حوارات ولقاءات
مريم عبد الرحمن تكس في حوار مع صحيفة (السوداني)
تصريحات منى الأخيرة تهدف لإشراك الرأي المحلي والعالمي وتنبيه الشريك الآخر
اتفاق أبوجا يعاني من خلل لأنه بني على إعلان مبادئ ضعيف
الحوار الدارفوري الدارفوري يحتاج لاستراتيجية واضحة
مفوضيات السلطة الانتقالية جزر معزولة وغير مفعلة
حركة تحرير السودان فشلت في ان تكون جامعة لأهل دارفور
ليس هناك حديث عن الانتخابات مالم تحل قضية دارفور
اتفاق أبوجا يجب ان يخضع لتقييم علمي وموضوعي
الأستاذة مريم عبد الرحمن تكس احدى نساء دارفور اللائي دخلن عالم السياسة منذ الصغر ولها اسهامات مقدرة في تأسيس منبر الحوار لأبناء وتأسيس العديد من روابط دارفور وهي عضو الآن بحركة تحرير السودان وعضو لجنة السلام والمصالحة بالبرلمان الموقعة على اتفاق أبوجا، التقتها (السوداني) في مكتبها بالبرلمان وناقشت معها العديد من الموضوعات التي أثيرت حول الحركة مؤخراً تصريحات رئيس الحركة التي نعى فيها اتفاق أبوجا وتفعيل مؤسسات الحركة والحوار الدارفوري الدارفوري حيث أكدت في حديثها ان أبوجا لم تمت ولكنها تحتاج لتفعيل وتقييم علمي وموضوعي مشيرة إلى ان الحوار الدارفوري الدارفوري يحتاج لنبلاء يجسدون فكرته إضافة إلى موضوعات أخرى التفاصيل عبر الحوار:-
* أستاذة مريم في البدء ماهي الدوافع التي قادتك للولوج لعالم السياسة؟
الولوج لعالم السياسة جاء مثلي مثل أي سوداني تراكمت عليه الاحباطات والغبائن وصار كل ما حوله يدفعه للبحث عن حلول لهذه المشاكل التي لا تجد طريقها إلى الحل إلا عبر السياسة فالسودانيون مسيسون لكن ليس بطبعهم بل أنهم يبحثون عن حاجاتهم الأساسية ونحن في دارفور لا نبحث عن ذلك وانما عن سلامة أرواحنا فهذا الوضع ظل ماثلاً منذ الستينيات وليس الآن كما يعتقد البعض، فمنذ انقسام حزب الأمة الأول ونحن كنا صغاراً نشعر بأن هناك حاجة اسمها السياسة وعندما جاء هيلاسلاسي والملك فيصل للسودان الإنسان كان يشعر بأن هناك مشاكل في العالم والشارع السوداني يتجاوب معها حتى الشارع العادي لذلك فإن السبب الأساسي هو تراكم التجارب والحاجة للأمن جعلت الإنسان يصبح عضواً فاعلاً في الحياة السياسية.
