حوارات ولقاءات
حوار مع أول مرشح مصري للرئاسة
<-لا يستوي أن يقوم عمرو موسى بالترشح للرئاسة المصرية وهو أحد اعضاء الجامعة العربية ويحمل حصانتها ويقوم بأعمال الجامعة، لذا فإن عملية ترشيحه عن طريق الحملات الانتخابية التى يقوم بها هذه الأيام غير قانونية لأنه لايزال يحصل على راتبه الشهري من الجامعة العربية حتى اللحظة وينفقه في حملته الانتخابية ولم يأخذ حتى إجازة لها، هذا غير أنه كيف يستطيع أن يوفق أوضاعه كامين عأم للجامعة ودخوله في الحياة السياسية المصرية قبل أن يغادر منصبه؟ وهذه رسالة لوزراء الخارجية العرب بعد أن أصبحت الجامعة العربية «كوسا» والتي يجب أن نحتفظ لها بشيء من الاحترام، فمن غير المعقول أن عمرو موسى ينقضّ على الشؤون السياسية لمصر قبل أن يترك منصبه بدون أي صفة حيث تُقدَّم له الحراسة من قِبل وزارة الداخلية وهو يتجول في المحافظات المصرية؟ وإذا كان ذلك بسبب أنه مرشح محتمل فيجب أن تقدم لكل المرشحين، أما إذا كان بسبب أنه أمين الجامعة العربية فهو بذلك يخالف قانون وظيفته الرسمية بالدعاية لنفسه وهي ليست من اختصاصات الأمين العام للجامعة، ولذلك أطالب بفصله من منصبه واسترداد الأموال التي حصل عليها منذ أن أعلن ترشيحه ولا يحق له ذلك، أما قوله إنه استقال فإن ذلك لا يمنع أنه الأمين العام للجامعة الفعلي أو ما يسمى أمين تسيير الأعمال ويتقاضى مرتبه وهو بذلك يعني أن العالم العربي من ورائه يؤيد هذا الترشيح وهو أمرٌ غير مقبول وهذا تدخُّل من الجامعة العربية في شؤون مصر باعتبارها عضواً فيها لذلك فإن الجشع أعمى عمرو موسى من أن يرى الفرق بين وضعين قانونيين مختلفين ومتنافرين، حتى إنه استُدعي إلى باريس لاجتماع ليبيا مع دول الناتو بصفته الأمين العام ويحصل على مستحقاته بهذه الصفة لذا أنا بصدد تقديم بلاغ للنائب العام المصري بهذا الصدد. >البعض يرى أن موسى ساعد في تأجيج أزمة دارفور؟
< نعم هذا صحيح رغم ضعف الأدلة، لكن عدم وضوحه في كافة المواقف، وآخرها زيارة حسني مبارك والعقيد القذافي إلى الخرطوم الأخيرة التي أوضحت الموقف السلبي الذي يقوم به عمرو موسى خاصة إذا ربطناه بدور مبارك السلبي في السودان عموماً ودور القذافي في دعم متمردي السودان، ولا يجب أن ننسى أن مبارك إبان تولي موسى لحقيبة الخارجية كلفه بلعب أدوار مشبوهة أبسط ما توصف به أنها أزالت عشم السودانيين بنا كمصريين وكانت صعبة، هذا غير أن موسى لم يقم بالدور المطلوب منه وفق المصلحة العربية وهو في كثير من الملفات بدا وكأنه متواطئ مع الطرف الآخر خصوصاً في الأزمة الليبية الأخيرة فقد سافر إلى باريس والتقى بالثوار الليبيين واطلع على عمليات «الأوديسا» وهو يعلم أنها مقدِّمة لغزو ليبيا الذي سيؤدي إلى تهديد أمن السودان ومصر في المرحلة القادمة لأن الغرض من غزو ليبيا تقسيمها سياسياً، لذا فإنني أعتقد أن هناك تواطؤًا بين الناتو والقذافي والجامعة العربية والتي هي ضد ليبيا والثوار، في مرحلة من المراحل خاصة إذا ربطناه بما حدث بين السعودية والقذافي والذي كان أحد عوامل موقف الجامعة العربية فإن السعودية نفسها فطنت لذلك وعلمت بأن الأمر أكبر من القذافي وتعريض المواطن الليبي للخطر لهذا بدأت قطر تدخل على الخط لتخفف من غزو الناتو ومنعه. > ماذا عن قضية دارفور ودور القذافي؟
