نص كلمة السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير في إحتفال إعتماد وثيقة الدوحة للسلام في دارفور
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وآله وصحبه
” حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر .
” فخامة …..
” معالي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون .
” معالي رئيس مفوضية الإتحاد الافريقي السيد يان بنج .
” معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي .
” معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو .
” معالي الوسيط المشترك وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي .
” معالي أحمد بن عبد الله آل محمود وزير الدولة بوزارة الخارجية بدولة قطر .
” معالي السادة الوزراء والسادة المبعوثين والسفراء .
” الحضور الكريم لهذا الحفل الفخيم .
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
نقفُ اليومَ، موقفاً مُثقًلاً بصور الأحداث التي جرت في دارفور قرابة عشر سنوات. إنها صور ستبقي محفورة في الذاكرة ، لصفحة من صفحات النزاع الأهلي قاتل فيها الشقيق شقيقه، والصديق صديقه، انفرط فيها عقد الأمن، وأهدرت فيها الأرواح والممتلكات ، وسالت الدماء، وانفتح باب للتدخلات الأجنبية ولج منه كل صاحب أهداف ظاهرة ومُستترة .
لكننا نتعزًى عن ذلك ونحن نلتقى اليوم في دوحة العرب الظليلة ، برعايةٍ وضيافةٍ كريمة من حضرة صاحب السمو حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر لنَطوِى تلك الصفحة، ونبسط صفحة جديدة نستكمل بها حلقات السلام الشامل والكامل بإذن الله ، سلام يغلق أبواب الفتنة ، ويفتح أبواب الإستقرار والخير والنماء لمواطني دارفور والسودان جميعه. سلامُ نصنعه بأيدينا وإرادتنا وتصميمنا وعزمنا .
وحرى بي أن أذكر اليوم وبمناسبة ما نحن بصدده أن الحكومة قد جنحت منذ بدايات المشكلة في العام 2003م إلى خيار السلام ، واستجابت لكل المبادرات المطروحة لوأد الفتنة في مهدها، فكانت أول خطوة لنا في أبشي ، حيث وقعنا علي إتفاق وقف إطلاق النار في أبريل 2004م وتواصلت جهودنا لتحقيق السلام متنقلة ما بين إنجمينا وأبوجا وطرابلس وسرت، وتصميم كبير علي إنهاء معاناة مواطني دارفور، الذين لم يجنوا من الحرب إلا التشرد والنزوح وسفك الدماء وتعطيل خطوات الإعمار والتنمية. ووقعت الحكومة في مايو 2006م علي إتفاق أبوجا، أملاً في وعد بسلام واستقرار مستدامين لم يتحققا ثم تواصل بحثنا عن السلام فكانت المبادرة العربية الأفريقية والتي بدأت علي أثرها مباحثات السلام بالدوحة في فبراير 2009 برعاية كريمة من دولة قطر وبدعم دولي وإقليمي وعلي مدى العامين والنصف الماضيين ظللنا مثابرين مع شركائنا في التفاوض ، من أجل الوصول إلى هذه اللحظة التي نحن بين يَديهَا الآن لحظة توقيع إتفاق هو خلاصة نشاط ممتد، وعناء وإجتهاد، ويقينا أنه حدث سيمضي بنا خطوات واثقة نحو السلام، إذا توفر له الدعم والحماية، من المؤسسات الإقليمية والدولية الصديقة .
أصحاب المعالي والفخامة …. السادة الرؤساء .
نلتقي اليوم بالدوحة، وقد توحدت الإرادة نحو السلام وتجدد العزم علي طي صفحات الأزمة في دارفور ، باعتماد الأطراف للوثيقة والتوقيع علي الاتفاقية وملحقاتها ونذكر بأن هذه الوثيقة والتوقيع علي الاتفاقية وملحقاتها ونذكر بأن هذه الوثيقة قد نالت تأييد أصحاب الشأن جميعاً في دارفور ، وبذلك فإن مغزى اعتمادها يتجاوز كونه اتفاقاً محصوراً بين طرفين ، أنه اتفاق لمواطني دارفور والسودان جميعاً .
