تحقيقات وتقارير

من تراه كسب الجولة الأخيرة؟!

[JUSTIFY]«بقدر ما أسعدني أن يكون الحزب الوطني بهذه القوة أحزنني أن تكون الأحزاب الأخرى بهذا الضعف» تلك الكلمات قالها الرئيس المصري مبارك عقب «اكتساح» حزبه لآخر انتخابات تُجرى في مصر.. نعم لقد جرت انتخابات لكنها كانت مضروبة ومزوَّرة على أيدي بلطجية الحزب الحاكم الذي كان يسخِّر الشرطة والقضاء وكل أجهزة الدولة من أجل الفوز بها حتى ينعم «البلاطجة» أصحاب المصلحة الحقيقية بالسلطة والثروة التي نهبوا بها مصر وقزَّموها وجعلوا منها تابعاً ذليلاً لأعدائها.
يا لها من لطمة قوية تلك التي تلقّاها مبارك وزبانيته وهم يشهدون اكتساح خصومهم الإسلاميين الذين لطالما أذاقوهم من سجونهم وبأسهم وتعذيبهم للانتخابات التي تُجرى هذه الأيام في أرض الكنانة ويا لها من فضيحة لأولئك الذين كانوا يصوِّرون لفرعونهم المغرور أو بالأحرى لملكهم العريان أنّه يتزيّا بفاخر الثياب المرصَّعة باللؤلؤ والمرجان وأنه يحوزُ على رضا شعب مصر ويا لها من خُدعة أن يظلَّ الرجلُ متمترساً ببُرجه العاجي بعيداً عن شعبه الذي لطالما ظنَّه الفِرْعون حامداً شاكراً مُسبِّحاً بحمده إلى أن تكشَّفت له الحقيقة المُرَّة بإرادة العزيز الجبّار مالك الملك الذي يُمهل ولا يُهمل فإذا بالسجَّان يغدو سجيناً ذليلاً كسيراً وإذا بالسجين يخرجُ ظافراً منتصراً فسبحان مغيِّر الأحوال!!
ذات المشهد تكرَّر في تونس وخرج السجّان «بن علي» إلى المنافي ذليلاً حسيراً وعاد العالم العابد «راشد الغنوشي» إلى أرضه بعد عقود قضاها في السجون والتهجير القسري وكانت قصة فِرْعَون ليبيا أبلغ وأعظم وما من طاغية سيكون عبرةَ تُضارع قصة جبابرة عاد وثمود مثل القذافي فقد عاد عبد الكريم بلحاج وعلي الصلابي ليُمسكوا بخطام ليبيا بعد أن ذاقوا من كيد وظلم وسجون الرجل الذي جعل من ليبيا مسخرة يتندَّر بها وبزعيمها أهل الأرض جميعاً!! والحبل على الجرار فالطغاة المعادون لشريعة ربِّهم يتساقطون والإسلامُ يزهرُ من جديد في ربيع الإسلام الذي تحرَّج أعداؤه فسمَّوه زوراً وبهتاناً بالربيع العربي!!
من تراه كسب الجولة في نهاية المطاف ومن تراه ضحك أخيراً؟ فرعون مصر الأول في عهدها الحديث وسجّانها «عبد الناصر» أم سجينُه الشهيد «سيد قطب» الذي أحبَّ اللهَ فأحبَّه اللهُ فكشف له الحجب فأبصر بعين الله وكتب «المستقبل لهذا الدين»… كتب ذلك حين كانت الأرض تضيق بدعاة الإسلام المطارَدين وحين كانت الأبصار زائغة والقلوب قد بلغت الحناجر وظنَّ ضعافُ الإيمان بالله الظنون لكن سيد قطب كان مُوقناً بنصر الله ولو بعد حين فكتب من داخل سجنه الكئيب «معالم في الطريق».. ذلك الكتاب الذي أحدث تحوُّلاً كبيراً في مسار الدعوة الإسلامية وألهب الحماس في نفوس شباب الإسلام وانتشر حتى باتت دُور النشر المسيحية تطبعُه وتوزِّعُه لأسباب تجاريَّة.. ذلك الكتاب الذي شَنَّ عليه أعداءُ الإسلام حملات شعواء فسمَّوه «بالسم الأسود» الذي شربه شباب الإخوان ذلك الكتاب الذي حذَّر من تأثيره الشيوعي عبد الخالق محجوب.. ذلك الكتاب الذي أشعل الصحوة الإسلامية.. ذلك الكتاب الذي أدعو إلى قراءته من جديد ومعه «في ظلال القرآن» وما أدراك ما «الظلال»؟!
