قير تور

يا تلفزيون.. يا..!!. (1)


يا تلفزيون.. يا..!!. (1)
في أحد اعوام العقد الاخير للقرن المنصرم، أذكر انني كنت في مدينة بورتسودان. وفي ذاك الزمان صادف أن قام الاتحاد العام لكرة القدم السوداني ببرمجة مباراتين لفريقي المريخ والهلال في اسبوع واحد صارتا معروفتين اصطلاحاً فيما بعد (من السبت للسبت). وأنا كنت من ضمن الذين كانوا يأتون مساء لمشاهدة التلفزيون في حينا الجميل ذاك الواقع شمال الخور وميدان الرياض (دار النعيم) وغرب مدرسة كمبوني حي فيليب وشرق المقبرة… الحي الوديع الجميل المسمى بـ (تيكو) في أحد المنازل فليس كل ديارنا بها تلفزيونات وخاصة هي عبارة عن اكواخ خشب وجوالات وصفائح…
المهم أنني ضمن آخرين حضرنا نتيجة المباراة الأولى التي إنتهت بفوز المريخ، وفي الاسبوع التالي حضرنا إلى نفس الدار لكن التلفزيون في ذلك اليوم نقل خبر موت أحدهم بسبب هدف الفوز الذي احرزه فريق المريخ في الهلال ليفوز بالكأس الثاني خلال اسبوع واحد بينما مات من الحزن أحد محبي فريق الهلال داخل استاد كرة القدم… والغريب في الأمر أنني اعتبر نفسي شاهدا بالسماع عن موت شخص بسبب حبه لفريقه للمرة الثانية في حياتي وأنا بشرق البلاد مرتين، فحادثة السبت إلى السبت ليست الأولى لكنها جاءتني من خلال التلفزيون لكن الأولى كانت في ثمانينات نفس القرن المنصرم عندما توفى أحد كبار قادة الرياضة بصفة عامة والهلال بصفة خاصة أحمد ملاح عليه رحمة الله عندما احرز الفريق الزامبي (المحاربون) هدفهم الأول في الهلال… لكن تلك المباراة انتهت بفوز الهلال… وعلى كل فمباراة الهلال مع الفريق كنت في ذلك المساء في سوق مدينة طوكر (توكر) والراديو هو أفضل وسيلة أخبار حينها مقارنة بالتلفزيون ـ يعني على الأقل يمكن للشخص تشغيل الموجة القصيرة للفوز بالاستماع الى هنا امدرمان بينما يستحيل لك رؤية ارسال التلفزيون السوداني هناك والا فعليك التفرج على السعودية أو اثيوبيا، إذا لم تكن هناك اطباق فضائية مثل اليوم ـ وفي ذلك السوق الجميل باهله يستمتع نظرك براكب الجمل لابس “السربادوق” وهو يحمل “السفروك” بينما السيف معلق على ظهره والسكين على الجانب من البطن… وكل هذه الاسلحة البيضاء جاهزة للاستخدام وقت الضرورة، وبجانب تلك كلها خلال الخشب ذو الثلاثة او اربعة اسنان المصنوع من شجر الاراك وهو مغروز في شعر غزير تتدلى منه ضفائر على الرقبة… هو نحن بنتكلم في شنو؟..!!
أهه… تذكرت فالعنوان يقول يا تلفزيون يا… وعشان اكمل الجملة فبقول يا تلفزيون جمهورية السودان يوم ح تكتلو ليكم زول بيحبكم بنفس قدر حب ناس الهلال اللي بيموتو لمن فريقهم يدخل فيهو قوون من الخصم. ووجه الشبه حسب رأيي انو مشجع الهلال يطغي حبه لفريقه على عقله فيتناسى ضعفه فيصحو على الحقيقة ولذا تكون الصدمة قاتلة…
وطبعاً القارئ العزيز… وعشان القارئة وهي عزيزة برضو عندي ما تزعل… نقول بأنكما ستصابان بالدهشة مما كتب هنا فليست هناك علاقة منطقية تربط فقرات هذا المقال، فكل ما قمت به فقط محاولة تقليد بعض البرامج التلفزيونية التي تقدم لنا عبر القناة الدولية التي يجبرنا حبنا للاستماع إلى اخبار السودان على مشاهدتها…!.

لويل كودو – السوداني
17مايو 2010م
grtrong@hotmail.com