قير تور

مسرح في الهواء!


[ALIGN=CENTER]مسرح في الهواء! [/ALIGN] قديماً قيل أعطني مسرحاً أعطك… واستشهادنا بالمقولة لا يعني الصحة المطلقة لتلك المقولة، إنما نريد التعبير بإعجابنا بالجزء الإيجابي منها. والجزء الإيجابي من المقولة رغم غيابه الكثير فعلينا تسليط الضوء على القليل البارز لنا من تجربة المسرح السوداني خاصة تلك النوعية التي تحاول مناقشة الواقع رغم الصعوبة التي تواجهها
بين حين وآخر. ألاحظ بأن قناة الشروق تقوم بإفساح المجال لعدد من المسرحيات والتمثيليات السودانية التي تمثل واقعنا، ورغم عدم إعجاب البعض من الناس بمسرحياتنا السودانية فلأنهم حسب ظني غير واقعيين… وعدم واقعيتهم مطالبتهم المسرح بالتفوق على واقع البلد. وبمعنى آخر حسب رأيي لا يمكننا المطالبة بمسرح يفوق ما عندنا من تفكير وعمل وتنفيذ ونقد وكتابة و قراءة وتأليف ونشر وحرية الرأي.
التحية لقناة الشروق وهي تفتح أبوابها لشبابنا في المسرح وتبرز للعالم القليل مما لدينا من إنتاج، وهذا الإنتاج إن يكن غير ملبٍ لتطلعاتنا فعلينا العمل على إيجاد البديل له وليس برفضه ونحن لم نملك بعد الأفضل، وما نراه جيداً علينا تجويده أكثر. ومن جانب آخر أقدم التحية للأستاذ محمد المهدي وفرقته النشطة وهم يقومون كل مرة بتقديم المفيد من المسرحيات التي تناقش الواقع السوداني بأسلوب يعتبر عندي حسن حتى الآن ما لم يبرز للسطح أفضل منه.
شاهدت مساء يوم الجمعة 5 يونيو 2010م على قناة الشروق الفضائية، مسرحية بعنوان (محفظتي راحت). هذه المسرحية حسب تلخيصي لها أبطالها الرئيسيون ثلاثة أشخاص هم سائق البوكس واثنان من عمال غسيل السيارات. وتبدأ المسرحية بنزول صاحب بوكس موديل عام 2010م من سيارته ليقابله العامل في غسيل السيارات وهو يود الشروع في الغسيل، لكن صاحب السيارة رد عامل غسيل السيارة بالرفض متحججاً بأنه مستعجل ولذا لا يريد ضياع زمنه… ورغم إلحاح الشاب الصغير بأنه فقط يمكنه غسيل عجلات العربة إلا أن صاحب السيارة رفض بتاتاً غسيل سيارته وأن الموضوع ليس موضوع دفع مال الغسيل. وبعد مغادرة صاحب السيارة مكان وقوف السيارة يكتشف عامل الغسيل محفظة نقود على الأرض وفي تلك الأثناء يحضور زميل له استدعاه لغسيل سيارة أخرى. حدث نقاش بين الزميلين نقاش بشأن المحفظة فزميل العامل يرى بأن ما حدث حظ وقد منحه الله نصيبه من المال .ويمضي لصديقه قائلاً بأن كمية النقود التي تحصل عليها في المحفظة تستطيع تغيير حياته من عامل غسيل سيارات إلى مالك سيارة مثل العربة التي تقف أمامه، أما صديقه الذي وجدها فهو يصر على البحث عن صاحب المحفظة وإعادتها لهو يعتقد جازماً خاصة بعد معرفته اسم صاحبها الذي له كرت في المحفظة بأن أخذ المحفظة يمثل أكل مال حرام.وتواصل نقاش الصديقين حتى عاد صاحب المحفظة وهو يبحث عن المحفظة … وكل من الصديقين العاملين في غسيل العربات يصر على رأيه حتى هدد ذلك صديقه بأنه لن يكون صديقاً له إذا أعاد المحفظة لصاحبها الأصلي…. وتنتهي المسرحية بالسؤال:هل أعيده أم لا؟.
ويفتح الباب للجمهور الذي ناقش موضوع إعادة المحفظة، وقد ظهر وسط الجمهور أيضاً تباين وجهات النظر فهناك من يرفض إعادة المحفظة باعتبارها حظ لصاحبه الذي وجدها والبعض الآخر يرى بأن معرفة صاحب المحفظة يحتم على من وجدها إعادتها.
إن النجاح الحقيقي للمسرح هو إبراز الواقع، فالنقاش الذي دار بعد المسرحية هو النبض الحقيقي للواقع وحياة الناس وليس رأياً واحداً لصاحب المسرحية… التحية لشبابنا في المسرح السوداني وإلى الأمام.

لويل كودو – السوداني
7 يونيو 2010م
grtrong@hotmail.com