< قضية دارفور تجمع نقيضين، الدور الذي لعبه القذافي ومبارك ومعهم عمرو موسى والدور الذي تلعبه قطر التي تريد تسوية سياسية لتحفظ للسودان وتحاول أن تجلب كل الحركات في دارفور للحوار مع الحكومة السودانية والوصول لاتفاق سلمي يضمن لأبناء دارفور حياة سلمية خاصة وأن المتمردين كانوا أدوات لإسرائيل وفرنسا لتحقيق أهداف أمريكا، ولهذ أعتقد أنه بذهاب مبارك والقذافي يكون قد انزاح عن السودان عبء كبير وأيضًا بخروج عمرو موسى من الجامعة العربية سيستقل السودان. > هل تعتقد أن موسى بحدوث الثورة تكون قد وصلته رسالة الشعب المصري؟
< كما هو معروف أن عمرو موسى وزير خارجية لمبارك منذ 1991م حتى 2001م، والجامعة العربية تمثل الجزء الأكبر للسياسات العربية، وقد فشل في جميع الملفات التي أوكلت إليه، ولهذا أعتقد أن ترشحه محاولة لإعادة النظام القديم الذي قامت من أجله الثورة، وهو يقول إنه ضد مبارك فهل من المعقول أن ياتي مبارك بمن يقف ضده؟ والأدوار ليس لها وثائق مكتوبة ونحن كمحللين سياسيين نرى مايحدث وعلى ضوئه نستنتج، فمثلاً يحيى الجمل الذي كان لديه طموح قفز وبعد ذلك فعل أشياء أثارت الشكوك فيه فوقف المواطنون ضده خاصة عندما اقترح نصوصاً قانونية بأن يعيد النظام الحاكم ما سرقه مقابل عدم محاكمتهم، وأنا أندهش لهذا التصرف الذي يخالف القانون الذي درسه. > ماذا عن محاكمة مبارك؟
< هذه قضية بالغة الأهمية لأن مصر لن تستقر ولن تهدأ دون محاكمة مبارك، والشعب المصري بذلك يكون قد قطع شوطاً كبيراً في ثورته ويجب أن تُحاكم كل رموز النظام السابق، ومبارك قد ارتكب جرائم كبيرة بحق الشعب المصري، ونحن قد شكَّلنا لجنة تضم الدكتور فؤاد رياض القاضي المعروف والعديد من القانونيين وقد قمنا بالإعداد للمحاكمة قبل محاكمته من قِبل المحكمة الدولية وسندفع مصر لتنضم لها لقيام محكمة مبارك ونريد أن يحاكم في مصر بميدان التحرير أمام كل الشعب المصري وتُذاع لكل العالم لترسل رسالة للأخرين أن هذه نهاية كل ظالم مستبدّ سارق لأموال شعبه. > «مقاطعة» إلى أين وصلتم لتنفيذ هذه المحكمة؟
< لقد أعطينا القوات المسلحة مهلة حتى تُلقي القبض على مبارك وبقية الرموز، وإذا لم يحدث ستتجدد الثورة مرة أخرى وبالتالي سنسعى لرفع الدعوى التي خطورتها تكمن في أنها ستُخير السلطات المصرية بين أن تحاكم أو تسلم والذي يتوافق مع نظام روما المحاكمة والتسليم كما حدث بدارفورمصر بعد الثورة في عهدة الجيش وهي مقبلة على انتخابات؟ < أولاً الثورة سلمت العهدة إلى الجيش وكذلك مطالبها والتي يتم العمل عليها ولكن بصورة بطيئة، والسبب أن الجيش ليس من خبراته إدارة الأجنحة السياسية، فهناك فرق بين الجيش كمؤسسة عسكرية وبينه الآن وهو يمارس وظيفة سياسية، وعندما ننتقده كمؤسسة حكم يختلف عن نقدنا له كمؤسسة عسكرية تحمي البلد، وعندما يمارس الحكم فهو فرض عليه، ونحن على الرغم من الإنجازات التي تمت إلا أن أهم بند لم يتم وهو العدالة والأمن لمن قُتل من الشعب المصري بالرصاص الحي خاصة لمن قام وأمر بذلك. > ماذا عن صراعات الإخوان؟
< هذا الجانب لا أحب التدخل فيه، فالإخوان يقولون إنهم حضور، والحديث عن عدم حضورهم غير صحيح، وفي نفس الوقت هناك حديث يدور بينهم أنهم لم يحضروا لعدم وجود تنسيق مع القوى الأخرى، والخلاف ظهر عندما اختفى المشروع الذي يحتويهم والذي قالوا إنه أجهض الثورة فبدأت الانقسامات والخلافات. > بوصفك أحد المراقبين كيف تنظر لشباب الثورة؟
< في رأيي أن شباب الثورة يشكل وفدًا واعيًا وناضجًا وهو عضو معنا سندربهم لتوصيل رسائلهم بأنفسهم لأخذ حقوقهم لأن النظام السابق عندما يتحدث عنه أحد يُعتبر حاقدًا على النظام والشباب ناضج وواعٍ بكل شيء وعلى درجة عالية من الثقافة ويسعون للحرية وأصبحتُ من المتعاملين معهم، ولابد من وجود رأي ورأي مضاد حتى تسير عجلة السياسة والديمقراطية بصورة سلسة كما تم تدريبنا سابقاً على كيفية التعامل السياسي الدبلوماسي للتعبير عن موقف الدولة، والمعارضة عندما نقلت لها هذه الصورة أقرت بما أنه يوجد أشخاص محترمون كهؤلاء الشباب يستحقون المحاولة لأنهم سيرفعون الحكومة للأفضل. > مصر تعتمد على المعونة الأمريكية كيف سيكون موقفك؟
< من الضروري إلغاء المعونة التي أعتبرها بمثابة رشوة، خاصة أن مصر في غنى عنها لتوافر الإمكانات الطبيعية والبشرية بها وهي الإمكانات الكافية لعمل تنمية قوية، بجانب أنها يمكن أن تقوم بالزارعة في السودان وعندها لن تحتاج لتلك الرشوة. > مستقبل العلاقات السودانية المصرية بعد الثورة.. كيف تقرأه؟
< الثورة قامت لإسقاط نظام مبارك وكل ما يرمز له ومن بينها التآمر على السودان، وقد كانت مبادرة رئيس الوزراء كأول خطوة يقوم بها أن زار السودان ومعه سبعة وزراء، ونحن نأمل أن تكون لدينا رؤية شاملة للسياسة الخارجية وأن تُبنى هذه الرؤية على الاقتراب من المحيط المباشر بدول الجوار كالسودان وفلسطين وليبيا والبحر المتوسط الذين هم جوارنا المباشر والذين يجب أن نتدفأ بهم، وبرنامجنا الانتخابي قام بإنشاء مجلس أعلى لهذه الدول للتبادل التجاري والاقتصادي والعلاقات المتبادلة المشتركة لقيام وحدة عربية قوية جديدة. > كيف ترى رفض الخرطوم لترشيح دكتور مصطفى الفقي؟
