حوارات ولقاءات

وزير الدولة بالتعاون الدولى د. برنابا مريال بنجامين لـ(الايام): نسعى للحصول على اعفاءات من الديون وسلوفاكيا هى الاولى

[ALIGN=JUSTIFY]يسعى السودان حثيثاً في هذا الوقت نحو تحقيق التنمية التى عطلتها الحرب منذ تاريخ ـ اعلان استقلاله ـ هذه الخطوات نحو التنمية تعترضها ظروف غياب التمويل الذاتى التى تواجه عادة الدول الخارجة من الحرب وذات الاقتصاديات المحدودة ، فالحرب التى استمرت لاكثر من عشرين عاماً خلفت تركة ضخمة من الدمار الذى لن تستطيع الامكانيات المحدودة وحدها اصلاحها او حتى اعادتها لما كانت عليه ـ ومع ارتفاع مديونية السودان الخارجية التى بلغت 2.5 بليون دولار وتمديد العقوبات الاقتصادية الامريكية، تجد حكومة الوحدة الوطنية المشكلة حديثاً نفسها امام مسئوليات كبيرة تستدعى حركة نشطة في كل الاتجاهات ـ لحث المانحين بالاسراع في تسديد التزاماتهم المالية اولاً واقناع الدول الدائنة باعفاء السودان من التسديد ثانياً واقناع الولايات المتحدة بضرورة رفع العقوبات التى تفرضها على السودان ثالثاً والعمل على اخماد بؤر الصراع المشتعلة الان في دارفور وشرق السودان رابعاً.
(الايام) اخذت كل هذه القضايا وجالست الدكتور برنابا مريال بنجامين وزير الدولة بوزارة التعاون الدولى فخرجت منه بهذه الافادات.
حوار : لام جون كوى
* كانت هذه الوزارة تسمى وزارة الاستثمار والتعاون الدولى، وكانت مهامها معروفة ساعتذاك ـ ماذا بقى لكم من مهام بعد فصل الاستثمار عن وزارتكم ؟
طبعاً وزارة التعاون الدولى هى وزارة مهمة جداً بالنسبة لاي حكومة في العالم ـ مثلا في جميع الدول في افريقيا او اوروبا تمثل وزارة التعاون الدولى العمود الفقرى لمشاريع التنمية وتعتمد عليها الدولة من ناحية المنح واستلام المساعدات التى تأتى من الدول الصديقة مثل الاتحاد الاوروبى او الدول الآسيوية او دول متبرعة مثل ايطاليا او النرويج او بريطانيا او هولندا. هذه المساعدات تصل بواسطة وزارة التعاون الدولى ـ تقوم الوزارة ايضا بدور كبير على صعيد العلاقات الشعبية وهذه العلاقات تؤثر بدورها وتسهم في تقوية وتمتين العلاقات الدبلوماسية الرسمية. مثلاً ديون السودان الان بلغت (2.5) بليون دولار وهذا رقم كبير جداً بالنسبة لنا ويعنى اننا مهما فعلنا في مجال التنمية وهذا الدين موجود لن نستطيع ان نوفق بالسرعة التى يجب ان ننجز بها المشاريع المقترحة للتنمية ـ هنا يمكن لوزارة التعاون ان تسهم في اقناع الدول الدائنة ان تعفى هذه الديون لان هذه الديون تعيق التنمية ويمكن ان نساهم في طلب الاعفاء كما حدث لحكومتى اثيوبيا ويوغندا. اذن هذه الوزارة مهمة جداً وننسق مع وزارات الخارجية والشئون الانسانية والمالية ووزارة الاستثمار. فقوة هذه الوزارة في كونها نقطة مهمة جداً في التنسيق بين هذه الوزارات المختلفة، ننسق مع وزارة المالية مثلاً فيما يخص صندوق النقد الدولى والبنك الدولى خصوصاً بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتحقيق السلام في السودان، فالسلام لا يعنى وقف اطلاق النار، السلام الحقيقى يعنى التنمية خاصة في الجنوب والمناطق المتأثرة بالحرب. يريد الناس ان يروا الطرق المعبدة والمدارس والمستشفيات. السلام لن يكتمل بوقف الحرب فقط، بل يجب ان تترافق معه التنمية. والتنمية تعتمد على المنح الخارجية وقد شاركنا في اجتماع المانحين في اوسلو وحصلنا على التزامات بالدعم ـ مهمة هذه الوزارة متابعة هذه الالتزامات والتأكد من موعد وصولها ـ هذه باختصار مهمة هذه الوزارة ـ هى وزارة مهمة جداً في صناعة السياسات العامة لاي حكومة، وهى مهمة خصوصاً بالنسبة لهذه الحكومة، حكومة الوحدة الوطنية لان الحركة هى الشريك الثانى للمؤتمر الوطنى ونريد ان تنجح حكومة الوحدة الوطنية في تنفيذ السلام لان ذلك يساعد في حل مشاكل مشابهة في اماكن اخرى مثل دارفور والشرق فاذا نجحنا في تنفيذ بنود السلام ولوزارة التعاون الدولى دور كبير فيه وحققنا قدراً من التنمية في جنوب السودان سيكون للسلام معنى وعندما يكون له معنى سيشجع ذلك على حل مشاكل دارفور وشرق البلاد.
