تحقيقات وتقارير

البلطجة تدق أجراس الخطر.. مدارس مصر “شوارع من نار”

حوادث شاذة وغريبة بتنا نسمع عنها كل فترة في شوارع مصر، الخطير في الأمر انتقال هذه الأحداث المؤسفة إلى المدارس التي من المفترض أنها محراب العلم، حيث وقعت عدة جرائم بلطجة تنذر بارتفاع مؤشر الخطر وتدق أجراس الإنذار قبل أن تتحول دور التربية هذه إلى معامل لتفريخ الإجرام.

حيث شهدت مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية المصرية مشاجرة عادية بين طالبتين بمدرسة الصنايع الزخرفية للبنات وعلي طريقة أفلام الأكشن واستعراض العضلات اتصلت كل طالبة بأصدقائها البلطجية لتأديب الأخري والتابعات لها من الطالبات، وخلال دقائق اقتحم 7 بلطجية المدرسة بالسيوف والسكاكين ظهراً مما أصاب طالبات المدرسة والمدرسين والمدرسات بالهلع وتعالت أصوات الصراخ والاستغاثات ، وفى القاهرة قتل طالب بالمدرسة الفندقية بمدينة نصر زميله داخل المدرسة، حيث انهال عليه بسكين كانت بحوزته عقب نشوب مشاجرة بينهما ، فيما أمرت النيابة العامة بحبس فراش مدرسة بمنطقة الأميرية فى القاهرة 4 أيام على ذمة التحقيق لاتهامه بهتك عرض تلميذ داخل المدرسة التى يعمل بها ، وتسبب طالب بمدرسة ثانوية زراعية بمحافظة القليوبية المصرية في حدوث حالة من الذعر والرعب والفوضى داخل المدرسة بين الطلاب والمدرسين بعد ان فوجئ الطلاب بان الطالب يشهر سلاح ناري عبارة عن فرد خرطوش في وجه زميله بحجة الهزار تم إلقاء القبض على الطالب وأحيل الى النيابة للتحقيق .

ولم تخل الوقائع ايضا من ممارسات شائنة بين المدرسين والمدرسات من بعض الفئات التى لاتراعى خلقا او قدسية المكان التعليمى حيث قررت النيابة الإدارية بمحافظة الجيزة إحالة مدرس ومدرسة إلى المحكمة التأديبية لاتهامهما بممارسة الفحشاء بالمدرسة محل عملهما وبمنزل المدرس .

كل هذه الوقائع ربما حدثت فى اقل من ثلاثة اشهر وبالتحديد الاشهر الاخيرة فهل اصبحت المدرسة التى هى محراب العلم وواحة التربية والقيم الاخلاقية مرتعا لبراعم خارجين على القانون وفساد اخلاقى ؟ .

يقول جمال عبداللطيف حسن مدير عام سابق بمدرسة التوفيقية الثانوية ومدير احدى المدراس الخاصة وخبير تربوي لـ “محيط” :” العنف يعد سمة من سمات العصر نتيجة لوجود أفلام الأكشن وانتشارها ، حيث يراها الطفل منذ الصغر فترسخ لديه وبداخله العنف ، كما يرجع العنف أيضا إلى أن الام أصبحت عاملة وغير متواجدة في البيت فقلت عاطفة الأمومة والحنان وضم الأم ابنها إلى حضنها وصدرها أصبح قليل وأصبح الطفل منذ صغره 6 أو 4 أشهر يربي عبر الحضانات أو الهاوس بيبي حيث ترعي كل مربية حوالي عشرة أطفال أو 12 في الأماكن المتقدمة وغيرها قد يصل العدد إلى 25 أو 30 طفل لكل مربية ، فهنا الطفل يشعر بالجفاء منذ صغره نتيجة لعدم وجود أمه بجواره تحتضنه وترعاه وترضعه ويشعر بحنانها لذلك فالعاطفة التي تمنح للطفل أصبحت قليلة مما سيؤثر في سلوكه عند الكبر ” .

ويشير إلى أن الولد او البنت منذ الولادة يستشعر كيف يحصل على رغباته فإذا كان البكاء يلبي طلبه فيبكي في كل مطلب وينظر إلى عين أمه وعدسة عينه راصدة وبذكاء فطري يعرف كيف يحصل على رغباته ويلبي مطالبه .

ويضيف:”السبب الثالث في انتشار العنف بين الطلاب يرجع إلى غياب الوازع الديني ، حيث اهتممنا خلال الأيام الماصية بالأيديوجيات الفكرية وتناسينا تعاليم رب العالمين وما أتى به سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأيضا فقدت دور العبادة دورها في التوجيه نتيجة الانتقادات اللاذاعة التي توجه لها عبر وسائل الإعلام بمبرر أو غير مبرر”.

