رسالة اديس ابابا : المناطق العازلة قصرت من عمر المفاوضات
رئيس اللجنة السياسية والامنية جانب السودان وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم محمد حسين، وقبل ان يتوغل ليل أمس الاول نهاية الاسبوع قال في مؤتمر صحفي للاعلاميين بمقر المباحثات بفندق ريدسون بلو ان جولة المحادثات الامنية اخفقت فى إحراز أى تقدم، أو التوصل إلى اتفاق عازيا السبب لتقديم وفد الجنوب، خارطة جديدة وصفها بـ»العدائية» من أفكارهم الخاصة، بدلا من «الخارطة الدولية» المعترف بها من المجتمع الدولى والأمم المتحدة، والتى حصل الجنوب بموجبها على الاستقلال، وذلك فى إطار تطبيق الاتفاقية الشاملة، اتهامات تصدت لها جوبا منتصف نهار اليوم الثاني واصفة اتهامات الخرطوم بالمنافية للحقائق وقال كبير مفاوضي دولة الجنوب باقان اموم في مؤتمر صحفي أمس ان خارطتهم التي دفعوا بها هي خارطة موجودة في مصلحة الاراضي السودانية ومعتمدة منذ العام 1955م، قبل ان يضيف ان وفد بلاده تقدم بمقترحات حل وسط للرئيس امبيكي قال انها تمثل اكثر من ثلاثة ارباع مقترح الوساطة الاخير غير انه اضاف لكن المقترح في شكله العام اسقط منطقة هجليج التي نعتبرها جزء من المناطق المتنازع عليها ويجب سحب قوات السودان منها وانتظار التحكيم الدولي لحسم تبعيتها، لكن المفاوضات التي قطع الطرفان جولة مباحثاتها الأمنية، بعد ان استمرت عشرة أيام التقوا فيها وجها لوجه في ثلاثتها الاخيرة لكن دون التوصل إلى اتفاق او نقاط مشتركة، رغم ان خارطة الطريق الاممية واضعة سقفا زمنيا محددا، فالجانبان ومن خلال حديثهما امام الاعلاميين، اكدوا رغبتهم في بحث سلام وجوار آمن ينجي البلدين حرباً يتوقع المراقبون ان تكون طاحنة ومختلفة عن سابقاتها ان كتب لها الاشتعال، وهو ما ظل طوال الايام الماضية يتحدث عنه المراقبون الدوليون محذرين من مغبة الفشل وتضييع فرصة النجاة الاخيرة. حسين شدد على ان الخرطوم جاهزة للتفاوض والاستمرار في المباحثات، ذات الحديث اطلقه اموم وقطع ان وفد بلاده موجود للتفاوض دون شروط في كافة الملفات المعلقة بين البلدين .مع كل ذلك يبقى الوصول الى نقطة مشتركة حول المناطق العازلة المنزوعة السلاح هي العقبة التي تقف في طريق التسوية، الحكومة السودانية وعبر لسان وزير دفاعها قالت صراحة ان خارطة دولة جنوب السودان التي دفع بها في التفاوض هي العقبة الاساسية واضاف حسين _الجنوب يرغب فى تحديد الخط الفاصل بين البلدين، وكذلك المناطق المنزوعة السلاح بين الجانبين على أساس هذه الخارطة الجديدة التي وصفها بـ «خريطة عدائية»، ولا تعكس روح الصداقة والسعى نحو تحقيق السلام بين البلدين، واعتبرها تفتقر إلى المرجعية، وتسعى لإضافة ست مناطق جديدة مثل «غرب سنار» و»الخرسانة» و»هجليج» و»الميرة» و»شمال بحر العرب»، وغيرها إلى المناطق المتنازع عليها، بدلاً من أن تصبح المناطق المختلف عليها بموجب الخارطة الجديدة المزعومة عشرة بدلاً من أربعة حالياً،وتابع الوزير، إن