوبكر.
لم تكن عملية حرمان هؤلاء من درجات الامتحان هي المهمة بقدر ما كان الدرس لنا جميعاً تلاميذ المدرسة .فقد ادركنا بأنه بنفس القدر الذي فقد به المحرومون مراكزهم المتقدمة خاصة ابنيّ دفعتي ، فإن مرور الأمر بدون إكتشاف أو حسم كان سيقفز بالآخرين فوق كتوف آخرين وتكون النتائج وخيمة أضعاف ما حدث فعلاً عندما حرم المذنبون…..طبعاً لا داعي للتطرق الى العقوبات المعنوية الأخرى لاننا لم ندرك معناها وقيمتها إلا بعد ما تخرجنا من الجامعات وصرنا نرى كيف يؤثر اي جهد تراه بسيطاً يبذل في غير محله على تغيير الأمور إلى اسوأ الظروف.
إن أهم الدروس التي تظل راسخة في البال من تلك الحادثة هو أن الدرجات التي يتم تحصيلها عن طريق ورقة الامتحان ليس هو هم معلمينا آنذاك بقدر ما كان همهم هو تعليمنا إكتساب نهي النفس عن الحصول على ما لم نبذل فيه جهداً. والحمدلله أنهم نجحوا فيما سعوا إليه وإلا لم نكن نفخر اليوم بابناء دفعة راسخة في الوجدان.

لويل كودو – السوداني
1 فبراير 2010م