حوارات ولقاءات

مطرب (الأمَّهات) حمد البابلي : لديَّ (185) أغنية بالإذاعة السودانيَّة لا تبثُّ منها سوى .. يا حبيبتي يا أمي

المطرب الشاب حمد البابلي، جاءني محتجّاً على النقد الذي وجهته له الأسبوع الماضي، حيث كتبت عنه أنه مطرب مناسبات وتخصصات، فله أعماله عن (الأم، الطفل والزوجة)، ومؤخراً اتجه إلى المديح النبوي، فيما لا يعرف الناس له سوى بضع أغنيات عاطفية.. وقلت إن حمد البابلي لو أنه اتجه نحو الغناء العاطفي لأصبح اليوم مطرب السودان الأول بلا منازع.
حمد حل ضيفاً عزيزاً على (الأهرام اليوم) في حوار لا يخلو من المناورة
{ مطربنا العزيز حمد البابلي.. لقد قلنا إنك مطرب مناسبات وأنت احتججت على الصفة.. فما هي دفاعاتك؟
– يا أستاذي الفاضل، أنا تغنيت للعاطفة وبدأت الفن بالمدائح النبوية، ثم تغنيت للوطن والأم والطفل والأغاني الاجتماعية لـ (الزوجات) مثلاً، كما أنني المطرب الوحيد الذي تغنى للزوجة عبر عدد من الأعمال منها: (بعتزَّ بيك، أصلك دهب، سمح سماح فاهم أمور الدينا صاح).. وغيرها.
{ مازال سؤالي قائماً: ما هذه التخصصيَّة يا بابلي؟
– هذه ميزة يا عزيزي، وليست تخصصاً، والغرض إرضاء كافة الناس فنيَّاً، ولا ضرر إن كنت شاعراً وملحناً ومطرباً ومادحاً.
{ أنت تغنيت للزوجة وأهملت الحبيبة؟
– لأن الزوجة هي الحب، وما عداها كلام فارغ.
{ ولكن ليس كل متزوج يحب زوجته؟
– لأن البعض يعتقد أن السعادة لدى الزوجة فقط، وما دروا أن السعادة تأتي عبر التمازج والانصهار، والحب تبادل أحاسيس ومشاعر مشتركة.
{ المحبون في الأرض أكثر من الأزواج، والسوداني لا يتغنى للتي تساكنه المنزل أبداً.. ما قولك؟
– هذا كلام غير صحيح، لأن الحب الحقيقي في حياة كل رجل في الأرض هو للزوجة العزيزة (ست البيت) و(أم العيال)، رغم تقلب الأزمة والأحوال أحياناً، ولكنها سحابة صيف (تفوت وتعدي) ويبقى الحب الأصيل داخل المنزل لا خارجه.
{ نحن نطلب منك أن تتغنى للذين لم يرتبطوا بعد؟
– أهديهم مائة أغنية يفوح عبير حبها عبقاً لكي يدخلوا القفص الذهبي فوراً وبأقصى سرعة.
{ لديك العديد من الأعمال الجيدة، ولكنك تخجل من أدائها وتتنازل عنها لمطربين آخرين؟
– لا أخجل من أعمالي، وكل أغنياتي كأبنائي، ولكن بعض الزملاء من المطربين يعجبون بالنص واللحن، فلا أستطيع أن أردّهم خائبين، ولديّ مجموعة كبيرة من الأغنيات، وإن بدأت الغناء الآن ولمدة عشر سنوات قادمة فإنني لا أستطيع أن أفرغ من إنتاجي الفني، فأنا أكتب وألحّن أربع أغنيات أسبوعياً.
{ إذا كنت بهذا القدر من العطاء، فلماذا لا نسمع هذه السحب الماطرة والرعديّة من مؤلفات البابلي؟
– «تسمعها وين» إذا كان ديناصورات الإذاعة والتلفزيون يغلقون الأبواب.. فأين يتغنى البابلي وكيف يلتقي بأحبابه ومحبيه؟
{ (إنت دُفْعة منو)؟
– أنا وحيد جيلي – (ويضحك عالياً ويستطرد) -: سبقني عماد أحمد الطيب، ومحمود عبد العزيز جاء بعدي، ولكن من دفعتي هناك بعض المطربين الذين لم يُوفقوا مثل محمد الجوهري، وأيضاً من المشهورين المطربة حنان بلوبلو التي ظهرت معي في وقت واحد.
{ ( يعني إنت دفعة حنان بلوبلو)؟
– لا أقول دفعتي، لكني تغنينا معاً وظهرنا في وقت واحد و(ضربنا) موسمين مع بعض، مع إضافة المطرب محمود تاور.
{ الآن بلوبلو نالت شهرتها ومحمود عبد العزيز طبقت شهرته الآفاق.. وأنت محلك سر.. لماذا؟
– على حسب مفهومي الخاص فأنا مطرب يمشي بخطوات جيدة وثابتة، وأنا من أنصار الخطوات الثابتة ولم أضل الطريق، حتى أنني كنت أتغنى بألحان الآخرين، والآن أقدم ألحاني الخاصة وكلماتي الخاصة وأمنح المطربين عذب الغناء، وكل هذا يعني بأنني (صاح).
