تحقيقات وتقارير

إعلان في الأردن يقول: سجل للماجستير في السودان وأحصل على موبايل مجانا !!

[JUSTIFY]أربعة آلاف جامعة وهمية في الولايات المتحدة الامريكية وحدها ، وأكثر منها في أوربا ومثلها من جامعات السماوات المفتوحة والتعليم عن بعد ، كل هذه الجامعات تدور في فلك واسع من الريبة والشك لكنها لم تؤثر ابدا على سمعة التعليم العالي في بلادها ؟ والجامعات الوهمية خشم بيوت منها ما ليس لها وجود على أرض الواقع ، ومنها ما هو موجود لكنه يمنح المؤهل لمن لا يستحقه ! وبعضها مبلغ همه التحصيل المالي قبل الاكاديمي.
شهادات وهمية
والجامعة الوهمية تعني ان شهادتها وهمية وهيئة تدريسها وهمية وما تمنحه من شهادات عملية خدعة كبرى ليس إلا، كما يقول شاعرنا المجيد الهادي آدم، في معزوفته التاريخية الجميلة «أغدا ألقاك». والجامعات الوهمية ليست بدعة امريكية محضة فهناك من يبيعون الماء في حارات السقايين حتى في مجال العلم والتعليم . ومما يدعو الى دق جرس الانذار وأخذ الحيطة والحذر هو الحملة الاعلامية الشرسة التي يتعرض لها التعليم العالي في السودان بحق وبغير وجه حق ، هذه الحملة تتخذ اشكالا متعددة أسوأها على الإطلاق يحدث خارج أسوار الوطن . ويتندر البعض على الشائعات التي تقلل من شأن الدراسة الجامعية وفوق الجامعية في السودان ناسين او متناسين خطر الخوض غير المسؤول في سمعة الجامعات السودانية لان مثل هذا التناول ينتقص ليس من مكانة التعليم وحده بل هو نيل فاضح من سمعة الدولة كلها.
الكرامة الأكاديمية!!
لقد كان من اسباب الحرب العالمية الثانية التدخل الالماني المستمر في سياسات التعليم في دول وسط اوروبا مما دفع الالبان الى اعلان الحرب دفاعا عن كرامتهم الاكاديمية ، وعلى الرغم من انني لا ادعو الاكاديميين السودانيين إلى اعلان الحرب على سمعتهم العلمية، لكنني أدعوهم صراحة الى التدخل الفوري واتخاذ موقف حاسم ضد الكليات والجامعات التي تتساهل في منح الدرجات العلمية الى الطلاب الاجانب تحت ذريعة تسهيل الإجراءات أو التوسع في التعليم العالي ، فالدراسة فوق الجامعية لها معاييرها ولوائحها وآدابها وقيمها الاخلاقية التي لا ينبغي التخلي عنها في اي ظرف من الظروف.
صحيح أن هناك الكثير من إشراقات مساهمة السودانيين في الداخل والخارج في ميادين البحث العلمي، لكن ذلك يجب ألا يعمينا عن الخطر الداهم الذي يمس سمعة وكرامة الجامعات السودانية في أعز ما تملك وهي شرفها الاكاديمي . وسأورد بعضا من القصص التي يندى لها الجبين أبطالها طلاب أجانب حصلوا على الشهادة العليا من السودان وأصبحوا نماذج يضرب بها المثل في الفوضى التعليمية وتجارة الشهادات العليا في السودان . صحيح أنك اذا طلبت دليلا واحدا على وجود مثل هذه الخروقات الفاضحة قد لا تجده، لكن الواقع يقول إن سمعة التعليم العالي في السودان تمر بمرحلة حرجة تتطلب تدخلال عاجلا وحملة علاقات عامة مثل تلك التي اطلقتها الولايات المتحدة في العراق بعد ان ساءت سمعتها كدولة محتلة إرتكبت العديد من جرائم الحرب والانتهاكات ضد المدنيين . وعلى ذات النسق فان ثورة التعليم العالي قد أدت بالفعل الى تشويه سمعة التعليم العالي على الاقل في الخارج مما يتطلب وضع معالجات فورية وأخرى متوسطة وثالثة بعيدة المدى حتى يعود الى التعليم العالي في السودان ألقه الذي عرف به .
نماذج
