قير تور

نقوك ابيي.. لا ذاكرة

[ALIGN=CENTER]نقوك ابيي.. لا ذاكرة[/ALIGN] واحد من الأمثال الشائعة وسط دينكا نقوك يعني ما يمكن ترجمته بمعنى:”شهر ما قبل الحصاد الوحيد هذا لا تستطيع تجنبه يا نقوك؟”.ويقال بأن سبب القصة تحكي بأن الدينكا لا تجوع أسرها وتشعر بحاجة ماسة إلى الطعام حتى أن الفرد يبيع ابقاره واغنامه من أجل صفيحة واحدة فقط من الذرة.وهذه المأساة المتكررة تحدث كل عام رغم أن الكل يزرعون ويحصدون ويحتفلون بالانتاج، لكن المحصول في خلال شهور الرغد يتم تبذيره ما بين الاعراس والمناسبات والهبات حتى تكون الدور خالية من الذرة عدا قليل من الأسر تكون خزنت القليل من الذرة.وعندما يأتي فصل الخريف يبدأ الناس في أكل المتبقي من الذرة وكل محاصيل العام الماضي لكن نتيجة وجود كل الأسرة في مكان واحد من أجل إنتاج زراعي أكبر يكون حجم المخزون غير كافٍ للعدد الكبير فينتهي المخزون في فترة وجيزة مما يجعل ولي الأمر يقوم بخيار بيع واحد من البهائم أو اللجوء إلى الإستدانة وإلا حل العار بهم بسبب الجوع!!!.
إنه مثال حي يتحدث عن مشكلة شخص يعرف جيداً ما يواجهه كل عام لكنه لا يخطط لأنه يتجاهلها ظاناً نفسه ذكياً بما فيه الكفاية!!!.
إن مشكلة دينكا نقوك الكبرى والأخطر عليها قبل أن يكون هناك أخطار محيط بها تأتي من آخرين،أنه يعرف تماما مصدر الخطر عليه لكنه لا يعمل على إيقاف الخطر.
إن واحدة من المخاطر التي صارت راسخة في الدينكا فقدان الذاكرة المتعلقة بالماضي والمستقبل بينما اغرى لمعان بعض المعادن عيون الحضور منهم.
عفواً فأنا لم اعز اسر الضحايا الذين فقدوا ارواحهم في مريال اشاك الاسبوع الماضي، فليس تجاهلاً مني لكن لإعتقادي بأن ما حدث ليس جديداً ولن يكون الأخير ما دامت الأمور في أبيي تسير على ما هي عليها الآن.فالذين تعرضوا للقتل قبل اسبوع من الآن سبقهم الكثير من الحوادث كان آخرها مقتل الأستاذ الور(إبراهيم) دينق شهر مايو الماضي.
إن ذاكرة الماضي ترجعني إلى الطفولة التي لا أذكرها بالضبط وأحدهم يطل براسه داخل القطية التي كنت فيها ثم يدخل قاصداً إياي وعلمت بأن إسمه (بول أقون)…ورغم إحتفاظي في الذاكرة بهذا الرجل فقد إحتضنته أرض نقوك قبل عقدين ونصف وهو يحمل مدفعاً يقاتل به ملبياً نداء ضميره نحو أرضه وليس وفق تعليمات من شخص….
وأمثال بول اقون يزخر العقدان الماضيان بكل من اجاك كير اجاك لوك يويه وميوكول دينق وغيرهم…
وقبل أن تكون هناك ما يسمى بالحركة الشعبية لتحرير السودان أو الجيش الشعبي لتحرير السودان لم تكن أرض دينكا نقوك مستباحة لأن الابناء لم يكونوا ينتظرون التعليمات من غيرهم لصد العدوان، لكنهم عندما تخلوا عن اسلحتهم وصارت ملكاً لغيرهم صاروا اليوم عبيد صاحب السلاح.
إن الذين يقتلون ابناء ابيي كل عام في الطريق رغم معرفة كل الناس بمكانهم، لا يستطيع أحد إثبات مصدرهم لأنهم وفق (الأوراق الرسمية) عبارة عن (عصابات) وافراد غير نظاميين يعملون ضد الدولة.. وعلى دينكا نقوك إنتظار تحريات أجهزة الدولة الرسمية للقبض على المجرمين!!!.أليس الأمر كذلك؟.

لويل كودو – السوداني
5 أبريل 2010م
grtrong@hotmail.com