تحقيقات وتقارير

خلل تنظيمي أم تقارب برامج :الاتحاديون.. موسم الهجرة إلى الوطني

[ALIGN=JUSTIFY]في وقت لملمت فيه الفصائل الإتحادية ماتبقي من جهد للدعوة الى التوحد من جديد، وبدأت الجماهير الإتحادية تستشعر الجدية من جانب قياداتها لرتق الفصائل الإتحادية الستة (المرجعيات والموحد والهيئة العامة والأمانة العامة ومجموعة أزرق طيبة وتجمع الإتحاديين الديمقراطيين) في الحزب الإتحادي الواحد. في هذا الوقت يأتي القيادي الإتحادي البارز فتح الرحمن شيلاً الذي تعود أن يعلن مفاجآته أو يوحي بها في لحظات يحسبها الكثير من الإتحاديين موعداً للإحتفال بفرحة إتحادية مقبلة، ليعلن ومعه (17) آخرون من القيادات الإتحادية بجانب (60) عضواً أمس الأول إنضمامهم لحزب المؤتمر الوطني كمرحلة أولى تتبعها مرحلة ثانية صرح بها مقرر المجموعة المنضمة نصرالدين فقيري لـ (الرأي العام) في وقت لا تتجاوز الشهر وتضم أكثر من (470) من قيادات الصف الثاني بمركز الخرطوم يصحبها تحرك واسع لضم عدد وصفه فقيري بالكبير من عضوية الإتحادي بالولايات الى المؤتمر الوطني في وقت كان يعد فيه الإتحاديون لإستقبال وفد المقدمة الثاني لعودة مولانا الميرغني بقيادة نجله السيد جعفر الميرغني أوحى شيلا الذي كان في وقت سابق ضمن وفد المقدمة الأول لعودة الميرغني، أوحى لأحد مقربيه بأنه في إتجاه إعلان إنسلاخه من الإتحادي والإنضمام لأحد الشريكين، وتزامن هذا الخبر مع عودة السيد جعفر الميرغني كما تزامن إعلان إنضمامه للوطني مع تنشيط إتجاه وحدة الحزب الإتحادي التي يتحرك فيها عدد من الفصائل، وأسفرت هذه التحركات عن إندماج مبدئي بين المرجعيات والموحد عقب عودة القيادي بالموحد الحاج ميرغني عبدالرحمن من القاهرة بعد لقائه هنالك بالميرغني.
ويشير مراقبون سياسيون الى أن هجرة القيادات الإتحادية الى الوطني بداية عمر حضرة وزير الإسكان الأسبق والذي يشغل الآن منصب مسؤول الدعوة بالمؤتمر الوطني ومروراً باللواء عبد العزيز محمد الأمين وفي وقت ليس بالبعيد هشام البرير وعلى أبرسي وصولاً الى شيلا ورفاقه كل هذه القيادات إنقسمت دواعيها وأسباب خروجها من عباءة الإتحادي لتوشح أعناقها بـ (شال) المؤتمر الوطني، إنقسمت الى ثلاثة أسباب. الأول منهم عدم الرضاء عن سياسات السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الإتحادي والتي درج فيها على التقريب تارة والإقصاء تارة أخرى. أما السبب الثاني فهو يعبر عن مصالح ذاتية يحاول البعض تحقيقها بالإنضمام الى الوطني خاصة التجار منهم. والسبب الأخير هو البحث عن المناصب.
ويقول مراقبون: إن من أسباب هجرة الإتحاديين الى الوطني هو الخلل التنظيمي الذي ظل يرافق مسيرة الحزب طيلة السنوات الخمس الأخيرة وتعدد التيارات داخله ويقولون في مثل هذه الأجواء تطفو على السطح ظاهرة الإنسلاخ. وفي هذا الإتجاه يقول الخبير السياسي والكادر الإتحادي الطيب العباسي: إن الحزب الإتحادي طيلة مسيرته السياسية يقوم على مبادئ تتوافق وطبيعة المواطن السوداني ومن ضمن هذه المبادئ عدم الإتفاق مع أي حزب شمولي أو عقائدي، وأشار الى أن الحزب الإتحادي والمؤتمر الوطني نقيضان لا يلتقيان وقال: بالرغم من أن الحزب الإتحادي يعاني من الخلل التنظيمي منذ وقت بعيد ولكن لا يمكن أن يكون سبباً للهجرة أو الإنتقال. وأوضح أن الفئة التي إنضمت الى المؤتمر الوطني هي في الأساس من غير المتمسكين بالمبادئ الإتحادية.
