قير تور
ما ذنب السودان؟.. (1)
مساء الخميس 11 فبراير 2010م وانا برفقة إثنين من الاخوة السودانيين وكنا جالسين على مقاعد إحدى قهاوي الرياض، إستقبلت مكالمة من زميل دراسة بالمرحلة الجامعية يعمل حالياً بالمملكة العربية السعودية لمدة ثماني سنوات حتى الآن. زميلي وصديقي هذا بعد القاء التحية سألني عن أحوال ابنائي فاخبرته بمرض بعضهم خاصة ابنتي التي تعاني التهابات لوزتين.. وعند تطرقنا الى طرق العلاج وغيرها وجدت نفسي استمع إلى هجوم صرت بموجبه مدافعاً عن الاطباء السودانيين (رغم انني اشهد على نفسي في هذا الباب بالهجوم الذي وجهته من قبل ضد وزارة الصحة عندما كتبت مقالاً في شهر مارس الماضي عن مستشفى) وغيرهم من المهن الأخرى التي يشغلها السودانيون… فصديقي الذي يبدو عليه أنه انفجر في اذني بما كان يكتمه وصف بعدم وجود الكادر الطبي المعالج والاهتمام والمهارة والمعاملة واشياء كثيرة مقارنة بالمملكة. ورأيي أن الاتهام لا يمكن القبول به كله، وحسب يقيني فالذي نفتقره في السودان هو بيئة العمل المهيأة للطبيب وكل فريق العمل معه لانجاز نفس المهام التي نراها مستحيلة، وصديقي يصر على رأيه وبدوري اصر على رأيي، فهناك مثلاً تجد اصغر المستشفيات يضاهي أكبر المستشفيات عندنا من حيث النظافة والآلات المتوفرة… لكن في أكبر المستشفيات السعودية وشهادتي على ما رايت وجدت عدداً من السودانيين… وقاطعت صديقي الذي امتد هجومه إلى اشياء اخرى عن السودان، فقلت ليس الطب وحده بل المهن العديدة، ثم سألته هل يزن نفسه أمهر من زميله الذي يعمل بالسودان في الوقت الراهن في نفس المهنة (بالدارجي كدا هل هو اشطر منه)؟.
ونقاشي مع زميلي هذا جعلني استعيد حواراً قصيراً مع احدهم قبل خمسة ايام من هذا النقاش عندما سأل أحدهم (الدولة حتديني شنو وانا بدفع الضرائب سنة في الاغتراب؟)… كان ردي هو ان دفع الضرائب يا عمي ليس شراء شيء من الدولة لتعطيك المقابل لأن المواطن السوداني العاطل في السودان ايضاً يدفع الضريبة وهو لا يحسه به مباشرة كما انت.
تساءلت مع الجالسين عن حالة شخصين موجودين خارج السودان من مواطني الجنسية السودانية يمكنني ايجاد العذر لأحدهما بحكم الظروف التي عاشوها وما يزالوا فيها وهذا هو (اللاجئ السوداني) والآخر الذي لا ابرر هجومه على السودان كدولة مهما كانت ظروفه وهو (المغترب).
ما جعلني افرق بين اللاجئ ـ وليس كل اللاجئين إنما اقصد هؤلاء الذين شردوا من منازلهم هروباً من قتل ودمار فوصلوا دولاً هم فيها الآن بلا هويات سودانية غير المنظمات وغيرها ـ والمغترب الذي لو لا وجود الجواز السوداني الذي يحمله لما سمحت الدولة التي هو فيها الآن….
يتبع…
لويل كودو – السوداني
14 فبراير 2010م