منى سلمان

يمة طبعو كده .. وأنا ما بقدر !!


[ALIGN=CENTER]يمة طبعو كده .. وأنا ما بقدر !![/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY](الطبيعة جبل) و(من شب على شيء شاب عليه) و(الطبع يغلب التطبع) و و .. حكم تحكي أنه من الاستحالة بمكان تقويم الجزع اذا نما معوجا، كما لا يمكن تغير طبعة قد تطبع بها المرء منذ الصغر ورافقته حتى صار كبيرا .. كل تلك الحكم وغيرها مما تعزف على نفس الوتر، قد تضطر الأمهات لترديدها على بناتهن (الموكوسات) في سبيل دفعهن للتصبر على القسمة والنصيب، اذا ما رمتهن القسمة في أزواج (حالهم مايل)) ميلانا يتحدى زاوية ميلان (برج بيزا) المايل ذاتو في بت أم رقبتو .. فعندما تشكو الابنة باكية لأمها من زوجها الـ (المسيخ .. كلمتو ترمي اللقمة من الخشم) أو الـ (الشرّاني .. يتشاكل مع ضلّو لو عتّر ليهو) أو الـ (ضلو ميت .. وتلامتو تفقع المرارة) .. تحفّذها الأم لترضى بالمقسوم، فلا سبيل لتربية زوجها من جديد وتعليمه ما لم تستطيع أمه تعليمه اياه في الصغر.
كل هذه الحكم والنظريات تختص بالرجل فقط وغير قابلة للتطبيق على النساء، فقد حولتها ثقافتنا وموروثاتنا التي تصطفى الرجل وتجعله كائنا غير قابل للاصلاح أو التصويب، لتوائم هوى الرجال وما على المرأة إلا أن تؤقلم نفسها وتغير من عاداتها وتقوم ما اعوج من طباعها لتتعايش مع طبعه الذي لا يجوذ في حقه التبديل.
فان كانت الزوجة قد تعودت من صغرها على النوم ليلا والنور مضاء، لخوفها الذي لا يد لها فيه من الظلام، فعليها كسر رقبة أن تغير طبعها وتتعلم أن تتغلب على خوفها لتتوائم مع زوجها الذي لا يستطيع النوم إلا في (الكُبُس) و (الضُلمّة) .. حتى نظرية أن (العلم في الكبر كالنقش في البحر) والتي تؤكد استحالة تعليم الكبار ما لم يتعلموه في الصغر، تصير كلام منظراتية ساي، فعلى الزوجة التي لم تحاول طوال سنين حياتها السعيدة في كنف والديها الرحيمين، أن تتعلم كيفية جر طرقة الكسرة ورمي القراصة، أن تصير (لبلبة) في سرعة تعلمها لذلك و- كراعا فوق رقبتا – عندما ترميها القسمة في من لا يأكل سوى اللايوق والمفروك …
الغبيانة بتتعلم العقل .. والخفيفة بتتعلم التُقل زي الترتيب .. والعمرها ما ركعت ركعة واحدة لله، بتبقى خادم فكي وتنجبر على الصلاة زي الحلاوة، اذا منّ الله عليها بزوج (مولانا) .. ولكن الزوج لا يمكن ولا يجب تغيره، فمن واجب الزوجة ايضا أن تتعلم من ضمن ما يجب أن تتعلمه أن تصبر عليه.
كثيرا ما رددت أمي على مسامعنا في الصغر قصة (الشحّادة وكبير التجار) ولعلها كانت تهيئنا بها للرضى باقسامنا (من بدري) .. تحكي القصة عن كبير التجار الذي كان حجم أمواله وتجارته وعدد محلاته تفوق تجارة أهل السوق مجتمعين، فاتفقوا على تنصيبه كبيرا لهم وراعيا لشئونهم أمام ناس الضرائب والمحلية (الزمان) .. وكان كبير التجار ذلك كريما سخيا لا يرد سائلا أو طالب حاجة، لذلك كان مجلسه أمام أكبر دكاكينه قبلة انظار المحتاجين ومهوى قلوب الشحادين لينهلوا من عطائه غير الممنوع، ومن ضمن من كان يقف على بابه متسولا، شابة في مقتبل العمر جسيمة قسيمة تأخذ بالقلوب والالباب .. وقد فعلت بقلب كبير التجار ذات الذي فعلته صاحبة الخمار الاسود بقلب الناسك المتعبد، ولان الكبير كان لا يعرف سوى طريق الحلال دواءا لعلة قلبه، فقد تودد إليها وطلبها للزواج فلم تمانع أو تتردد في الدخول عبر طاقة القدر التي فتحت لها .. كساها الرجل الديباج والحرير، وافرد لها قصرا خاصا بها لتعيش فيه بعيدا عن بقية حريمه، واجرى بين يديها الخير أنهارا وجعل لها من يقوم على خدمتها فلا تكلف نفسها مشقة السير لحوض الغسيل لغسل يديها بعد الاكل .. ولكن هل سعدت (الشحّادة) بهذا النعيم؟
فقد لاحظ عليها كبير التجار الهم والحزن وملامح البؤس التي لم يكن يراها عليها عندما كانت تعيش في الطرقات على الهبات، ولكن ذلك لم يشغل باله كثيرا إلى أن أسرت له بعض خادماته في القصر بتصرف عروسه الغريب، فقد أخبرنه بأنهم عندما يمدون لها مائدة الطعام ، تصر على عدم الأكل قبل خروجهن جميعا من حضرتها واغلاق الابواب عليها، ولا تفتحها إلا بعد أن تأكل لتطلب منهن رفع الطعام.
تحير كبير التجار من ذلك وأضمر في نفسه العزم على كشف سر تصرفها العجيب، فطلب من الخادمات ان يتركن الباب مواربا في اليوم التالي عندما تطلب منهن اغلاقه وقت الطعام، وحضر من دكانه وتخبأ خلف الباب ليتلصص على ما تفعله .. وجدها بعد أن وضعت الخادمات الاكل وذهبن، قامت بحمل اطباق الطعام ووزعتها على نوافذ غرفتها ثم صارت تتقدم نحو نافذة وتمد يدها تستجدى:
النبي فيك اديني لقمة واحدة .. والله من امبارح ما ضقتا الزاد!
وتمد يدها لتأكل لقمة من الطبق ثم تتحول للنافذة الاخرى لتقول متوسلة:
هنيالك يا فاعل الخير .. لقمة زاد تنفعك يوم الميعاد !
ثم تمد يدها لتأكل من هذا الطبق وهكذا حتى شبعت، فجمعت الاطباق ووضعتهم على المائدة ثم توجهت نحو الباب لتنادي على الخادمة لتحملها، ولكن كانت مفاجأتها قوية عندما وجدت سيدها لدى الباب .. سألها متحيرا متألما أن (لماذا؟) .. فأجابته باكية:
غصبا عني يا سيدي .. من خلا عادتو قلّت سعادتو !!
[/ALIGN]