< دكتور مصطفى الفقي أو مرشح مصر لرئاسة الجامعة العربية دخل البرلمان واحتل مقعد لجنة العلاقات الخارجية بالتزوير لأنه كان أحد أعمدة نظام الرئيس السابق حسني مبارك الأمر الذي وجد رفضاً شديداً من شباب ثورة «25» يناير، لكن كان على الخرطوم رفض مصطفى الفقي بدون مبررات لأنها تخص السودان، لكن التبرير المصاحب للرفض سيوقع العلاقات بين البلدين في أزمة ويصبح الجدال بين الخرطوم والقاهرة لانهاية له، خاصة وأن مصر خرجت من الثورة مجروحة ولم تستعد للطيران بعد وتحتاج لعون الخرطوم مع العلم أن ذلك السجال لن يفهمه الشعبان المصري والسوداني بصورة صحيحة ويحتاج من البلدين لإعادة صياغة لمنع توتر علاقات البلدين. > حوض النيل؟
< نحن نريد أن نفرِّق ما بين نهر النيل ووادي النيل الذي يجمع مصر والسودان وتصل لدرجة الوحدة بعيداً عن السياسة لأن التنوع المناخي والثقافي يعتبر ثروة والتواصل بين الشعبين، ووزارة الخارجية سعت أيامًا في تحسين العلاقات السودانية المصرية ونحن إذا تقلدنا الرئاسة سنسعى لتطوير العلاقات الدبلوماسية الخارجية وأشير إلى أن مبارك أسهم بصورة مباشرة في القطيعة الإفريقية السودانية والعديد من المواقف التي كان يتخذها ضد السودان ولذلك لم يفرق بين عداوته للرئيس البشير شخصياً والسودان وإلى أي مدى تحالف مبارك مع أمريكا وإسرائيل ضد السودان وهي أسئلة مطروحة بادلتها، والشخص الوحيد الذي كان يحب السودان هو جمال عبد الناصر الذي كان يشعر أن الحدود من آثار الاستعمار ونتمنى أن تُرفع الحدود السياسية ومسألة التأشيرات بيننا وبين دول الجوار. > دعنا نتحدث عن ليبيا والقلق الذي ينتاب الجميع بشأنها؟
< بصراحة أنا أشعر بالقلق الشديد لما يحدث في ليبيا، وما يحدث للشعب الليبي الذي ينقسم إلى قسمين؛ قسم تحرر ولكنه يدفع ثمن تحرره عن طريق القتل والإبادة، وقسم يريد أن يتحرر ولكنه تحت القصف المباشر للقوات الخارجية، وإضافة إلى أن قوات القذافي تقوم بحرق آبار البترول بدافع الحقد على ليبيا وشعبها الذي تجرأ وطالب بالحرية والتي توضح أنهم لا يحبون بلدهم فلو أنهم كذلك لحافظوا على ثروات بلدهم من الدمار وليس السعي لتدميرها وهذا إجرام متناهٍ ولم يحدث من قبل، الأمر الثاني أن مثل هذه الأوضاع كلما يطول زمنها وتتطور تعطي فرصة أكبر للغرب ليضع يده عليها وهم يتعمدون مد زمن حل هذه التوترات حتى يتم اللجوء إليهم أكثر وأكثر وهو يقدم المساعدات التي في شكلها الخارجي تظهر كمعونات إنسانية ولكن هدفه يختفي وراءها كما حدث من العراق عندما غزا الكويت والدول العربية جلست متفرجة ثم أتت أمريكا لحل المشكلة ولكن بعد أن أخذت نصيبها، لذلك المعركة القادمة في مصر للرئاسة ليست معركة وزارة أو حلول شخص مكان شخص بل هي معركة الوجود المصري والهوية المصرية في العالم العربي ووسط الدول الإفريقية وسيكون الصراع كبيراً وهو مايجعل الجتمع المصري يفهم ويعي ما معنى الانتخابات للرئاسة التي ليست تنافساً في كرسي الحكم أو صراع مجموعات ذات أفكار مختلفة، تريد أن تمثل هُوية مصر.. والمصريون قطعوا شوطاً كبيراً في ذلك وأرى أن الرسالة أخطر من هذا بكثير؛ فالنظام الحاكم كان يسير المصالح الأجنبية على المصرية وهذا لن يحدث مستقبلاً.الانتباهة [/SIZE][/JUSTIFY]