بيانات ووثائق

(نص) خطاب الرئيس البشير في البرلمان (الدورة السابعة)


[ALIGN=JUSTIFY]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم» وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، نشكره على فضله، ونسأله المزيد من إحسانه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخواني رئيس وأعضاء الهيئة التشريعية القومية – وعلى الضيوف الكرام شهود هذه الجلسة الافتتاحية لدورة الإنعقاد السابعة لهيئتكم الموقر التي تأتي بعد شهر حافل بالطاعات صياماً وقياماً، وعيداً مباركاً سادته روح التسامح والتصافي والرضا.
لقد شهدت الدورة الماضية وما أعقبها من عطلة تشريعية جهوداً موفقة في أعمال التشريع والرقابة والمتابعة الميدانية والاتصال المباشر بالمواطنين مما يؤهل هيئتكم لبدء أعمال الدورة الجديدة بخبرة أعمق، وحيوية متجددة، توفون فيها بعهد الله تجرداً وإخلاصاً، وبعهد الشعب حرصاً على حقوقه، ورعاية لمصالحه.

الأخ رئيس الهيئة
الأخوة والأخوات
تكتسب دورتكم هذه أهمية خاصة بحسبانها الأخيرة حسب منطوق الدستور الإنتقالي 2005م الذي ينص على إجراء الإنتخابات العامة لجميع مستويات الحكم في العام الرابع من الفترة الإنتقالية التي بدأت في التاسع من يوليو 2005م. وقد جاء قانون الانتخابات الذي اجزتموه في الدورة الماضية على رأس الإنجاز التشريعي الذي شهدته الدورة. ولقد شرعنا- فور التوقيع على القانون- في مشاورات سياسية واسعة لتشكيل هيئة الإنتخابات، وسنعمل على طرح القائمة عليكم في الأيام القادمة لإجازتها، ومن ثم تشرع الهيئة في الإعداد للإنتخابات وفقاً لأحكام الدستور. هناك مطلوبات فنية على رأسها إعلان نتائج التعداد السكاني الأخير، وترسيم الحدود الإدارية بين الشمال والجنوب وفقاً للحدود القائمة في يناير 1956م، وذلك ما نسعى للفراغ منه في الأسابيع القادمة.
أما المطلوبات السياسية فكثيرة، ومن أهمها بسط الأمن وتوسيع دائرته، وهو واجب نلتزم به، وقد أعددنا سياسات وخططاً محددة ستعرض عليكم في حينها، وسنمضي قدماً في إكمال إنفاذ الترتيبات الأمنية لإتفاقيات السلام الشامل، وسلام دارفور، وسلام الشرق، والتصدي الحازم لكل صور الإنفلات الأمني، وانتهاك سيادة القانون.
كما نعلن عزم الحكومة على دفع مسيرة التراضي والوفاق الوطني التي قطعت أشواطاً مقدرة تعززت فيها الثقة، وتكثف الحوار الوطني واتسعت دائرته، ونجدد التزامنا بإنفاذ ما يتم التوصل إليه تهيئة للأجواء، وتوسيعاً لدائرة الحوار الوطني البناء، واحترام الآراء مهما اختلفت وتباينت- ما دامت ملتزمة بروح المسؤولية الوطنية والتعبير السلمي- حتى تجرى الانتخابات في جو معافى وبحضور إقليمي ودولي، يختار فيها شعبنا الواعي- بكامل حريته وإرادته- من يختاره لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة- ونعلن أننا سنكون في طليعة من يحترم تلك الإرادة وينزل عند قرارها- ولا شك أن لهيئتكم الموقرة دوراً كبيراً في تحقيق ذلك رقابة وتشريعاً واستحداثاً للآليات المناسبة- وفي ذلك فإنني أدعوكم للإسراع باعتماد مجلس الأحزاب الذي أودع منضدتكم هذا الصباح- كما أدعو الأحزاب والهيئات السياسية للإلتزام بقانون تسجيل الأحزاب الذي سيقوم عليه ذلك المجلس- كما أدعوها لتقوية بنيتها الداخلية، وإعداد برامجها وخططها السياسية، والشروع في تدريب كوادرها، والاتصال بقواعدها، فذلك بعض ما تقوى به الممارسة السياسية وتنجح التجربة، ويجنب البلاد تكرار التجارب الفاشلة الماضية. كما أعلن ترحيبنا بما يعين من أفكار ومقترحات لتنمو التجربة وطنية خالصة بعيداً عن تدخل الأجنبي وتأثيره الذي بدت نُذُره، وتكاثرت شواهده.

