تحقيقات وتقارير

عابدين الطاهر والمباحث الجنائية!!

[JUSTIFY]وتمضي سفينة الأيام بتقلباتها وحلوها ومرها فبعد أقل من ساعة كان في أولها هانئاً بحياة اعتادها لعشرات السنين جاءه القرار بمأساة أليمة لم يحسب لها حسابًا ونزل عليه كالصاعقة لكنه تحلى بصبر الجبال وهكذا الرجال فواجه الموقف بجلد يشبه شخصيته القوية فغادر مكتب الوزير حيث بُلِّغ بالخبر المحزن بسيارته التي كان يقودها بنفسه إلى منزله ليتقلب على فراشه حتى الصباح ذلك كان حال اللواء عابدين الطاهر وهو يغادر موقعه في الشرطة التي نذر لها حياته وذلك كان بوحه لصحيفة الأحداث التي زادت من أوجاع من عرفوه عن قرب ومن لم يعرفوه إلا من على البعد من أمثالي حين أبرزته ببنط أحمر عريض في صدر الصفحة: «لم أذق طعم النوم ليلة إقالتي»!! لكن الرجل لم يقل لنا كيف كان حال أسرته حين نقل إليها النبأ؟

ما حدث لعابدين في ذلك اليوم الأغبر تكرر مع آخرين من كبار الضباط منهم قريبي «الضكر» الفريق كمال جعفر الذي تمنعني علاقة الدم من الحديث عن رجولته وشهامته وصفاته القيادية الأخرى التي كنا نتوقع أن تؤهِّله لمواقع أكبر لكنها الحياة التي يختمها الموت وما أدراك ما الموت وهل أمرَّ على الأحياء من موت الأحبة وهل من حزن أكبر من موت محمد صلى الله عليه وسلم؟! لعل عزاء كمال وعابدين أنها بداية لحياة جديدة ستكون أكثر متعة فلذة العيش في التنقل وأمثالهما لايعرفون الفشل بل يعشقون النجاح.

لم أقل هذا الكلام اعتراضاً واحتجاجاً فتلك هي طبيعة الأجهزة النظامية التي لها تقاليد لا يفهمها «المدنيون» أو قل «الملكية» الذين يفضلون أن يُهيأ من يتم إعفاؤهم من خلال التقاعد المعلوم بسني خدمة تنتهي في عمر محدد أو بعقوبات تُنهي عمل الموظف أو بالتعويض المجزي عن الفصل التعسفي ولست أدري موقع كلامي هذا لدى «النظاميين» لكن أذكِّر فقط بكلمة قالها عابدين: «كان قرار إقالتي شبيه بالموت»!!
في الحقيقة لم أُفاجأ بإعفاء عابدين الطاهر من سلك الشرطة بقدر ما فوجئت بنقله من عرينه الأول في المباحث الجنائية التي تخصص فيها وأبلى بلاءً حسناً شهد له به كل السودان تقريباً وقد توقع عابدين أن يكون ذلك النقل مقدِّمة لإحالته للتقاعد… نعم يمكن أن يفهم المرء إحالة عابدين أو غيره إلى التقاعد لكن من الصعب أن يفهم تحويل الطبيب إلى مهندس أو العكس وأذكر أنه عندما نُقل اللواء عابدين من المباحث الجنائية تلقى الشارع ذلك بعلامات استفهام بأكثر مما حدث عندما أُحيل إلى التقاعد!!
فهمي المتواضع يقول إن المباحث علم وتخصص يتلقى من يعمل فيه دورات تدريبية ويصقل ذلك بخبرة أُتيحت لعابدين على مدى عقود من الزمان تماماً كما يفعل الطبيب وهو ينخرط في مجاله ولا يغادره طوال عمره إلى مجال آخر مغاير حتى ولو كان في ذات الحقل الطبي ولا يمكن للطبيب الباطني أن يعمل طبيب عيون أو أسنان مثلاً ولذلك دهشت وكثيرون أن يُنقل عابدين مديراً للمرور الذي يعلم شرطيه أكثر مما يعلم هو عنه!!
طبعاً سيدهش رجال الشرطة وربما العسكريون جميعاً من حشر هذا «الملكي» أنفه فيما لا يعنيه لكن تدخل العسكريين أحياناً في الشؤون المدنية وبالعضل يمنحني الحق في التدخل «كتابة فقط»!!