الخارطة الوحيدة التى يعتبرها السودان خارطة شرعية هى الموجودة فى سجلات الأمم المتحدة، والتى قامت على أساسها اتفاقية السلام الشامل لعام 2005، وأجرى بموجبها الاستفتاء والفصل بين القوات، وكل الإجراءات الخاصة بالاتفاقية الشاملة التى حصل بموجبها الجنوب على الاعتراف، وهى الخارطة التى اعتمدتها، وعملت على أساسها بعثة الأمم المتحدة فى السودان «اليونيميس» والبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى فى دارفور «اليوناميد» وغيرها، باقان من جانبه اوضح وعبر البروجيكتر ان خارطة الخرطوم التي تتمسك بها ليست قانونية ولا يمكن الاستناد عليها لان الامم المتحدة واضعة نصاً محدداً كتبت عليه ان خرائطها ليست قانونية ولا تمثل مرجعية وتم تصميمها لصالح المنظمة فقط. فجدل الخرائط او ما عرف بمنطقة الصفر بين الدولتين لا تلوح في سماء اديس حلولا يمكن ان تضع الجميع في طريق التسوية النهائية . فالخرطوم وجوبا لايزالان متمسكين بمواقفهما دون ابداء رغبة في تنازلات يمكن ان تعجل بعودة امبيكي الى العامصة الاثيوبية التي غادرها صباح امس، ويبقى السؤال الاهم هل تعود الخرطوم وفي حقائبها تنازلات حول الحدود ونقل النزاع حولها الى ما بعد انزال السلام على الارض، فوزير الداخلية ابراهيم محمود قال انهم لا يبحثون عن حدود ارض بقدر بحثهم عن حدود لوقف اطلاق النار، التي اعتبرت خارطة الجنوب المقدمة في التفاوض اولى اسبابها و قالت ان نقطة الخلاف الأساسية فى الخارطة الجنوبية ، هو أنها تسعى إلى فرض واقع جديد فى المنطقة، وأن تقديمها من قبل الوفد الجنوبى المفاوض «أعطى إحساساً بغياب الروح التى تسعى لتحقيق السلام، رغم أن وفد السودان وافق على حضور هذه المفاوضات بروح وعقل مفتوح، وبتوجيهات من القيادة السودانية العليا، للتوصل إلى حلول للمشاكل القائمة بين البلدين، حديث قابلته جوبا بلغة غلبت عليها مفردات الاستعداد والجلوس لكن دون التنازل عن المطلوبات او الذهاب بها الى ساحات التحكيم الدولي هذا ما قاله باقان اموم.على هذه الشاكلة انتهى المطاف بالمتفاوضين فى السودانيين بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا، وتنتهى معها مباحثات اللجنة الامنية السياسية دون احراز اتفاق بعد ان تمسك كل طرف بموقفه دون تنازل يدفع بالعملية السلمية الى الامام، رغم محاولات الوسيط الاممي ثامبو امبيكي إحداث اختراق، فالوساطة الافريقية دفعت بمقترح عرف بالورقة (المدمجة) في محاولة منها لايجاد تناغم بين مقترحات كل طرف بحثا عن خط الصفر لتحديد المناطق العازلة منزوعة السلاح، وهو المقترح الذي رحبت به الخرطوم ونقل السفير عمر دهب للصحفيين امس ترحيب الخرطوم بالورقة المدمجة التي طرحتها الوساطة وقال ان رئيس الوفد وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين اكد على ترحيب السودان بالورقة ووصفها بالخطوة المهمة مبديا بعض الملاحظات الايجابية عليها.