قير تور
الإنذار….!!.
في ذلك الكتاب يحكي الراوي قصة حدثت في العام 1925 م وفيها مشاهد كثيرة عن سناتور أميركي مع أبنائه يزورون تلك المنطقة السياحية الواقعة تحت النفوذ الفرنسية ويشاهد السناتور مع أبنائه وقائع صعبة بين الفرنسيين وأهل المنطقة الأصليين وبعض الصينيين المسيطريين على الاقطاعيات ونوع خليط ما بين المواطنين الأصليين والفرنسيين (أي من يشبهون هؤلاء المسمون بالملكية في جنوب السودان).
واحد من المشاهد الجميلة في القصة أن العربة التي كانت تقل الضيوف سارت تحمل السناتور الأميركي ومعه أحد الضباط الفرنسيين ،وأما السائق فقد كان من القبائل المحلية الأصلية بالمنطقة، وأبناء القبائل تلك هم العمال وأصحاب الحرف الوضيعة فهم ما زالوا يؤمنون بأرواح الأجداد التي يظنون أنها تملك القدرة على التأثير على حياتهم إيجاباً وسلباً.وعليه فقد كان سائق العربة واحداً من أبناء هؤلاء ….. وأثناء سير السيارة وصلوا منطقة كانت بها برك مياه يتجمع حولها مجموعات مختلفة من الرجال والنساء والبنين ، وما أن سمعوا ورأوا العربة التي تقترب حتى هربوا من المكان الذي كانوا فيه.إلا أن أربعة من الصبيان يبدو عليهم العناد أو الغباء أو سمه ما شئت لم يتحركوا مبتعدين بل وقفوا في الطريق الذي تسير فيه العربة.سائق العربة الذي يسمى (لوتش) حاول تخفيف سرعة السيارة ،لكن الضابط الفرنسي صرخ فيه وأمره بمواصلة السير بنفس السرعة في الوقت الذي ضغط فيه على البوري باستمرار.أطاع السائق الضابط الذي قال بوضوح “إذا صرت تتوقف أو تقلل سرعة سير العربة فإنهم لن يتعلمون أبداً إفساح الطريق أمام السيارات”.وعندما اقتربت السيارة من الأربعة قفز ثلاثة منهم بعيداً وتعرض الذي لم يتحرك إلى ضربة حركته من مكانه رامية إياه بعيداً داخل الطين… وشدد الضابط على السائق بمواصلة السير.نظر السناتور الأميركي من مرآة السيارة وسأل الضابط الفرنسي بهدؤ “أليس ممكناً لنا الوقوف لنعرف ماذا أصاب الشخص الذي تعرض للضربة”… فضحك الضابط الفرنسي وأجاب بدون اكتراث لسنا بحاجة إلى ذلك فالوقوف قد يخسرنا بعض الملاليم كغرامة ثم إن هؤلاء القوم قد تم إنذارهم كم مرة وهم لا يعوون أبداً أهمية إفساح الطريق للعربات التي تسير على الطريق .وأضاف الضابط بأنه لا فرق إذا كان أصيب أو مات لكن يمكن للسائق الذي يقود سيارة الأثاث معرفة ما حدث فهو من المواطنين الأصليين.ومضى شارحاً للسناتور الأميركي بأن المواطنين هناك لا يبالون بما تنشره الحكومة من إنذارات وتحذيرات.وعليه فليس هناك مسؤولية أو لوم عليه لأن الغباء والجهل يترتب عليه مثل هذه النتائج الطبيعية.وذهب أكثر من ذلك بأن هؤلاء القوم محظوظون جداً بوجود الفرنسيين على أرضهم فهم سبب النمو والتطور وكل أنواع الحضارة.
وعندما قاطعه السناتور الأميركي بأنهم في النهاية مستعمرون لهم ..قال الضابط بأن الأصل إذا لم يستعمرهم الفرنسيون لجاء غيرهم إلى هذه الأرض وفعلوا ما فعلوا.
أهم ما استطيع فهمه من الكاتب هو أن الإنذار عندما يأتي من صاحب القوة والسيطرة فعلى الضعيف الإصغاء جيداً ليفهم وينفذ المطلوب وإلا فهو يخطئ ضد نفسه قبل الآخرين.
لويل كودو – السوداني
26 يوليو 2010م
grtrong@hotmail.com