الأخ رئيس الهيئة
الأخوة الأعضاء
لن يكتمل السعي الوطني النبيل هذا، حتى نفرغ جهدنا كاملاً لإكمال سلام دارفور وتضميد جراحها التي تداعى لها سائر الوطن بالسهر والحمى- وفي هذا السياق فإننا نعلن إنطلاق مسيرة مبادرة أهل السودان التي ستبدأ أعمالها يوم الخميس السادس عشر من هذا الشهر بإذن الله- بعد ان أخضعت لمشاورات مكثفة بين القوى السياسية كشفت عن إجماع وطني واسع، وحرص كامل على توحيد الجهود من أجل تحقيق سلام شامل ومستدام بذلك الجزء العزيز من الوطن- ومن هنا فإنني أدعو الحركات المسلحة وجميع فصائل وشرائح المجتمع في دارفور في الداخل والخارج لنفىء جميعاً الى أمر الله، وأن نجنح للسلم ونعمل على التصالح والتصافي، وإحقاق العدل، وتمتين السلام الاجتماعي- وأدعو كل وطني مخلص فرداً أو حزباً، أو هيئة أو جماعة لبذل الجهد، وجمع الصف، لنعمل معاً لبلورة خيارات وطنية تعين على تحقيق ذلك الهدف النبيل، ويقيني أن هيئتكم الموقرة ستكون في المقدمة دعماً، ونصحاً ومشاركة ومتابعة- وسنضع بين أيديكم نتائج وتوصيات هذا الملتقى الوطني المهم.
من جانب آخر فإنني أعبر عن خالص التقدير للمبادرة المشتركة العربية الإفريقية التي تقودها دولة قطر الشقيقة التي تعمل جنباً الى جنب، وبتنسيق كامل مع جهود الوساطة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي التي يقودها بإخلاص وحركة دؤوبة الوسيط جبريل باسولي. لقد جرت إتصالات واسعة خلال اليومين الماضيين بشأن تنسيق الجهد الوطني لمبادرة أهل السودان، وحوار أهل دارفور، مع جهود المبادرة القطرية وجهود الوسيط الدولي، والنتائج الأولية تبشر بأننا نسير في الطريق الصحيح بإتجاه السلام الشامل بإذن الله.
إن جهدنا الوطني في بسط الأمن وتعزيز إنفاذ إتفاق أبوجا وتيسير وصول العون الإنساني لمستحقيه والتعاون في ذلك مع آلية «اليوناميد» والإدارات المتخصصة في الأمم المتحدة والبعثة المشتركة مع الاتحاد الإفريقي قد وجد قبولاً وتقديراً عبرت عنه التفاهمات التي جرت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيراً وما تلاها من لقاءات بالخرطوم- ونؤكد حرصنا على تطبيق الإجراءات والترتيبات التي أسفرت عنها.
أما بشأن موقفنا الواضح والقاطع من إدعاءات المحكمة الجنائية الدولية فإننا نسجل تقديرنا للمؤازرة والتأييد الواضح لموقفنا في الساحة الدولية الذي عبرت عنه التجمعات الإقليمية وعلى رأسها الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ومنظمات عدم الإنحياز والمؤتمر الإسلامي والتجمع الإفريقي الكاريبي الباسيفيكي. إن ذلك كله يضاعف من مسؤوليتنا والتزامنا نحو تحقيق العدالة وإعمال حكم القانون دون محاباة أو ا ستثناء- ونجدد في هذا المقام ثقتنا المطلقة في أجهزتنا العدلية الوطنية وكفاءتها، ونزاهتها، وقدرتها على القيام بواجبها كاملاً في تحقيق العدل وإنصام المظلوم- ونرحب في هذا المجال بكل جهد وعون يقدمه الأشقاء في الإتحاد الإفريقي والجامعة العربية.