* هل وضعتم تصوراً واضحاً وتقديراً عملياً لما يحتاجه الجنوب الان من خدمات اساسية، صحة وتعليم وغيرها وكم قدرت كلفة هذه الاحتياجات في الموازنة العامة للدولة ؟
الموازنة العامة للدولة وضعت وتناقش في البرلمان وهذه القضايا لا يمكن ان نحدد قيمها الان لانها تعتمد على الميزانية التى تعدها الحكومة وتعتمد على مدى التزام المانحين بتعهداتهم التى وعدوا بها في اوسلو. باعتبار انه عندما يصل دعم اوسلو الذى يقدر بـ(45) بليون دولار ويضاف الى الميزانية الموضوعة الان لتمويل مشاريع التنمية حينها يمكن الحديث بدقة عن مشاريع التنمية المنفذة فاذا سألتنا السؤال ذاته بعد عام من الان ستجد اجابة شافية.
* ربطتم التنمية بالتزام المانحين بتعهداتهم المالية ويدور حديث يشكك دائماً في التزامهم بالدفع واستجابتهم ؟
هذا كلام غير صحيح ـ المانحون التزموا بالدفع امام المجتمع الدولى وامام الجميع وهم يعلمون ان مشروع التنمية في الجنوب وكل مناطق الحرب يعتمد على دعمهم ومساندتهم لكن هناك نقطة ينبغى ان تكون واضحة لن يأت المانحون بمساهماتهم مالم نتابعهم، علينا ان نعد البرامج والمشاريع ونقدمها لهم كتذكير بين الوقت والآخر، لا يمكن ان نجلس هنا وننتظر ان يأتى الينا المانحون بالمساعدات علينا ان نتابع ـ هذه هى مهمة الحكومة في المركز وفي الجنوب وعلينا ان نتحرك ـ واعتقد ان الفرصة امامنا متاحة لمثل هذا التحرك. لقد تسلمنا حتى الان (1.5) بليون من تلك التعهدات. هذا مبلغ كبير ـ لذلك اذا بذلنا مجهود اكبر في الضغط على هذه الدول وافهامهم ان عملية السلام بحاجة لمساعدتهم انا متأكد انهم سيدفعون ـ ليس هذا فحسب نطالب هذه الدول الان باعفاء ديوننا الخارجية ونحن نتحرك في هذا الاتجاه وقد حققنا بعض النجاح مثلاً سلوفاكيا اعفتنا من (39) مليون دولار. وديننا مع الاتحاد الاوروبى (40) مليون دولار، اذا اعفونا منه نكون ايضا قد حققنا نجاحاً كبيراً ايضا في مجال التنمية ـ هذه الدول تفى بتعهداتها لكن علينا ان نشجعهم على ذلك فهم اولاً يريدون التأكد من ان السلام يسير وفق المرسوم في (CPA). اذا لم ننفذ السلام كما وقعناه لن تدفع هذه الدول واذا لم نسع بجد لحل مشكلة دارفور سنواجه صعوبات كبيرة ايضا.
