عالمية

هتافات «الله ومعمر وليبيا وبس» توكد ان القذافي هو الحاكم الوحيد كما يقول معارضون ليبيون


[JUSTIFY]«الله ومعمر وليبيا وبس»، هكذا اعتاد مؤيدو الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الهتاف في مظاهراتهم بالعاصمة الليبية طرابلس، تأييدا للرجل الذي يقود البلاد منذ 42 عاما على التوالي، على نحو يؤكد أن الولاء للقذافي هو أهم ربما من الولاء لليبيا الوطن والشعب.
هذا الهتاف لا يأتي إذن من فراغ كما يقول معارضو القذافي والثائرون عليه، إنه بمثابة تكريس لشخصنة الدولة وتجسيدها في شخص القذافي وحده، ووحده فقط. وعلى الرغم من أن العقيد القذافي بنى نظامه السياسي الخاص في الحكم عبر الترويج لمقولة أن النظام الجماهيري الذي دشنه في ليبيا اعتبارا من عام 1977، تستند شرعيته إلى سلطة الجماهير وتولي الشعب حكم نفسه بنفسه، فإن اندلاع الاحتجاجات الشعبية في مختلف أنحاء ليبيا اعتبارا من السابع عشر من الشهر الماضي للإطاحة به، برهن على أن في ليبيا رجلا واحدا هو القذافي نفسه، في حين اختفت تقريبا كل أجهزة الدولة الليبية ومؤسساتها في تلك الأزمة، وبقى فقط القذافي وأنجاله هم من يتسيدون ويتصدرون المشهد السياسي الذي انسحب منه كبار المسؤولين في ظروف غامضة.

وقال دبلوماسي غربي في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، إن «هذه الأزمة كشفت بطريقة أو بأخرى أن من يملك القرار في ليبيا هو رجل واحد، هو القذافي وليس أحد غيره». وأضاف «ليس هناك شخص آخر يمكنك أن تشير إليه على أنه بإمكانه تولي زمام الأمور، القذافي هو القائد والرئيس ورئيس الحكومة وكل شيء، كل المسؤولين الحكوميين الآخرين مجرد دمى وبلا فاعلية تقريبا».

ولم يعقد البرلمان، الذي يترأسه أبو القاسم الزاوي، أي اجتماع له منذ اندلاع الثورة الشعبية التي تطالب القذافي بالتخلي عن السلطة، كما لم تعقد الحكومة التي يقودها الدكتور البغدادي المحمودي أي اجتماع لها على الإطلاق. كما اختفى وزير الدفاع الليبي اللواء أبو بكر يونس جابر عن الأنظار وبات قيد الإقامة الجبرية بمنزله في أحد أحياء طرابلس، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام القذافي في السابع عشر من الشهر الماضي.

وحده القذافي ظهر كثيرا ليخاطب الجماهير التي يقول إنها تحبه وتؤيده، في مواجهة من وصفهم بالإرهابيين والمغفلين والحمقى ومن يتعاطون حبوب الهلوسة والمخدرات، بينما اختفى رئيسا البرلمان والحكومة تماما. في المقابل، بات أولاد القذافي يلعبون دورا أساسيا في المشهد السياسي والعسكري، وهو ما بات واضحا بالنسبة لسيف الإسلام النجل الثاني، الذي تبنى مقولات نظام أبيه تجاه معارضيه وأصبح عمليا يمارس مهام منصب الرجل الثاني في الدولة حتى من دون قرار رسمي.

وعكست هتافات الثوار في المراحل السلمية الأولى لثورتهم على نظام القذافي، هذا الملمح عبر ترديد شعارات «قولوا لمعمر وأولاده، ليبيا فيها رجالة». وكان هؤلاء يشيرون بشكل واضح إلى أن القذافي يتقاسم السلطة مع أولاده وأفراد أسرته المقربين.

ودفع القذافي بابنه الساعدي، وهو لاعب كرة قدم محدود القدرات أخفق في ممارسة الاحتراف في أندية أوروبا قبل أن يتم تعيينه برتبة عقيد في الجيش الليبي، إلى مدينة بنغازي في المنطقة الشرقية مع اندلاع الاحتجاجات، لكنه أخفق أيضا في مهمته ليعود إلى مقر القذافي في باب العزيزية بطرابلس. الأمر نفسه ينسحب على المعتصم الذي يتولى منصب مستشار الأمن القومي، حيث لم يظهر مرة واحدة منذ هذه الأحداث ولم يدل بأي تصريحات أو يجري مقابلات مع ممثلي الصحافة والإعلام.

كما اختفى تماما هانيبال نجل القذافي الذي تسببت شطحاته مع مخدومين له في أزمة عارمة مع سويسرا منذ صيف عام 2008، بينما ظهرت عائشة الابنة الوحيدة القذافي على استحياء بجوار مقر القذافي لتنفي ما تردد عن مغادرتها البلاد إلى الخارج. لكن عائشة التي لم تستكمل دراستها القانونية وتحمل مع ذلك لقب «الدكتورة»، قد اكتفت هذه المرة بنفي محاولتها الهرب من دون أن تتحدث عن طبيعة الأزمة التي يعانيها نظام القذافي.

على أن ثنائية الصراع ما بين الحرسين القديم والإصلاحي قد اختفت تماما، ليكتشف الجميع أنها كانت مجرد مناورة سياسية ظل النظام الليبي يرددها على مدى عقود لإلهاء الناس عن حقيقة ما يجري داخل خيمة العقيد العتيد.

وباستثناء ظهور رئيس الوزراء الليبي الدكتور البغدادي المحمودي رفقة أبو زيد عمر دوردة رئيس جهاز المخابرات الليبية، وهما يتفقدان من تقول السلطات الليبية إنهم ضحايا الغارات الجوية الأخيرة في أحد مستشفيات العاصمة طرابلس، فإن البغدادي تراجع دوره بشكل كبير بعدما أخفق في البدايات الأولى للثورة الشعبية في إقناع ثوار المنطقة الشرقية بالتراجع عن مساعيهم للإطاحة بنظام حكم القذافي.

لكن الظهور النادر للبغدادي بدا في الأساس أنه بمثابة رد على المعلومات التي تقول إن القذافي يعتقل كل أعضاء الحكومة الليبية بمقره المحصن في ثكنة باب العزيزية في طرابلس، أكثر منه إعطاء انطباع للعالم بأنه يواصل مهام عمله كرئيس للحكومة الليبية.

النفي الخجول وغير الرسمي لقصة اعتقال القذافي لوزرائه، لم يمنع ناطقا باسم الحكومة الليبية أن يقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأمر لا يستحق أساسا التعليق، على اعتبار أنها شائعات مغرضة من تأليف المناوئين للنظام والمعارضين له في الخارج».

الشرق الاوسط[/JUSTIFY]