تحقيقات وتقارير
هجليج .. المعركة الأولى في حرب الجنوب الجديد
إستراتيجية مكشوفة
إذن وبناء على ماسبق فإن هجوم الحركة على هجليج كان متوقعًا لعدة أسباب أبرزها على الإطلاق:
أولاً: أن هذه الخطوة هي من أبرز مرتكزات الإستراتيجية الحربية المكشوفة للحركة على مدى «29» عامًا، ولعل الشارع السوداني قد يدرك ذلك تمامًا.
ثانيًا: لا شك أن المحاولتين السابقتين لاحتلال هذه المنطقة الإستراتيجية النفطية أكدت بجلاء أن حكومة الجنوب مصمِّمة ومبيتة النية لاحتلال المنطقة.
ثالثًا: الحركة الشعبية وزعيمها سلفا كير تزعم أن المنطقة تابعة للجنوب، وبما أن المفاوضات الحالية من بعض أوجهها تدور في هذا الجانب كان متوقعًا أن تسعى لهذه الخطوة.
رابعًا: الأهمية الإستراتيجية للمنطقة من أبرز الأسباب التي تدفع الحركة في هذا التوقيت للوجود فيها عسكريًا.
خامسًا: الموقف التفاوضي للحركة ضعيف لذلك تسعى باستمرار لتقوية هذا الموقف التفاوضي الضعيف لذلك لم يكن مفاجئًا أن تهاجم المنطقة بغرض بسط سيطرتها عليها لتفاوض من منطلق قوة.
قفزة في الظلام
وبقراءة فاحصة لمجمل المعطيات الراهنة فإن الخطوة التي أقبلت عليها حكومة الجنوب سواء عن طريق دعم الحركات المتمردة ضد الحكومة السودانية أو العدوان المباشر كما حدث في الهجوم الأخير على هجليج، فإنها لا تعدو أن تكون مغامرة غير محسوبة النتائج أو هي بمثابة قفزة في الظلام أو كما يفعل طائر العنقاء تمامًا، ولعل أولى نتائج الهجوم هي تعطيل جميع المكاسب التي حصلت عليها الحركة، أثناء مفاوضات أديس أبابا، ولعله من المعلوم أيضًا بالضرورة أن الحركة حققت أكبر مكاسبها على مدى السنوات الماضية في أوقات السلم بينما تعجز تمامًا عن تحقيق أي مكسب آخر في أوقات الحرب والتصعيد العسكري.
البُعد الدولي للهجوم
على الصعيد الداخلي فإن الهجوم على هجليج واحتلالها بواسطة قوات دولة أجنبية من شأن هذه الخطوة ان تؤدي الى تماسك الجبهة الداخلية وتعزيز وحدة وتماسك الصف الوطني في مواجهة العدوان الأجنبي الذي بات جليًا أنه ذو أبعاد دولية، ولعل الأصابع الإسرائيلية لم تعد خافية على كل ذي بصر وبصيرة قبل وبعد انفصال الجنوب ولسنا هنا بحاجة للتذكير بالجسر الجوي الإسرائيلي… ويضاف إلى كل ذلك فإن الهدف الدولي والأجندة العالمية من هذه الخطوة تتمثل في تمزيق أوصال السودان وتقسيمه وهي خطوة تبدأ بدعم الحركات المسلحة تحت ستار «مناصرة المهمشين» لنيل حقوقهم والوقوف خلفهم باسم الإنسانية لفصل المناطق الملتهبة حاليًا في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، ولعلها المعركة الفعلية الأولى في حرب الجنوب الجديد التي بشرت بها قيادات الحركة الشعبية قبيل حزم أمتعتهم إلى دولتهم الوليدة المدعومة إسرائيليًا وأمريكيًا… الانتباهة