* حزب الأمة كمحطة سياسية في حياتك ماهي ملابسات انتقالك من تلك المحطة؟
خرجت من السودان عام 1980 وذهبت للسعودية بعد ان تزوجت وكونت فكري السياسي هناك من مختلف التيارات العربية الموجودة هناك وعدت للسودان عام 1998 والسبب الذي دفعني لحزب الأمة هو وجود أخي في جيش الأمة إضافة إلى انني نشأت في بيت أنصاري أباً عن جد وعندما عاد أخي التحقت بهيئة شؤون الأنصار لأنني عندما زرت السودان عام 1985 أحسست بفراغ فكري كبير بين الناس في دارفور ومفاهيم جديدة سادت في مناطق الأنصار قادمة من غرب افريقيا لذلك كان التحاقي بغرض أحياء الخلاوي وتوزيع الراتب وبدأنا فعلاً العمل في منطقة أبو سعد ولم نجد صعوبة في العمل في الفتيحاب ومسؤولنا كان مأمور أبو نايب ثم أسسنا لعمل إنساني ولم أشعر بأني غريبة عن وسطهم وقمت بشرح ملاحظاتي عن كيفية إنشاء الخلاوي واحياء الفكر وعندما جاء المؤتمر العام لحزب الأمة تصعدت تلقائياً من منطقة أبو سعد ثم ترفعت للمكتب السياسي عام 2003، تواصل الأستاذة مريم حديثها وتقول في عام 2004 أخذت مشكلة دارفور منحى آخر ومن ثم كثفت نشاطي السياسي مع مجموعات دارفور وهي لم تكن في ذلك الوقت مجموعات مسلحة بل كانت منتديات فكرية وفي طرابلس عام 2004 أسسنا منبر دارفور للحوار والتعايش السلمي ثم ذهبنا لالمانيا وأنشأنا ما يسمى بروابط دارفور مع الأخ آدم الحاج على وكل هذا الحراك تم في إطار البحث عن تكييف لوضع دارفور وقد أخذ ذلك كل جهدنا وتفكيرنا وجعلنا نحتاج لتفاصيل لنعرف الناس بحكم الفترة التي قضيناها خارج البلاد فالمواضيع في حزب الأمة كبيرة وشاملة بالإضافة للمشاكل الداخلية للحزب التي لا تمكنك ان تجعل ملفاتك موجودة بقوة وهذا هو الذي جعلني اتفرغ للعمل مع هذه المجموعات التي يحسها الإنسان مسألة ضرورية حياة أو موت وليست مسألة ترف فكري وانما هي مسألة حاسمة لا بد من إتخاذها.
* هل يمكن اعتبار ذلك بداية لتأسيس حركة تحرير السودان (دارفور)؟
اعتقد ان الأمر ليس كذلك فنحن بدأنا بأشياء كانت تجمع الناس بمختلف أحزابهم فهنالك أبناء دارفور في الاتحادي والمؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني وحزب الأمة ثم بدأنا نتفاكر في المسألة ماهي تلك الحركات وما المطلوب تقديمه إليها، وعندما ذهبنا لأبوجا لمسنا هناك ازدواجية لأنه لا يمكن ان تكون خارج الحركات وفي نفس الوقت تكون في الحكومة وأما على المستوى الشخصي لا استطيع ان أعمل في شيئين في وقت وأحد أما ان أكون مع الحركات أو مع التنظيم وهذا ما جعلني أحس عندما نكون مجموعات تنظيمات لن نكون فاعلين ولكنك إذا كنت ممسكاً بالقضية فقط يمكنك ان تتحدث مع المجتمع الدولي والحكومة وانت حر ومع أهل دارفور أيضاً وأنت ليس لك أي ارتباط آخر.
* يرى المراقبون ان حركتكم والحكومة واجهوا ضغوطاً دولية أجبرتهم على التوقيع وان الاتفاق تم على عجل لذلك جاء غير ملبٍ لطموحات أهل دارفور؟
أقولها بكل صراحة ان اتفاق أبوجا كان كارثة وضعيف لأنه بني على إعلان المبادئ لعام 2005 والإعلان نفسه كان ضعيفاً وقد وقع عليه خليل وعبد الواحد ومني فالأطر في هذا الاتفاق ليست واضحة كما في اتفاق مشاكوس عندما وقعت الحركة الشعبية حيث حوى اتفاق أبوجا مصطلحات كثيرة عائمة فمثلاً يقولون أبناء دارفور شعب دارفور ولا يقولون الحركات بمعنى ان إعلان المبادئ لم يوضح الأطراف بدقة.
* إذا لماذا لم تطرح معالجة لهذا الضعف وماذا تقترحون لذلك؟
في الأصل ان أي اتفاقية تبنى على إعلان المبادئ وبما ان اتفاق أبوجا بني على إعلان مبادئ ضعيف لذلك لو جلس المجتمع الدولي والحكومة من جديد لوضع اتفاقية على هذا الإعلان فستخرج صورة طبق الأصل من أبوجا لكن في تصوري يمكن معالجة هذا النقص في الاتفاق بقيام الحركة الموقعة بتأسيس تنظيم سياسي قوي واعتقد ان أهل دارفور من طلاب ومهنيين ومثقفين أكثر تهيئاً لذلك ولأي شئ يمكن ان يمهد لحل المشكلة ليلتفوا حوله وهذا هو القصور الثاني إذ فشلت الحركة في تكملة الاتفاقية بالبعد الجماهيري.