ومن النماذج المهينة في هذا الامر ما لاكته الصحف السعودية زمانا عن طالب سعودي حصل على درجة الماجستير ثم الدكتوراه ولم يغب عن المملكة الا أياما معدودة وقد شهد بنفسه على ذلك وليس من الممكن دحض هذا القول لان الاعتراف سيد الادلة والقانون كما يقال لا يحمي الغافلين . طالب أجنبي آخر قال انه اضطر الى عدم التصريح بحصوله على الماجستير من جامعة سودانية لانه حصل عليه في زمن قياسي وزملاء العمل يعلمون انه لم يبذل من الجهد الأكاديمي ما يؤهله لنيل هذه الدرجة العلمية السامية . وفي الاردن فجعت ذات يوم وانا أقرأ اعلانا لأحد المراكز التعليمية المنتشرة في الاردن يقول : سجل للماجستير في السودان واحصل على جوال مجانا . بل ان مخافر الشرطة في احد البلدان الخليجية استقبلت رهطا من المحتجين ممن دفعوا اموالا طائلة الى مندوب جامعة سودانية وقع معهم عقودا للدراسة العليا بالسودان وهرب بأموالهم مثل فص ملح ذاب في ماء يوم خريفي .
واحتدم الخلاف قبل يومين في فضائية رياضية مشهورة بين غريمين إنتهت باساءة بالغة الى السودان والسودانيين ومؤسسات التعليم العالي ، عندما خاطب أحد المتحدثين زميله قائلا : «انت دكتور شاري شهادته من السودان » !! . صحيح ان هذه الحالات هي في النهاية حالات فردية لا تقف امام السيل الجارف من الأجانب الذين حصلوا على شهادات عليا من السودان وأعرف عددا منهم ممن تسنم مواقع علية في ديوان العمل الحكومي في بلادهم ، وهي صور مشرقة بحق وحقيقة وتدعو الى الفخر والاعتزاز ، لكن هؤلاء أيضا لا بد انهم تأذوا من مثل هذه الترهات التي باتت تطفح حتى في وسائل الاعلام الجماهيري النافذة . وليس من الحكمة السكوت على هذه المهاترات اعتمادا على الحكمة السودانية المعروفة «العارف عزو مستريح » لان صراع القوميات في سوق العمل يحتدم في كل دول العالم حتى في الولايات المتحدة الامريكية، وهناك تجمعات قومية تساعد المنتمين اليها الى المنافسة على الوظائف وشاهدت في واشنطن مثل ذلك. ولعل السودانيين وحدهم من يدخلون هذه المعارك بلا معين فقد انحصرت تنظيماتهم على الصراعات السياسية والجهوية والحزبية .
ان الدراسات الجامعية وفوق الجامعية هي جزء من سيادة البلد وكرامته ومكانته وتؤثر تأثيرا بالغا على تطوره ونموه ومكانته بين الدول في معترك العلاقات الدولية . واعود مرة اخرى لأقول بأن إطلاق هذه الصيحة الغرض منها هو التذكير، والعلم عندي ان الكثيرين يرون ما اراه بل ربما خطوا أكثر مما خطوت وهم يطالبون بالحل قبل فوات الأوان .
من المسؤول؟
وأعتقد ان لجنة التعليم العالي بالبرلمان مسؤولة عن الدفاع عن سمعة جامعاتنا وكذلك المجلس القومي للتعليم العالي كجهة علمية يسوءها التقليل من مكانة مؤسساتنا الجامعية بغير وجه دون ان يحرك احد ساكنا ! ويمتد الامر الى رؤساء الجامعات والمجالس العلمية وحتى اجهزة الإعلام .
أوقفوا سيل التهافت على الطلاب الاجانب وعلينا أن نتذكر ان الحرة تموت ولا تأكل بثديها ، فلا يكون المال سببا في بيع سمعة جامعاتنا بثمن بخس ويصبح الناس عن شهاداتنا زاهدين.
وقضية اخرى لا تقل خطرا تتمثل في شيوع الشهادات الجامعية والسودانية المزورة حتى ان إحدى سفاراتنا قد اعدت قسما متخصصا لمحاربة الظاهرة.
وأعود الى القول ان القضية وصلت الى المنطقة الخطرة بلغة اهل الرياضة ، وقد سمعت مسؤولا تعليميا في إحدى الدول المستوردة للعمالة السودانية وهو يوصي لجنة الاختيار المعنية استجلبوا موظفين من كل دول العالم عدا السودان ، فالسودان لديه من المشاكل ما يكفيه وسمعتهم هذه الأيام لا تشجعني على تحمل مسؤولية الاعتماد عليهم!!
هذه النماذج قد تكون غير موضوعية وربما كانت معتمدة على شائعات العامة من الناس ، لكن مع كل ذلك يجب ان نقر بوجود مشكلة تحتاج الى حلول عاجلة وفي مقدمتها التمسك الصارم بلوائح التعليم العالي في إجازة الشهادات العلمية قبل ان نصبح مثل محمود الكذاب الذي لم يصدقه أهل الحي حتى عندما صدق حديثه.
[/JUSTIFY]