على كل حال أود أن أطرح على اللواء عابدين اقتراحاً بأن يفتح مكتب «تحري خاص» إذا كان القانون يتيح له ذلك ولست أدري لماذا لا يتاح؟!
أثق أنه سيجد الكثيرين أمام مكتبه ليس لأنهم لا يثقون في الشرطة التي ينزلها الناس جميعاً مكاناً علياً وإنما لأن الرجل اكتسب سمعة طيبة تؤهله لأن يكون محل ثقتهم خاصة في حفظ الأسرار في مجتمع محافظ تهمه السترة التي كثيراً ما تضطر أفراده إلى السكوت على ما لا يجوز السكوت عنه!!
أقول هذا بعد أن علمت أن عابدين سيفتح مكتباً للمحاماة فهلاّ أبدل تلك الفكرة بمكتب للتحري الخاص أسوة بكثير من الدول مما رأيناه في أفلام «الآكشن»؟!
سلفا كير وبيت الزجاج!!

ورد في الأخبار أن رئيس دولة الجنوب سلفا كير طلب من الحركة الشعبية في الشمال تغيير اسمها!!
عجبت والله لأن الرجل الذي يطالب بذلك ينبغي أن يجيب عن السؤال: ولماذا تحتفظ «الحركة الشعبية لتحرير السودان» والتي تحكم الجنوب اليوم بعد أن انفصلت بوطنها.. لماذا تحتفظ باسمها حتى بعد أن غادرت الشمال وما هي علاقتها بالسودان الذي ينص الاسم على أنها تسعى إلى تحريره ثم ألا يثبت ذلك أن مهمة إقامة مشروع السودان الجديد لا تزال تنبض بالحياة في عقول قادة الحركة والجيش الشعبي؟! ألا يتسق ذلك مع مقولة سلفا كير في يوم تدشين دولته الجديدة بأنه لن ينسى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي مما رأينا تصديقاً له في الحرب التي شنَّها عملاء الحركة عقار والحلو وعرمان في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ثم ألا يتسق الاحتفاظ باسم الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان مع ما أقدمت عليه الحركة حينما كوَّنت تحالف كاودا والجبهة الثورية السودانية التي تضم إلى جانب الحركة الشعبية حركات دارفور المتمردة؟!
على كل حال فليستعد سلفا كير لمزيد من الفشل في إدارة دولته المصنوعة من بيت الزجاج بل من بيت العنكبوت فالشمال معذور إن هو أشعل الأرض تحت أقدام سلفا كير فكما تدين تُدان!![/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
الانتباهة

تعليق واحد

  1. أولاً الشرطة ليست جهازاً عسكرياً بل هي قوة مدنية وتنحصر صفة العسكرية فقط في القوات المسلحة التابعة لوزارة الدفاع , ثانياً , كثيرون سمعوا عن اللواء عابدين الطاهر في المباحث الجنائية وقدراته الكبيرة , وسمعنا بالمثل من فم مدير الشرطة السابق الفريق محجوب حسن سعدوهوأيضاً كان مديراً للمباحث الجنائية ومتابعة المخدرات وهم كفاءات استفيد منها في البلاد , وانتهى دورهم وجزاهم الله خيرا وعوض البلاد بتلاميذهم وعوضهم هم خيرا من عملهم الذي أحبوه , وهكذا هي الدنيا وهي كما قال الشاعر :إنما الدنيا نضارة أيكة @ إذا اخضر منها جانب جف جانب ,,, وهي لا تدوم لأحد وسرعان ما تنتقل إلى آخرين !!