بالنسبة للمجتمع الدولي فحقيقة مارس ضغوطاً أثناء توقيع الاتفاقية بعد زيارة جاك استرو لنا في أبوجا وعندها خاطبنا مثل مخاطبة الحجاج بن يوسف (أني أرى رؤوساً قد اينعت وحان قطافها) وقالها صراحة ان المجتمع الدولي بدأ صبره ينفد وانه ظل يصرف على المعسكرات والمفاوضات والوفود ولا جديد على الأرض بل هناك انتهاكات وزيادة في المعسكرات فكل ذلك اصبح ليس له معنى لذلك كنت اتوقع حسب قراءتي للمشهد ان تكون هناك ضغوط وستكتب اتفاقية أو أي مخرج لوضع حد لذلك فكانت قراءة المجتمع الدولي أيضاً ان يكتب الناس أي اتفاقية ويكملوها بالبعد الجماهيري أو يأتوا بقوات فاعلة لوقف اطلاق النار وهذا هو الأثر الأساسي وقد كان الهدف من الاتفاقية وقف معاناة أهل دارفور في المعسكرات ووقف إطلاق النار في الاتجاهات والمساعدة على بناء تيار فكري جماهيري بين أبناء دارفور من هم وماذا يريدون إلا ان ذلك لم يتحقق.
* كيف تقرئين تصريحات رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي في المؤتمر الصحفي الأخير والتي اشار فيها إلى ان أبوجا ماتت؟
في تقديري ان التقييم للاتفاقية كان يجب ان يتم داخل مؤسسات الحركة المجلس الثوري والمجلس القيادي والقادة الميدانيين والسياسيين والسلطة الانتقالية وجلوس هذه الأجهزة مع بعض وتقييم تنفيذ الاتفاقية ويكتب تقرير علمي ويقدم للشركاء ثم يعقد بعد ذلك المؤتمر الصحفي وينص ما شاء ان ينص.
* ولكن لماذا جاءت هذه التصريحات متأخرة بعد عامين؟
اعتقد ان رئيس الحركة في موقف لا يحسد عليه فلديه جنود في الميدان لم يطبق عليهم بروتكول الترتيبات الأمنية وطلاب وعدوا بقبولهم في الجامعات ولم يتم ذلك وهناك انتهاكات في دارفور لم تتوقف فهو ليس لديه صلاحيات في موضع الامتحانات وخلافه إلا عبر الأجهزة الحكومية فهو أصبح مواجه الآن من أهل دارفور ومن قواته وبارهاصات لجلوس حركات غير موقعة في لندن وفي جوبا مع الحكومة فالاتفاقية غير مكيفة في الدستور فماذا يفعل غير انه يتحدث عبر الإعلام ويوضح رأيه وهو قصد بتصريحاته اشراك الرأي العام المحلي والعالمي في الواقع الماثل وتنبيه الشريك الآخر لكن هو مازال حريصاً على السلام لكن كان من الأوفق ان يجتمع مع مؤسسات الحركة الدستورية ويتشاور معها لأنه عندما يجتمع المجلس الثوري الذي يضم كل الناس إضافة للمجلس القيادي والقادة الميدانيين فإن إنسان دارفور يحس بأن هذه الجهات هي التي تلامس قضايا الناس وبالتالي الشريك سيعمل لها حساب إضافة إلى ان تفعيل هذه المؤسسات سيقوي من موقف الحركة ويكسبها مصداقية وسط أهل دارفور.
