تحقيقات وتقارير

الصـادق المهـدي .. القفــز من سفينة «قوش» لحظة الغرق

لماذا صمت الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي طيلة هذه المدة قبل أن يخرج بتصريح جاء عبر الأثير من مصر ليؤكد أن التخريبية حقيقة؟ ولماذا أغفل جزئية حديثه مع صلاح قوش عندما علّق على التخريبية في اليوم التالي لانطلاق شرارتها، وطالب أن تكون المحاكمة عادلة وغير زائفة، ليأتي بالأمس يتحدث عن عدو الأمس الذي يطالبه بأن يقودهم لأنهم بلا رأس؟!
هذه الأسئلة قفزت للأذهان بمجرد انطلاق تصريحات الصادق المهدي من مصر أثناء لقائه مجموعة من الصحافيين، بأن مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش حدثت له تحولات كبيرة، وصار موقناً بضرورة إحداث تغيير جذري في بنية النظام، وقال المهدي إنه جرت حوارات معه أثناء توليه مستشارية الأمن. وقال إنه تناول معه وجبة الغداء يوم إعفائه من المستشارية، وقال له قوش: «النظام بلا رأس تعال قودنا». مؤكداً أن النظام عملياً سقط منذ الأحداث الاحتجاجية التي شهدتها البلاد في شهري يونيو ويوليو. تزامنت تصريحات المهدي مع حديث د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية عن ضلوع المعارضة في التخريبية، فبادر كما يرى مراقبون إلى نفي التهمة عن نفسه على مبدأ (الريشة والحرامي)، لأن د. نافع لم يحدد حزباً بعينه، لكن المهدي أنكر ضلوعه في التخريبية، بل تحدث عن أحاديث خاصة جمعته بقوش إثر دعوته له بعد إعفائه، أي حديث مرت عليه أعوام، فلماذا يخرجه الآن؟ يرى مراقبون أنه قفز من المركب في لحظة الغرق، أي أن المهدي له ضلع في الأحداث، وحضر تحضيرها على نار هادئة، وعندما غرقت تبرأ منها، بل أفرغ كل ما في جعبته من أسرار جمعته بقوش في وقت لاحق، حتى يجعل صحيفته بيضاء مع الحكومة التي يتحدث عنها في القاهرة، وابنه يشغل فيها منصب مساعد رئيس الجمهورية العقيد عبد الرحمن الصادق، في نفس الوقت الذي تستضيف ردهة صالون والده جلسة إبراء ذمة من نوع خاص. ولعل تصريح د. نافع أثار حديثاً ذا شجون في داخل المهدي، وأحس أن التصريحات خلفها حقائق في يد الحكومة فسارع إلى رمي معلومة أن قوش غاضب وساخط، وأن جلسة الغداء في بيت المهدي أفرغت الكثير.
ويستبعد هنا أن يكون تصريح المهدي مجرد سقطة أو فرقعة إعلامية، كما عودنا، ولكنها دفع تهمة لم ينتظر المهدي حتى يصل السودان ليعلنها، بل سارع بعمل لقاء تفاكري حتى يدوس أرض مطار السودان وقلبه مطمئن.
وعلى الرغم من تصريحات المهدي إلا أن مراقبين يرون أن ضلوع حزب الأمة في التخريبية ليس ببعيد، نسبة لتاريخ الحزب الطويل مع الانقلابات التي أطاحت بحكومات مستقرة ومُني بعضها بفشل ذريع كما حدث مع انقلاب حسن حسين 1975، حين صرح بكري عديل في حوار صحفي أن حزب الأمة هو المهندس الحقيقي له، رغم أن التهم لم تطلهم في وقتها، وخرجوا منها رغم اعتقال قياداتهم واخضاعهم لتحقيقات أفرج عنهم بعدها. لكن بكري عديل أكد أنهم وراء ذلك الانقلاب على الرئيس الراحل جعفر نميري، والذي أُعدم على إثره حسن حسين، وبقي المهدي حتى الآن يمارس نشاطه السياسي.
ومن قبل ذلك، انقلاب عبود أيضا ثبت أن وراءه حزب الأمة، حيث تؤكد الروايات أن عبد الله خليل حاول قطع الطريق أمام السيد الصديق الذي كان يمضي في خطوات ائتلاف بين حزب الأمة والوطني الاتحادي حزب أزهري، بل أن السيد الصديق والزعيم إسماعيل الأزهري اتفقا على أن يطرح البرلمان الثقة في حكومة عبد الله خليل، ثم يستبدلها بحكومة أخرى يكون رئيسها الزعيم الأزهري، وبحسب ما ورد من المعلومات فإن السيد الصديق كان ينوي من هذه الخطوة أن يكمل ابنه الصادق السن القانونية ويتسلم السلطة من الزعيم الأزهري. وبالفعل قاد عبد الله انقلاباً ضد حزبه الأمة، وسلم السلطة للجيش، وأصدر الإمام عبد الرحمن المهدي بيان تأييد في ظل اعتقاده أن هذا الوضع سيسهم في وجود حالة استقرار خاصة وأن الأحزاب في ذلك الوقت لم تكن قادرة على الاتفاق على دستور البلاد.
ولكن حزب الأمة رتب له هدية خاصة عندما حدث انقلاب داخل الانقلاب، تم بموجبه إبعاد رجال خليل داخل القوات المسلحة، حيث قادت مجموعة من الضباط احتجاجاً على تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبرروا ذلك بأن تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يضم كبار الضباط، إضافة إلى وجود شبهة الاتفاق مع عبد الله خليل، لذلك قام قائدا القوات الشمالية والشرقية بانقلاب، وطوقا المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وطالبا بخروج بعض الشخصيات. وهناك انقلاب ثانٍ داخل الحزب نفسه، عندما اتفق المهدي مع وزير دفاعه آنذاك اللواء مبارك عثمان على أن يقوم بعمل انقلاب مدبر حتى يطيح الصادق ببعض العناصر المغضوب عليها في حكومته، وفعلاً نفذ ذلك الترتيب بانقلاب عسكري!
ويرى خبراء عسكريون ،فضلوا حجب اسمهم، أن تصريحات الصادق في هذا الوقت مضللة للتحقيقات وتؤثر في مجراها، ولن تصب في الصالح العام، بل في خانة المكاسب السياسية خصوصاً وأن قوش رهن تحقيقات ولن يتمكن من الرد على هذه التصريحات. الصادق تململ من طرف السوط الذي أصابه، فأخرج ما في جوفه حتى صار فؤاده فارغاً، مخلفاً سؤالاً مازال بحاجة لإجابة: ماذا كان رده على صلاح قوش وقتها حينما دعاه«تعال قودنا»؟ لأن هذه الجزئية بالذات لم يحدث الرأي العام بشأنها!

صحيفة الانتباهة
> تقرير: سارة شرف الدين

‫2 تعليقات

  1. الصادق المهدي (الكاذب الضليل كما كان يناديه جعفر نميري البطل) جبان بطبعه وكاذب بشهادة النميري الشجاع وهو معروف بالتردد ومسك العصا من المنتصف وترك الباب مواربا للجري وقت الزنقة (أضحك كثيرا كلما تذكرته بلباس إمرأة وهو يهرب أيام نميري). أرجو أن لا يترك بلا عقاب هذه المرة حتى يدرك أن زمانه قد فات وأنه غير مرغوب فيه ولو مات كل رجال السودان. عندها ستفضل النساء إحداهن عليه بالتأكيد.

  2. ما اقبح منظره وهو يقلد الفرسان
    اما بخصوص يد حزب الامة فى المحاولة الانقلابية الفاشلة فلا تقل باحتمالية ذلك بل هو مؤكد بما لايدع مجالا للشك
    ولقد دكرت ذلك فى تعليقاتى السابقة كلها

    وانا اجزم القول ان طبخة المحاولة المحروقة طبختها ايدى الشعبى والامة وسلمتا السفينة لقوش يقودها بمعاونة ربان السفينة الذين معه
    فوالله لا انقاذ للوطن ولا لحقوق المواطن بدون التخلص من
    المسببين لاسباب معاناته وهم المهدى والترابى واذيالهم
    الذين يحركونهم كاذيال الكلاب