* بخصوص اعفاء ديون السودان الخارجية ـ هل خضتم مباحثات في هذا الشأن وماذا كانت النتائج ؟
انا كنت في بروكسل مترأسا وفد الحكومة قبل ثلاثة اسابيع وتحدثت في البرلمان الاوروبى وقابلنا مسؤولة الحكومة البلجيكية وقابلنا ايضا ممثلى الاتحاد الاوروبى وكانت مناقشتنا معهم عن مسيرة السلام في السودان وديون السودان ـ تحدثنا بتركيز في موضوع اعفاء الديون وافهمناهم انه نقطة مهمة جداً في استقرار وتطور السودان ككل لا الجنوب وحده لانها ستساعد في حل مشاكل دارفور وشرق السودان، قدمنا لهم خطتنا كوزارة التعاون الدولى ورؤيتنا الخاصة بتلك المناطق وقدم وزير الخارجية الدكتور لام اكول ايضا رؤية السودان ووزارة الخارجية لذلك وهو يقوم بزيارة مهمة الان لعدة دول بخصوص الديون ـ هناك جهود مبذولة من قبل حكومة الوحدة الوطنية وفي نقاشنا مع الاتحاد الاوروبى كانوا يقولون انه من المفترض ان يكون الاعفاء اعفاءاً شاملاً لكل ديون السودان الـ(40) مليون التى لهم علينا هى نقطة صغيرة بالنسبة للمجموع الكلى لديون السودان واعفائها وحدها لن يحقق المطلوب لذلك كانوا يقولون لابد ان يكون هناك مجهود اكبر بمشاركة عدد اكبر من الدول لاعفاء ديوننا.
* صرح النائب الاول لرئيس الجمهورية بعد زيارته الاخيرة لواشنطن ان الادارة الامريكية التزمت بزيادة دعمها للسودان عبر المعونة الامريكية ـ هل بدأت هذه العملية فعلا ؟
في مؤتمر اوسلو للمانحين وعدت بتوفير بليونى دولار لصندوق اوسلو ـ هذا مبلغ كبير، وامريكا تشارك ايضا بوصفها احدى شركاء الايقاد ومنبره الذى نوقشت فيه مشكلة السلام في السودان ودور منبر شركاء الايقاد اكبر في انجاح السلام في السودان ـ النائب الاول في زيارته شرح لهم ان النجاح ليس في اسكات البندقية فقط ـ بل النجاح الحقيقى هو تحقيق التنمية على الارض وهذه التنمية تحتاج لمساعدات الدول المانحة واولها الولايات المتحدة الامريكية والزيارة كانت ناجحة جداً كما وصفها النائب الاول بنفسه.
* الحركة الشعبية تشارك الان بوفد في محادثات ابوجا بين الحكومة وحملة السلاح في دارفور ـ هل تشاركون برؤية خاصة ام انكم ذهبتهم ضمن الوفد والرؤية القديمة للمؤتمر الوطنى والحكومة ؟
طبعاً وضع الحركة الشعبية لتحرير السودان ورؤيته لمشكلة دارفور يتأسس على ايمانها الكامل بان مشكلة دارفور مشكلة عادلة ويجب ان تحل سلمياً لا بالحسم العسكرى بل بالحل السياسى ـ هذا اولاً ـ رؤيتنا منذ البداية وحتى الان مبنية على هذا نحن نعتقد ان مشكلة دارفور يمكن ان تحل بصورة سلمية لان طبيعتها لا تختلف كثيراً عن مشكلة جنوب السودان وجبال النوبة ومنطقة الانقسنا ـ وطالما وصلنا للحل في هذه المناطق فان الوصول للحل في دارفور ممكن ـ ويمكن ان يشكل الحل الذى وضعناه لمشاكل هذه المناطق الثلاث اساساً للانطلاق في حل مشكلة دارفور ـ ولاننا اصبحنا شركاء في الحكومة وفي صنع القرار السياسى والتفكير في حل مشاكل البلاد المختلفة شاركنا في مباحثات الجولة السابعة التى بدأت الان ونريد ان يساهم اشتراكنا في دفع المفاوضات الى الامام لاننا نريد ان يكتمل السلام في السودان وان تنتظم مسيرته كل البلاد ـ وكعضو في الحكومة لابد ان نكون في وفد الحكومة ولكن يجب ان يفهم الزملاء في المؤتمر الوطنى وفي بقية الاحزاب ان وضعيتنا داخل الوفد الحكومى