منى سلمان

اذا مرض فعده

[ALIGN=CENTER]اذا مرض فعده[/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]رمضان فرصة طيبة لتعمير (الخربانة) في علاقة الصايم بربه .. ففي هذا الشهر الفضيل يحلو (تلقيط) الحسنات من جاي لـ جاي كي يتمم بها الصايم ما نقص من أجر، ويداوي بها الجراح التي يُسخن بها جسد صيامه بشيء من محظور النظرات والهمسات والكثير من الهمز واللمز والقطيعة التي عادة ما يسرف فيها الصايم بحجة (تسلية الصيام).
ولعل من أيسر السبل في تلقيط الحسنات هي عوادة المرضى فـ بها يصطاد الصائم عصفورين لافطاره .. الأول هو الحصول على أجر زيارة المريض التي أوصانا بها المصطفى (ص)، فمن فضل الزيارة وأجر الزائر ما رواه سيدنا علي بن أبي طالب عن النبي (ص): ما من مسلم يعود مريضاً مسلماً غدوة، إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح.
أما ثاني العصافير فهو اغتنام فرصة الزيارة لـ (الونسة) والانس الذي تكتمل حلاوته في رمضان .. اصبروا دقيقة .. قبّال ما نفكر في الخمخمة والانطلاق لزيارة اول من يخطر على بالنا من المرضى، تعالوا معا نسترجع آداب زيارة المريض، حتى لا تتسبب زيارتنا في زيادة العليهو .. ويبقن عليهو اتنين (وِرْدة ووجع عينين) !
لا يوجد بيننا من لم يلزم سرير المرض ولو بـ (شوية زُكمة) وبالتالي فكلنا ندرك ونعي الأثر الطيب لزيارة الاحباب على نفسيات المريض، ولقد أدرك الأطباء في الغرب الأثر النفسي الجيد لزيارة المريض، فصاروا يدخلونها ضمن العلاج لما لها من أثر واضح، فهي تعين على استعادة المريض لنشاطه، وتساعد جسمه على سرعة التفاعل مع الأدوية.
لعل من أهم آداب زيارة المريض هي التعجيل بها، فليس من المقبول اجتماعيا ناهيك عن دينيا، أن تسمع بأن (زيد) أو (زبيدة) من ذوي قربتك أو أهل مودتك طريح الفراش، ثم تعمل فيها (أضان الحامل طرشة) وتتكاسل حتى يمن الله عليه بالشفاء ويخرج للاسواق والطرقات ويلتقيك ! فحينها حتما ولا بد فأن وجهك سوف يصير (قدر السمسمة) وما حا تعرف تقبل وين !!
أما إذا كان مريضك هذا طريح فراش المستشفى، فإن من الأوجب التعجيل بالزيارة قبل أن (يخرّجوهو) .. أقله حتى لا تتسبب له بزيادة مصاريف العلاج بـ إطالة رقاد المستشفى عمدا، فهناك من (النسوان المرضانات) من ترفض مغادرة سرير المستشفى إلى البيت، بحجة عدم اكتمال حضور كل (الطالباهم مجاملة) لزيارتها بالمستشفى، فمن الحقارة الشديدة بمكان، أن تتجاهلي (سد دينك) وزيارة من ديّنتك من قبل عند مرضك بزيارتها لك في المستشفى، على الأقل حتى تثبتي لها بأن (كراعك ما عزيزة عليها) .. طبعا ده ما كلام هزار فلي معرفة بسيدة لطيفة من قريباتي اصرت على تمديد رقادها بالمستشفى لمدة يومين زيادة بحجة (إنو ناس الشغل لسه ما جوها كلهم) !!
طيب يا جماعة .. قبل ما (نشيل الهيبوبي فوق راسنا) وجري على زيارة المريض .. حقو نعرف وكتين نقعد معاهو نقول ليهو شنو؟
أول حاجة لابد من أن يكون كلامنا معه من النوع الذي يدخل السرور على قلبه، ويبعث فيه الأمل في الشفاء، فقد دخل رسول (ص) على أعرابي يعوده، وكان إذا دخل على من يعوده، قال: (لا بأس، طهور إن شاء الله).
فمن الواجب أن نحذر من (الونسة) التي تكدّر خاطر المريض، كالانبهال في وصف آلام المرض، ومرارة الأدوية وحِرة الحقن وخطورة (دربات الكينين) التي تسبب طنين الاضنين والهلوسة، وأهم حاجة أنو ما نجيب سيرة الموت قدامو ولا خبر كل الناس الماتوا بنفس المرض ده ذاآآآتو!!
آخر حاجة يجب مراعاتها هي أن يكون وقت زيارتك قصيرا – أي – يعني ما تمشي تهيّت وتبيّت قبلّك وتسويهو (بكاء ود داموك علي بت عمو) والأهم من كل ذلك هو تخير المواعيد المناسبة للزيارة ولنختم مناصحتنا الرمضانية هذه بحكاية لطيفة وحقيقية، حصلت بالجد جد.
قضى حاج (النعيم) ليلته مسهدا يتقلب على نار الحمى وضيق النفس الذي لم يفلح (الفنتولين) ولا أنواع (الهايدرو كورتيزون) في التخفيف من خصام رئتيه مع الأوكسجين ورفضها السماح له بالدخول في جيوبها الهوائية .. قرب الصباح وبعد سماعه لـ (يا ارحم الراحمين ارحمنا يا الله)، اسلم حاج (النعيم) جفنه المسهد للنوم، ولكن قبل أن يهنأ به لساعة دخل عليه جاره حاج (المنوفلي) لـ يعوده و(أشوفك كيفن اصبحتا).
فقد اقلقه ما سمعه من زوجته الحاجة عن تدهور صحة حاج (النعيم) .. دخل حاج (منوفلي) عبر الباب الذي تركه أهل البيت متركش بعد ذهاب (سيد اللبن) .. وعبر الحوش لمرقد حاج (النعيم) وعندما وجده نائما يشخر، حمل عصاته الخيزرانة وطرق بها على حافة السرير بشدة قفز معها حاج (النعيم) جالسا من الخلعة، وسأله في محنّة وشفقة:
كيف أصبحتا يا حاج قالوا لي أمبارح ما قادر تنوم .. أن شاء الله نمتا كويس؟!!! [/ALIGN]