* طالما ان هناك قصوراً من الحركة في تفعيل أجهزتها لماذا حمل مني في تصريحاته مسؤولية عدم إنفاذ اتفاق أبوجا للحكومة؟
في تقديري ان الحكومة ليست مسؤولة وحدها عن عدم إنفاذ اتفاق أبوجا وانما هي مشتركة بين الحركة الموقعة للاتفاقية والدول الضامنة لها حيث تركت الحركات الموقعة وانقادت وراء الحركات التي لم توقع في محاولة لاقناعها كأنما السلام ليس له استحقاقات في الوقت الذي كان يحتاج فيه السلام للتدريب والدعم المادي وتقييم للموقعين أنفسهم فهذه واحدة أما الأمر الآخر فإن المجتمع الدولي لا يساعد إلا المنظمين لأن طبيعته منظمة والحركات مشتتة وحتى الحركة الموقعة لم تعطِ المجتمع الدولي انطباعاً بأنها قوية وجامعة لأهل دارفور.
واعتقد ان الحكومة دخلت في اشكالية قانونية فهي لم تستطع جمع الحركات الثلاثة الموقعة في مجموعة واحدة مع الحركة الأم وكذلك فشل السيد مني في صهر هذه المجموعة في بوتقة واحدة حيث لم تنسجم هذه المجموعات مع بعضها البعض حتى يسهل التعامل معها.
* لماذا لم تلعب السلطة الانتقالية دوراً في إنفاذ الاتفاق؟
السلطة الانتقالية عبارة عن مفوضيات وكل مفوضية تمثل جزيرة معزولة عن الأخرى وليس لهذه المفوضيات اجتماعات دورية أو حتى أدنى وجود في الولايات الثلاثة في دارفور من قبل المفوضين أو الولاة الثلاثة وهم رؤساء مناوبين في السلطة الانتقالية حيث كان من المفترض ان يعملوا جميعهم في الولايات في دارفور بالآليات والأجهزة الموجودة هناك بمعنى ان تحدث هذه الشراكة انسجاماً بينهم والسيد كبير مساعدي رئيس الجمهورية ولجان الأمن والمجالس التشريعية عبر آليات السيد مساعد رئيس الجمهورية وهي نفسها الأجهزة الولائية الموجودة في دارفور إضافة لصندوق الاعمار ومفوضيات التأهيل والتوطين والتفويضات ولكن السؤال هل جلس رئيس الحركة مع هذه المفوضيات وهل كان ذلك في اجتماع دوري أو غرف عمليات؟ وكل هذه التساؤلات لن أجد لها اجابة.
* هذا الحديث يقودنا إلى سؤال ماهو مستقبل اتفاق أبوجا وكيف يمكن ضم الحركات غير الموقعة؟
اتفاق أبوجا أصبح مسألة قومية تهم كل السودانيين ولكي يكون الرأي العام السوداني والأجهزة الرسمية مجلس الوزراء والمحكمة الدستورية والبرلمان وحكومة الوحدة الوطنية وحكومة الجنوب على دراية بما يحدث لأبوجا قبل ان يتدخل العالم يجب ان يتم تقييم علمي وموضوعي حول: إلى أين وصلت الاتفاقية ثم بعد ذلك يقرر الناس كيف يمكن تفعيلها فأبوجا لا يمكن أن تسقط أو تموت بل يمكن ان تفعل بعد ان يعترف كل شخص بخطئه وقصوره وعدم مؤسسيته ويلتزم بالتراجع عنه ثم بعد ذلك نتبنى آليات ومؤسسات لإنفاذ الاتفاقية وبالرغم من ان السيد رئيس الجمهورية أنشأ آليات لذلك إلا انه لم يحدث شئ حتى الآن.
فإذا كان السيد مني متمسكاً بالسلام فليبنِ تنظيماً قوياً ثم يبحث عن إلى اين يلجأ هل للمحكمة الدستورية أو للضامنين لأن بناء تنظيم قوي يجعل المحكمة الدستورية تقف معه والبرلمان وحكومة الوحدة والجنوب وخلاف ذلك لا يمكن ان يقف معه أحد.
