منى سلمان

مهرجانات حب واعياد

[ALIGN=CENTER]مهرجانات حب واعياد[/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]قيل أن أحد الخرطوميين الزهجانين من تكالب أهل القرى والامصارعلى حاضرة بلادنا الميمونة، قد تمنى على أهل الحكم في الولاية أن يترصدوا خروج (النازحين) منها إلى فجاج أراضيهم الـ (جو منها) في الاعياد، ثم يضربوا حول الخرطوم بسور من السلك الشائك بعد أن يُحشر الناس ضحى وينادي فيهم منادي بحجة أن قد أعذر من أنذر:
(هوي يا ناس .. تاني الجوه جوه .. والبره بره) !!
فـ ضرب السور سيجبر الوافدين الرحّل على العودة القسرية للنجوع والبوادي .. وستخلو الشوارع من الازدحام وتسود السكينة والهدوء .. وسيعم الرخاء وتنخفض الاسعار، حينها سيتنفس أهل الخرطوم (الاصليين) الصعداء، وربما تنهدت حبوبات وعجائز أم درمان القديمة ارتياحا، واشاحت بعض المغاليات منهن بايديهن بعد أن يقبلن على بعضهن البعض في صرة ويصكن وجوههن قائلات:
كل ارضا شربت مويتا .. خلاص .. ارتحنا والغلبّة راحّت!!
جالت بخاطري تلك الفكرة، أثناء انخراطنا ضمن جموع المغادرين للعاصمة بعد ظهيرة يوم الوقفة، وانا اراقب زحف ارتال السيارات المتراصة على طول شارع مدني الخرطوم في صف طويل، أوله قد وصل مشارف مدينة ودمدني بينما آخره يجاهد كي يجتاز مدينة جياد وينفك من أسر الخرطوم .. حاولت أن أقدّر اعداد المغادرين للعاصمة على هذا الطريق، وقارنتها بالاعداد المماثلة على طريق النيل الابيض و على طريق خط الشمال بعد أن صار يفضله أهل بورسودان على طريق مدني .. سألت نفسي في حيرة سؤال صاحب الكديسة عن كيلو اللحمة:
إذا كان كل النازحين و الرحّل ديل هم لحم الأقاليم .. أمال وين كديسة ناس الخرطوم ؟ّّ!!
كانت رحلتنا لقضاء العيد في الجزيرة يومها من أطول وأشق اسفارنا، فقد استغرق منا الوصول لـ ود مدني قرابة الاربع ساعات كاملة قضيناها في الزحف السلحفائي، ولم يخف الازدحام إلا قبيل غروب الشمس حين تسدّر كرم الجزيرة ونترت أسود الجود بالموجود لـ حبس الدرب .. كانت جموع اهل القرى المتاخمة لطريق مدني الخرطوم تصر على عوجة درب المسافرين وتعزم عليهم للنزول وتحليل الصيام قبل مواصلة السفر ..
وللحقيقة .. عندما لاحظت أقتراب مواعيد الافطار وازدحام الطريق، حملني سوء الظن لان أقول لزوجي:
الليلة مافي زول حا يتجرأ ويرفع يدو عشان يوقفف الأمم دي كلها للفطور .. حا يجيبوا أكل يكفي الناس ديل كلهم من وين؟!!
ولكن لحسن الحظ خاب ظني عندما اعترضت جموعهم الطريق، يعزمون على زادهم القليل عملا بحكمة أهلنا (عيب الزاد ولا عيب سيدو) .. فقد بارك الله في قليلهم وصار باذنه تعالى كثير فـ كفّى ووفى عهدهم على أنفسهم أن لا يعبر الطريق أمامهم جائع دون أن يكرموه بالاطعام.

ثم سرحت مدفوعة بـ (كعابة) صاحب فكرة احاطة الخرطوم بسلك شائك حتى لا يعود إليها من غادروها في العيد .. تخيلت العاصمة وقد أصبحت خاوية على عروشها من أهل الحكم والمال والأعمال، فحكومتنا الرشيدة من (ساسا لي راسا) حكومة اقليمية – ان جاز التعبير – بدءا من (حيشان دار جعل) وحتى (دويم) متعافينا والذي لا ادري هل سيُأمر بضرب السور وهو خارجها أم تنتظر عودته ..
أما أهل الهلال والمريخ فـ ليهم الله وعيشة السوق .. غايتو بعد يرجع الأرباب لربوع شندي ويرتاح من شبك شداد، ويلجأ الوالي لـ فداسي ويسد دي بي طينة ودي بي عجينة .. إلا يشوفوا ليهم طريقة نرجع بيها لزمن الرياضة الجماهيرية !
حالت سوء شبكات الاتصالات دون التواصل مع الأهل والخلان في العيد ولو بالرسائل النصية، ورغما عن ذلك فقد أفلتت الكثير منها عبر ثقوب الشبكات لتصلني .. لكل من هناني بالعيد ألف تحية .. لأستاذي د.البوني والأستاذ الكبير اسماعيل طه اللذين عندما عزّ طيب التلاقي استعاضا عنه بالتهنئة عبر الاتصال هاتفيا، وتحية خاصة لأستاذي د. كمال حنفي الذي تمنى لي عبر رسالة رقيقة أن أحقق في عامي المقبل كل الممكن وبعض المستحيل. [/ALIGN]

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫2 تعليقات

  1. قبل الله منا ومنكم الصيام والقيام؛ هذا الموضوع من أجمل ما قرأته لك أتمنى لك حياة سعيدة وعيد مبارك وكل سنة وإنت طيبة . بس إذا ضرب السور نحن رحنا فيها الحمد لله غير مكهرب .

  2. كل سنة و انت طيبة يا استاذة و حمد لله علي السلامة
    المقصود تسوير العاصمة من القادمين اليها بدون هدف محدد يعني عاملين زحمة فعلا
    لكن اذا كنت شغال او طالب مافي مشكلة(ده راي متواضع صواب لكنه يحتمل الخطأ)