وذكر دهب ان الخرطوم وعبر الوفد المفاوض باركت الورقة وتعتبرها دفعة حقيقية بتحديد المسائل من اجل التقدم بالملف مؤكدا استمرار الخرطوم في العملية التفاوضية والاخذ بما جاء في الورقة بطريقة ايجابية وزاد(نعتقد كما قال وزير الدفاع ان الورقة جيدة وسنتفاعل معها مع اجراء الملاحظات الايجابية التي تساعد للمضي للامام)، لكن جوبا اكتفت بان ماحملته ورقة امبيكي يعبر عن بعض مقترحاتهم لكن مع ذلك لم تتخذ موقفا واضحا رافضة التنازل عن مناطقها الخلافية، قبل ان تتهم الخرطوم بعدم الذهاب في طريق الحلول ورفضها لاقامة مناطق عازلة او التحكيم واضاف باقان فقط يمكنه الموافقة حال اقامة مناطق عازلة داخل اراضي الجنوب. هكذا رفعت مفاوضات اديس ابابا جلساتها تاركة مغالطة كبرى بين دولتى السودان وجنوب السودان كل طرف نفى مسؤوليته فى فشلها وتبقى المحصلة النهائية بيد الوسيط الافريقى الذى آثر الصمت تاركا الاجابة لمقبل الايام أبيي .. تقدم دون حسم
النقاط الساخنة..!! عكس ما كان ينتظره المراقبون، تعثر الملف الأمني ولكن أبيي لازالت تحتفظ بمعالم قد تضعها في طريق حل رغم تكهنات المتابعين بوعورته، ليومين متتاليين واصلت اجتماعات دولتي السودان وجنوب السودان حول منطقة أبيي الخلافية انعقادها، دون عثرات مقلقة.
يقول طرفا التفاوض ان خطوتهما لإيجاد حل نهائي يعيد للمنطقة استقراراً طال غيابه، واماناً عاشته البلدة بشكل متقطع ايام اتفاق السلام المنتهي بحلول يوليو العام الماضي، الذي كان مقررا ان يحدد فيه سكان البلدة تبعيتهم ادارياً .أمس قال رئيس جانب الجنوب لمباحثات ابيي لوكا بيونق ان الامر المهم هو ضرورة انسحاب كل القوات من أبيي، بما فيها شرطة البترول رغم وجود بعض التفسيرات لوجودها في منطقة (كج)، قبل ان يوضح انهما اتفقا على تشكيل الإدارية المشتركة بين الطرفين ولم يحدث خلاف سوى في منصب رئيس الإدارة أو نائبه، أو رؤساء الأقسام. لكنه اقر بخلافات حول منصب رئيس المجلس التشريعي لأبيي، مشددا أن المرشحين لا بد أن يكونوا من دينكا نوك، وهو مطلب ترفضه الخرطوم وتتمسك بحقها في تقاسم المناصب العليا لادارة ابيي ويقول الخير الفهيم انهم متمسكون بمطلبهم بعيدا عن مبررات الجنوب التي دفعت بها بيد ان بيونق في حديثه للصحفيين قال ان حكومة الجنوب طلبت مهلة للمشاورات حول رئيس المجلس التشريعي، معتبرا ان تشكيل الإدارية هو الموضوع الأساسي،وذلك لتمكين القوات الأثيوبية في المنطقة من العمل وتسهيل حركتها، وعودة المواطنين الى المنطقة، واضاف وإلى حين إيجاد الحل النهائي نحتاج إلى تشكيل إدارية المنطقة فقط، لكن الفهيم وصف الامر بالمخالف للقوانين باعتبار ضرورة ايجاد الجسم التشريعي، غير ان خلافات لجنة ابيي التي اعتبرها الجانبان بانها لا تمثل مخاوف يمكن ان تتسبب في اعادة العنف الى هناك واعلنوا جميعا ان الايام القادمة كفيلة بوضع نقاط تمكن الجانبين من العمل، واعلن لوكا ان الخامس من الشهر الجاري هو موعد للقاء اعضاء اللجنة على الارض في ابيي لمتابعة مخرجاتهم الآنية .