* تتحدثون عن إنفاذ الترتيبات الأمنية وفي نفس الوقت تمارسون خروقات أمنية في دارفور؟
هناك مسائل تتعلق بالحرب يصعب الحديث عنها بلغة جنائية فالحرب لها لغتها في الخروقات والاختراقات والاعتداءات فلا يمكن ان يتهم إنسان في الخرطوم الحركة بأنها فعلت كذا وكذا لأن ذلك منطق ميدان لكن يمكن الحديث عن ان المناطق الإدارية التي تقع تحت سيطرة الحركة إذا لم يحدث فيها أمن فإن ذلك يعتبر نتيجة لقصور أمني فإن هذه المناطق التي تقع فيها الخروقات تكون في وضعية لا هي تابعة للحكومة لا الحركة قادرة على إدارتها وعموماً فإن الأشياء الموجودة في الميدان والمتعلقة بحياة الناس حساباتها مختلفة تماماً.
* الترتيبات الأمنية تعتبر المرتكز الأساسي لأي اتفاق لماذا تعثر إنفاذ بروتكول الترتيبات الأمنية في اتفاق أبوجا؟
بعد توقيع اتفاق أبوجا الوضع تغير على الأرض بصورة دراماتيكية فهناك موقعون انتقلوا لمربع الحرب مع جبهة الخلاص وغير موقعين انتقلوا بقواتهم إلى الحركات الموقعة بمعنى أنه حدث حراك غير مراقب مراقبة قانونية جيدة ودقيقة وحتى الآن لا تستطيع ان تفرق الحكومة من الذي جاء من الخلاص ولا من العدل والمساواة ولا من التحرير ومن الذي ذهب وهناك غموض شديد في الميدان فالحركات تقول على الحكومة نزع سلاح المليشيات الموالية لها وكذلك الحكومة تطالب الحركات بوضع السلاح فالمسألة أصبحت معقدة فالناس كانوا يتوقعون ان تسيطر قوات اليوناميد عند نشرها السيطرة على الأرض والتحكم في كل من يرتكب انتهاكات.
* ولكنها فشلت؟؟؟
لم تفشل لكنها جاءت بكمية محددة ودارفور مساحتها كبيرة فهي تساوي مساحة فرنسا حيث تعادل شمال دارفور بوركينا فاسو وجنوب دارفور انجلترا وغرب دارفور تونس فلا يمكن لـ(26) ألف جندي ان يغطوا تلك المساحات الشاسعة كما ان اليوناميد تأخرت عن الجدول الزمني وعن الكم الذي كان من المفترض ان يضبط الأوضاع على الأرض بالإضافة لعدم وجود خطاب سياسي عقلاني لا من الحكومة لا من الحركات يزرع الأمل في نفوس أهل دارفور.
* لماذا لم يقم الحوار الدارفوري الدارفوري الذي نص عليه الاتفاق؟
الحوار الدارفوري الدارفوري لم يجد ناس نبلاء ليقوموا به خاصة وقد ورد بشأنه توصيف وكنت اتوقع ان يجد هذا الحوار من يكيفوه لواقع دارفور لأنه يحتم علينا ان نضع استراتيجية للحوار الدارفوري الدارفوري فالممسكون بملف دارفور يرون ان الحوار جاء حسب نصوص جامدة ومحددة وقوالب معينة في الاتفاقية يسير في إطارها بينما يعتقد آخرون غير ذلك.
* إذا فهو مختلف عليه؟
هذه حقيقة فالمجتمع الدولي يعتقد ان هذا الحوار يمكن ان يتم بين قبائل أو مجموعات في الوقت الذي كان من الممكن ان يتم فيه عبر المشاكل في مناطق جغرافية لأنه لا توجد منطقة فيها قبائل مهددة.
