تحقيقات وتقارير

بلاغ ضد أصحاب الخيال الواسع!!

[JUSTIFY]٭ درج بعض السودانيين على سرد العديد من القفشات والطُرف والنكات والحكايات عن «المساطيل» أو المخخنجية أو متعاطي المخدرات باعتبارهم ظرفاء وحاضري البديهة!! وتبدأ الحكاية بعبارة.. كان في واحد مسطول……… ولما بدأت بعض الجماعات والفرق التمثيلية الكوميدية والتي تعتمد على إطلاق النكات والمونولوجات والاسكتشات نقل نشاطها إلى أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة، وجدت حرجاً بالغاً في ترديد عبارة «كان في واحد مسطول» فاستبدلتها بعبارة هي أشد ضرراً «في تقديري» على المتلقين من الشباب وهي عبارة «كان في واحد خيالو واسع».. وعند المبالغة يمدون الألف فيقولون واااسع.. أو من أصحاب الخيال الواسع.. وهذا ما يعِّمق في الأذهان تلك الأوهام التي يروِّج لها مروِّجو المخدرات من إنها تشحذ الذهن وتضفي السعادة وتريح الأعصاب وغير ذلك من الأوهام، فالمخدرات في حقيقتها العلمية والطبية.. والشرعية والقانونية إنَّما تدمر الأعصاب وتبلِّد الشعور وتضعِف الجسد وتتركه عرضة للأمراض وتُفقد الجسم المناعة الطبيعية، وتحوِّل المدمن إلى مسخ مشوَّه شكلاً ومضموناً.. لذا فإن كثيراً من دول البغي والعدوان والاستكبار تستخدم المخدرات خاصة المخلَّقة في حربها اللاأخلاقية على مقدرات الأمم والشعوب، وتستهدف شبابها بالمخدرات التي تقود إلى الجريمة، وتسلب الأمم أسباب قوتها، وتدمر نسيجها الاجتماعي وبنيانها الاقتصادي، فتعجز عن اللحاق بركب الأمم وتبقى ثروتها مخزوناً استراتيجياً واحتياطياً مركزياً للأمم المستعمرة المستكبرة.
٭ وقد احتفلت بلادنا قبل يومين باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، بتشريف الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، تأكيداً على أن الدولة وعلى أعلى مستوياتها تولي مكافحة المخدرات اهتماماً كبيراً.. متزامناً مع مشاركة السيد رئيس الجمهورية في المؤتمر العالمي لمكافحة الإرهاب بإيران، وفي هذين الحدثين دلاله قاطعة على موقف بلادنا وقيادتنا الرافض للإرهاب والمخدرات آفتي هذا العصر.. وحقيقةً لم تزعجني الأرقام الواردة في تقرير اللجنة القومية لمكافحة المخدرات برئاسة الأستاذ د. الجزولي دفع الله، وهو الآخر رئيس وزراء سابق، وهذه دلالة أخرى على جديتنا في مكافحة المخدرات.. وسبب عدم انزعاجي بالأرقام التي تجاوزت عشرة آلاف متهم.. وعدة أطنان من البنقو والقات والأقراص المخدرة.. هو أننا دولة ممر، وكل المتورطين من الباحثين عن الثراء بجمع هذه الأموال المحرمة بل المجرمة، وقد قارب عدد البلاغات «سبعة آلاف ونصف الألف بلاغ» وهذه محمدة كبيرة جداً لشرطتنا اليقظة التي لم يشغلها واجب عن واجب، فنشطت في المكافحة بالرغم مما تتعرض له فرق المكافحة من مخاطر أودت بحياة بعضهم وسببت العاهات والاذى الجسيم للبعض الآخر.. لكن العين الساهرة واليد الأمينة تأبى إلا أن تؤدي واجبها ولو أدى ذلك إلى المجازفة بالحياة.
