تحقيقات وتقارير

الجرائم الناعمة.. خطر يهدد السلطات الأمنية

على نحو متسارع وملفت للأنظار، طفت على السطح خلال الفترة الأخيرة ظواهر خطيرة وجرائم مستحدثة كليا، شكلت تحديا كبيرا وشغلت الأجهزة الأمنية المختلفة (الأمن والاستخبارات والشرطة) في سبيل كشف خباياها رغم التطور التقني الكبير الذي شهدته هذه الأجهزة وما زالت تتطور فيه.
الجرائم الجديدة.. يرتكبها من يطلق عليهم ذوو الياقات البيضاء – كناية عن عدم تورطهم في أعمال تتسم بالعنف والقوة – فهم يستخدمون في ارتكاب الجرائم التقنية الحديثة في أعلى مستوياتها، وخلقت الوسائل المستخدمة في هذه الجرائم شكوكا حول وجود عناصر داخل مؤسسات الدولة المختلفة تساعدهم من وراء الستار، خاصة جرائم تزوير المستندات الرسمية وتوقيعات المسؤولين وذلك ربما عن طريق مد المجرمين بأصول المستندات والمكاتبات أو حتى الاطلاع عليها ليشرع المزورون في عملهم بثقة.
وقال مصدر أمني لـ (الرأي العام)، إنه من المؤسف أن هذه الشبكات ظهرت مؤخرا بصورة مزعجة، وقد تمكنت الأجهزة الأمنية والشرطية خلال الأشهر الماضية من ضبط وتدوين ما يفوق العشرة بلاغات مختلفة عن عمليات تزوير وتزييف مستندات وعملة وأوراق ثبوتية وانتحال شخصية رجل أمن، وأضاف: هناك بعض البلاغات التي لم تصل الشرطة فيها حتى الآن ولو إلى خيط رفيع يقود لمرتكبيها، منها بلاغ دون قبل شهر عن عملية سرقة واحتيال وضرب عبر انتحال الشخصية بالخرطوم قبيل الغروب قرب السوق المحلي، حيث دون أحد الأساتذة الجامعيين بلاغا يفيد بأن ثلاثة أشخاص أوقفوه وأخطروه بانهم ينتمون لجهة أمنية ثم اعتدوا عليه بالضرب وسرقة مبالغ مالية بالدولار كان يحملها، الى جانب سرقة العربة التي كان يقودها، واضاف المصدر بأن الجريمة تمت امام عدد من الناس وحتى الآن – وبالرغم من ان الشرطة ضبطت في الاسابيع الماضية مجموعة تقوم بسرقة العربات وتزوير أوراقها – الا انها لم تصل لأية معلومات عن بلاغ الاستاذ الجامعي، وبشأن هذا البلاغ أفاد اللواء محمد أحمد علي مدير دائرة الجنايات بشرطة ولاية الخرطوم، ان مباحث سرقة السيارات لاتزال تبحث عن خيط يقود للمتهمين.
ولكن الشرطة تمكنت مؤخرا من الوصول الى شبكة خطيرة بدأت البلاغات بشأنها ترد قبل نحو شهرين، ويقول مسؤولون في الشرطة ان هذه العصابة تتصف بالذكاء والحنكة وتخصصت في تزوير المستندات الرسمية لمؤسسات الدولة الرفيعة ومنها الشرطة نفسها والنيابة والقمسيون الطبي والأخطر من ذلك تزوير أوراق لديوان الزكاة والأحزاب السياسية.
وقال اللواء بابكر ابوسمرة مدير الادارة العامة للمباحث، إن المباحث تسعى جاهدة من أجل تدريب وتطوير أفرادها وتحسين أوضاعهم، خاصة عند النجاح في الوصول الى نتائج إيجابية وإلقاء القبض على المتهمين في البلاغات المدونة سيما وأن المجرمين من هذا النوع على استعداد لدفع مبالغ كبيرة كرشوة لرجال المباحث، فعلى سبيل المثال عند الوصول الى الشبكة الاجرامية الأحدث قدم المتهم الرئيسي مبلغ (37) ألف جنيه لفريق المباحث المكلف بالقبض على الشبكة، وأضاف بأن رئيس الفريق تعامل بحنكة وأوهم المتهمين بقبول المبلغ، ودعا المتهم للعشاء خارج منزله بحجة ان هذا هو السبيل لبداية التعاون معه، وبعد تناول العشاء تمكن الفريق من تسليمه لقسم الشرطة المعني.