الراي العام

‫4 تعليقات

  1. كاتب المقال محق عندنا هنا في قطر جامعة وادي النيل تبيع الوهم للطلاب وحتى من يدعى انه وكيلها حصل علي شهادة دكتوراة وهو لا يعرف ان يكتب اسمة بالانجليزي وهو في الاصل راسب في مواد اساسية للشهادة الثانوية القطرية ومنها عمل بالقوات المسلحة القطرية
    ياريت التعليم العالي ينتبة للتجاوزات دي

  2. التحية والتجلة والشكر أجزله لكم وعلى مقالكم الرصين الذي يمس حقيقة موضوع أحسب أنه في غاية الأهمية. ويكمن أهميته في أنه يمس مباشرة سمعة أمة ودولة التي نفتخر بها كسودانيين ولا نرضى أبداً بسمعة بلدنا في كل المحافل. في تقديري أن هذه القضية في مجملها يجب أن يوجه لها الإهتمام اللازم من قمة الدولة ووضع الحلول الجذرية التي من شأنها تصحيح المسار. يجب إجراء عملية جراحية شاملة حتى ولو أدى الأمر لبتر بعض الأجزاء . نداءنا ورجاءنا الإهتمام الإهتمام ثم الإهتمام بهذه القضية الهامة . وربنا يصلح حالنا إلى أحسن حال . وبالله التوفيق
    د. حسن / نيالا

  3. [SIZE=5]ليس دفاعا عن الفساد لكن هنالك من نفس هذه الدول تم فضحهم بشرائهم شهادات طب وتم فضحهم بدول الخليج هؤلاء من نفس هذه الدول لكن انا اشجع هذا النداء لازم الاهتمام [/SIZE]

  4. لك التحية انت تدافع عن هذا الوطن الممزق فى كل شي حتى فى سمعته التى اصبحت على لسن كل من هب ودب واني اقول بالرغم من هذه التراهات والافتراءاءت علي السودان والسودانيين الا انني من خلال معايشتي في الغربة اجدهم يحترمون السوداني والسودانيين وقد وجدت عدد من الاخوة من دون مرفتي بهم الا انهم يقول لي اننا بحبكم فالسوداني والحمدلله ذو خلق وامين وحسن المعشر والاهم انوا صادق لهذا فالذي يود ان يشتري شهادة يمكن من اي دولة يشتيها طالما معه فلوس وكاذب من يقول ليك ا هناك دولة معينة وانا اعني عربية لايوجدبها من يشتري مايريد.