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

تعليق واحد

  1. مقال رائع بإمتياز وروعته تمثلت فى الربط السردى لموضوعه الذى جاء شاملا لكل فضائل الكتابة وفضائل موضوع المقال ، فالأستاذه الفاضله تعرج بنا نحو الفضائل وآداب الإسلام فى موضوع الطرح وتارة أخرى نحو قيمنا الفاضله وعاداتنا وتقاليدنا وما بها من جميل ورزين وما يشوبها من إفرازات هى لا تعدوا كونها إفرازات عفوية باطنها النبل والحب لغاء أسباب بروزها للسطح من صانعها ، وفى كل ذلك تسبح بنا عبر بحر أسطرها فى أسلوب قصصى شيق جدا يجعل القارىء ولوهله يظن نفسه داخل قصه تحض على مكارم الأخلاق كقصص المنفلوطى رحمه الله ، جميل جدا أن يمسك الكاتب بخيوط مواضيع عده فى آن ليطرحها جميعها بألوانها المختلفه فى ثوب واحد هو بمثابة لباث للتقوى …. للفضيلة …. للعض بالنواجز على العاده والتقليد الحميد وترك السالب المشين….. كما فى نفس الوقت لتذكير الناس بالواجب تجاه مرضاهم ومرضى مجتمعهم الذين هم فيه بكل ألوانه ….. شكرا لقد إستفدنا من مقالك وجزاك الله خير يا (منى) وكل عام والناس بخير 0