* ماهي الاستراتيجية المقترحة من جانبكم لجعل الحوار الدارفوري الدارفوري آلية فاعلة تسهم في حل أزمة دارفور؟
هناك استراتيجيات عديدة طرحت باعتبار ان الحوار الدارفوري هو في النهاية عملية تدرج تبدأ بمؤتمرات قاعدية في المحليات لأن اي محلية تختلف مشاكلها عن الأخرى فمحلية كتم تختلف مشاكلها عن الضعين وقريضة عن أم كدادة لذلك لا بد من عقد مؤتمر في كل منطقة على حدة تناقش فيه ثلاث أجندة رئيسية هي المشاكل المحلية في كل ورأي ناس المحلية في مستقبل الاقليم وعلاقتهم بالولاية إضافة لعلاقتهم بالمركز ثم خروج أشخاص مصعدين يحملون توصياتهم للمؤتمر الجامع الذي تناقش توصياته في مجالس متخصصة فموضوع الأراضي والحدود يعطي لقانونيين وهناك موضوعات تاريخية تعطى لمجالس متخصصة تخرج منها توصيات ترسي البلد على علم وموضوعية وليس حديث لأشخاص يجيدون الكلام لصالح هذا أو ذاك وهذا يتطلب تدريباً وجس نبض للناس في هذه المناطق ووجود مهمومين بمشاكل دارفور وكل ذلك لا يستطيع المجتمع الدولي انجازه وانما يحتاج لوطنيين سودانيين لأن الأمم المتحدة في أي مكان في العالم لا تستطيع معرفة الجانب الثقافي للمناطق بعد الصراع حيث فشلت في سيرلانكا وكمبوديا وهي تعاني من قصور في القانون الدولي وهي تحاول بعد اي صراع في العالم أن تدرس وتحلل لتعوض هذا النقص.
* قضية دارفور تزداد تعقيدا يوماً بعد يوم وحركتكم فشلت في اقناع الحركات غير الموقعة؟
في تقديري ان قضية دارفور بالنسبة لي شخصياً (دربها مرق) لأنها صارت قضية السودان كله بمعنى هل السودانيون يريدون ان يحكموا بفدرالية أم كونفدرالية هل تصبح دارفور اقليماً أم لا تبقى وهل يكتب لها دستور إذا صارت أقليماً أو يكتب دستور لأبناء دارفور يحكمهم لكي لا تهيمن مجموعة على أخرى أو تقصيها.
* وحدة الاقليم ابرز مطالب الحركات غير الموقعة خاصة حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان حناح عبد الواحد كيف تنظر حركتكم لهذا المطلب؟
أي شخص يقول ما يشاء لكن اتفاقية أبوجا طرحت هذا الكلام لاستفتاء يقام عام 2010 يبحث مطالب الدارفوريين المطالبين بالاقليم وعلى أي أساس والمتخوفين من الاقليم ماهي أسبابهم، وهناك من يرون ان دارفور لازم تأخذ حكماً اقليمياً يساعد على التنمية وانا منهم بشرط ان يكتب للدارفوريين دستور خاص بهم يوزع الثروة والسلطة فيما بينهم قبل ان يأخذوا الثروة والسلطة من الاقليم وهو نفس الفهم الذي يرمي لتقاسم الثروة والسلطة مع المركز لكن داخل الاقليم وهذه هي المشكلة التي توهت العالم وجعلت الياسون وسالم يطالبون بعودة العرب وناس المعسكرات لأنهم شعروا بأنهم ليس لهم وجود في الاتفاقات.
* طالما ان هناك حواراً دارفورياً دارفورياً يقود للحل إذاً اتفاق أبوجا أصبح ليس هو النموذج الذي يُرتكز عليه في الحل؟
اعتقد ان أبوجا نفسها نموذج وهي أرضية للحل ولكنها ليست الحل النهائي وكل الملفات موجودة بداخلها الترتيبات الأمنية تقاسم الثروة والسلطة مفوضية الخدمة المدنية والمشكلة ليست في أبوجا وانما في الإرادة السياسية لكن هي كنموذج لا استطيع ان أقول في الوقت الراهن أنها ليست نموذجاً فهي فكر اشترك فيه كل الأفارقة وخبراء العالم فهي جهد سوداني وإنساني كبير لم يجد الإرادة السياسة والتفعيل للنصوص والقراءة النبيلة والذين كتبوه قصروا فيه ولم يستطيعوا اكماله بالبعد الجماهيري وحتى الذين وقعوه لووا عنقه ليصب في مصلحة معينة.