وأكد جمال أن البذرة تبدأ منذ الصغر وان أعباء الحياة لدى الأب جعلته لا يستطع أن يعطي الرعاية اللازمة لأبنائه ولم يستطع الأطفال في سن الصغر أن يخرجوا ما بداخلهم فيختزلوه ويخرج على شكل سلوك عنيف في الحلقة الأخيرة من مرحلة الإعدادي ومراحل الثانوي عندما يجدوا القوة اللازمة للتعبير عن العنف المختزن بداخلهم .

الهروب بسبب افتقاد الحنان

وضرب مثلا على كلامه بأن هروب الأطفال من بيوت الأهل وظاهرة أطفال الشوارع يرجع إلى عدم وجود الحنان والرعاية اللازمة ، وعدم قدرة الطفل على التعبير عن ذلك هو الذي يدفعه للهرب ولكن في مرحلة الإداعدادي والثانوي ينعكس العنف المختزل منذ الصغر في سلوك الطالب أو الطالبة وسط زملائهم .

وأشار إلى أهمية دور المدرسة كمؤسسة تربوية في محاولة نبذ العنف وإرشاد الطلاب إلى البعد عنه كسلوك غير محبب ، حيث إنه على المدرس التعامل مع الطالب منذ الصغر باحترام وتلبية رغباته وانفعالاته وتوجيهها في ضوء المناقشة الفكرية لحل مشكلة ومعضلة العاطفة بالتفكير الذهني والعقلي في خلق مجتمع يستطع أن يساند الجانب العقلي ويحكمه في انفعالاته ، هذا بالإضافة إلى خلق الحوار بين المعلم والتلميذ في جو من الهدوء والسكينة والعاطفة والحب التعويضي والاحترام مما يفتح المجال لخلق مجتمع متميز عقلاني .

العنف لدى الفتيات أقوى

وقال :”إن ظاهرة العنف أصبحت شرسة لدى الفتيات ؛ لأن الفتاة لديها جوانب عاطفية أقوى فمرورا بسنوات الحضانة وسنوات عمرها الأولى لم تشبع هذه العاطفة فبالتالي الميول العدوانية لديها أصبحت ظاهرة قوية بدليل أن نسبة الفتيات اللائي يهربن من بيوتهن أصبحت ظاهرة مخيفة ونسبة الطلاق أيضا أصبحت مخيفة وأصبحت الفتاة مجردة من العواطف لانها لم تشبعها منذ الصغر، وظهر عدد من الفتيات يشربن السجائر والشيشة والمخدرات وانتشر الزواج العرفي بالجامعات وبين السيدات فكل ذلك يثبت أن الفتاة أصبحت انثى شرسة لأنها بعدت عن الدين وسوء التربية فأصبحت تبحث اليوم كيف تسعد نفسها فقط ولا يهمها الحنان والعطف على من حولها سواء أولادها أو زوجها .

ومن جانبها أكدت إيمان فوزي إسماعيل صاحبة إحدى المدارس الخاصة أن العنف ينتشر أكثر بين الطلاب في مرحلة الإعدادي وخاصة بين الطلاب الاولاد أكثر من الطالبات ، حيث تنحصر مشكلات الطالبات في مشادات كلامية أو خلافات أو تلاسن ولكن بين الأولاد تحدث كل أشكال العنف من تلاسن ومشادات وضرب وعنف.

وقالت حنان ياسين المشرف العام على إحدى المدارس الخاصة ان قرار منع الضرب نهائيا بالمدارس رغم انه قد يكون صائب فى بعض الجوانب لكنه جعل الطلاب وبالأخص الشباب الاولاد يتجرأوون على المدرس ولا يحسبون له أى حساب وجعل المدرس يتخوف من التعامل معهم فى أى مشكلة .

ونحن كإدارة مدرسة عندما تحدث أى مشاجرة بين الطلاب نحاول قدر المستطاع تهدئة المتشاجرين ولكن لحين حضور اولياء الامور الا ان الاولاد يصمون اذانهم ويضربون بكلامنا عرض الحائط .

واضافت حنان :”من وجهة نظرى العنف قد يكون أقل حدة فى المدارس الخاصة عنه فى نظيرتها الحكومية حيث تساعد قلة عدد الطلاب فى المدارس الخاصة على التحكم فى المسألة نوعا ما وقد رأيت بعينى يوما فى احدى المدارس الحكومية ان المدرسين من كثرة عدد الطلاب يتعاملون معهم بالعصي كانهم قطيع من الماشية ” .

وختمت حنان بالقول :” ان السبب الاساسي وراء قوة غريزة العنف لدى الطلاب ترجع الى لجوء الاطلاب الى التعامل المكثف مع الانترنت وعدم اهتمام اولياء الامور بمراقبة احوال ابناؤهم فى اغلب الاحوال ومعرفة من هم اصدقائم ورفاقهم .

محيط