{ ولكن عبد الماجد خليفة لحَّن لك (22) أغنية؟
– نعم، وبدأت مشواري الفني تحت توجيهات الدكتور عبد الماجد خليفة، وتغنيت للأساتذة: علاء الدين حمزة، برعي محمد دفع الله، محمد علي أبو قطاطي، التجاني حاج موسى، مصطفى عوض الله بشارة، وكباشي حسونة.. لقد تغينت للعمالقة حقاً.
{ ولكنك تمرّدت الآن عليهم؟
– هو ليس تمرداً بالمعنى المفهوم، فقد أسماه الدكتورعبد الماجد خليفة «التلميذ الأستاذ».. أطلق عليّ هذا الاسم لأنه اكتشفني بـ «يا حبيبتي يا أمي» وهو أول لحن في حياتي.
{ هل ستقدم أعمالهم بجانب نظرياتك اللحنية الجديدة؟
– نعم، ووجدت فيها المعين، خاصة أعمال الموسيقار علاء الدين حمزة، وعبد الماجد خليفة صاحب الألحان الرائعة التي أعتز بها جداً.
{ إذن كم هو رصيدك الفني؟
– أعمالي الخاصة نصاً ولحناً (125) أغنية، والمقدمة لي (60) أغنية.. يصبح الرصيد (185) أغنية (115) منها عاطفية.
{ وما هو عدد ألبوماتك؟
– ألبومين اثنين
{ ماذا تسمي هذا؟
– أنا ضد فكرة الكاسيت والسوق والربح، والشركات تفرض شروطها وأنا لا أقبل بالشروط.
{ إذن لن يسمعك أحد؟
– (يا أخي ناس الشركات دايرنَّك تغنِّي لفلان وفلان وده ما بنفع معاي)
{ طيِّب.. ما هو رصيدك إذاعيّاً؟
– الإذاعة (مقصرة) معنا، فهي جنت عليَّ وعلى غيري من المطربين.
{ تحدث عن نفسك؟
– أنا سجلت (82) أغنية بإذاعة أم درمان تسجيلاً رسمياً لا تبث منها سوى (يا حبيبتي يا أمي يا أغلي من دمي) و(ياسمين)، لأنهما من كلمات ذو النون بشرى، وهو كان يعمل في الإذاعة، فإكراماً له يبثونهما، وباقي الأعمال محبوسة تحت صخرة كبيرة، وأقول على الملأ إن في الأمر مآرب أخرى.
{ ماذا عن التلفزيون؟
– أنا لا أتحدث عن التلفزيون، لأن التلفزيون أصلاً غير موجود في الساحة الإبداعية.. التلفزيون سياسي فقط.. (وأنا قدر الكلام الذي قلته).
{ هذا الكلام مردود وحالياً الفضائيات كثيرة، النيل الأزرق، الشروق، فضائية الخرطوم الجديدة وهارموني وغيرها، كلها منابر مفتوحة.. ماذا عملت فيها؟
– أنا من أوائل الذين سجلوا (كليبات) لهارموني: (الريد يا أهلنا)، و(روعة) و(اضحك وامرح)، ولديّ أعمال (10) كليبات لهارموني وقناة الخرطوم، وصورت أغنيات في الخليج ودفعت عليها (دم قلبي) وأحضرتها للتلفزيون القومي ورفضها لأسباب غير مقنعة، وبالنسبة للفضائيّات في رمضان لديّ في قناة قوون (أم الحبايب) و(10) حلقات وعندي في «الشروق» سهرة وفي «أمدرمان»، وعندي – الحمد لله – أعمال في كل الفضائيات الموجودة في السودان.
{ هل جرّبت باقي الفضائيات بالنسبة لـ (الكليبّات) المرفوضة من تلفزيون الدولة؟
– الآن هي بصدد أن تبث بفضائيات سودانية، ولي «شاكي وباكي» للجيلي محمد صالح، لحن دكتور عبد الماجد خليفة، وأعمال صورتها في الإمارات العربية المتحدة ومنها «روعة» للشاعر أبو قطاطي ومنها للأستاذة حكمات ياسين أغنية «بلقَى البديل» وهي من ألحاني، ومن الأعمال المصورة في الكليب (يوم ما شفتك يوم).. كلها سوف ترى النور في الأيام القادمة.
{ في أي فضائية سوف تبث؟
– من الخرطوم الفضائية، ولدي شريط (أصله دهب) سوف تصور منه الفضائية (6) أغنيات من كلمات وألحان حمد البابلي.
{ وماذا عن برنامجك في رمضان؟
– شهر عظيم.. شهر تقوى وإيمان، ورمضان يعني بالنسبة لي حالة متفردة لا استطيع أن أفصح عنها، وأقضي أغلب وقتي ما بين الحاجات الدينية والأسرة.