أعود بعد استطراد فرض نفسه عليَّ لأقول إن ما حدث لمبارك اليوم كان من الممكن أن يحدث لعبد الناصر لو كان يحكم اليوم بعد أن دار الزمان دورته وما كان عبد الناصر بأقل قسوة وطغيانًا وجبروتاً من مبارك فأين عبد الناصر اليوم وأين سيد قطب وأين مشروع الأول «الناصرية» في انتخابات مصر الأخيرة وأين مشروع سيد قطب الذي اكتسح الانتخابات من خلال الأحزاب الإسلامية جميعاً التي تتلمذت على الرجل؟!
بعد أشهرٍ قليلة من استشهاد سيد قطب تلقّى سجانُه وقاتلُه عبد الناصر الهزيمة النكراء من بني صهيون ومن عجب أن تنعقد قمة الخرطوم لتناقش هزيمة حزيران 1967م بعد عام واحد في نفس اليوم الذي استُشهد فيه سيد قطب 29/8/1966م وفي صبيحة استشهاد سيد قطب رُزقت شقيقتي الكبرى بطفل أصبح هو الطبيب سيد قطب الحاج اليوم وكانت رسالة أن سيد قطب لن يموت جسداً وروحاً وفكراً ودولة.
من تراه كسب الجولة: الإمام الشهيد حسن البنا وهو يحصد ثمار غرسه فوزاً كاسحاً لفكرته ودعوته أم الملك فاروق وهو يغرس الرصاصة في جسد البنا الذي صعد شهيداً وترك الملك فاروق يتمرّغ في الوحل والطين إلى أن حاقت به المهانة بالخلع المُذلّ قبل أن يموت كما تموت العير في المنافي البعيدة؟!
ما أتفه الاستعمار حين أتى بالقومية العربية عقيدة عنصرية وزرعها في عقول بعض الصغار من القادة العرب الذين نصّبهم ليُطفئوا جذوة الإسلام ويمكِّنوا دَرَوْا أم لم يدْرُوا، لدولة بني صهيون فكانت الهزيمة الساحقة الماحقة جراء تحطيم راية «الجهاد» في سبيل الله ورفع راية «النضال» في سبيل القومية العنصرية ولا غرو أن ترتعد فرائص بني صهيون وحلفائهم من بني علمان في ديار العرب ويُقيم نتنياهو ووزير دفاعه سرادق العزاء حزناً على انتصار الإسلام في مصر فقد علم الآن أن العدّ التنازلي لدولته قد بدأ وأن خيول صلاح الدين قد أُسرجت وأن تلاميذ البنا وسيد قطب قد حلّوا محلّ فاروق وعبد الناصر ليستعدلوا التاريخ ويصحِّحوا مسيرته من جديد ويُنهوا فترة التيه والاستبدال في صحراء الغفلة وأن المسيرة المأمورة لا تزال مستمرّة لتُحيط بالكيان الصهيوني إحاطة السوار بالمعصم قبل أن تفتك به.
ترجَّل يا رجل ومُر شبيحتك بالمغادرة.. ترجَّل وثق أن خُدعة المؤامرة التي تتدثّر بها لن تنطلي على أحد فبنو صهيون لم يجدوا من يسلِّمهم هضبة الجولان غير بعثكم العروبي البغيض العاجز إلا عن تقتيل الشعب السوري الأعزل.. بعثكم الذي أنشأه نصراني كفور ليمكِّن لبني صهيون ويؤخِّر عودة الإسلام ويحُول دون تحرير الأقصى.
أما إيران وحزب الله وبقية الدجّالين فقد انكشفوا وتعرَّوا حتى من ورقة التوت وتبيَّن الوجه الطائفي القبيح الذي يساند نظام الأسد حتى ولو كانت علاقته بالإسلام كعلاقة الثرى بالثريا.
إنها دورة حضاريّة جديدة جاءت رغم أنف أمريكا بإرادة الله العزيز لن يقف في طريقها أو يحُول دون انطلاقها حائل.. دورة بإرادة الله الغلاّب أعقبت فترة التيه التي رزحت تحت رمضائها الأمة وآن لها أن تخرج من تحت الوحل والطين وتعيد للإسلام مجدَه الغابر.
[/JUSTIFY]

الانتباهة – الطيب مصطفى

‫4 تعليقات

  1. لا فض فوك يا استاذ الطيب مصطفى كل مقالاتك وكتاباتك نحسب انها خارجة من القلب فتصل الى قلوبنا فجزاك الله خيرا وبارك في يراعك والاسلام قادم والغلبة لهذا الدين بعز عزيز او ذل ذليل

  2. ياريت تكمل نصحيتك وتشمل اللذين طبقوا الفكره حتي لا يفشلوا بعد نجاحهم في الانتخابات العبرة بالخواتيم