تحقيقات وتقارير
إذا لم تستحِ فاصنع ماشئت !!
العجيب أن مبارك الفاضل الذي خرج قبل سنوات من وعلى حزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي وأنشأ «حزب الأمة الإصلاح والتجديد» ودخل به في حكومة المؤتمر الوطني متقلِّداً منصباً رفيعاً في تلك الحكومة وحاصلاً على عدد من المقاعد الوزارية.. أقول إن مبارك الذي يتحدَّث اليوم عن اختراق حزب الصادق المهدي من قِبل المؤتمر الوطني لأن الصادق لم يتبنَّ إستراتيجية مواجهة النظام بغرض إسقاطه بالتعاون مع قوى الإجماع الوطني بقيادة فاروق أبو عيسى ومشاركة الشعبي والشيوعي.. هو الذي شارك في سلطة المؤتمر الوطني بدون أن يتَّهم نفسه أو يتَّهمه الصادق أو غيرُه في ذلك الوقت بأنه مُخترَق من قِبل المؤتمر الوطني!!
إنه الكيل بمكيالين حين ينصِّب الشخص نفسه وصياً على الآخرين ويعتبر صنيعه هو الحكمة والصواب ونفس الصنيع من غيره هو التخبُّط والاختراق!!
هذا ما ظللنا ننتقده في الممارسة السياسية لجميع الأحزاب التي لا تصدر عن سلوك أخلاقي يلتزم القيم المطلقة في تعامله مع نفسه ومع الآخرين.. إنها السياسة عندما تتجرد من الأخلاق.. إنه تطفيف المكيال والميزان الذي توعد اللهُ مقترفَه بالويل والثبور «وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُوْلَـئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَـلَمِينَ».
المؤتمر الوطني الذي يقوم على مرجعية الحركة الإسلامية هل يتعامل مثلاً مع قضية الحريات اليوم وهو في السلطة كما كان يتعامل وهو في المعارضة عندما كان يُقيم الدنيا ويُقعدها احتجاجاً على الحكومة حين تضيِّق عليه قليلاً أو كثيراً؟! هل يتعامل مع الصحافة كما كان يفعل إبّان الديمقراطية الأخيرة التي انقلب عليها؟! هل يُتيح لها جزءاً يسيراً من الثروة التي يتقلب في ملياراتها حتى يُتيح لها فرصة المنافسة بل هل يُتيح لها الحرية الكافية؟!
اقرأوا آيات سورة النساء حين عوتب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأنه حكم لمصلحة مسلم كانت البينة تؤيده وكيف جاءت الآيات تحكم لليهودي وتُدين المسلم السارق بشير بن ابيرق «إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا» إلى أن يقول سبحانه: «هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً».. الغريب في الأمر أن بشيراً هذا ارتدَّ عن الإسلام حين نزلت آيات القرآن تحكم لصالح اليهودي!!
إنه العدل المطلق الذي يُعتبر أهم مقوِّمات دولة الشريعة الإسلامية.
نرجع لمبارك الفاضل الذي تحدَّث عن الاختراق فقد اجتمع الرجل بقيادات «شباب الإصلاح والتجديد» بحزب الأمة القومي بمنزله في الخرطوم وتناول اللقاء الخطوات اللازمة لتغيير الأوضاع داخل حزب الأمة!!
عجيبٌ والله!! إذن فإن شباب الإصلاح والتجديد التابعين لمبارك الفاضل قبل أن يقرر منفرداً حل حزبه والذوبان داخل حزب الأمة القومي هؤلاء الشباب الذين يكوِّنون كياناً خاصاً داخل الحزب الكبير يجتمعون بأجندة خاصة بهم ويسعون لتحقيقها داخل الكيان الكبير وبالرغم من ذلك يتحدَّث مبارك عن اختراق حزب الأمة القومي بواسطة المؤتمر الوطني!!
«طيِّب» يا مبارك ماذا تسمِّي كيانك الخاص هذا؟! ألا يمثل ما يقوم به اختراقاً للكيان الكبير وبالمكشوف كمان؟!
الشيء الطبيعي يا مبارك الفاضل أن حزبكم ـ الإصلاح والتجديد ـ الذي خرج عن حزب الأمة بدون أن يستشير أحداً ورجع بدون أن يستشير أحداً وبدون أن يعلن عن انخراطه داخل مؤسسة الكيان الكبير والتزامه بالمؤسسية القائمة فيه.. الشيء الطبيعي أن يخرج كيانكم الصغير ـ الإصلاح والتجديد ـ مرة أخرى تصحيحاً لخطئه الأول أو الثاني حين قرر الرجوع إلى الكيان الكبير لكونه لم يجد نفسه داخل مؤسسات الحزب الكبير ولم يتمكَّن من تمرير أجندته وتوجُّهاته!!
يقول الخبر إن اجتماع شباب الإصلاح والتجديد بحث بنود مذكرة سيدفع بها شباب الإصلاح بتوقيع ألف شاب إلى رئيس الحزب تتضمن المطالب التي تتعلق باستيعاب كوادر الإصلاح والتجديد في أجهزة الحزب وإصدار قرار بفصل عبد الرحمن الصادق المهدي من عضوية حزب الأمة القومي!!
بالله عليكم ألم تضحكوا؟! شباب مبارك الفاضل يريدون أن يدخلوا أجهزة حزب الأمة و«يرفتوا» ولد الصادق المهدي في حزب طائفي يقوم على الوراثة أباً عن جد!! «طيِّب» يا مبارك إنت ذاتك «طعمك شنو ووزنك شنو» بدون اسم المهدي الذي يزين سيرتك؟! ورغم ذلك يتحدث مبارك الفاضل عن الاختراق!!
يقول الخبر: ودعا مبارك الشباب إلى ضرورة مواجهة الحكومة بعد أن تلقى موافقة الولايات المتحدة على عقد مؤتمر قومي للأحزاب المعارضة برعاية أممية بناء على طلبه!!
عليكم الله شفتوا قوة العين دي؟! لكن هل نسيتُم قصة ضرب مصنع الشفاء التي لم تمنع المؤتمر الوطني من قبول مبارك المهدي وتنصيبه في القصر الجمهوري في بلاد المساخر والإباحية السياسية؟!
[/JUSTIFY]
الانتباهة – الطيب مصطفى
وهل هذا غريب على مبارك الفاضل؟ ألم يقل من قبل البلد بلدنا ونحن أسيادها؟