تحقيقات وتقارير

لا يحملون نقوداً .. سياسيو الصف الأول .. جيوب يسكنها العنكبوت

[JUSTIFY]الصادق المهدي بشيل القروش يختها في جيبو، وجيبو فيهو عقرب، عبارة هاجم بها رئيس حزب الأمة الإصلاح والتنمية، الزهاوي إبراهيم مالك الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ،أواخر الأسبوع الماضي بالبرلمان، في معرض حديثه عن تأخر وحدة أحزاب الأمة.. الهجوم وصف بغير المتسق مع الانطباع العام حول شخصية الإمام المهدي وسلوكه الحاتمي، لجهة أن بيت الإمام المهدي يعد من أكثر بيوت السياسيين انفتاحاً على الجماهير وأغدقها كرماً، لا يمل من توجيه الدعوات المتكررة للكثيرين ،سواء في سياق العمل أو في سياق الاحتفاء، بل وبغير مناسبة باعتباره بيت امام الأنصار ورئيس حزب الأمة ورئيس وزراء السودان المنتخب وقبل ذلك سوداني أولاً وأخيرا..
عبارة الزهاوي يبدو أنها أفسحت المجال لطرق باب أطرف ظواهر الساحة السياسية السودانية وأغربها، بغياب مشهد الأموال في يد قيادات الصف الأول، فلم يسجل أي مشهد لقيادي أو زعيم سياسي، يدخل يده في جيبه ويقدم ما فيه من مال لبائع أو لشخص ما سواء من حزبه أو خارجه، حتى أصبح قاعدة أو ما يعرف بأنه من المعلوم بالضرورة أن قيادات الصف الأول في السودان، لا يحملون نقوداً في جيوبهم أبداً، ما أثار تساؤل حول من أين يأكلون وكيف يتصرفون في شئونهم الخاصة، بل ربما من أين يحصلون على أموالهم الخاصة نفسها..
وبالرغم من أن إجابة التساؤلات تصطدم بعقبة الخط الأحمر لتقاربها مع موضوع التمويل الحزبي، لكن تنظيرات عديدة تسعى لتفسير الأمر وتحاول شرحه على مستوى الجيوب الشخصية للقيادات ،وليس جيوب الحزب.. فقديماً قيل إذا اجتهد أحدهم في الحصول على المال فهو مادي، وإن لم يحصل عليه فأنه فاشل، وإذا اكتنزه فهو بخيل، وإذا أضاعه فأنه مبذر.. لكن أقوال السابقين المأثورة في هذا الشأن ،وتكييفهم للحالة ،أسقط توصيفا من لا يحمل المال، رغم أن الشواهد تؤكد انه يملكه..
ثمة قيادات يحصلون على تمويلهم أو مرتبهم من التفريغ الحزبي كما هي حالة الأستاذ محمد إبراهيم نقد، التي أكدها في وقت سابق بقوله لـ(الرأي العام) أنا متفرغ للعمل الحزبي، والمتفرغون للعمل الحزبي في الحزب الشيوعي السوداني يتقاضون مرتبات، فيما يقوم الأعضاء بدفع اشتراكات شهرية. ورفض حينها الأستاذ تحديد المبلغ الذي يتقاضاه، بقوله ضاحكاً (إلا آخذ إذن من صراف الحزب حتى أوريك مرتبي).
لكن مصدر مقرب من الحزب ومفتون بتجربة نقد قطع لـ(الرأي العام) بأن مرتب الرجل والى وقت قريب لم يكن يتجاوز 267 الف جنيه بالقديم، وهو الأمر الذي يتسق مع وضعية الأستاذ لجهة ما أمضاه الرجل متخفياً حتى قرار الحزب بخروجه في 2005م، مضيفاً لـ(الرأي العام) ربما دفعت الظروف الحالية وتداعيات الانفصال والمعاناة الاقتصادية، في أن يقرر الحزب زيادة مرتب حكيم شيخ اليسار السوداني..
في الجانب الآخر كان حزب البعث في صيغته السودانية ،يعلن غير ذات مرة محاربته لفكرة التفرغ الحزبي باعتبارها أم الكوارث الحزبية ،التي حلت به في وقت من الأوقات، الأمر الذي دفع معظم قيادات الصف الأول لمحاولة كسب معاشهم عبر العمل الخاص بهم، ليتدارك الحزب الفكرة مستثنياً أمين سره باعتباره الخانة التنظيمية التي تطلب التفرغ، بيد أن ذلك بدا غير مرضي لأمين سر البعث ووكيل وزارة المالية الأسبق محمد علي جادين، ليواصل عمله في التأليف وصياغة الدراسات لأكثر من مركز بحثي بالإضافة للترجمة.
