تحقيقات وتقارير

د. نافع والبوشي .. بعيداً عن (فش الغبينة)

ممارسة السياسة بالسودان تشكو من جفاف في الوجدان وأزمة حادة في الضمير، فالخصومة تعلو دائماً على ما عداها من اعتبارات أخلاقية، لذا فإن قليلاً من الساسة يكونوا محل احترام الناس حينما يتسامون فوق جراحهم ويتناسون الغبن الشخصي في سبيل المصلحة الوطنية ومقتضيات الفعل الإنساني المنزه عن (فش الغبينة) والانتقام.
استوقفتني بالأمس تصريحات للدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، طالب فيها الأجهزة الأمنية بإطلاق سراح الطالب محمد الحسن عالم (البوشي) التي ترى بعض الدوائر أن اعتقاله جاء بتوجيه وإيحاء من د. نافع على خلفية مناقشته في ندوة بجامعة الخرطوم الأيام الماضية، د. نافع مضى إلى أبعد من المطالبة بإطلاق سراح البوشي وهو يؤكد أن ما قاله الطالب لا يستحق الاعتقال.
وقبل أن نبارح محطة البوشي لابد من الإشارة إلى أن د. نافع كان قد عَفَا عن ناشط معارض اعتدى عليه بـ (كرسي) خلال ندوة عقدها داخل مباني السفارة السودانية، ومهما اتفق الناس أو اختلفوا حول شخصية نافع، إلاّ أنّ مثل هذا الفعل المتسامح يستحق إخضاع تجربة د. نافع للدراسة باعتبار أن هذا التسامي يوجب أن نتعامل معه كقيمة مفقودة في ممارستنا السياسية.
د. نافع سياسي ظل مثار جدل كثيف وهو يغزو الساحة السياسية بمفردات (جافة) و(متطرفة) في كثير من الأحايين، لكنها كانت تُعبِّر عن مواقف الدولة أكثر من شخصه، ربما لأن الرجل مرتبط بالتنظيم إلى حد يصعب فيه فك الارتباط بينه والحزب، وحتى الكلمات التي عَادةً تعبر من قاموس نافع، فإنّها لم تخرج يوماً عن (النص) الموجّه لسياسات الدولة في كلياتها، وللأسف الشديد فالسياسة عند كثيرين هي التعامل بوجهين في كل الظروف، غير أن قبلة الرجل ظلت واحدة وهو يمنحك حديثاً (مُراً أو خشناً) ولكنك لا تملك إلاّ أن تحترم صدقه وتعبيره عن الحقيقة بلا زيف أو تخدير أو مراوغة، هذه الميزة هي التي جعلت الحركة الشعبية وكل الخصوم يثقون فيه، بل ويطلبونه في محطات التفاوض المختلفة باعتبار أنك لا تملك سوى أن (تملأ إيدك وترقد قَفَا) من كل كلمة يقولها أو أي موقف يلتزم به وهذه ميزة أيضاً تُعبِّر عن قيمة الثقة التي تفتقدها العلاقة بين مكونات المعادلة السياسية.
ذات مرة هممنا بإجراء حوار مع د. نافع حول (الوجه الآخر)، فجاء رده عاصفاً (أنا وشي واحد)، والوجه الواحد ميزة نرى أنها مفيدة للحراك السياسي الذي دائماً ما يشكو الزيف والمراوغة وضبابية المواقف.
اعتقال البوشي في أعقاب الحديث الساخن الذي دلقه في وجه نافع كان متوقعاً، خاصة وأن الجهات التي روّجت له أضرت بالطالب كثيراً في سبيل الكسب السياسي ومضاعفة الرصيد المعارض للحكومة، لكنه يظل على أي حال حديثاً في الهواء الطلق كانت مساحة المساجلة تحتمله وإن جاء بعبارات جارحة ومنفعلة تتناسب مع ثورية الشباب، وربما كانت هنالك تقديرات أمنية، تختلف عن السياسية بالطبع.. نأمل أن تستمر إيجابية د. نافع في التسامي (فوق الغبائن)، وأن تشيع حالة التسامح التي يمارسها في الوسط السياسي، وأن نرى البوشي طليقاً كذلك.

الراي العام
محمد عبدالقادر
12122010113004AMmuh

‫3 تعليقات

  1. [SIZE=5]انتا كوز عفن تدافع عنو بيدفع ليك كم نافع ده ربنا يهديك[/SIZE]

  2. والله من ناحية كوز وجربان كمان
    اما بخصوص رمزك نافع فما زكرته من الصفات المحمديه دي لا تنطبق عليه اطلاقا فما تصريح نافع الا خوفا من ان يصبح البوشي بوعزيزي السوداني ويأخذ مكان البطل وتنطلق الشرارة
    يا عزيزي لم يكن لنافع حول ولا قوة في حادثة لندن فهناك لا دبلوماسيه ولا حزب حاكم تسجل الحادثة تحت بند المشاجرة وكان الله يحب المحسنين
    نسال الله ان يحمي هذا الوطن ويبعد عنه المصائب.
    كسره : مقالك ده مالو صاقط كده بين قوسين يمكن تحويل الصاد الي سين

  3. [B][SIZE=3]يا استاذ خليك موضوعي زول ادخل مصطلحات متطرفة في قاموس السياسة السودانية زي لحس الكوع والدايرها يجي يشيلها رجالة زي ما انحنا قلعناها رجالة والكثير من المصطلحات التي نصنفها بانها شوارعية بجانب تطرفها فهل يعقل ان ندبج مقالا كاملا ملخصه ان هذا الرجل متسامح. والله متسامح الشعب السوداني الذي يتقبل هذا الرجل وزمرته ليحكمه. امّا انت فانت تعلم يقينا انك تكذب على قرائك مفترضا غباءهم المطلق بان يصدقوك وان يكذّبوا ما ترى اعينهم وما تسمع آذانهم. اتق الله فيما تكتب لانك مسئؤل عنه يوم القيامة[/SIZE][/B]