ليس للإنسان من عزاءِ لدمٍ سال ، أو مال نهب ولكن سلوانا أننا مقبلون من خلال هذه الاتفاقية التي ولدت عبر مخاض طويل وحوار وجدل ممتد نحو سلام مستدام، ونؤكد إلتزامنا التام بإمضائها وتنفيذ مطلوباتها والانطلاق بها نحو عهد جديد في دارفور، يحمل الخير والبشري لأهلها جبراً للضرر، وكفكفةً لآثار الحرب والدمار ، وتعزيزاً لجهود التنمية والإعمار . ونجدد إلتزامنا القاطع نحو ما أعلناه وسعينا إليه فعلاً من تحقيق الوفاق الداخلي ، وتعزيز جهود التنمية والمصالحات بين القبائل ، وتوفير الخدمات، وإعادة توطين النازحين واللاجئين وإقامة مشروعات الرحل وهي الأهداف التي اشتملت عليها إستراتيجية الحكومة المعلنة من أجل حل مشكلة دارفور .
أصحاب المعالي والفخامة ..
من المهم أن نتذكر أنه بقدر ما كانت هنالك جهود مخلصة وصادقة لمساعدة السودان لتجاوز الأزمة في دارفور كانت هنالك جهود بالمقابل تسعى لتعميق الأزمة والإستثمار فيها، وخدمة أجندتها الخاصة، فاستغلت المشكلة لتشويه صورة السودان ، واستهدافه في المنابر المختلفة وتهديد أمنه وإستقراره.إن العبرة من هذا ، تدعونا لتأكيد ضرورة حماية هذه الجهود المخلصة التي توجت بالتوقيع علي إتفاق السلام في الدوحة ومحاصرة المخربين وإبطال مساعيهم الرامية لزعزعة الإستقرار والأمن في دارفور .
السادة الرؤساء .. وأصحاب الفخامة والمعالي ..
إننا بين يدي عهد وفجر جديد لأهل دارفور نقبل عليه جميعاً بإرادة وتصميم علي تجاوز أيام الحرب والدمار وإستقبال أيام الإستقرار والإعمار وتُلقِي علينا هذه المرحلة الجديدة جميعاً مسئولية متعاظمة وعلي أهل دارفور علي نحو خاص. وإننا نُحييِ في هذا الصدد شركاءنا في إتفاق السلام، حركة التحرير والعدالة الذين سنمضي معهم في طريق البناء والتنمية، لما فيه خير أهل دارفور نمد لهم أيادينا بيضاء أملاً فى شراكة تعزز المصالح الوطنية، وتحفظ البلاد وأمنها ، وتفتح أبوابا جديدة للأمل الذي يحمل الخير والبشرى، وذلك هو السبيل الذي توجهت إليه خطانا بتوفيق من الله وفضل عظيم. إننا نؤكد إلتزامنَا الناجز باتباع خارطة الطريق لبناء السلام وانفاذ ما اتفقنا عليه بنداً بنداً. إن دفع خطوات التنمية يدعونا لمناشدة شركاء السلام لدعم جهود التنمية والإنتقال السريع من الإغاثة للتنمية والإعمار بالمشاركة الفاعلة في إنجاح مؤتمر المناحين لإعمال دارفور وننتهز هذه السانحة لنُحييِ مبادرة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في تأسيس بنك التنمية لدارفور ، ووضع مبلغ إبتدائي في رأسمال البنك ودعوة المساهمين للمشاركة فيه. والسودان بدوره سيكون شريكاً فاعلاً في هذا المصرف .
وأختتم بتجديد اسمى آيات العرفان، لكل الذين أسهموا في جعل ما تحقق ممكناً ، وعلي رأس هؤلاء حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ومعالى الشيخ حمد بن جاسم بن حبر آلي ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية. وشكر مخصوص لمعالي الوزير أحمد بن عبد الله آل محمود وزير الدولة بوزارة خارجية دولة قطر ، ومعالي جبريل باسولي الوسيط المشترك للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي ووزير خارجية بوركينا فاسو ، ومعالي البروفيسور إبراهيم قمباري المبعوث المشترك للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي، وكل شركاء السلام وعلي رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون ورئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي السيد يان بنج وأمين عام جامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي ، ومن قبله الأمين السابق عمرو موسى ولأمين عام منظمة التعاون الإسلامي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو، ثم الإتحاد الأوربي وجميع مبعوثي الدول المشاركة في صنع السلام في دارفور .
والسلام عليكم ورحمة الله .