قير تور

جوض – 1


[ALIGN=CENTER]جوض – 1[/ALIGN] ما لم تكن دينكاوي فلا تتعب نفسك في البحث عن معنى الكلمة (جوض) فهي ببساطة كتبتها حسب نطق الدينكا للكلمة العربية الدارجية السودانية (جوز). والمعروف بأن كلمة (جوز) نفسها أصلها (زوج) لكننا في الحديث عندما نقول جوز فنعني اثنين… زي اولاد الجويلي اللي ضربوا الجوز إذا كانت مستمعاً من قبل أو ما تزال للموسيقار محمد الأمين عن دار كردفان..
المهم… فأهمية الكلمة وكيفية انتقالها إلى خانة موضوع يستحق التناول في حلقة اليوم تعود إلى دور هذه الكلمة عند الدينكا ليس كمعنى عام بل كلمة لها وقع خاص بحقبة تأريخية حدثت فيها اشياء تعتبر تشريعات سارية حتى اليوم لدى دينكا نقوك ابيي.
عفواً… اعزائي القراء فالمقصود هنا حتى لا يقوم البعض بتعميم الموضوع على كل الدينكا… فبصفة عامة لا توجد في لغة الدينكا أصوات الأحرف العربية أو ما يقابلها في اللغات الأخرى بنفس كيفية النطق (ز، ذ، ث، س، خ، غ، ح، هـ) وعليه فكل من (ز، ذ) تتحول عند الدينكا إلى الصوت (ض أو د أو ط أو ت)… مثل (زيت: ضيت أو ديت، زول: ضول، سمك: طمك).. وبصفة خاصة فأريد التنويه بأن ما نقصده هنا هو نظام حمل الماء على الاكتاف في صفائح معدنية مربوطتين بحبلين على نهاية عصا يوضع على الكتف… اي فإن النشأة جاءت على زوجي الصفيح المعدني ثم جوز فجوض… وقد شاهدت نفس الاستخدام سار في تسعينات القرن الماضي بمدينة سنار وفي بداية هذه الألفية عاصرت إحضار الماء بنفس الطريقة في مدينة ود مدني التي لم ينقطع ذهابي إليها بعد دراستي الجامعية.
على كل حال حاولت بقدر الإمكان توفيق بعض هؤلاء الذين لن يصدقوا ما نقول ويظنونا نتحدث عن أناس من كوكب آخر، لأنهم ببساطة لم يسمعوا أو يروا ما نقول.
في منتصف ستينات القرن الماضي وحسب الروايات الكثيرة التي سمعتها ممن جالستهم من معارفي وأهلي من أبيي، تعتبر تلك الحقبة بداية الهجرة المخططة المنظمة من قبل شباب نقوك إلى الشمال بهدف العمل في فترة الجفاف ثم العودة قبل ايام من بداية الأمطار حتى يلحقوا بالزراعة. كانت أغلب الهجرات تتركز في كل من أم روابة والنهود وسنار. وفي تلك المدن. وعناية إنتباه القارئ فأنا آخذ بالشئ الغالب في ذلك الوقت لأن الهجرة لم تكن للعمل فقط فهناك أسباب أخرى بعضها قهرية بغض النظر عن مسببها.
يعتبر الجيل الذي بدأ ثقافة العمل البدني بدلاً من الاعتماد على ما ورثه الفرد من أسرته من ثروة وتلك المكتسب من زواج القريبات والأخوات، هم أغلب هؤلاء الذين تم تأهيلهم بالشلوخ في الفترة ما بين 1963 و1965 ثم صارت ثقافة واقعة لمن جاء بعدهم. والذين كانوا يأتون وهم في أميز ايام حياة الفرد لأنه مرحلة الشباب تميزوا بمعرفة ما يريدون فهم غالباً كانوا يعودون بالأموال الوفيرة التي لم ينفقوها على الملذات فهم يريدون شراء الأبقار.
في إحدى السنوات وكما رواها لي عدد ممن حضروا تلك الحقبة، زار السيد دينق كوال اروب (الشهير بدينق مجوك) ناظر عموم دينكا نقوك آنذاك مدينة ويقال بأنه في اي مدينة يزورها كان يحرص على مقابلة أبناء الدينكا الموجودين فيها بصفة عامة وعلى أبناء نقوك بصفة خاصة. وفي جولته تلك جاء إلى مكان ورود الماء ورأى عدداً من الشباب يحملون صفائح الحديد على كتوفهم فنادى على أحدهم وما أن عرفوه حتى جاؤا كلهم إليه تقديراً لمكانته عندهم، وكانوا يظنونه يريدون تحيتهم فقط لكنه طلب من أحدهم إعطائه ما يحمل ليقوم بحمله بدلاً عنه.

لويل كودو – السوداني
17 يوليو 2010م
grtrong@hotmail.com