تحقيقات وتقارير
قطاع الشمال أم حصان طروادة؟!
وربما يفسر ما يقوله الخبير في ملف المنطقتين الانتقادات الحكومية المتكررة للقطاع ولياسر عرمان تحديدا دون قياداته الاخرى مثل مالك عقار وعبدالعزيز الحلو. والشاهد ان كل التصريحات الحكومية حول كيفية التعامل مع قضية قطاع الشمال تركز على توصيف المشكلة بانها تتعلق بالمنطقتين فقط لاغير، وتشدد على ان عرمان ومن معه من قيادات تمارس خلط الاوراق سعيا من وراء اكتساب شرعية سياسية لا يستحقونها في الساحة السياسية.
على كل فان هذه التصريحات من رئيس الوفد الحكومي تنذر بمارثون تفاوضي طويل لا يصل اي من الطرفين في نهايته لمعالجة جذرية لهذه القضية التي فجرت الحرب بين دولتي الشمال والجنوب لاول مرة بعد توقيع اتفاق السلام الشامل.غير ان توقيت هذه التصريحات بعد جولة غير مباشرة بين الطرفين انتهت الى توقيع اتفاق لتمرير المساعدات الانسانية للمتضررين من السكان في جنوب كردفان والنيل الازرق، يعد تكتيكا سياسيا جديدا عند الدكتور سامي عبدالعاطي، فاستاذ العلوم السياسية رأى في حديثه ل» الصحافة» امس ان رئيس الوفد الحكومي للتفاوض يستهدف من تصريحاته زعزعة الموقف التفاوضي لقطاع الشمال، توطئة لتحقيق مكاسب اكبر وتقليل الخسائر لاقل مدى ممكن. ويدلل الدكتور عبدالعاطي بالاشارة الى عزم الوفد على تلمس اراء رافضي عملية الحوار من الاساس من أئمة المساجد المتشددين ورصفائهم في الرأي العام، وهو ما يعد توطئة للاستناد علي هذه المواقف الرافضة في تشكيل مزيد من الضغوط على قطاع الشمال في الجولة القادمة والتي تعد الاهم، لان الحكومة ستضطر للجلوس مع القطاع وان اظهرت رفضها وتمنعها الان. ومع هذا لا يقلل الدكتور صديق تاور من مترتبات اصرار التيار الرافض للحوار داخل الحزب والحكومة، فالخبير في شئون قضية المنطقتين يؤكد تنفذ هذا التيار، ويقول « مجرد اختيار كمال عبيد على رأس الوفد رسالة واضحة بانه لايريد ان يصل لحل يمنع شبح الحرب من المعاودة»، ويتابع تاور « ابناء المنطقتين يعانون من الحرب ومرادفاتها، ولا احد على الجانبين يظهر احساسا بذلك». ولا يري الخبير في شئون المنطقتين بان قطاع الشمال يتعامل بشكل مختلف مع هذه المعاناة عن المؤتمر الوطني، بل ان تاور يضيف « عرمان وعبيد وجهان لعملة واحدة»، ويستطرد بالاشارة الى ان قطاع الشمال يرغب في اكتساب شرعية سياسية ويوجد موطئ قدم على حساب قضية المنطقتين، ويزيد « كلام عبيد عن فرضه لاجندات لاعلاقة لها بالقضية صحيح جزئيا، فالقطاع منعزل بشكل كامل عن المنطقتين ويري فيهما ورقة ضغط على الحكومة». وما يقوله تاور بشأن ادراج القطاع لخمس قضايا عامة اخرى في مائدة الحوار مع الحكومة، يعد عند الدكتور سامي عبدالعاطي مؤشرا جيدا على وعي القوى السياسية المعارضة كافة بان حل قضايا البلاد لا يتأتى بشكل جزئي، فهو يؤكد على ان الحلول الجزئية في الجنوب ودارفور والشرق لم تجلب استقرارا او سلاما للسودان، وان وضع تلك القضايا على مائدة الحوار بين الحكومة والقطاع امر صائب .
وليس بعيدا عن ذلك الحوار حول القضية، تؤشر افادات الدكتور كمال عبيد بان الحكومة ستسترشد باراء الأئمة والعلماء الرافضين للحوار جملة وتفصيلا، على بروز محاولات لاستغلال هذا الرفض في عمل سياسي ما، وهي الخلاصة التي توصل اليها الدكتور يوسف الكوده، فالاخير يرى في ذلك المسعى عملا سياسيا يهدف لتلطيف الاجواء لاغير، فالحوار حسبما يشدد عمل مباح حتى وان علمت الحكومة بانه لن يؤتي ثماره. ويبين الكودة لـ» الصحافة» قيمة الحوار مطلوبة والرأي الشرعي فيه معلوم للجميع».
ولان قضية الحوار بين الحكومة وقطاع الشمال ظلت محورا دائما للجدل بين القوى السياسية من جهة والحكومة من جهة اخرى، فان اراء اغلب المحللين والسياسيين والخبراء في شئون قضية المنطقتين تثمن من قيمة الحوار وتعده المخرج الوحيد من الأزمة هنالك، بيد ان اولئك ظلوا يشترطون لنجاح هذا الحوار وتقدمه في كل المسارات المغلقة بتحلي طرفيه «الحكومة والقطاع» بارادة سياسية قوية واعلاء لمصالح البلاد العليا، وقبلا عدم التعامل مع القطاع كحصان طروادة. [/JUSTIFY]
الصحافة – تقرير: ماجد محمد علي
[SIZE=4]المشكلة أن القطاع حصان طروادة
وصديق تاور نفسه حصان طروادة
[/SIZE]