وفي السياق، يقول محللون أمنيون، إن هذه الظواهر والشبكات الجديدة تتطلب من الأجهزة الرسمية وخاصة الأمنية، الكشف عن كل المعلومات المتعلقة بهؤلاء المجرمين، وأضافوا أن ما تضع الشرطة يدها عليه من معروضات قد يكون نصف ما وصل الى يد المجرمين، خاصة فيما يتعلق من أموال وعقارات وشيكات، وتابع خبراء: فاذا كانت مثل هذه الشبكات قد تمت مراقبتها على مدى شهرين فبالتأكيد ستكون مارست عملها منذ أشهر، ويمضي الخبراء إلى أن ما انجز يجب ألا يصرف الأجهزة الامنية إلى الاحتفال بالانجاز الذي حققته والاكتفاء بالمعروضات التي أمامها وأن تحاول الرجوع لأصل الجريمة لأن مثل هذا النوع من المتهمين أذكياء ومهرة لانهم قد يكونون معتادي إجرام واحيانا تكون أيديهم نظيفة وتثبت الجريمة على شخص (مسكين) أوقعه حظه العاثر في يد العصابة التى تستغل امكاناته في أعمال ضد القانون دون ان يدري انه يرتكب جريمة، وغالب هؤلاء من الطلاب المتخصصين في التقنية، وبالتالى يخرج الرأس المدبر من الجريمة (كما الشعرة من العجين).
طبيعة الجرائم التقنية وجرائم الاحتيال التي يبدو أنها تستغل كل ما يستجد في عالم التقنية، ورغم التطور والخيال الواسع للمجرمين في هذا المجال، إلا أن اللواء السر احمد عمر الناطق الرسمي باسم الشرطة أكد ان الشرطة خلال الفترة الاخيرة، خاصة بعد الانفصال استعدت لأي مخاطر قد تحدث وشرعت في تكثيف عمليات التدريب في المجالات المختلفة لكي تتصدى لأي مهدد أمني قد يمس المجتمع، وقال لـ (الرأي العام): وضعنا خططا أمنية منيعة تشرف عليها قيادات الشرطة، وأضاف: لا يمكننا القول ان هناك جريمة كاملة وايضا لا يمكننا ان نقول إن كل الجرائم مقيدة ضد مجهول، وانما الشرطة تسعى لعدم تدوين بلاغ او جريمة ضد مجهول ولو بعد سنة حيث سنصل للمتهمين كما حدث قبل ذلك في جرائم قتل.
وطالب اللواء السر المؤسسات بأن تكون حذرة في التعاملات عبر الخطابات والمكاتبات وان تكون عبر نظام يساعد في كشف التزوير والمجرمين ولكي نسعى لمحاربة عمليات التزوير في كافة مؤسسات الدولة السيادية والمؤسسات الخاصة وبشكل أخص في البنوك وقطاعات العمل ذات العلاقة بالجمهور، ووعد بأن تتشدد الشرطة، خاصة الجمارك في عمليات التدقيق تجاه الماكينات الحديثة للطباعة المستوردة بمختلف أنواعها رغم انها تقوم بذلك فعلا، ولكن لمزيد من عمليات التضييق، وقال: سنلزم المحلات التي تود بيع أجهزة تقنية متطورة أن يكون عبر شروط محددة تسهل لأية جهة الوصول للمشتري في حالة حدوث أي طارئ.

الراي العام
تقرير: هادية صباح الخير

تعليق واحد

  1. حاميها حراميها الشرطة هم الاخطر علي البلد وزي ما قال التقرير

    اذا ما اطيتوهم رواتب مجزيه ووعيتوهم بواسطة الشيوخ عن الابتعاد

    عن الحرام وان القليل ربنا ببار فيه ما حا نصل لحل الفساد منتشر

    والدوله ما جايبه خبر كان الله في عون السودان