مفاوضات اديس ابابا التي انفضت لجنتها الامنية بدون شئ يذكر، خرجت أبيي وفي وجوه مفاوضي لجنتها علامات رضاء رغم عقبة رئيس المجلس بأبيي والذي قالت الأطراف انها اتفقت على مواصلة المشاورات حتى تشكيل المجلس التشريعي، بعد ان تم الاتفاق على المبادئ الأساسية فيما يختص بالبوليس، وترك امر الانشاء للجنة الإشرافية في أجوك، مع وعود بمساعدة من الأمم المتحدة.
اكد اجتماع أبيي ايضا على مقررات اجتماع الطرفين السابق في منطقة أجوك، واتفاقهما فيه على المراقبين العسكريين، والمبادئ الأساسية لتشكيل اللجنة، بجانب قضية الملف الإنساني والتشديد على ضرورة عمل المفوضيتين الإنسانيتين في الشمال والجنوب ليعملا منذ الآن لمساعدة النازحين العائدين إلى المنطقة.
يبدو ان التقدم الذي ظهر على ملف أبيي يعود الى الاستقرار النسبي الذي شهدته المنطقة، فالتقرير الخاص لرئيس القوات الأثيوبية في أبيي، أكد على وجود ذلك وقال ان الاستقرار عاد نسبيا في المنطقة، عقب انسحاب القوات المسلحة السودانية، كذلك بدأ العرب الرحل في العودة إلى المنطقة، مقارنة بالسنوات الماضية التي شهدت بعض الانتهاكات.
وحول مستقبل العلاقة وامكانية الوصول الى حلول نهائية يقول لوكا بيونق إن الطرف السوداني لديه بعض التخوفات والتحفظات، معتبرا ان موقف السودان ليس معنياً بالمسيرية، لكنه معني بالمساومات المتوقعة لإيجاد حل شامل للقضايا،لافتا الى ان قضية أبيي واضحة جداً، وقال حول تحفظات الجانب السوداني بانها ربما تكون مراوغة سياسية لإيجاد بعض الإنجازات في المفاوضات المقبلة، لأنها ستكون حاسمة، مستبعدا ان يكون حل الاتحاد الأفريقي مرضياً للسودان.
دينق ألور الذي ظل مرابطا بمقر التفاوض ومعه محمد المختار لا يرا ايضا ان رفع الجلسات يعني الانهيار ويضيفان لا هناك وقت وبقليل من التعقل يمكننا المضي الى الامام .
هكذا انتهت عشرة ايام حملت ايامها السبعة الاولى درجات تفاؤل عالية لكن ثلاثتها الاخيرة اعادت سحب التوتر والمخافة من المجهول الى سماء الهضبة وقبلها في شطري السودان.
دهاليز ريدسون
< غادر أمبيكي أديس أبابا صباح امس متوجها الى جنوب افريقيا للاحتفال بعيد ميلاده بين افراد اسرته بعيدا عن ضغط المفاوضات.
لم تخلُ الثلاثة ايام الماضية من المداعبات بين وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود ووزير رئاسة جمهورية جنوب السودان دينق ألور، مما وضع علامات الاستفهام تعلو في وجوه مراسلي الوكالات الاجنبية.
< عرمان وعقار غادرا أديس أبابا عقب لقائهما الرئيس الاثيوبي ملس زيناوي.
< رئيس الوفد الحكومي ادريس محمد عبدالقادر وعضو الوفد محمد المختار رصدتهما الصحافة نهار أمس الاول يتجولان دون عربة بالأرجل بالعاصمة الاثيوبية.
< ظهر مدير السكة حديد مكاوي محمد عوض بمقر التفاوض يتناول وجبة غداء وبعض المسؤولين الصينيين، وقال مكاوي لـ» الصحافة» حينما وجد الأعين والكاميرات تلاحقه إنه قدم لشأن خاص لاعلاقة له بالمفاوضات. [/JUSTIFY][/SIZE]
تقرير: عباس محمد ابراهيم
الصحافة