وجدي الكردي

كفارة لي أنا


كفارة لي أنا
قادتني (رئتاي)، على طريقة قدماي، في الثالثة من صباح أمس الأول لمستشفى ساهرون، وبالطبع لم أقصده لرفاهيته الذي عُرف به كونه من ذوي النجوم الخمس، فقط لأنه (جاري)، حيطة بالحيطة.
تجاوزت بوابته الرئيسية وأتجهت صوب الصيدلية لإشتري مضاداً حيوياً علّه يخفف من زئير صدري الملتهب. طرقت النافذة الزجاجية برفق من يخشى غضبة النعسان.
بعد دقيقتين، فَتَحَت النافذة عينيها الناعستين عن صيدلي أكثر نعاساً.
ــ داير لي مضاد حيوي لو سمحت.
ــ عشان شنو؟!
ــ عندي إلتهاب شديد في صدري.
تردد الصيدلي لحظة، حاول أن يمد يده نحو الأرفف، تراجع، حدّق فيّ قليلاً، فرك عينيه، أستيقظ، تنحنح، ثم قال:
ــ يكون أحسن لو جبت ليك روشتة من الدكتور.
ــ والدكتور ده وين؟!
ــ في الحوادث، جار الصيدلية طوالي.
أدرت ظهري بحثاً عن (دكتور الحوادث)، فأدار الصيدلي ضلفة النافذة وأغلقها.
حشرت نصف جسدي في فراغ باب غرفة طبيب الحوادث، وجدته نائماً في النقّالة، مكرفساً من شدة (برد المكيّف)، يشخر في رفق العارفين من أهل العلم.
في المنضدة المقابلة له، يتمدد جهاز الكشف عن الضغط، وسمّاعة طبية بدت لي نائمة لأن (سيور) ساقيها كانت مكرفسة هي الأخرى.
هممت بإيقاظ الطبيب، تحسست مسدسي الذي لا أملكه، تذكرت بأنني في مستشفى (ناس المسدسات)، تحسست جيوبي للتأكد من قدرتها على الصمود أمام مستقبل (ما بعد الشخير).
هبْ أنت الكشف طلع (بي ميّة جنيه)، والمضاد بي عشرين، حتعمل شنو؟!
طرقت على باب صدري مرّتين، سمعت هسيساً أقل بدرجتين من مقياس ريختر عن شخير الطبيب. أعدت النظر في غرفة الحوادث.
الشهادة لله، نظيفة ومرتبة ومعطرة، تستحق (الميّة) ونص وخمسة، أوليست هي (ميّة) زمن العريس الجالس بي إنبساطة ودفع (المية) للمشّاطة؟!
لماذا نستكثره على الأطباء؟!
بس أنا ماعندي..!
صرفت النظر عن ايقاظ الطبيب، رأفة به وبي، لأنه كان: (نائماً في النقّالة، مكرفساً من شدة (برد المكيّف)، يشخر في رفق العارفين من أهل العلم).
سألت نفسي: هل تراه طمع الصيدلي في زبون جديد، أم هو التقيد الصارم بإبراز (بطاقة) الروشتة في وجوه الصيادلة؟!
هل من الأهمية بمكان أن يجلس الأطباء ومن في حكمهم من الكائنات الليلية في أماكنهم يتثائبون في انتظار طالبي خدماتهم، أم يكفي كونهم تحت الطلب؟!
أعتقد أن الأخيرة لا بأس بها، طالما أنهم (ما شغالين في شركة أمنية)..!
صرفت النظر عن أيقاظ الطبيب، لكني هممت بإيقاظه كي أقول له: (أتغطى كويس، البرد ما يجيب ليك إلتهاب)..!

آخر الحكي – صحيفة حكايات
[email]wagddi@hotmail.com[/email]