الشعبي والشيوعي .. تقارب تكتيكي
ما يثير الكثير من الاستغراب في واقع الأمر، هو تحول الحزب الشيوعي السوداني، وحزب المؤتمر الشعبي، إلى صديقين حميمين على المستويين الاجتماعي والسياسي من الناحية الظاهرية على الأقل، فقيادات الحزبين، لا تفوت فرصة للجلوس على هامش ندوة أو اجتماع لتحالف المعارضة، كما تجمع بين الحزبين على الدوام طاولات المؤتمرات الصحفية التي يقيمها التحالف، فضلاً عن التقاء الشيوعي والشعبي على كلمة سياسية واحدة منذ الانتخابات: إسقاط النظام.
هذا التطابق في الموقف السياسي من المؤتمر الوطني، وحتى من محاوريه سواء كانوا من الاتحاديين أو من حزب الأمة، ليست له مبررات آيدولوجية، ولا قواسم مشتركة في برامج الحزبين، فالشيوعيون على وجه التحديد، ظلوا الخصم الأول للإسلاميين منذ المشاجرات والصراعات السياسية الأولى بين الجانبين في المدارس الثانوية وكلية غردون التذكارية أواسط القرن الماضي، في المقابل، لا يزال الإسلاميون يرون حتى الآن في معظم الحركات التي تحمل في وجههم السلاح، سواء كانت الحركة الشعبية، أو حركة تحرير السودان، نفس ملامح وشبه الحزب الشيوعي، ما يجعل الجانبين، من الناحية الفكرية، ومن الناحية التاريخية كذلك، يقفان على طرفي نقيض.
امتلاك قدر من التأثير على حاملي السلاح يمثل قاسما مشتركا آخر بين الشيوعيين والشعبيين، فالوطني، اعتاد اتهام الحزبين بالوقوف وراء حاملي السلاح ضده، فحركة العدل والمساواة يقف وراءها المؤتمر الشعبي كما يردد الوطني، أما مقاتلو الحركة الشعبية فيقودهم ويوجههم الشيوعيون.
علاقة الحزب الشيوعي مع المؤتمر الشعبي لا تختلف كثيراً عن علاقاته مع قوى المعارضة الأخرى كما يقول صديق يوسف القيادي الشيوعي، ولا تجمع بينهما لقاءات ثنائية إلا عرضاً، أو في سياق اجتماعات ثنائية يعقدها الشيوعيون مع كل أحزاب المعارضة.
ويتابع صديق: كنا في المعارضة ننظر إلى الانتخابات الماضية باعتبارها فرصة للتحول الديمقراطي، وحينما اقتنعنا بخلاف ذلك وقاطعناها، اتفق الجميع على أن تغيير النظام أمر لابد منه، لكن حزبي الأمة والاتحادي الأصل حاولا اتباع الحوار كطريقة لتغيير النظام، بينما تمسكنا نحن والمؤتمر الشعبي بالعمل الثوري والجماهيري لإسقاط المؤتمر الوطني، والآن اقتنع الأمة والاتحادي بأن الحوار لن يؤدي إلى نتيجة، أما الاختلاف الفكري مع الشعبي فلا علاقة له بالتوافق على تغيير النظام، فهناك اتفاق على الحد الأدنى بين جميع قوى المعارضة، ومفاده أن النظام الحالي غير صالح لحكم السودان.
قدرة الشيوعيين والشعبيين على تغيير النظام تبقي موضع تساؤل، فالحزبان يعلنان منذ الانتخابات الماضية أنهما بصدد إسقاط نظام المؤتمر الوطني، دون أن يتمكنا من وضع تهديدهما حيز التنفيذ كما أن العمليات العسكرية ضد الحكومة المركزية في دارفور أو جنوب كردفان والنيل الأزرق في تراخ وإنحسار وهو ما يضعف سيناريو قدرة الحزبين- عبر صلتهما المحتملة بالحركات المسلحة- على تنفيذ برنامج تغيير النظام.
