تحقيقات وتقارير
“بلندية” قصة موت معلن .. نهض بلندية وأمسك (ببندقية) الصيد التي كانت معه، وبدأ تصويب الرصاص نحو المتمردين
اغتيل محمد إبراهيم بلندية برصاص الحركة الشعبية بالقرب من منطقة الكرقل أثناء تفقده للمشروعات الزراعية بهبيلا، ومن خلال (تدبير) مسبق شاركت فيه عناصر الحركة الشعبية داخل المدن عبر (المعلومات) والاختراق، ونفذته مجموعة تتألف من (أحد عشر) مقاتلاً..
تلقت المجموعة المنفذة توصيفاً دقيقاً لمسار رحلة إبراهيم بلندية ومرافقيه؛ الدكتور فيصل بشير أمين مجلس التخطيط الاستراتيجي والمدير العام السابق لوزارة الزراعة، وعلي مطر المعتمد السابق بشمال كردفان، وعدد خمسة مرافقين قُتلوا جميعاً، وجُرح البعض وهرب آخرون من بشاعة الموت والغدر..
بدأت رحلة الوفد في الثامنة من صباح الجمعة، حيث آثر الشهيد بلندية (الترجل) من السيارة الدستورية التابعة للمجلس التشريعي، واستخدام السيارة (البرادو) التي يملكها د. فيصل بشير.. وفي منطقة الكرقل تناول الوفد آخر طعام وشراب من قهوة وشاي في هذه الدنيا.. وتوجهوا صوب منطقة (الكتنق) حيث المشروعات الزراعية، وتبعاً لإفادات شهود عيان، تحدثوا لـ (المجهر) من الكرقل، أن مظهر بلندية ورفاقه كل صباح جمعة بمنطقة الكرقل مألوفٌ لمرتادي السوق منذ سنوات، حيث (يزرع) بلندية ود.فيصل البشير وعلي مطر الذرة والسمسم في شرق الكرقل.. وأغلب قيادات المنطقة من السياسيين وحتى ضباط الجيش من ملاك المشاريع الزراعية..
والزراعة تشكل جزءاً من شخصية إنسان جبال النوبة، ومهنة تضاف لأية مهنة أخرى في حياة الإنسان.. تناول بلندية القهوة بعد الإفطار وصوته الجهور يشق صمت مقاهي (الكرقل) التي تأثرت بالحرب، ولكن السماء لم تكف، بعد أن بدأت زخات المطر تبلل التربة الطينية السوداء، ومن بين قمم الجبال تتصاعد (شبُّورة المطر).. والسحاب الراحل يغطي قمة جبل (الكتنق)..
توجه الوفد بلا حراسات وسيارة محملة بمدفع الدوشكا.. كانوا عُزلاً إلا من (بوليس مدينة) بكاكي الشرطة التقليدي.. وبعد (35) كيلو سارتها السيارات الثلاث انتهت رحلة الحياة بإطلاق المتمردين مقذوفتين من مدفع (آر بي جي) استهدف السيارة الأولى حيث يجلس بلندية في المقعد الأمامي قرب سائقه، وفي المقعدين من خلفه د.فيصل بشير وعلي مطر، وفي السيارة الثانية (اللاندكروزر) بقية الوفد.. بدأ إطلاق النار الكثيف (بتركيز) شديد على سيارة بلندية، فسقط أولاً سائق السيارة بالقذيفة التي شطرت العربة (البرادو) إلى نصفين.. نهض بلندية وأمسك (ببندقية) الصيد التي كانت معه، وبدأ تصويب الرصاص نحو المتمردين إلا أن قذيفة أخرى أسكتت نبض قلبه وتمزق جسده لأشلاء.. وطبقاً لرواية (ناجين) من الحادث أن عدد المتمردين الذين نصبوا الكمين أحد عشر متمرداً، لاذوا بالفرار، بعد تنفيذ العملية، والوقوف على جثث القتلى، و(أمطروا) الجثث برصاصات إضافية، تعبيراً عن حقد دفين في قلوب كالحجارة.. قلوب (غلف) جفت منها ينابيع الرحمة والإنسانية.