٭ السيد نائب رئيس الجمهورية بدعمه للجنة القومية لمكافحة المخدرات.. ودعم الدولة اللا محدود للشرطة الموحدة بإداراتها المختلفة.. وبالضرورة إدارة مكافحة المخدرات، كل ذلك يعبر عن رضائها، وتطلب المزيد ولا تعتمد على مكافحة جريمة الاتجار بالمخدرات أو ترويجها أو تعاطيها، لكنها تستبق كل ذلك إلى التركيز على عنصر الشباب ورفع الحس الديني لديهم، ودعوتهم إلى التمسك بالقيم الفاضلة والمُثل النبيلة بالتنسيق مع كل الجهات ذات الصلة، لوضع الخطط والبرامج لمكافحة المخدرات، ومجابهة التحديات التي تفرضها المتغيرات المتسارعة، ورفع درجة الوعي لدى الأسرة والشباب بمخاطر المخدرات المدمرة.. وتوفير مؤسسات علاجية للإدمان وإعادة دمج المدمنين في المجتمع والاستفادة من قدراتهم وطاقاتهم.. ولمنظمات المجتمع المدني في ذلك دور كبير، وعلى المبدعين والرياضيين والإعلاميين مهمة كبيرة في إنفاذ مثل هذه الخطط والبرامج التي أشار إليها السيد النائب.. وعلى الدراميين الكف عن وصف المدمنين من متعاطي المخدرات بأنهم ظرفاء وخيالهم واسع، حتى لا يروجوا لتعاطي المخدرات بين الشباب وهم لا يشعرون.. فحسن نيتهم ليست مكان شك.. لكن مثل هذا التعبير «الخفيف الظريف» قد يدفع بعض الشباب إلى «التجربة» والتجربة ستقود حتماً إلى الإدمان إلا من رحم ربي، فاعتبروا يا أولي الأبصار..
٭ احتشد نزلاء السجن المركزي «كوبر» في قاعة الصداقة دعماً وتأييداً للرئيس البشير.. فما أن اعتلى الرئيس المنبر حتى هتف «المساجين»: تُبنا تُبنا يا البشير.. الإفراج يا البشير.. فاكتسى وجه السيد الرئيس بالجدية وخاطب نزلاء السجن قائلاً «الحكم بالسجن ليس غاية في حد ذاته.. لكنه إصلاح وتهذيب.. فإذا قضى المحكوم جزءاً من مدة حكمه وانصلح حاله سنطلق سراحه.. وباقي المدة ما ضروري، لأن الهدف من سجنه يكون قد تحقق.. لكن المحكومين في قضايا المخدرات ما في إفراج ليهم يقضي مدته كلها أو يموت في السجن.. لأن جرائمهم متعدية من أشخاص لكل أفراد المجتمع، لأن البيكتل بيكون اعتدى على زول واحد ويمكن أولياء الدم يعفوه.. والبيسرق بيكون سرق زول واحد لكن البيروج المخدرات بيكون أجرم في حق المجتمع كله.. عشان كده ما في رحمة مع مروجي وتجار المخدرات».
٭ ولن أنسى قصة الرائد شرطة محجوب حسن سعد الذي تابع بلاغ حبوب الكونغو المنشطة التي دخلت بورتسودان مخبأة في بص لتهريبها للسعودية.. فحمل الرائد محجوب حسن سعد أمر كشفها على عاتقه، وتعرَّض هو وأفراد أسرته للتهديد والإغراء.. حتى أشفق عليه قادته وزير الداخلية ومدير عام الشرطة وقتها، وطلب منه ترك الأمر وعرضوا عليه النقل من بورتسودان، فأبى حتى ينجز مهمته أو يهلك دونها، واعتبرها قضية شخصية.. حتى تمكن بعد أكثر من عام كامل من ضبط المخدرات وشبكة الإجرام بجهد خارق سجَّله له تاريخ الشرطة التي تسنم قيادتها في وقت لاحق .. التحية للفريق أول شرطة محجوب حسن سعد.. والتحية والتقدير والاحترام لشرطتنا الموحدة بقيادة الفريق أول شرطة هاشم عثمان، ولإدارة مكافحة المخدرات قادةً وضباط وأفراداً.
وهذا هو المفروض.

الصحافة[/JUSTIFY]

تعليق واحد