الأخ رئيس الهيئة
الأخوة الأعضاء
لئن أفردنا لقضية دارفور ما تستحقه من مساحة وعناية، فإننا لا نغفل قدر الملفات الأخرى وما يلزم من جهد لمتابعة إنفاذها- فإتفاقية السلام الشامل تمضي قدماً في الإنفاذ والتطبيق عبر متابعة متصلة في اجتماعات الرئاسة واللجان المشتركة- وقد صدر في الأيام القليلة الماضية عدد من المراسيم الجمهورية الخاصة بملف أبيي من تعيين للإدارة المؤقتة، ومجلسها التشريعي، وصندوق دعم الوحدة الذي يُعنى بتنمية وتطوير خط التمازج الوطني من النيل الأزرق حتى دارفور ومشروعات الربط بين الشمال والجنوب. لقد تجلت إرادة السلام بصورة قوية في قضية أبيي فاستطاعت بكل جدارة واقتدار أن تحولها أزمة سياسية الى منفعة وطنية كبرى. كما أن عدداً من الموضوعات قد جرى الإتفاق حولها أهمها تسريع وتيرة إنفاذ بروتوكول المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق» الى المدى الذي أزال كل العقبات التي كانت تحد من سلطة حكومتي الولايتين في بسط نفوذهما، وأزال نهائياً الإزدواجية الإدارية، وتم تعزيز ذلك بتخصيص مبالغ مقدرة لتنمية إضافية لإزالة آثار الحرب ويفصل التقرير المرفق أداء اللجان المشتركة حول مختلف الموضوعات قيد النظر أمامها. وتتصل اجتماعات الرئاسة واللجنة السياسية التنفيذية المشتركة خلال هذا الاسبوع للنظر في بقية الموضوعات. إن التقويم العام لمسيرة تطبيق إتفاقية السلام الشامل قد تضمنته الوثيقة المهمة التي أصدرتها مفوضية التقويم والمتابعة AEC التي ستودع منضدة هيئتكم وهي من الآليات التي نصت عليها الإتفاقية- وقد جاءت تقديراتها إيجابية لمجمل ما تم تنفيذه حتى الآن مما يوفر لنا مدداً معنوياً إضافياً للمضي قدماً نحو تحقيق وحدة طوعية إيجابية، رغم بعض الإخفاقات والتجاوزات التي نعمل على تصحيحها وضبطها. إن التراجع الواضح من جانب المانحين في الوفاء بإلتزامهم، خاصة في ظل الظروف الإقتصادية العالمية الراهنة- يتطلب مراجعة الأولويات وحسن توظيف الموارد المتاحة حتى يذوق المواطن العادي ثمرة السلام أمناً وصحة، وتعليماً ومعاشاً.

الأخ رئيس الهيئة
الأخوة الأعضاء
يضطرد العمل في تنفيذ إتفاقية شرق السودان التي قطعت أشواطاً كبيرة في جانب الترتيبات الأمنية وستشهد الأيام القادمة تخريج دفعة اخرى من المجندين- كما أن جهود التنمية عبر صندوق التنمية والميزانيات الاتحادية والولائية تشهد إنجازاً لعدد من المشروعات الخدمية من مدارس ومستشفيات ومراكز للتنمية الريفية والاجتماعية وستشهد نهاية هذا العام ميزانية العام القادم تخصيص مبالغ مقدرة في هذا الصدد.

