تحقيقات وتقارير

دعت إليها المعارضة .. مسيرات المناصرة.. خطر الفوضي والتوقيت

لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع ان يرى المسيرات والمظاهرات السلمية التي يشهدها العالم العربي مؤخراً، وان تحدث ما يشبه الزلزال، وبهذا الدوى الذي ادى لسقوط أنظمة الحكم واحداً تلو الآخر في وقت كانت الأخبار تتحدث فيه عن التمديد والتوريث، يؤكد المحللون صعوبة التغيير، فيما اسفرت الاحتجاجات الشعبية عن تغيير الانظمة في تونس وتلتها مصر ونظام ليبيا الآن قاب قوسين أو أدنى من اللحاق بهما واليمن تمضي بدورها في ذات الطريق وعلى خلفية زخم الاحداث هذا اطلقت دعوات منظمات مدنية وبعض الاحزاب السياسية للخروج في مسيرة سلمية للتعبير عن رفض ما تعرضت له تلك الشعوب من حكامها الذين حاولوا التمترس في كراسيهم لمدة أطول جعلت المتظاهرين يستنفذون كل طاقاتهم ومجهوداتهم وقادت لسقوط العديد من الضحايا، وتعليقاً على امكانية استجابة السلطات بالتصديق لمثل تلك المسيرة المناصرة للاحتجاجات في المنطقة العربية يرى البعض ان مثل هذا المسعى الذي يهدف لتسيير مسيرات سلمية يعد بعيد المنال في هذا التوقيت رغم كونه حقاً ديمقراطياً مشروعاً بنص الدستور الحالي، إلا أن السماح والتصديق لمسيرات مؤيدة في هذا التوقيت من الصعوبة بمكان، ويرجع البعض ذلك إلى أنه من الوارد اختراق مثل تلك المسيرات من بعض الذين لديهم اغراض واجندة سياسية يخططون لتنفيذها عبر هذه المسيرات، ومن ثم من الممكن، ان تنقلب تلك المسيرات ويتم اختطافها لخدمة أجندة هذا الطرف أو ذاك، بحيث تبتعد عن شعاراتها الاصلية التي تؤيد المحتجين والمتظاهرين في المنطقة العربية وفي ذات المنحى يذهب الخبير الأمني «الرشيد إبراهيم» في إتجاه ان السماح بخروج مسيرات مؤيدة أو معارضة في هذا التوقيت ربما يأتى بنتائج عكسية يمكن ان تتحول إلى سباحة ضد التيار الاصلي للمظاهرات ويضيف: أرى أنه من المستبعد ان تسمح الأجهزة الأمنية بتنظيم تلك المسيرة خاصة وان البلاد ليست في حاجة لما يسمى بالفوضى الخلاقة التي تتبناها النظم العربية في الشرق الأوسط منذ أمد بعيد ويقول البعض ان سماح الحكومة بتنظيم مسيرات حتى ولو كانت تلك المسيرات لمناصريها يعد في هذا التوقيت أمراً مستبعداً، رغم أنها سمحت بمسيرات مماثلة في توقيت سابق غير هذا التوقيت الذي تغلى فيه المنطقة العربية بالثورات، وفي السابق سمحت الحكومة بخروج العديد من المسيرات بل باركت بعضها علناً أو سراً مثل المسيرات الطلابية الشعبية التي خرجت ابان الغزو الأمريكي للعراق وكذلك ليس بعيداً عن الاذهان أيضاً السماح بخروج المسيرات المؤيدة للرئيس البشير والشاجبة لقرارات الجنائية التي رفضها كثيرون، ورغم خطر اختطاف أى مسيرة في هذا التوقيت بمعنى امجد الرفاعي المحامي في إتجاه ان السماح والتصديق للمسيرات السلمية حق يكفله الدستور والقانون لكل مواطن سوداني يريد التعبير سلمياً عن آرائه ومطالبه، لكنه اضاف استبعد ان تسمح الاجهزة الشرطية والأمنية بخروج مثل هذه المسيرات، خشية ان تستغل لتوجيهها لغرض غير الذي تم بموجبه تصديق خروجها ومهما يكن من آمر فإن عملية السماح بخروج مسيرات مؤيدة أو معارضة أو شاجبة أو مؤازرة كانت عملية صعبة وغير يسيرة في السابق كما يؤكد البعض، أما الآن وفي ظل ما يشهده العالم العربي من حركات تغيير تجتاحه كعاصفة هوجاء وتصاعد انفعالات الكثيرين بسبب ما يشاهدونه يومياً على شاشات التلفزيون، فمن المرجح ان تسعى السلطات لتجنب كل الأمور التي يمكن ان تقود في نهاية المطاف إلى عدم الاستقرار، ففي مثل هذه الأجواء المشحونة، يخشى البعض ان لا تعود أي مسيرة أدراجها وان يمسك بزمامها من كان ينتظر مثل هذه اللحظة كي يسخرها لخدمة أجندته بمهارة فائقة، ومع ان المسيرات السلمية تعد نشاطاً كفله الدستور والقانون إلا أن البعض ربما لا يرغب في خروجها الآن خوفاً من دخول فايروس الفوضى لجسد سوداني لا يحتمل المزيد من الامراض خاصة أن لديه منها ما يكفي.

صحيفة الرأي العام

تعليق واحد