* السيد مني قال في تصريحاته ان ملف دارفور تراجع بعد وفاة مجذوب الخليفة كيف تقرئين ذلك؟
المشكلة ليست في د.نافع أو مجذوب الخليفة فحتى مجذوب الخليفة لم يكن مرضياً عنه وهناك من خرج من حركة تحرير السودان بسببه وهذا منهج خطأ في أنك تجيد الكلام بمنهج أشخاص حتى إذا افترضنا مجذوب الخليفة (رحمه الله) أو د.نافع فالناس عندما يأتون لتطبيق الاتفاقية يطبقونها بمناهج، ماهو منهج تطبيق الاتفاقية وماهي قراءة النصوص ونحن عندما جئنا نطبق كان في ناس ما عارفين “Committee” لجنة وللا مفوضية فلا النصوص ولا المجتمع الدولي بحل مشكلة وانما التجاوب مع الواقع الماثل المعسكرات التي تصب فيها الأمطار الناس المشتتين الشباب الذين جيشوا فهذا الواقع في تصوري يجعل أي شخص يستطيع ان يحل المشكلة فالشيخ زايد عندما حل مشكلة الامارات لم يأتِ بمجتمع دولي فالمجتمع الدولي يساعد لكن لا يمكن ان يكون أرضية للحل ولا الحكومة يمكن ان تكون بديلاً لإرادة الشعب ولا المجتمع الدولي يمكن ان يكون بديلاً أيضاً لإرادة الشعب.
* ماهو موقف الحركة من الانتخابات القادمة؟
انا لا اريد ان اقفز فوق المراحل فلتبدأ الحركة الآن بدمج مؤسساتها وإصلاح العلاقات بين الرئيس والأمين العام والمكتب القيادي والميدان لينصهروا في بوتقة واحدة ثم نرى ماهي الخطوة التالية.
* هذا الحديث يشير إلى ان هناك خلافات داخل الحركة؟
ليست هناك خلافات وانما عدم تفعيل لدور المؤسسات فأنا مثلاً لا يمكن ان أصرح وحدي وأقول الحركة ستتحول لحزب سياسي وانما يفترض ان يأتي ذلك من داخل المؤسسات فإذا كانت المؤسسات مفعلة حتما ستأتي برؤى مفعلة وعموماً إذا لم تحل مشكلة دارفور فأنا لا استطيع الحديث عن انتخابات في هذا الوقت لأن هناك أولويات لأنه لا يمكن ان يكون هناك مريض في الانعاش ويتلقى دربات وتقول زواجه اقترب ومتين يكون كويس لنقيم الزفة ففي الأول يجب ان ننتظره ليقوم من مرضه ونحدد بعد ذلك وهذا ما ينطبق على وضع دارفور.
* هل سبق ان قمتم باتصالات مع الحركات غير الموقعة وكيف كانت نتائج تلك الاتصالات؟
كانت لنا لقاءات معهم في ماكسلاند في المانيا واطلقنا نداء اسميناه نداء السلام لأبناء دارفور وكان الهدف الأساسي هو إجراء حوار مع كل أبناء دارفور للوصول لحل شامل لا يتجاوز 7 أشهر.
* وهل وجد هذا النداء استجابة من حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد؟
نعم وجد استجابة من الحركتين وكل مثقفي دارفور في المهجر والولايات والخرطوم فهذا العمل بعيد عن الإعلام ويمليه الواقع والضمير.
* لكن هل التمستم وعوداً حقيقية من الحركات؟
لا استطيع ان اصرح حالياً لكن اتمنى ان تطالعوا ذلك في الصحف قريباً ان شاء الله.
* كيف تنظرين لما قامت به حركة العدل والمساواة من اعتداءات وتخريب في مدينة أم درمان؟
ما قام به خليل ليس له علاقة بقضية دارفور بل له علاقة عميقة بالانقسامات في الحركة الإسلامية وهذا يجعلنا نطرح سؤالاً ماهو تأثير الانشقاقات في الحركة الإسلامية على قضية دارفور وهي قضية ذات افق محدد وتتعلق بالدستور وتكييف وضع الاقليم الذي انضم للسودان دون ضمانات في الثروة والسلطة والحكم وانعدام التنمية الذي أحدث تفككاً في الثقافة والأسر داخل دارفور وما فعله خليل هو تصفية حسابات مع قرنائه الذين أسس معهم الدولة لذلك لا بد من الإسراع في حل جذري لهذا الملف حتى لا يكون شماعة لتعليق الأخطاء.[/ALIGN]