{ إلى من تستمع من الرواد؟
– فناناي المفضلان صلاح ابن البادية والراحل أبو داؤود.
{ وما الأغنيات التي تعجبك؟
– أغاني الحقيبة.. وللأستاذ صلاح بن البادية (الباقي باقي)، (حسنك أمر)، و(كلمة)
{ إلى من تستمع من المطربين الشباب؟
– أنا لا أحصر نفسي على سمع معين.. وأسمع الأعمال غير السودانية، لأن الثقافة المكتسبة مهمة جداً للفنان، مازلت أسمع عبد الحليم حافظ، وسعدون جابر العراقي، ومن الأشياء التي جعلتني أحبه أن لديه أغنية للأم جميلة جداً «يا يمة يا رمز الوفاء».. وأسمع أبو بكر سالم لما يتمتع به من إمكانيات عبد العزيز داؤود ولديه مساحات موسيقية لا توجد في العالم العربي.
{ ومن شباب السودان؟
– بصراحة لا أستمع، ويعجبني جداً الاجتهاد الرائع لوليد زاكي الدين، وأحب جداً غناء عماد أحمد الطيب، أما بالنسبة للشباب فلم تتح لي الفرصة لأسمع منهم أي عمل.
{ لكن (أشرطتهم) تملأ الأستودياهات والإذاعات؟
– أسمع مرات أغنيات أولاد الصادق وأحترمهما جداً.
{ ومحمود عبد العزيز؟
– محمود فنان الشباب وليس فيه أي كلام، أستمع له لأنه فنان متميز وجاد.
{ ما هي الخامات الصوتية التي أعجبتك في الشباب؟
– هنالك أصوات جميلة مثل حسين الصادق.. والشاب سعد صوت جميل.
{ نعود للوراء.. متى كانت أول مرة تغنيت فيها؟
– أجزت صوتي في ديسمبر 1983م، وكانت اللجنة فيها: الأستاذ الراحل علي ميرغني، برعي محمد دفع الله، الراحل علي مكي، وكان حاضراً الأستاذ محمد وردي، وأعتبرها من أجمل المحطات وكانت دافعاً لي.
{ هل تزوجت عن حب؟
– نعم
{ ولا زلت تحبها؟
– أموت بحبّها موت!!
{ هل هذا سبب تركيزك على الغناء للزوجة؟
– ليس تركيزاً، ولكن طالما أنني اخترتها يفترض أن لا أبخل عليها.
{ هل كل الناس اختاروا؟
– (كل الناس حاكماها ظروف).. أنا عن نفسي اخترت عن حب (8) سنوات، وليس عن فراغ، وما زلت – مع أنني متزوج منذ (18) سنة – أحس بأنني تزوجت الاسبوع الفائت.. وهذه حقيقة.
{ يلاحظ أنك اتجهت مؤخراً للمديح.. تكتبه وتلحنه وتؤديه.. أليست مهمة صعبة؟
– هذه توفيق رباني، المديح (بيطلع ملحّن)، وأحياناً أجاري الاغنيات.. ومرات عندي نزعة دينية بأن «سيب الدنيا الفانية.. أمدح نبيك خلي الغنا».
{ رحلت من العاطفي إلى المديح.. فماذا تسمي هذه النزعة عند المطربين عموماً؟
– القدوة بالنسبة لي الأستاذ صلاح بن البادية، وأنا من أسرة دينية، ووالدي إمام مسجد، ووجدنا والدتنا تمدح، وعندما أتيت إلى الإذاعة أول ما قمت به المديح، ولحّن لي أحمد زاهر من كلمات عمر بشير وسجلت (12) مدحة للإذاعة.
{ هل حمد البابلي مادح.. أم مطرب للأطفال؟
– أنا حمد البابلي (الكوكتيل).. ولا أقول إني مادح، أنا غنائي أصلاً وأجد نفسي مع الأطفال، وإحساس فقد الأم والبعد منها كان دافعاً، ووالدي توفي وأنا في الثانوي، وسوف أقيم ليالي للأب.
{ متى يظهر إنتاجك للناس؟
– (حلُّوا لينا مشكلة الوساطات والعلاقات داخلياً).. هناك موظفون داخل الأجهزة الإعلامية أعداء للإبداع، يأتون بغير الفنانين و(يعلموا منهم حاجة).. أما الفنان الذي له إنتاجه فيضعونه في (الرف)، حتى الأعمال المسجلة لا تذاع.. أنا ذهبت لهم وقلت (ما داير قروش سجِّلوا لي بلاش.. للتوثيق.. قالوا ما في كاميرات وما فاضين)
{ ماذا أنت قائل ختاماً؟
– شكراً لـ (الأهرام اليوم)، وهي جريدة جادة وفي زمن قصير جداً أثبتت وجودها.. وأنا سعيد بنجاحها.. ومزيداً من التقدم وهي دعوة صادقة.. ليست مجاملة
الأهرام اليوم
حاوره – محمد عبد الله يعقوب