الاغتيال السياسي
فتحت الحركة الشعبية باغتيالها لإبراهيم بلندية على نفسها الجحيم، وقد (اصطفت) الحركة الشعبية في يونيو من العام الماضي عدداً من القيادات والرموز واستهدفت إقصاءهم من الوجود وتم استهداف (بلندية) برصاص (بندقية قناصة) أصابته في رجله اليمنى وتلقى العلاج في الأبيض والخرطوم.. فيما اغتالت الحركة الشعبية (كي الغزال) أحد أبرز قيادات الحركة الإسلامية، حيث حصدت روحه بنادق الحركة الشعبية في اليوم الأول لإعلان الحرب.. وهاجمت عناصر من الحركة منزل الأمير كافي طيارة البدين، إلا أن مقاتلي المورو تصدوا لهم ببسالة، وردوهم على أعقابهم خاسرين، وبدأت الحركة الشعبية سلسلة اغتيالات انتقائية، واستهدفت من خارج حزب المؤتمر الوطني (حمدان علي البولاد) من حزب الأمة، وعبد الرحمن أبو البشر رئيس هيئة شؤون الأنصار، ويحيى ربوكة الأمين العام لجماعة أنصار السنة المحمدية، وأهدرت الحركة الشعبية دماء مولانا أحمد محمد هارون والي جنوب كردفان، الذي تعرض لمحاولتين؛ الأولى بمطار كادوقلي، والثانية في منطقة (التيس)، كما أهدرت الحركة دماء اللواء أحمد خميس نائب الوالي الحالي، ونجا وزير الشباب السابق حاج ماجد محمد سوار من محاولة اغتيال (بحي الفقرا) أثناء تأدية واجب العزاء في أحد شهداء المنطقة، وتعرض مكي علي بلايل لمحاولتي اغتيال؛ الأولى في مسقط رأسه بمنطقة الصبي، والثانية في طريق الدلنج المنطقة الغربية، وتعتبر الحركة الشعبية مكي بلايل (عدواً) يجب التخلص منه.. فيما تعرض اللواء محمد مركزو كوكو لتهديد مباشر من خلال اتصالات هاتفية، وتمت مهاجمة منزله بقرية دلامي وحرق أثاث المنزل..
وحادثة اغتيال محمد إبراهيم بلندية تطرح ثلاثة أسئلة في سياق تداعيات الحدث، أولاً هل تم تأمين الشخصيات المستهدفة بما تستحقه؟؟، وكيف للرجل الثاني في الولاية ورئيس المجلس التشريعي (التجوال) بحراسة محدودة؟، وهل (اغتيل) بلندية من خلال عملية (اختراق) (جندت) الحركة أقرب الذين من حوله؟
وما هو مستقبل زينب محمد بلندية، أحد أبرز قيادات الحركة الشعبية المتواجدة حالياً في جوبا، والناشطة سياسياً في مناهضة المؤتمر الوطني.. هل تعتبر اغتيال شقيقها بطولة ونضالاً شريفاً، أم تعيد النظر في علاقتها بمن سفكوا دماء شقيقها في نهار الجمعة، وزينب بلندية ليست وحدها، فالدكتور فيصل بشير الذي تم اغتياله في الحادثة يمثل أشقاؤه احمد وعمر قيادات نافذة في الحركة الشعبية، ومن المقربين جداً للسيد عبد العزيز آدم الحلو، الذي نشأ في منزل (حاج بشير) والد الشهيد فيصل بقرية الفيض.. وكان الحلو الطالب يتلقى الإعانات الشهرية والرعاية من التاجر حاج (بشير) فكيف ضحى عبد العزيز بابن من أحسن إليه وهو في المهد صبيا؟.