الأخ رئيس الهيئة
الأخوة الأعضاء
يمثل العام 2009 العام الثالث للخطة الخمسية الاستراتيجية القومية الشاملة- وقد بدأ الإعداد باكراً لخطة العام الجديد حيث جرى الفراغ من إعداد خطط الوزارات على مستوى حكومة الوحدة الوطنية بالمركز، وتجرى الإتصالات الآن من حكومة الجنوب وحكومات الولايات الشمالية والقطاع الخاص لاستصحاب خططها ليكتمل بذلك الإطار الشامل لخطة العام 9002م ومن ثم توضع تقديرات الميزانية الجديدة التي ستبنى وفقاً مؤشرات جديدة تقوم على مبدأ «البناء من القاعدة الى أعلى» حتى تأتي التقديرات واقعية ومتسقة مع تقديرات الموارد والخطط والبرامج لمستويات الحكم المختلفة- وستجدون رفق هذا الخطاب هذا الخطاب القراء الأولى لخطط الوزارات المركزية كما أجازها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بتاريخ 9/اكتوبر الجاري في إطارها القطاعي السيادي والاقتصادي الخدمي. إن المرجع الذي بُنيت عليه تلك الخطط هو المحاور الثمانية للخطة الاستراتيجية التي تشمل:
1/ استدامة السلام والسيادة الوطنية والوفاق الوطني.
2/ المواطنة والهوية السودانية.
3/ الحكم الراشد وسيادة القانون.
4/ التنمية المستدامة.
5/ الفقر وتحقيق أهداف الألفية.
6/ البناء المؤسسي وبناء القدرات والمتابعة والتقويم.
7/ بسط المعرفة المعلوماتية.
8/ تطوير آليات البحث العلمي.
وإني لأرجو أن تمعنوا النظر في استجابة الخطط المقترحة لتلك المحاور الجامعة- أما من حيث المتابعة فقد أوصى مجلس التخطيط الاستراتيجي في دورة إنعقاده الأخيرة- التي تجدونها رفق هذا الخطاب- بالعمل على دمج بعض هذه المحاور وإعادة تقسيم قطاعات مجلس الوزراء لتتسق معاً، وهو ما تقوم الأجهزة المختصة بدراسته حالياً.

الأخ رئيس الهيئة
الأخوة الأعضاء
إن التخطيط السليم لا يبلغ بنا الأماني حتى يتوفر لنا المال اللازم والكفاءة الفنية التي تقوم على تنفيذ المشروعات وتجسيدها- وإن إعداد مشروع الميزانية للعام 9002م يستلزم قراءة فاحصة وعميقة لتطورات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة- وانعكاساتها على مجمل أداء الاقتصاد العالمي وتأثيرها على الأداء القطري لإقتصاديات الدول والمجموعات الإقليمية. إننا نتابع بإهتمام كبير مجريات الأمور وقد كلفنا مجموعة من أهل الإختصاص الاقتصادي والمالي والسياسي للمتابعة والتحليل وتقديم التوصيات التي تعين على مجابهة الآثار المحتملة لهذه الأزمة- وسنعمل على إشراك اللجان المختصة في هيئتكم الموقرة ومراكز البحث المتخصصة للوصول بأوضاعنا الى بر الأمان. إن الإنهيار الذي حدث يثبت هشاشة وبطلان الأساس الذي بُني عليه نظام الاقتصاد العالمي والقائم على الظلم وبناء ثروات وفوائض غير حقيقية تقوم على المغامرة وأكل أموال الناس بالباطل رباً فاحشاً وديناً مركباً «يمحق الله الربا ويُربي الصدقات».
إننا نحمد الله كثيراً إن وفقنا لبناء تجربتنا الاقتصادية الوطنية على أسس ومبادىء الإسلام في المعاملات المالية والاقتصادية وعلى الصالح من مباديء الاقتصاد المعاصر، وإننا لندعو العالم للنظر فيها وفي مثيلاتها من تجارب العالم الثالث حتى نخرج بأسس أكثر عدالة لبناء نظام اقتصادي عالمي جديد.

الأخ رئيس الهيئة
الأخوة الأعضاء
لقد قدمتم في فاتحة هذه الجلسة كتاب أداء ناصع للهيئة الموقرة نرجو أن يكون عند الله مرضياً وعند أهلنا مقبولاً- وإني أوجه الأخوة في الجهاز التنفيذي أن يضعوا بين أيديكم كتاباً شاملاً بما أنجزوه خلال دورتكم للأعوام الثلاثة الماضية حتى تقوموه على ضوء تقاريركم ومتابعاتكم وتوصياتكم التي قدمتموها- وإني لأرجو أن يكون كتاباً يؤخذ باليمين- ولئن وقع فيه التقصير والخطأ فليس ذلك من باب العمد أو قصد التجاوز.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،،،
المصدر :الراي العام [/ALIGN]