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com


تعليق واحد

  1. محاولة الاستاذه تبنى مدرسة الاستاذ زكريا حامد مرات بكون ضد مضمون العمود … الفكرة كانت جميلة جدا فى الاول عندما تحدثت عن الطبع والصبر على الطبع … وتمنيت ان تواصلى على كيفية حل طبع الزوج او الزوجة … خاصة ان الموضوع شائك وكبير … ولكن القصة التى سردتها الاستاذه لا اعتقد انها مناسبة لموضوع كبير مثل تمازج الطبع بين الزوج والزوجة … والجميع يعلم مشاكل الاسرة تكمن فى طبعى وطبعك … وعلى راى المثل

    طبعى وطبعك واتفرقوا الاطباع

    احتراماتى

    ( )

  2. انا من اشد المعجبين بكتاباتك. ولكنك وقعت في خطا لا يمكن لكاتبه كبيره مثل حضرتك ان تقع فيه/
    رغم اهمية الموضوع الا انك خرجت عنه تماما/ واصبحت تتكلمين عن موضوعين مختلفين تماما وكانك في غير حالة وعي/
    اتمنى ان لايكون الصيام هو السبب

  3. شكرا لك يا منى سلمان على الموضوع ولطافته دى كبرت بفقرها كنت متخيل
    أنها تمد يدها بالشباك لتطعم الفقراء والشحادين لتسد رمقهم أظنها تربية شقاوة
    لك كل التقدير والإحترام يا أستاذة يا محترمة وتسلم أمك من النار وتفوز بالجنة.

    محمد الظبيانى;) :crazy:

  4. منى سلمان..شكرا..
    من عادتي أن أقذف بالكتاب بعيدا..واسرح في الصور التي يطرحها الكاتب..حدث ذلك مع احلام مستغانمي..ومع عبد السلام العجيلي..ومع صنع الله ابراهيم..قبل ان اعرفهم..ومع منى سلمان..ولكن كيف اقذف الكمبيوتر.. وأنا اتصفح صور مقالات سعادتكم..شكرا منى والمستقبل بين اناملك..