طب وصحة

التدخين.. وباء يهدد الدول النامية

[ALIGN=JUSTIFY]يؤكد تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن عدد الذين يلاقون حتفهم أو يعيشون حياة تعيسة مليئة بالأسقام والأمراض المزمنة من جراء التدخين يفوقون دون ريب عدد الذين يلاقون حتفهم نتيجة الطاعون والكوليرا والجدرى والسل والجذام والتيفوئيد والتيفوس مجتمعة فى كل عام.

ويقول تقرير آخر لمنظمة الصحة العالمية فى قرار الجلسة السابعة والسبعين للمجلس التنفيذي: “إن تدخين واستخدام التبغ يؤدى إلى 90 بالمئة من جميع حالات سرطان الرئة، و75 بالمئة من جميع حالات التهاب الشعب الهوائية، بالإضافة إلى مساهمته الأكيدة فى تسبّب ضيق شرايين القلب، وبالتالى تسبب الذبحات الصدرية وجلطات القلب، كما يسبب التدخين جملة من السرطانات المختلفة مثل سرطان الحنجرة والمريء، ويشترك مع مواد أخرى فى سرطان الجهاز البولى والجهاز الهضمي، كما يؤدى إلى مضاعفات كثيرة بالنسبة للأجنة فى بطون أمهاتهم”.

كما أشارت فى تقريرها لسنة 2005 أن عدد المدخنين فى العالم ارتفع إلى 1.3 مليار وأن عدد الوفيات التى يسببها التدخين تقارب الـ5 ملايين شخص كل سنة. وحسب تقديرات المنظمة فإن هذا الرقم يمكن أن يرتفع إلى الضّعف سنة 2020 وأن 70 بالمئة من الضحايا هم تحديدا من الدول النامية.

هذا الإنذار تلته عديد الإجراءات القانونية والوقائية فى أوروبا وأيضا عديد الحملات التحسيسية التى شاركت فيها مختلف الأطراف، من ذلك تنظيم معرض صور فى لندن شارك فيه كبار الفنانين التشكيليين، قاموا بعرض لوحات تصوّر مخاطر التدخين وآثاره السيئة على الإنسان.

ومع أن نسبة الخطورة ترتفع فى البلدان النامية أكثر من أى مكان آخر إلاّ أننا نلاحظ أن البلدان الأوروبية تتحرك بشكل أكثر سرعة وأكثر جدية، مجنّدة كل طاقاتها، للمحافظة على ثروتها البشرية والطبيعية.

فى المقابل نلاحظ تباطؤا فى استيعاب النتائج ولا مبالاة من قبل الدول الأكثر تضرّرا، حيث سعت الدول الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات صارمة من ذلك سن قوانين وتشريعات تقضى بحظر التدخين فى الأماكن العامة كما فى بريطانيا وألمانيا، ومعاقبة المخالفين، ومن جهتها سنت دول عربية مثل هذا القانون مثل الأردن وقطر وتونس.

وتشمل الفضاءات ذات الاستعمال العام مؤسسات التعليم والتكوين، المكاتب الجماعية، قاعات الاجتماعات، قاعات الانتظار، وسائل النقل الصحية والعمومية، قاعات المعارض، المدارج والمصاعد، وذلك فى محاولة للحدّ من آثار التدخين السلبى الذى يتعرّض إليه غير المدخنين.

غير أن ارتفاع عدد المدخنين سنويا من فئة الشباب والمراهقين يجعل نجاعة هذه القوانين ضعيفة، ففى تونس على سبيل الذكر يتسبب التدخين فى وفاة 6430 شخصا “22 بالمئة ذكورا، 4 بالمئة إناثا”، وهو مسؤول عن 90 بالمئة من الإصابة بسرطان الرئتين.
ويدخن فى تونس، حسب مصادر طبية، 30،4 بالمئة من السكان حيث 24،6 بالمئة مدخنين، و5،8 مستهلكين للنارجيلة.

وتتصدر تونس ـ حسب احصائيات، لائحة البلدان العربية على صعيد أعداد المدخنين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة، بنسبة 16 بالمئة، فيما تصل نسبة انفاق العائلة التونسية على التدخين 3.1 بالمئة من ميزانية العائلة مقابل 2.9 بالمئة من انفاقها على التعليم ، وهو ما يشير إلى أن الإجراءات المتخذة والقوانين التى تم سنها يبقى حدود تطبيقها رهينا بوعى الأفراد واقتناعهم بها، أو تطبيق عقوبات صارمة ففرنسا مثلا سنت قانون حظر التدخين وفرضت غرامة مقدارها 75 يورو بحق المخالف اما الاماكن التى تقع فيها المخالفة فستغرم بمبلغ 150 يورو.

وللتوقى من مخاطر التدخين والحد من سلبياته التى تهدد المدخن وغير المدخن على حد سواء، يبحث العديد من الأطباء والباحثين على وسائل تساعد فى الإقلاع عن التدخين حيث ابتكروا طرقا عديدة من ذلك أقراص النيكوتين، وهى نوع من أنواع المساعدات الطبية فى مجال الإقلاع عن التدخين وتندرج تحت قائمة العلاج ببدائل النيكوتين، وتأتى بدائل النيكوتين هذه فى صور عديدة وشتى: “إسبراي” الأنف، لبان، سجائر النيكوتين الصحية، لاصقة النيكوتين، والأقراص التى توضع تحت اللسان.

ولازال الخبراء يطورون هذه البدائل لمساعدة المدمن على الإقلاع، وقد طورت مخابر “بفايزر” دواء جديدا أطلقت عليه اسم “شامبيكس”، ويوضح حاتم حشيشة مدير عام مخابر “بفايزر” فى تونس وليبيا أن هذا الدواء فى شكل حبوب تؤخذ عن طريق الفم يساعد فى تخفيض أثر النيكوتين من جسم المدخن وفى تخفيض عدد السجائر التى يدخنها فى اليوم، كما يساعد فى التخلص من أعراض التدخين كالقلق واضطرابات النوم.

وينصح باقتناء هذا الدواء مرتين يوميا، ويجب تناول هذه الحبوب مع الماء أثناء تناول الطعام أو بعده. ويوضّح حاتم حشيشة ان مدة تناول هذه الحبوب يجب أن تستمر إلى 12 أسبوعا.

يبقى الحد من التدخين رهان عالمى لا يقتصر على الدول النامية فحسب بل يشمل الدول المتقدمة كذلك، وهو ما يستدعى مزيد الحث على الدعوة إلى الإقلاع عنه والتحسيس بمخاطره التى تتفاقم يوما بعد يوم. والدول النامية خصوصا تستوجب مزيد اتخاذ إجراءات صارمة خصوصا بتزايد أعداد الوفايات كلما ارتفع عدد المدخنين.

المصدر :محيط [/ALIGN]