وهل (تشرب) الحركة الشعبية من كأس الاغتيالات في مقبل الأيام؟، خاصة وأن اغتيال (بلندية وفيصل بشير) له أثار سالبة في علاقات المجموعات القبلية التي نفذت الاغتيال، وتمتد تصدعات الحادث من الكرقل التي هي في أحضان الحكومة إلى قمم الجبال حيث المقاتلين الذين ينتمي بعضهم لقبائل الشهداء، ميري وتقوي والبديرية في شمال كردفان!!
من هو بلندية؟!!
ينتمي محمد إبراهيم بلندية الى قبيلة (ميري) التي تمثل مركز الثقل في محافظة كادقلي، إضافة إلى قبيلة كادقلي، وفي سبعينيات القرن الماضي انضم بلندية الموظف بهيئة جبال النوبة الزراعية للحزب القومي السوداني، وكان قريباً من الأب فيليب عباس غبوش.. نشط في مفاصل (العمل السري) وأسس مع يوسف كوة، ويونس أبو صدر، ودانيال كودي تنظيم (الكمالو) وهو تنظيم سري استوحى اسمه من رواية (أبكيك وطني العزيز) التي يمثل استيفن كمالو بطلها.. بعد إعلان يوسف كوة التمرد على الدولة والانضمام للحركة الشعبية.. أخذ بلندية على عاتقه خوض معركته بطريقته الخاصة، كان يغذي شرايين الحركة بالمعلومات، واعتبرته السلطات الأمنية رأس (الحية) في منظومة الطابور الخامس.. تم إصدار قرار (أمني) ينفي بلندية داخلياً إلى مدينة الأبيض بعيداً عن كادقلي التي لا يستطيع دخولها إلا بعد الحصول على (إذن) مسبق من الاستخبارات لخطورته على الأمن..
..اشتغل فترة (تغرُّبه) منفياً في الأبيض لتأهيل نفسه فالتحق بجامعة كردفان..طالباً منتسباً حتى تخرج ونال الماجستير وأخذ التحضير للدكتوراه.. وهبت رياح عاصفة على التنظيم السري، وتفتت قوة الحزب القومي ما بين المرحومين محمد حماد كوة والأب فيليب عباس غبوش، ليقترب (بلندية) من المؤتمر الوطني بعد مفاوضات جرت بينه وقيادات مثل د. عيسى بشري، وعمر سليمان، وآدم الفكي، وناصر علي عمر.. ليفاجئ بلندية الجميع ويعلنها جهراً الانضمام للمؤتمر الوطني، بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وعادت الطمأنينة للقلوب، وصعد من معارض منفي لمنصب رئيس المجلس التشريعي في حقبة د. عيسى بشري، وحافظ على موقعه حتى الانتخابات الأخيرة التي حملته إلى جماهير كادوقلي لينوب عنها، وينال منصب رئيس المجلس التشريعي الذي لم يفلح (بلندية) في إقناع المركز بتعديل قانون الانتخابات، حتى ينهض المجلس الذي ذهب ثلث أعضائه للغابة متمردين، وذهب الآن رئيسه شهيداً برصاص التمرد، وبقيت القضية (حائرة) وأهل جنوب كردفان ينظرون لولايتهم وهي تتدحرج إلى هاوية سحيقة أو جهنم الحرب التي لها تسعى الحركة (برجليها)، وإنا لله وإنا إليه راجعون..
يوسف عبد المنان
صحيفة المجهر السياسي
تقيمون الدنيا ولا تقعدوها في مقتل احد المنتسبين لحزبكم ولا تحركون ساكنا لمقتل الاطفال والنساء العزل الذين يختبؤون في الكهوف من قصف الطائرات
المبائ لا تتجزأ والاسلام ما كدة
يجب ان يقتلع المؤتمر الوطني والكيزان ويدخلوا السجن جميعا بكوادرهم وتقام لهم كورسات اسلامية حتى يفهموا ما هو الاسلام
بعدين الزول ده احتمال كبير كتلوا هارون فمافي داعي للفهلوة والولوة