بعيداً عن العمل العسكري، يبدو احتمال تنفيذ الشيوعيين والشعبيين خطة إسقاط النظام عبر العمل الجماهيري مستبعداً بعض الشيء، فالحزب الشيوعي ليس حزباً جماهيرياً بقدر ما هو حزب جذاب لدى النخبة وبعض سكان المدن قبل أن يفقد كثيراً من جاذبيته منذ تسعينيات القرن الماضي، بينما يحمل الكثير من المعارضين وغير المعارضين المؤتمر الشعبي وزعيمه حسن الترابي مسئولية كل الأخطاء التي ارتكبت في الإنقاذ بعد انشقاق الترابي عنها، ناهيك عن تلك التي ارتكبت في نصفها الأول حينما كان د. الترابي هو الأب الروحي والعقل المدبر لها، ما يعني أن فاعلية الحزبين في أوساط الجماهير لا تتناسب مع الهدف السياسي الكبير والمعلن: تغيير النظام عبر انتفاضة شعبية.
الانتفاضتان الشعبيتان السابقتان في السودان في أكتوبر وأبريل، أسهمت فيهما بشكل أساسي الحركتان النقابية والطلابية كما يقول د.معتصم أحمد الحاج المحلل السياسي، وانقلاب 1989 دجن الحركتين الطلابية والنقابية وهي المساحة التي كانت تتحرك فيها الأحزاب العقائدية كالشيوعي والشعبي، مما حدّ من قدرة الحزبين على التأثير، ويتابع إن الحركة السياسية لم تعد أداة محتملة للتغيير في البلاد، وستكتفي بدور اللحاق بأي تغيير محتمل تقوده قوى اجتماعية أخرى، ويصف التقارب بين الشعبي والشيوعي بالعمل التكتيكي الذي يجمع بين حزبين سبق لهما الوقوف خلف الانقلابات، ويخلص إلى أن سيناريو التغيير عبر الإصلاح أقرب من سيناريو الثورة الشعبية إذا ما توافر شعور حقيقي لدى المؤتمر الوطني بحجم الأزمة التي تواجهها البلاد.
رغم ما يتردد عن ضعف الشيوعيين والشعبيين وعدم جماهيريتهما، حاول المؤتمر الوطني خطب ود الشيوعيين في أكثر من مناسبة، سواء كانت مشاركة نائب رئيسه في المؤتمر العام الأخير للحزب الشيوعي، أو بعث دعوات الحوار إلى دار الحزب الشيوعي، على الجانب الآخر، ويسجل المؤتمر الشعبي حضوره الدائم في المشهد عبر صلاته بحركة العدل والمساواة، وعبر حضوره في مفاوضات الدوحة، واجتماعات تحالف المعارضة، وتصريحات الترابي، ما يجعل الحزبين قادرين على المشاركة في أي تحول سياسي قادم، برفقة آخرين إن تعذر فعل ذلك منفردين.
على كلٍ، يرى البعض أن أهمية الحزبين الشيوعي والشعبي لا تكمن في امتلاكهما قاعدة جماهيرية واسعة على غرار حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي، بقدر ما تكمن في قدراتهما التنظيمية، وامتلاكهما امتدادات فكرية- وربما تنظيمية- داخل كيانات وقوي حركية وسياسية أخرى، ما يعني أن التقارب اللافت بين الحزبين قادر على إزعاج أي خصم سياسي ممسك بزمام السلطة، وإن كانت تقارباً إضطرارياً فرضته الظروف، وتنتهي صلاحيته إذا سقط النظام الذي حلم حزبي الشعبي والشيوعي بسقوطه من غير أن ينجحا في تحويل حلمهما ذلك إلى الواقع..!
تقرير: مجاهد بشير
زعط ومعيط *التعيس وخايب الرجاء * ووووووووووووو وفى النهايه جعجه فى الفاضى
أتخيل بس يحكمنا واحد من الجلاكين دول ؟؟؟؟؟؟
علي الطلاق أنتو ما تقلبو تربيزة شاي