وبالرغم من أن عدداً من القيادات الإتحادية بالمرجعيات إعتبروا أن أمر الإنتقال من حزب الى آخر هو أمر طبيعي وقالوا:(إن العضوية في الأحزاب ليست زواجاً كاثوليكياً) ووصفوا الأمر بالسنة في السياسة السودانية إلا وانه عقب إنضمام شيلاً رددوا عدداً من الامثال التهكمية (لو كانت وجيبة ما مرقت من الزريبة) و (خلو الغربال يغربل) فكثير من الإتحاديين يعتقدون أن هنالك قيادات في مراكز صنع القرار بالحزب ينفذون سياسات المؤتمر الوطني من الداخل ويقولون (هم أشد خطورة من الذين كشفوا عن ودهم وأعلنوا إنضمامهم للوطني). وبالعودة الى حديث العباسي فإنه يقول لـ (الرأي العام): إن الحزب الإتحادي سيستفيد سياسياً من خروج هؤلاء الذين أعلنوا إنضمامهم وغيروا مواقفهم وتابع: لكن الخطر الجاثم على صدر الحزب هو وجود قيادات إنتهازية تنفذ سياسات الوطني داخل الحزب ولم تكشف عن نفسها وكشف عن ثورة شبابية وطلابية لمواجهة هذه القيادات لمواجهتها وخوض معركة لمواجهة سياسات الميرغني وشقيقه التي وصفها بالمنفرة وقال:إن الحزب ليس أسيراً لأسرة بعينها.
ويتخوف بعض الحادبين على الوفاق والمصالحة الوطنية من أن يؤثر إعلان شيلا ورفاقه في العلاقة بين الحزبين ويقول د. فخر الدين عوض المسؤول السياسي بتيار الوحدة في حديثه لـ «الرأي العام»: إن الإتحاديين لم يتأثروا إلا بأعلان مولانا عمر حضره إنضمامه للوطني ونحن من فرطنا فيه. اما البقية فكلهم جاءوا بصناعة من الميرغني وخرجوا بسياسته. وأشار الى أن خطوة شيلا هذه جاءت متأخرة وقال: لأنه كان منذ الأيام الأولى للإنقاذ بروحه معها وبجسده معنا والآن أعلن ظهور جسده في الوطني بالرغم من أنه كان يحمل صفة كاتم الأسرار لمولانا الميرغني وهذا ما يظهر في بيان شيلا الذي أصدره في 31 مايو الماضي وأعلن فيه إعتزاله العمل السياسي حيث قال (إنني أمين على كل الأسرار التي كانت بيننا ومسؤول عن صيانتها وحفظها) بالرغم من أن مراقبين قرأوا العبارة بأنها تضمر في جوفها تهديداً لدرء أية هجمات قد يتعرض لها في حال إنضمامه لأحد شريكي الحكم. وتابع فخر الدين: (شيلا كان في موقع أكبر من إمكانياته). وبالرغم من ذلك فإن فخرالدين يؤكد أن مردود العلاقة بين الحزبين عقب هذه الخطوة سيكون سلبياً خاصة في ظل الوفاق الذي يجري بينهما.
ولكن الرئيس عمر البشير الذي خاطب المجموعة المنضمة أمس الأول أكد أن أمر الإنتقال من حزب لآخر هو أمر طبيعي وأشاد بالدور الكبير الذي يقوم به الميرغني وثباته على المواقف الوطنية. في وقت أكد فيه المنضمون أن إختيارهم للمؤتمر الوطني هو تقارب الأفكار والبرامج بين الحزبين وقالوا : نحن فقط خرجنا نحمل أفكارنا عندما ضاقت بنا المواعين في الإتحادي الى ماعون أوسع. وفي ذات الإتجاه يؤكد مراقبون سياسيون أن هذه الخطوة لن تؤثر في العلاقة بين الحزبين. ويقولون إن الميرغني لن يضحي بعلاقته مع المؤتمر الوطني من أجل مجموعة نفضت يدها عن الحزب منذ وقت مبكر بعد لجوئه لسياسات قصد بها إبعادهم. ويتابع المراقبون: فإن كانت مثل هذه الخطوات من شأنها إحداث (العكننة) بين الحزبين فكان من الأجدى أن تكون عقب إنضمام اثنين من أكبر ممولي الحزب وهما هشام البرير وعلى أبرسي في وقت كانا فيه في قمة عطائهما للحزب وهذا مالم يحدث.
ضياء الدين عباس :الراي العام [/ALIGN]