تحقيقات وتقارير

دكتور مصطفى عثمان كاد يقول إن ( الأمم المتحدة ستدخل الجنة)

[JUSTIFY]إستضافت الفضائية السودانية قبل أسابيع الدكتور مصطفى عثمان رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني في حوار تلفزيوني بمناسبة إنعقاد مؤتمر العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الوطني، حيث تركز معظم الحوار حول علاقات السودان الخارجية، وقد ذكر الدكتور مصطفى عثمان في هذا الحوار كلاماً عجيباً غريباً ينم عن مدى عدم الوضوح وضبابية الرؤية لمن يتسنمون إدارة ملف العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الوطني، بل إن اللقاء كشف كذلك عن قدر كبير من عدم إلمام كثير من قيادات المؤتمر الوطني لفنون وحسن إستخدام وسائل الإعلام لتحقيق الأهداف، كما إن اللقاء كشف كذلك إرتباكا كبيرا في التمييز بين ما ينبغي ان يقال في الصوالين المغلقة وبين ما ينبغي ان يقال في الهواء الطلق، حيث كانت أول إفادة »صاعقة« ذكرها الدكتور مصطفى عثمان في ذلك اللقاء أنه أكد في إعتراف باذخ ظلت تبحث عنه دول الاستكبار أن »النزاعات الداخلية« في الدول أصبحت تؤثر إقليمياً بفعل التداخلات وهو ما يجعل هذه النزاعات تؤثر بصورة مباشرة على الأمن والسلم الدوليين، وهذا التأثير »حسب ما ذكر دكتور مصطفى «هو ما يجعل الأمم المتحدة تتدخل في تلك النزاعات الداخلية في الدول ، و قد قال الدكتور مصطفى هذا الكلام دون أن يستدرك أو يوضح أن الأمم المتحدة حينما تتدخل في هذه النزاعات لا تتدخل بإعتبارها »فاعل خير« يسعى بنية الحل أو فض تلك النزاعات وإنما تتدخل الأمم المتحدة وفق أجندة سياسية لا تخصها هي وإنما تخص »عصابة الإستعمار العالمي« من الدول التي تهيمن على مركز العصبي في الأمم المتحدة، لذلك كان من المدهش ان يؤكد الدكتور مصطفى في ذلك اللقاء وفي أخطر إفادة يطلقها مسؤول سوداني يؤكد فيها على حقيقة جواز تدخل الأمم المتحدة في النزاعات الداخلية ليعطي بذلك الأمم المتحدة براءة باذخة من سوء نية القصد والهدف رغم ان هذا التدخل الذي أصبحت تتورط فيه الأمم المتحدة لا تسنده حتى الآن أي قوانين في الأمم المتحدة التي ما زالت ديباجتها الرئيسية تشير إلى أنها منظمة صممت »لحفظ الأمن والسلم الدوليين« وبذلك تصبح عمليات التداخل في النزاعات الداخلية التي تقوم بها الأمم المتحدة هي خطأ إجرائي وقانوني كبير تقع فيه الأمم المتحدة مع سبق الإصرار والترصد وبفعل المهيمنة المفروضة عليها من الدول الكبرى، أما ثاني العجائب المدهشة التي تبرع بها الدكتور مصطفى في ذلك اللقاء هو حديثه الإيجابي عن منظمات الأمم المتحدة ووصفه لها بأنها منظمات محايدة متخصصة في تقديم خدمات جيدة للمواطنين، ورغم ان مقدمة البرنامج حاولت الإستدراك عليه وتنبيهه إلى أن السودان عنده مشاكل كبيرة وإتهامات كبرى تجاه منظمات الأمم المتحدة إلا أن الدكتور مصطفى رغم ذلك الإستدراك أستمر في تأكيده الباذخ ان معظم منظمات الأمم المتحدة هي منظمات محايدة وتقدم خدمات جيدة في العديد من أنحاء العالم وكاد ان يقول انها «سوف تدخل الجنة» بفعل تلك الخيرات التي تقدمها، وهذا الكلام من الدكتور مصطفى كان يمكن ان يكون كلاماً مقبولاً لو أنه تم في لقاء خاص يجمعه مع موظفي الأمم المتحدة وفي صالون مغلق لأنه عند ذلك كان سيكون ذلك الكلام من باب المجاملات الدبلوماسية العادية التي لا تشكل خطراً علي تشكيل الرأي العام وربما يكون من باب »النفاق الجائز شرعاً« كما ذكر الأمام القرطبي، مع ملاحظة أنه حتى في حالة هذه اللقاءات الصالونية ينبغي ان يكون »الكلام بمقدار« حتى لا يتكسب موقع ويكيليكس مستقبلاً من ونسة الصوالين، ولكن ان يكون هذا الكلام في العلن ومن مسؤول العلاقات الخارجية في المؤتمر الوطني ومن وزير سابق للخارجية السودانية فإن هذا القول يحدث طامة كبرى على المستوى الداخلي وطامة أكبر على المستوى الخارجي لأن الحكومة والمؤتمر الوطني ظل كل خطابهما السياسي الداخلي والخارجي يعبئ المواطنين ويعبئ الرأي العام الداخلي والخارجي للتأكيد على ان منظمة الأمم المتحدة وكل آلياتها هي أجسام غير محايدة صممت لخدمة الدول الإستعمارية وخدمة الصهيونية »وهي فعلاً كذلك« حتى لو انبهر الدكتور مصطفى بمليارات الدولارات التي تصرفها بعض منظماتها في تطعيم الأطفال أو إزالة الألغام لأن هذه المليارات هي جزء من أموال العالم المنهوبة و التي توجه إلى تلك الخدمات بغرض التمويه وصرف الانتباه وهي جزء من »سعر التكلفة« لتمرير المؤامرات عبر الأمم المتحدة، مع ملاحظة ان هذه المنظمات نفسها التي كال لها الدكتور مصطفى »الحمد و الثناء« هي نفسها غير محايدة في خدماتها وغير محادية في أماكن إختيار خدماتها وغير محايدة في كمية وحجم خدماتها لأن الدول التي تهيمن على الأمم المتحدة هي من تدفع هذه المنظمات للتعامل »بالخيار والفقوس« مع الدول ومع حجم التمويل للخدمات المطلوبة كما ان الدكتور مصطفي يعلم جيداً ان كل العالم لا يعلم شيئاً عن معظم موظفي هذه المنظمات الذين يتم تنصيبهم وتوظيفهم عبر الصفقات المتبادلة بين إستخبارات الدول المهيمنة على الأمم المتحدة وعلى رأسها »دولة المقر امريكا« ولذلك فإن هذه المنظمات الدولية التي وصفها الدكتور بالحياد هي منظمات »منخورة بالجواسيس وعملاء الإستخبارات« وهذا ما دفع الدكتور نافع لتركيز كل خطابه في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر العلاقات الخارجية في مهاجمة الأمم المتحدة ومنظماتها والتي إعتبرها أداة الإستعمار الأولي وأكبر أدوات الهيمنة لتطويع الشعوب، أما آخر العجائب وأخطر إفادات الدكتور مصطفى في ذلك »اللقاء الخبطة« هو ذلك »النفس التبريري الخاطئ« الذي تحدث به الدكتور مصطفي ليوضح به سبب سوء علاقتنا مع امريكا، وهذا الخطأ يقع فيه معظم مسئولي الدولة حينما يسألون عن أسباب عدم تحسن علاقات السودان مع امريكا حيث تكون دائماً الإجابة التبريرية جاهزة وحاضرة وهي ان »السستم« في امريكا معقد جداً وان هنالك تداخلاً كبيراً في الإختصاصات وإن هناك دوائر ومجموعات ضغط مؤثرة جداً وهي كلها من تدير العلاقات الخارجية وهذه الدوائر ومجموعات الضغط هي مجموعات تشكل ضغوطاً على الحكومة الامريكية حتى لا تحسن علاقاتها مع السودان، وطبعاً هذا الكلام أكبر خديعة ظل يبتلعها السودان وظل يبتلعها القائمون على ملف العلاقات الخارجية، لأن هذا التبرير يُظهر الحكومة الامريكية كأنها حكومة عاقلة جداً ومتزنة وحريصة جداً على إصلاح علاقتها مع السودان ولكنها في ذات الوقت هي »مسكينة« ومهيضة الجناح لا تستطيع مخالفة »مجموعات الضغط«، والغريب أن »مجموعات الضغط هذه« لا تظهر إلا في حالة السودان وحده وكي أؤكد على هذه الحقيقة و على أن قضية مجموعات الضغط هي »فقاعة« تستخدم في حالة السودان وحده دون سواه، هل سمعتم يوماً ان مجموعات الضغط هذه قادت أي عمل عدائي ضد »تركيا الإسلامية في عهد أردوغان« الذي بدأ عهده بمبارزة سامقة مع الرئيس الإسرائيلي بيريز داخل فناء الأمم المتحدة؟، هل سمعتم يوماً بتحرك أي مجموعات ضغط ضد تركيا رغم ان اليهود والامريكان متيقنين »بدرجة 100%« ان تركيا الآن يحكمها »أحد تيارات الأخوان المسلمين«، لم يسمع أحد بمجموعات ضغط تتحرك ضد تركيا الإسلامية، لأن أي خطأ غير محسوب من امريكا تجاه تركيا سوف يكلفها كثيراً وبالتالي هنا لا تظهر أبداً أي تأثيرات لما يسمى بمجموعات الضغط لأن تلك المجموعات تعلم ان لها حدوداً لا تستطيع تجاوزها رغم إحساس تلك المجموعات بخطورة الطريق الذي تسلكه تركيا الآن. ويا بخت الإدارة الامريكية التي تصفعنا في عام »مرة أو مرتين« ولا تجهد نفسها بالبحث عن أي تبرير لأن القائمين على أمر العلاقات الخارجية عندنا سيعتذرون إنابة عن »امريكا الطيبة« التي أوقعها حظها العاثر تحت ضغط »اللوبي الصهيوني« ومجموعات الضغط!![/JUSTIFY]

صحيفة الراي العام – عبد الهادي عبد الباسط

تعليق واحد

  1. الطفل المعجزه هذا لو ركز على الاسنان قد يفلح .يا لمصيبة هذا الوطن