ستختلف بعض الشئ كيف !! نحن حزب ثورى ولنا علاقات مع ثوار وعلاقات مع الاتحاد الافريقى والدول الراعية للمفاوضات في دارفور ـ سيكون لنا معهم محادثات ثنائية متصلة بمسئولياتنا في حكومة الوحدة الوطنية وفي وفدها المفاوض ـ لابد ان نتناقش معهم كحركة ولابد ان نتناقش مع اوبوسانجو ـ الرئيس النيجيرى ـ ولابد ان نناقش كحزب مع اريتريا وان نطرح رؤانا عن مشكلة دارفور لليبيا مثلاً او الولايات المتحدة الامريكية او الاتحاد الاوروبى ـ نريد ان نناقش معهم ثنائياً لان ذلك يساهم في الحل فحضورنا في هذه الجولة، بهذه الصورة مهم جدا، ولابد ان يتفهم المؤتمر الوطنى وبقية الاحزاب ان هذه الوضعية ستساعد في حل المشكلة .. هذه هى الصورة التى شاركنا بها في ابوجا، نعم نحن جزء من وفد الحكومة ولكن ستكون لنا مناقشات ثنائية مع كل الذين سيكون لهم دور في حل مشكلة دارفور ـ وهى نفس الطريقة التى سنتبعها مع مشكلة شرق السودان ـ وهو ليس دور نبدأه الان فقد كانت لنا علاقات مع الزملاء في الشرق والزملاء في دارفور من وقت طويل وسنواصل هذه العلاقات ونوظفها في سبيل الوصول لسلام عادل وشامل وضامن لجميع حقوقهم.
* هل يمكن تفسير الحركة الدؤوبة لقيادات الحركة الشعبية داخل الحكومة وخارجها لكل من اثيوبيا واريتريا والتى اخرها اجتماعات اللجنة الوزارة المشتركة بين اريتريا والسودان على ضوء ما قلته بشأن مشاركتكم في مفاوضات ابوجا ؟
نعم رؤيتنا كحركة شعبية داخل الحكومة واضحة ـ نحن نقول لابد ان تكون لنا علاقات طيبة مع الدول المجاورة ـ ليس هناك سبب لوجود اي اضطراب في علاقاتنا بها الان ـ ونحاول ان نوظف علاقاتنا القديمة مع تلك الدول لتحقيق السلام المطلوب بينها وبين حكومة السودان ـ لذلك زار رئيس الحركة الشعبية الكوماندر سلفاكير ميارديت اريتريا واثيوبيا لاننا نرى ان ذلك يفيد في ازالة الكثير من سوء الفهم الذى كان موجوداً وسيقوم بجولات مماثلة لكينيا ويوغندا ـ هذه الزيارات نقصد بها بعث رسائل تقول للناس ان السلام قد تحقق في السودان ولابد ان ينعكس ذلك على علاقاتنا مع جيراننا الذين اضطربت علاقاتنا بهم زمن الحرب ـ هذا اذا تحقق يشجع المجتمع الدولى للوقوف معنا.
* اثار تمديد الولايات المتحدة عقوباتها على السودان ضجة كبيرة بين من يرونه ضرورة للضغط على طرفى الاتفاقية ومن يرون ان تمديده يؤثر على انفاذ الاتفاق ـ الا ترون ان تمديد العقوبات على السودان يؤثر فعلا على عملية السلام ؟
طبعاً سيؤثر .. العقوبات ستؤثر كثيراً على عملية السلام، اولاً تمديد العقوبات ينقص من مجهود حكومة الوحدة الوطنية ومسئولياتها نحو السلام والتنمية.
* هل ناقشتم هذا الامر مع الادارة الامريكية بوصفكم الشريك الاساسى في السلام والحكم ؟
نعم الزيارات التى يقوم النائب الاول بوصفه نائباً اول في حكومة الوحدة الوطنية ورئيساً لحكومة جنوب السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان تساعد في ايصال رأينا حول العقوبات الامريكية على السودان ـ ونناقش دائماً تأثيرها على مسيرة السلام في كل المفاوضات والزيارات التى نقوم بها كحزب شريك في حكومة الوحدة الوطنية وحاكم في جنوب السودان واوضحنا لهم ان العقوبات تؤثر على مسيرة السلام وعلى مسيرة التنمية في جنوب السودان والمناطق المتأثرة بالحرب ..

صحيفة الايام[/ALIGN]