ويحكي المسرح السياسي السوداني أن ثمة قيادات تعتمد في معاشها على الورثة والتركات الخاصة التي آلت إليها ممن سبقهم من القيادات، وهو ما تشير إليه حالتي الإمام الصادق المهدي ومولانا الميرغني، وفي حالة الإمام الصادق المهدي فان المعني بالصرف هو وكيل دائرة المهدي الذي يوجد عبر مساعديه أو نوابه في كل مناطق السودان ،ويدير أموال آل المهدي، ويعني باحتياجات بيت الإمام من أصغر التفاصيل الى أكبرها، ويكتفي الإمام بتحديد ما يريده فقط كالقول بالسفر الى جهة ما ليعمل سكرتيره أو مدير مكتبه للاتصال بالدائرة وإعداد اللوازم التي ترافق النشاط الذي سيقوم به الإمام..
في المقابل ايضاً آل الميرغني وان كان طابع الأداء المالي ليس بذات مؤسسية دائرة المهدي، فيوجد نواب أو خلفاء ينوبون عن مولانا في إدارة المال، ويقول مصدر مطلع ومقرب من السجادة الختمية لـ(الرأي العام) (مولانا لا علاقة له تاريخياً بالنشاط المالي، وكانت في السابق في يد مولانا أحمد الميرغني باعتباره من اقتصاديي اكسفورد ،ويعد خبيراً لا يشق له غبار، فكان يستطيع إدارة الأموال السائلة والشركات والبنوك والأراضي والعقارات داخل وخارج السودان بسهولة)، ويضيف(ربما كانت طبيعة مولانا محمد عثمان الميرغني الهادئة والمتأملة هي السبب في عدم حبه للضوضاء التي يسببها الاضطلاع بأعباء إدارة الأموال).
تفسير آخر حمله أحد الختمية مفضلاً حجب اسمه بقوله لـ(الرأي العام) (معظم الطرق الصوفية في السودان هي طرق ريفية باستثناء الختمية فهي طريقة حضر، لذا تنتشر في المدن التي تحتوي أكبر الأسواق ،ولهذا فان خلفاء الختمية معظمهم من كبار التجار، وكان لهم دورهم في مساعدة مولانا احمد الميرغني في إدارة أموال آل الميرغني سابقاً)..
تحليلات كثيفة أكتنفت الساحة أطرفها أن د. الترابي لم يكن يحمل مالاً قط بجيوبه سواء أكان في السلطة أو خارجها، ويكتفي بكتابة ورقة صغيرة للجهة المعنية مرفقاً اسم الشخص المراد خدمته، لتقوم الجهة المعنية فيما بعد بالاتصال بالترابي ،ومن ثم أخذ توصيته شفاهة، وربما ذلك ما يبرر غياب توقيعات د. الترابي عن المستندات والوثائق الرسمية.. لكن مصدر مقرب من أسرة الرجل أكدت لـ(الرأي العام) أن عمليات الصرف على المأكل والمشرب والملبس تتابعها حرم د. الترابي السيدة وصال المهدي، لجهة تفرغ الرجل لمشاريعه الفكرية والسياسية، باستثناء مستلزماته الشخصية من كتب أو ما يرتبط بسفره وانتقاله فذلك يرتبه مدير مكتبه..
ويبدو أن الإمام الصادق المهدي في ذلك لا يختلف عن د. الترابي كثيراً ،فهو كما أورد مقرب من بيت الإمام لـ(الرأي العام) وكان شاهداً على تعليق أحدهم على زى الإمام بأنه راقٍ وفخم، فرد أحد الأنصار بأنها هدايا تأتيه من كل مكان بحكم انتشار أنصاره على مستوى العالم.
وغض النظر عن تفشي ظاهرة غياب (مال الجيب) لدى القيادات، إلا أنها ربما أضحت عادة لابد منها بسبب ما تسببه الأموال من ضجيج لا يتسع زمن القيادات لحسمه، أو ربما كان منعاً لحرج حملها نفسه، حال اعترض طريق القيادي محتاج.. لكن في كل الأحوال فان الظاهرة نفسها تضيف هيبة وجلالاً لقيادات الصف الأول، بل وترفعاً عن تلك الأوراق الملونة التي يقتتل بسببها الكثيرون، وتؤكد الفرق بين العقرب والعنكبوت.
[/JUSTIFY]

الراي العام -عمرو شعبان

تعليق واحد

  1. [SIZE=4][B][FONT=Arial Black]ويشلوا قروش أصلا ليه في جيوبهم
    بالذات الجماعة إياهم
    كان الحيران والمريدين ناس ( ما بدري يا هليفة ) يغدقون عليهم المال والهدايا فلا يحوجونهم للشراء
    وبعدين شنو ما بشيلوا قروش خلاص يمكن قاعدين يشيلوا كرت صراف آلي ولا بطاقة فيزا ولا ماستر كارد [/FONT][/B][/SIZE]