منى سلمان

الضرة بي عويناتا ولا وليداتا


[ALIGN=CENTER]الضرة بي عويناتا ولا وليداتا [/ALIGN] من ضمن فيضان أخبار العنف الذي صار سمة من سمات عصر العولمة، ورد إلينا خبر تعرض زوجة حديثة الزواج في دولة شقيقة للذبح من ابنتي زوجها .. ذُكر في متن الخبر أن والدة الفتاتين كانت قد غادرت بيت الزوجية غاضبة لـ (تحرد) في بيت أسرتها، بعد أن أحضر زوجها عروسه الجديدة لبيت الزوجية، فما كان من البنات إلا أن قامن بالتصدي للمعتدية وذبحها من الاضان للأضان قبل أن يغادرن البيت لجهة غير معلومة .. القاعدين ليها تاني شنو ؟!
غرابة الخبر تأتي من أننا لم نتعود على أن ترشح للاعلام من طرف الدولة المذكورة أخبار هذه النوعية من الجرائم ، وان دل ذلك على شيء فإنما يدل على أصابتهم بسهم من سهام لعنة العولمة، التي بزلت فضاءاتها للترويج لثقافة العنف وعدم التسامح مع (الآخر)، كما يبدو أننا وإياهم في هم (المحاكاة) .. شرق !
ذكّرني الخبر المؤسف بمثل (حبوباتي) كامل الدثم، يوصي المثل من ترغب في الزواج من احد الـ (الحلوين حلا)، أن تأخذ حذرها من أبناء زوجها وخاصة بناته، وأن تخاف شرّهم أكثر من خوفها من شر – أمهم – صاحبة الوجعة والـ (المضرورة) الأولى من فعلة زوجها ..
يقول المثل (الضرة بي عوينات ولا وليداتا)، ورغم قبح المعاني التي يحملها المثل وتصويره لاستخدام حق شرعي أقرّه الاسلام، وكأنه اقبال على معركة وصراع عمالقة، ولكنه أي المثل يلقي الضوء على تأثر الأبناء الشديد بما يحدث من مشاكل بين والديهم، ويؤكد على ان قرب الابناء من موقع الأحداث تجبرهم على التفاعل مع هذه المشاكل، ومن ثم الانحياز لاحد اطراف الخلاف والذي عادة ما يكون جانب الأم لطبيعة العلاقة الحميمة بين الأم وأبنائها، ولا يخلو الأمر من ممارستها لسياسة (التحريش)، وبالتالي يأتي تحذير المثل من احتمال قيام الابناء بردة فعل عدائية، سوى بالكيد للزوجة (الدخيلة) وادخالها في دوامة مشاكل مع ابيهم، أو كان رد الفعل بالعنف البدني الذي قد يؤدي للاذى الجسيم .. هسي المسكينة دي ذنبها شنو ؟ خاتي النمل وللا الوقع فيهو ؟
عموما، نلاحظ أن بعض الموروثات السالبة كهذا المثل، قد توقع تحت طائلة قوانين (حقوق الانسان وحماية الطفولة)، فهناك أمثال بالمقابل تحذر الرجال من الاقدام على الزواج من صاحبة العيال، كالمثل الذي يقول (أبعد من أم الدفّون ولو كان مدفون) وشرح المثل لغير الناطقين بلغة الحبوبات .. (الدفّون) هو الطفل الصغير و(مدفون) يقصد بها المتوفي، وقسوة النصيحة التي يوجهها المثل لمن يرغب في الزواج من (ثيّب)، تكمن في توجيهه للراغبين في الزواج من (العزبات) أن يتجنبوا الزواج ممن سبق لها الانجاب حتى ولو كان طفلها متوفيا !!
سألت (أمي) عليها الرحمة عندما وقعت فريسة لاستفزاز المثل القاسي حين حكت لي عنه من ضمن حكاويها:
ما الذي يضير الرجل إذا تزوج من أم طفل (مدفون) في التراب ؟
فأجابتني بأن ذكرى الطفل المتوفي تنقّص على أمه وتشغلها عن التفاعل مع زوجها الجديد ! كما أن انشغال الأم بابنها (الحي) ورعايته قد لا يترك في قلبها خانة لمحبة الزوج، بالاضافة لان الطفل الصبي يتحسس أكثر من البنات من زواج والدته، وكلما كبر في السن ازدادت حساسيته وغيرته من زوج أمه، كما قد يتعرض – في ذلك الزمن القديم – الطفل الذي تتزوج أمه للمعايرة من أقرانه، وذلك لأن المجتمع وقتها كان يفضل أن تتجرد الأم التي تفقد زوجها بالموت أو الطلاق من حب الدنيا، وتتفرغ لتربية صغارها بدلا عن أن تعرضهم لقهر زوج الأم .. حتى أنهم يقولون لمن تريد الزواج ولديها أبناء صبيان:
انتي دايرة تقصي ضهر أولادك ؟!!
حقيقة، هذا المثل وما شابهه يوحي بأن حبوباتنا كانن – غفر الله لهن ينحازن للرجل ويفضلن راحته وهناءته على أنفسهن، ويمارسن عبر أمثالهن جلد الذات بأقسى صوره.

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com


تعليق واحد

  1. الأخت منى حياك الله وأبقاك
    فقط أردت أن أصحح الكلمة الوارده فى المثل وهى الدرفون وليس الدقون ومع الرجوع لأغنية الأستاذ عبد القادر سالم تجدى المفرده أعلاه صحيحه (درفوناَ دهابه هاى بيذاكر فى كتابه)

  2. قصة مثل أم الدرفون.. أن جحا تزوج من إمراة لها ابن متوفى وكان جحا يتسول فى الاسواق وكلما جمع مبلغاً من المال كان يشترى به ذهباً وياخذ قطعة قماش ويضع فيها عملة الذهب ويخيطها على ثوبه حتى صار ثوبه مرقعاً
    وفى يوم من الايام جاء جحا إلى بيته في وقت القيلولة وخلع ثوبه و علقه على مسمار في الحائط وغط في نوم عميق وعندما استيقظ من نومه لم يجد جحا ثوبه فصاح في زوجته : أين ثوبي يا إمراة؟
    فقالت له: لقد جاء مسكين وطرق الباب فلم اجد شيئاً في البيت لأتصدق به عليه فأعطيته ثوبك المرقع صدقة لابني المتوفي……
    ومن يومها أطلق جحا هذا المثل ((( إياك وأم الدرفون ولو كان مدفون )))